الحكومة التركية تطمئن المستثمرين الأجانب وتتعهد بإزالة المعوقات

الليرة في أعلى مستوياتها أمام الدولار خلال 11 شهرًا

من شأن عودة الاستقرار إلى تركيا، جذب المستثمرين الأجانب للبلاد.(رويترز)
من شأن عودة الاستقرار إلى تركيا، جذب المستثمرين الأجانب للبلاد.(رويترز)
TT

الحكومة التركية تطمئن المستثمرين الأجانب وتتعهد بإزالة المعوقات

من شأن عودة الاستقرار إلى تركيا، جذب المستثمرين الأجانب للبلاد.(رويترز)
من شأن عودة الاستقرار إلى تركيا، جذب المستثمرين الأجانب للبلاد.(رويترز)

سعت الحكومة التركية لطمأنة المستثمرين المحليين والأجانب على سلامة الوضع الاقتصادي، واستمرار تصاعد معدل النمو بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي.
ودعا رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، رجال الأعمال إلى التركيز على المستقبل والفرص الاقتصادية المقبلة، معتبرا أن «الاستقرار الديمقراطي أمر لا غنى عنه بالنسبة للتطور الاقتصادي».
وأكد يلدريم أن «الحفاظ على المكاسب الاقتصادية مرتبط بالمحافظة على المكاسب الديمقراطية»، وأضاف في كلمة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة وجهها إلى اجتماع للمستثمرين ورجال العمال في إسطنبول مساء أمس (الجمعة)، أن «المحاولة الانقلابية الفاشلة لم تتمكن من زعزعة الاقتصاد التركي، وأن الذين كانوا ينتظرون حدوث فوضى وأزمة في البلاد خابوا مرة أخرى».
وطمأن يلدريم رجال الأعمال الأتراك والأجانب بشأن الوضع الاقتصادي والاستقرار في البلاد، مؤكدًا ضرورة ألا يتردد المستثمرون المحليون والأجانب بأي شكل في إقامة استثماراتهم داخل تركيا. وأوضح أن الحكومة تعمل على إصدار قوانين شاملة لتخليص رجال الأعمال من الأعباء السابقة عليهم، وتعهد بأن «الحكومة ستزيل العقبات واحدة تلو الأخرى من طريق الشركات ورجال الأعمال».
وقال يلدريم إن تركيا أفضل من كثير من دول الاتحاد الأوروبي في مسألة الدين العام، لافتا إلى أن القطاع المصرفي والمالي يواصل عمله في تركيا على قاعدة ثابتة، وأن البنك المركزي التركي لم يرَ حاجة إلى ضخ العملة الصعبة في الأسواق رغم المحاولة الانقلابية الفاشلة. كما تعهد بدعم حكومته لقطاع الاقتصاد، مشيرا إلى أنها تقدم كل أشكال التسهيلات من أجل تطويره وزيادة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة.
وأكد رئيس الوزراء التركي، خلال الكلمة التي وجهت إلى الاجتماع الذي عقد في غرفة تجارة إسطنبول، أن الدولار والليرة التركية لا يواجهان أي مشكلات في الأسواق، وأن نسبة الفوائد لم تشهد تذبذبًا ذا أهمية، وأن تركيا تسير نحو المستقبل بخطى ثابتة.
وتراجع الدولار إلى أدنى مستوياته أمام الليرة التركية منذ أكثر من 11 شهرًا، في تعاملات نهاية الأسبوع، يوم الجمعة الماضي، حيث تراجعت قيمة الدولار الواحد إلى ما دون 2.94 ليرة تركية.
وبدأت العملة الأميركية تداولات (أمس) في الأسواق التركية بقيمة 2.95 ليرة، وتدنت بعد ظهر أمس إلى ما دون 2.94 ليرة، لتشهد بذلك أدنى مستوياتها أمام العملة التركية منذ 11 شهرًا.
ورجح محللون اقتصاديون استمرار انخفاض الدولار أمام الليرة التركية خلال الفترة المقبلة، خصوصا عقب تفعيل الاتفاقيات التجارية مع روسيا وبدء التبادلات التجارية بين البلدين.
ولفت رئيس الوزراء التركي إلى أن القطاع الصناعي يعد أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، وأنه يُشكل محرك الاقتصاد التركي. كما اتهم يلدريم «منظمة فتح الله غولن» أو ما يسمى «الكيان الموازي»، في إشارة إلى حركة الخدمة التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا والمتهم من جانب الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، بالعمل على تشويه الحقائق بحق تركيا في الخارج، من خلال محاولتها خلق رأي عام بخصوص وجود حالة من عدم الاستقرار في تركيا، جراء نشاطات التنظيمات الإرهابية، وإظهار البلاد في صورة غير ما هي عليه في الواقع.
وكان يلدريم أكد من قبل أن الاقتصاد التركي في وضع جيد للغاية، ولم يواجه أدنى هزة أو ضعف، جراء محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي.
وفي مسعى لطمأنة المستثمرين المحليين والأجانب، أكد نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، محمد شيمشك، أن تركيا قادرة بسهولة على معالجة التداعيات الاقتصادية لمحاولة الانقلاب الفاشل، مشيرا إلى أن تركيا تتلقى استثمارات بقيمة 3 في المائة من الدخل القومي، على الرغم من الظروف العالمية السلبية.
وقال شيمشك إن آثار محاولة الانقلاب على المدى القصير ستكون مؤقتة ويسهل التغلب عليها، وإن احتمال استمرارها لفترة طويلة ضئيل للغاية، لأن سرعة إحباط الانقلاب سمح بعودة الحياة إلى طبيعتها بسرعة كبيرة.
وحول تغير الأهداف الاقتصادية التي أعلنت في بداية العام بعد محاولة الانقلاب، قال شيمشك إذا تمكنا من تحقيق معدل نمو يصل إلى 4 في المائة في ظل الظروف الحالية فإن ذلك سيكون جيدا بالنظر إلى أن معدل النمو العالمي سيكون في حدود 3 في المائة فقط.
وأضاف شيمشك أن «تركيا نجحت في توفير مليون فرصة عمل خلال العام الماضي، ما يعطي دفعة قوية للنمو، كما انخفضت نسبة العجز الحالي في الدخل القومي لتصل إلى 3.7 في المائة، وحتى إذا حدث بعض التدهور في النصف الثاني من العام الجاري، فإنها لن تزيد على 3.9 في المائة.. وباختصار لا توجد مشكلات كبيرة في الاقتصاد التركي».
وحول ما يتعلق بالمخاطر التي يمكن أن تواجه الاقتصاد التركي رغم التوقعات بعدم حدوث تأثيرات سلبية، قال شيمشك إن هناك خطرا واحدا يتمثل في التقييمات الغربية السلبية للاقتصاد بعد محاولة الانقلاب، حيث صارت هذه التقييمات مشكلة رئيسية في التأثير على قرارات تركيا في عالم الأعمال، في حين أن الحقائق في تركيا أفضل بكثير.
واستبعد شيمشك حدوث تخفيض في التصنيف الائتماني لتركيا، وقال: إن لدى الاقتصاد التركي نقاط ضعف، لكنها ليست جديدة، ولا تزداد سوءا، ومن بينها العجز الحالي، لكن ديوننا تمثل نسبة 33 في المائة من الدخل القومي ومستمرة في الانخفاض، ومبيعات سندات الشركات مؤشر مهم.
وبعد أسبوع واحد من محاولة الانقلاب، خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لتركيا إلى دون الدرجة الاستثمارية، موضحة أن محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد أضعفت البيئة الاقتصادية والاستثمارية.
وأشارت إلى أن الانقسام السياسي الحاد والمتزايد في تركيا، إضافة إلى تآكل الضوابط والتوازنات المؤسسية، أثرّا سلبا على البيئة الاستثمارية في البلاد.
كما رفعت الوكالة في مطلع أغسطس (آب) الجاري تقييمها لمخاطر تركيا إلى «عالي المخاطر» من «عالي المخاطر باعتدال»، وذلك إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وجاءت الخطوة بعد أن خفضت الوكالة في الشهر الماضي تصنيفها للديون السيادية لتركيا إلى نطاق «عديمة القيمة»، وغيرت نظرتها المستقبلية لها إلى «سلبية»، قائلة إن الانقسام السياسي تفاقم منذ المحاولة الانقلابية التي قام بها فصيل داخل الجيش.
وكانت أوساط اقتصادية عالمية كثيرة قد حذرت من مخاطر حملة التطهير والاجتثاث الواسعة في مؤسسات الدولة التركية منذ الانقلاب التي طالت أكثر من 76 ألف شخص، وقالت إنه سيكون لها تداعيات على العلاقات الاقتصادية وحركة الاستثمارات.
وعبر شيمشك عن تفاؤله بزيادة حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية على الرغم من محاولة الانقلاب، وقال: إنه على الرغم من الظروف العالمية السلبية فإن الاستثمارات في تركيا ليست بالسوء الذي يصوره البعض، حيث تبلغ نسبة الاستثمارات الأجنبية في تركيا ما بين 2 إلى 3 في المائة من الدخل القومي.
وعن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضد الشركات الخاصة الكبرى التابعة لـ«تنظيم غولن» ومخاطر ذلك على الاقتصاد، قال شيمشك إننا نعمل بطريقة عقلانية لتجنب المخاطر، فعينا أمناء لإدارة هذه الشركات، واجبهم حماية حقوق العمال، وهم يديرون هذه الشركات بحكمة، ولذلك لا توجد أي مخاطر كبيرة.
وأكد شيمشك أن الحكومة التركية لن تقدم على اتخاذ قرارات مثيرة في الوقت الحالي، وإنما تعمل على تشجيع الاستثمارات الأجنبية. لافتا إلى أنه من المعتقد أن أقل من 1000 شركة تمول شبكة غولن. وتابع: «أدرك أن بعض الناس، خصوصا الشركات، لديهم شعور بالقلق. لكننا نعتقد أن بالأساس هناك أقل من 1000 شركة تمول الإرهاب»، في إشارة منه إلى أنصار غولن.



الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
TT

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع، مع إشارات إلى وتيرة معتدلة للتيسير النقدي في عام 2025.

وحصل الدولار على دعم إضافي من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث يثق المتداولون في خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، يوم الأربعاء، مع توقعات بأن يتراجع البنك عن مزيد من الخفض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ورغم تجاوز التضخم هدف البنك المركزي السنوي البالغ 2 في المائة، صرَّح صُناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» بأن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار تُعدّ جزءاً من المسار الصعب لخفض ضغوط الأسعار، وليست انعكاساً لانخفاض الأسعار. ومع ذلك يحذر المحللون من أن «الفيدرالي» قد يتوخى الحذر من تجدد التضخم مع تولي ترمب منصبه في يناير.

وقال جيمس كنيفوتون، كبير تجار النقد الأجنبي في «كونفيرا»: «أظهر الاقتصاد الأميركي مرونة أمام أسعار الفائدة المرتفعة، مما يعني أن احتمال زيادة التضخم إذا انتعش الاقتصاد سيكون قضية يجب أن يعالجها الاحتياطي الفيدرالي». وأضاف: «هناك قلق من أن السياسات الاقتصادية للإدارة المقبلة قد تكون تضخمية، لكن، كما أشار محافظ بنك كندا، في وقت سابق من هذا الشهر، لا يمكن أن تستند القرارات إلى السياسات الأميركية المحتملة، وربما يتبع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا النهج نفسه».

واستقرّ مؤشر الدولار الأميركي، الذي يتتبع العملة مقابل اليورو والجنيه الاسترليني والين وثلاث عملات رئيسية أخرى، عند 106.80، بحلول الساعة 06:05 (بتوقيت غرينتش)، بعد أن بلغ 107.18، يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزادت العملة الأميركية بنسبة 0.1 في المائة إلى 153.87 ين، بعد أن سجلت 153.91 ين، في وقت سابق، وهو أعلى مستوى لها منذ 26 نوفمبر. كما ارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.22 في المائة إلى 1.2636 دولار، بعدما سجل أدنى مستوى له منذ 27 نوفمبر عند 1.2607 دولار. في حين ارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.0518 دولار، بعد أن هبط إلى 1.0453 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أضعف مستوى له منذ 26 نوفمبر، متأثراً بخفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لفرنسا بشكل غير متوقع، يوم الجمعة.