تشاد.. في قلب الإعصار

مع بدء إدريس ديبي فترة رئاسته الخامسة

تشاد.. في قلب الإعصار
TT

تشاد.. في قلب الإعصار

تشاد.. في قلب الإعصار

بعد عقود طويلة من الحروب الأهلية والتمرد المسلح، وشرخ اجتماعي متجذر ما بين الجنوب المسيحي - الزنجي والشمال المسلم - العربي، بدأت تشاد قبل سنوات قليلة تدخل مرحلة من الاستقرار الحذر، بعدما تمكن الجنرال إدريس ديبي من إزاحة الرئيس السابق حسين حبري من الحكم في نهاية تمرد عسكري بدأه من الأراضي السودانية. ولقد أعاد ديبي ترتيب الأمور في البلاد بطريقة تضمن له أن يكون محور معادلة الحكم التي لا تستقيم من دونه، والظهور قوة إقليمية في منطقة ملتهبة. وعلى الرغم من الهدوء والاستقرار الذي تحقق في تشاد خلال السنوات الأخيرة وجعلها تظهر بلدًا مستقرًا في محيط إقليمي مضطرب، يرى مراقبون أن ذلك لا يعدو كونه الهدوء الذي يسبق العاصفة، وأن تشاد مرشحة للدخول في دوامة من الهزات الكبيرة بسبب السياسات الجريئة لنظام ديبي، خصوصًا فيما يتعلق بلعب دور «القوة الإقليمية» في منطقة «الساحل الأفريقي» الملتهبة، ومشاركة الجيش التشادي في حروب كثيرة ومعقّدة، بدعم وتشجيع من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
أمسك العصا الخشبية بقبضته القوية.. اعتدل واقفًا أمام عشرات الآلاف من أنصاره الذين كانوا يهتفون باسمه: إدريس ديبي.. إدريس ديبي. رفع عصاه عن الأرض وبدأ يلقي أول خطاب في مأموريته الخامسة رئيسًا لجمهورية تشاد.
كان حريصًا على إظهار قوته وجبروته، إلا أنه مع ذلك لم يستغن عن تلك العصا التي يتوكّأ عليها بين الفينة والأخرى، ولكنه سيحتاج أكثر لقدراتها السحرية - إن كانت موجودة - وهو يواجه أزمات كثيرة محدقة ببلاده، أزمات يعتقد معارضوه أن الحل السحري الوحيد لها هو أن يغادر السلطة.

تحقيق الاستقرار
«المسؤولون الحكوميون في تشاد نجحوا في تحقيق الاستقرار»، ذلك ما قاله وزير الخارجية التشادي، موسى فقيه محمد، عندما وقف عام 2013 أمام مجلس الأمن بعد انتخاب بلاده عضوًا في المجلس، قال الرجل بثقة كبيرة وهو يلخّص إحساس نظام الرئيس ديبي الكبير بالثقة: «تشاد التي كانت ولعدة عقود أحد الملفات المطروحة على طاولة مجلس الأمن، أصبحت اليوم جزءًا من هذا المجلس. إن تشاد التي كانت قبل سنوات قليلة دولة معدومة، لم تصبح اليوم حاضرة فقط وإنما فاعلة أيضًا».
التقارير الدولية الصادرة في السنوات الأخيرة، التي تناولت الوضع في تشاد بكثير من التحليل والاستشراف المستقبلي، تحدثت عن أزمات صامتة في البلد الذي يحمل بذور الهشاشة منذ استقلاله عن فرنسا عام 1960. وآخر هذه التقارير ذلك الصادر في شهر مارس (آذار) الماضي عن المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات تحت عنوان: «تشاد ما بين الطموح والضعف». يقول هذا التقرير إن «الحركات المجتمعية التي تتصاعد، وتعبئ بشكل خاص فئة الشباب، تعكس استياءً عميقًا في المجتمع وهي نتيجة مباشرة لتراكم عدد من الأزمات التي قد تقود إلى الوقوع في فخ الصراع المسلح».
ويضيف التقرير أن «البلد يواجه أزمة ديمقراطية وسياسية يطبعها غياب التناوب الديمقراطي على السلطة منذ 26 سنة، ووعود كاذبة بمكافحة الفساد والحصانة من العقاب، ولكن أيضًا أزمة اقتصادية ومالية كبيرة ذات انعكاسات خطيرة على التشغيل. وأخيرًا يفتح البلد عدة جبهات عسكرية في ظل الهجمات التي تشنها جماعة (بوكو حرام) الإرهابية المتطرفة منذ يناير (كانون الثاني) 2015»، كل هذه العوامل ترشح الوضع في تشاد للانفجار.

المحيط الملتهب
من خلال نظرة فاحصة للمحيط الإقليمي لدولة تشاد نجد أنها تقع في قلب عاصفة العنف التي تجتاح أفريقيا، فهي محاطة ببؤر انعدام الاستقرار من مختلف الجهات. في الشرق تحدها أزمة دارفور بغرب السودان حيث استقبلت تشاد شهر فبراير (شباط) الماضي عشرات آلاف اللاجئين بعد معارك عنيفة بين الجيش السوداني والمتمردين. أما في الجنوب فيحتدم الصراع الدامي في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي الشمال تشتعل الحرب الأهلية في ليبيا التي تحوّل جنوبها إلى مركز نفوذ للتنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة العابرة للحدود. والمشهد نفسه نجده غربًا، في شمال النيجر المحاذي لتشاد حيث تتمركز عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنمو شبكات تهريب السلاح والممنوعات. وكذلك في الجرح النيجيري النازف على وقع ضربات جماعة «بوكو حرام» التي بايعت تنظيم «داعش». ورغم تراجع قوة «بوكو حرام» خلال الفترة الأخيرة بسبب الحرب الإقليمية عليها، فإنها تبقى مصدر تهديد جديًا بالنسبة لتشاد، وتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الهش للبلاد، لا سيما أنها متغلغلة في مجتمعات شمال نيجيريا والكاميرون وتبحث عن موطئ قدم لها في تشاد.
لقد كان انهيار نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011 بمثابة الكارثة بالنسبة لتشاد ولنظام رئيسها إدريس ديبي، إذ إنه تسبب في اختلال توازن المنطقة وأسفر عن انتشار شبكات وتنظيمات مسلحة أصبحت مصدر تهديد حقيقيًا لشمال البلاد. وبما أن القذافي كان حليف ديبي التقليدي وأحد المستثمرين الكبار في بلاده، أعرب الرئيس التشادي عن معارضته لتدخل القوى الغربية للإطاحة بنظامه، بيد أنه بعد بضع سنوات (عام 2014) وجد نفسه يدعو لتدخل عسكري دولي في ليبيا، في ضوء خشيته من قرب فقدانه السيطرة على مسالك التجارة في الصحراء، وتأثر التبادلات الاقتصادية في شمال تشاد، بالإضافة إلى انتشار الأسلحة واحتمال ظهور متمردين جُدد.
في خضم هذا الوضع الإقليمي المضطرب بدأت تشاد تتحرك نحو لعب دور «الشرطي الإقليمي»، وذلك من خلال مشاركتها عام 2013 في الحرب على الجماعات الإرهابية في شمال مالي إلى جانب القوات الفرنسية، وتدخلها القوي في الحرب على «بوكو حرام»، والمشاركة في قوة حفظ السلام الأفريقية بجمهورية أفريقيا الوسطى، ودعوتها لتدخل عسكري دولي في ليبيا. كل هذا يؤكد رغبتها في الظهور كقوة عسكرية صاعدة، وفي الوقت عينه تعزيز نفوذها الإقليمي والتغطية على مشكلاتها الداخلية.
في أي حال، على الرغم من المخاطر الكبيرة المحدقة بالبلاد استطاع نظام ديبي أن يحول هذه المخاطر إلى نقاط لصالحه من خلال الظهور حقًا قوة إقليمية معتمدًا على جيش مدرّب على القتال في أكثر المناطق الصحراوية وعورة وجفافًا، وتغلب عليه صبغة الميليشيات أكثر من الجيش المنظم، ولكنه في النهاية يُعد واحدًا من أقوى جيوش المنطقة ويتولى ديبي قيادته بشكل مباشر. إلا أن هذه المكاسب مهددة بنقاط الضعف السياسية والاقتصادية، وغياب عقد اجتماعي داخلي، وفق ما يشير له تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات.

حليف الغرب
من خلال قراءة العقود الأخيرة من تاريخ تشاد نجد أن هذا البلد كان دائمًا حليفًا مقرّبًا من القوى الغربية، وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. وما عززت تحالفاته الصراعات التي خاضتها تشاد مع كل من ليبيا والسودان. وبالتالي، فإن الشراكة الأمنية والعسكرية بين تشاد والغرب ظلت تقوم على مجموعة من الأعداء المشتركين، لكنها تعززت بشكل خاص بعد ظهور التهديد الإرهابي المتمثل في الجماعات المتطرفة المسلحة التي ترفع شعارات إسلامية.
الحرب التي خاضتها القوات التشادية في مالي إلى جانب الفرنسيين، أخرست الانتقادات الفرنسية لنظام الرئيس ديبي، خصوصا فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات وانعدام أفق للتناوب الديمقراطي على السلطة. وضاعفت مستوى التعاون العسكري بين تشاد والولايات المتحدة خاصة في مجال التكوين والاستخبارات.
وفي غضون ذلك، تنطلق بين الفينة والأخرى تحذيرات من أن يستمدّ النظام التشادي شرعيته من انعدام الاستقرار في محيطه الإقليمي والخوف من الإرهاب، فيقدّم نفسه على أنه الضامن الوحيد للأمن والاستقرار، تمامًا كما اعتمد نظام حسين حبري السابق على معاداته لليبيا والسودان، وأعطى لنفسه الحق في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
إلا أن القوى الغربية كما يبدو غير مستعدة لمراجعة طبيعة شراكتها مع تشاد، ففرنسا اتخذت من نجامينا مقرًا لعملياتها العسكرية المناهضة للإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، والولايات المتحدة عزّزت من حضورها في البلاد عبر مناورات عسكرية دورية. ثم إن «المجموعة الدولية» التزمت الصمت حيال تعديل الدستور من طرف ديبي وبقائه في السلطة لفترة رئاسية خامسة ستمكنه من تمديد حكمه حتى 31 سنة.

الوضع الداخلي
رغم الصورة الصلبة والقوية التي قدّمتها تشاد للعالم عبر حضورها العسكري في مختلف الصراعات الإقليمية، فإنها لم تخفِ مكامن الهشاشة داخل البلد الذي لا يزال يعد من أفقر بلدان العالم، وتصل نسبة الأمية فيه إلى أكثر من 75 في المائة مديبي الرئيس في السلطة منذ 26 سنة، وغياب أي مخطط لتناوب ديمقراطي، بينما يرى كثير من التشاديين أن ذلك يعرض البلاد لخطر الدخول في أزمة عنيفة خاصة في ظل تدهور الوضع الصحي للرئيس والماضي الدموي الذي عاشته البلاد.
ولعل التشاديين يتذكرون الوعد الذي أطلقه ديبي عندما وصل إلى السلطة عام 1991، حين قال لهم: «لا أعدكم بالذهب ولا بالفضة، لكنني أعدكم بالحرية». اليوم تمنع المظاهرات في تشاد ويُقمَع الشباب المحتجون ويختفي عشرات الجنود لأنهم صوّتوا لصالح المعارضة في انتخابات أبريل (نيسان) الماضي، وفق ما تحدثت عنه المعارضة، وسط حالة من الاحتقان الاجتماعي والتأزم الاقتصادي.
الجدير بالذكر أن الصراعات المسلحة التي تدور في محيط تشاد ليست مجرد مشكلات أمنية، بل أيضًا مشكلات اقتصادية كبيرة بالنسبة لبلد لا يملك أي منفذ على المحيط. إذ تحوّلت الطرق التي تربط العاصمة نجامينا بمحيطها الإقليمي إلى طرق خطرة بسبب «بوكو حرام»، كالطريق الذي يربط نجامينا بمدينة مايدوغوري في شمال شرقي نيجيريا، أو مدينة ماروا في الكاميرون، أو حتى الطريق المؤدي إلى ميناء دوالا الكاميروني الذي يعد المنفذ الأول بالنسبة لتشاد على المحيط الأطلسي. لقد نجحت «بوكو حرام» فعليًا في خنق مدينة نجامينا وكبرى مدن الجنوب.
أما بالنسبة للنفط، فمن المهم أن نعرف أن دخول تشاد نادي البلدان المنتجة للنفط عام 2004 حوّلها إلى «دولة ريعية»، فخلال الفترة ما بين 2004 و2014 تضاعفت ميزانية الدولة أربع مرات، لتنتقل من 670 مليون دولار أميركي إلى 208 مليارات دولار. ولكن في نهاية عام 2014 وجدت الحكومة نفسها أمام وضع صعب بسبب تراجع مستوى الإنتاج في آبار النفط وتأخر انطلاق الأشغال في احتياطات نفطية أخرى.
وتشير التقارير إلى أن عائدات النفط خلال عام 2014 وصلت إلى 1.02 مليار دولار أميركي بيد أنها تراجعت العام الماضي لتتوقف عند 450 مليون دولار فقط. ولقد تراكمت ديون الدولة لصالح الشركات الوطنية والأجنبية، وبدأت الحكومة تتأخر في تسديد رواتب الموظفين ومستحقات المتقاعدين، وهو ما صب النار على زيت الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد.

ثروات هائلة.. وشعب جائع
* تشاد بلد يقع في قلب القارة الأفريقية، نصفه الشمالي يقع ضمن المجال الصحراوي، بينما يقع نصفه الجنوبي في منطقة استوائية، وتشير الروايات التاريخية إلى أن تشاد أخذت اسمها من نوع من الأسماك الشهيرة في بحيرة تشاد، الواقعة جنوب غربي البلاد، وتطل عليها أربعة بلدان هي: تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون.
أما المجتمع التشادي فيتكوّن من أجناس بشرية (إثنيات وجماعات) مختلفة، إذ إن الإنسان قطن هذه المنطقة منذ عشرات الآلاف من السنين وفق ما تؤكده الحفريات، إلا أن هجرات كثيرة حوّلت تشاد إلى ملتقى كثير من الحضارات التي قامت في شمال الصحراء وجنوبها. ويبلغ تعداد السكان وفق آخر إحصائية 12 مليون نسمة، مقسّمة إلى أكثر من 260 قبيلة تتكلّم أكثر من مائة لهجة محلية. إلا أن هذه القبائل تضم 25 قبيلة عربية ما جعل بعض الباحثين يضع تشاد ضمن البلدان التي يمكن تصنيفها على أنها عربية، فالعربية لغة رسمية في البلاد منذ عام 1985 ويتكلمها أغلب المواطنين، لكن الفرنسية هي الأخرى لغة رسمية بموجب الدستور وتهيمن على الإدارة.
اقتصاديًا، تعتمد تشاد على الزراعة التي يمارسها عدد كبير من سكان الجنوب، وتخطّط الحكومة منذ عقود لتحقيق الأمن الغذائي، ومع أنها تواجه صعوبات كبيرة في ذلك، فإنها نجحت في رفع مستوى الإنتاج من القطن والفول السوداني والقمح والدَّخن والنخيل والأرز والذرة والمانجو والصمغ العربي. غير أن النفط أصبح العمود الفقري للاقتصاد التشادي في السنوات الأخيرة، إذ بدأ استخراجه وتصديره عام 2004 مع وجود مخزون هائل في الجنوب، بينما تتحدث التقارير عن ثروات معدنية في الشمال لم تستغل بعد من أهمها: اليورانيوم والبوكسيت والحديد والنحاس.
مع كل ذلك تعد تشاد واحدة من أفقر بلدان العالم، وتشكل نسبة الأمية فيها أكثر من 75 في المائة.

محطات سياسية.. صراعات وحروب لا تنتهي
11 / 08 / 1960: تشاد تحصل على استقلالها من فرنسا، والبرلمان التشادي ينتخب فرنسوا تومبالباي رئيسًا للجمهورية.
23 / 04 / 1962: تامبالباي يفوز بالانتخابات الرئاسية بعد اعتماد نظام الحزب الواحد.
28 / 08 / 1968: القوات العسكرية الفرنسية تتدخل لإخماد التمرد المتفجر في شمال تشاد.
01 / 1973: القوات الليبية تسيطر على إقليم أوزو الحدودي في شمال البلاد.
13 / 04 / 1975: انقلاب عسكري يشهد مقتل تومبالباي، والجنرال فيليكس مالوم يتولى رئاسة البلاد بعد خروجه من السجن.
04 / 1978: تدخّل القوات الفرنسية لمساندة الجنرال مالوم.
12 / 02 / 1979: اندلاع مواجهات عنيفة بين قوات الرئيس مالوم والوزير الأول (رئيس الوزراء) حسين حبري.
03 / 1979: استقالة مالوم والوزير الأول حسين حبري، ليصبح غوكوني عويدي رئيسًا لمجلس حكم انتقالي.
29 / 04 / 1979: محمد شواد، من الحركة الشعبية لتحرير تشاد، يصبح رئيسًا للبلاد.
21 / 03 / 1980: تفجرت الحرب الأهلية التشادية بين حسين حبري مدعومًا من فرنسا وغوكوني عويدي مدعومًا من ليبيا.
08 / 1983: مواجهات عنيفة بين قوات حسين حبري ومتمردين مدعومين من ليبيا.
13 / 08 / 1983: القوات الفرنسية في تشاد تسيطر على وسط وجنوب البلاد في عملية «مانتا».
19 / 06 / 1982: حبري يتولى رئاسة تشاد بعد سيطرته على العاصمة نجامينا.
1984: الجفاف يضرب تشاد.
01 / 04 / 1989: محاولة انقلابية يقودها الجنرال إدريس ديبي ضد نظام الرئيس حبري.
10 / 11 / 1989: إدريس ديبي يبدأ التمرّد من شمال البلاد.
02 / 12 / 1990: ديبي يدخل العاصمة نجامينا ويستولي على السلطة.
02 / 03 / 1991: اعتماد الميثاق الوطني، وتنصيب إدريس ديبي رئيسًا للبلاد.
03 / 02 / 1994: المحكمة الدولية في لاهاي (هولندا) تحكم بأحقية تشاد في إقليم أوزو، والقوات الليبية تخلي الإقليم الحدودي.
31 / 03 / 1996: الاستفتاء على دستور جديد للبلاد.
03 / 07 / 1996: إدريس ديبي يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشاد (الفترة / المأمورية الرئاسية الأولى).
01 / 1998: «الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة» تتمرّد على الحكومة.
20 / 05 / 2001: إعادة انتخاب ديبي ليبدأ فترته (مأموريته) الرئاسية الثانية.
05 / 2002: معارك عنيفة بين المتمردين والحكومة في شمال تشاد.
16 / 05 / 2004: الحكومة تتحدث عن محاولة انقلابية فاشلة ضد ديبي.
26 / 05 / 2004: تعديل دستوري يسمح للرئيس ديبي بالترشح لفترة رئاسية ثالثة.
15 / 03 / 2006: الحكومة تتحدث عن محاولة انقلابية فاشلة.
13 / 04 / 2006: الجيش يحبط هجومًا للمتمردين على العاصمة.
14 / 04 / 2006: استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السودان.
02 / 02 / 2008: متمردون يدخلون العاصمة نجامينا ويحتلون القصر الرئاسي، قبل أن ينسحبوا بعد تدخل الجيش.
03 / 05 / 2006: ديبي يفوز بالانتخابات الرئاسية التي قاطعتها المعارضة (الفترة الثالثة).
13 / 03 / 2008: التوقيع في العاصمة السنغالية دكار على اتفاق وقف الأعمال العدائية بين السودان وتشاد.
15 / 11 / 2008: استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السودان.
03 / 05 / 2009: توقيع اتفاق مصالحة بين السودان وتشاد في العاصمة القطرية الدوحة.
25 / 07 / 2009: التوقيع في طرابلس على اتفاق سلام مع «الحركة الوطنية» التي تضم ثلاث حركات متمردة.
25 / 04 / 2011: إعادة انتخاب إدريس ديبي لفترة رئاسية رابعة.
01 / 2013: القوات التشادية تشارك في الحرب على الجماعات الإرهابية في شمال مالي إلى جانب القوات الفرنسية.
03 / 2013: اعتقالات واسعة في صفوف المعارضة والصحافة بعد الكشف عن مخطط لاستهداف الرئيس.
16 / 01 / 2015: البرلمان يصادق بالإجماع على إرسال قوات لمحاربة جماعة «بوكو حرام» المتطرفة في نيجيريا والكاميرون.
13 / 02 / 2015: جماعة «بوكو حرام» تشن أولى هجماتها داخل الأراضي التشادية.
10 / 04 / 2016: ديبي يفوز بالانتخابات الرئاسية ويبدأ فترته الرئاسية الخامسة.



14 عاماً من الاستقلال والأزمات في جنوب السودان

TT

14 عاماً من الاستقلال والأزمات في جنوب السودان

بعد نحو ما يقارب العقد ونصف العقد على استقلالها، لا تزال دولة جنوب السودان تواجه مساراً مليئاً بالاضطرابات السياسية والتحديات الاقتصادية والصراعات المتكررة.

فالدولة التي انطلقت بآمال واسعة عقب استفتاء يناير (كانون الثاني) 2011، وجدت نفسها سريعاً أمام واقع معقد أعاق بناء المؤسسات، وأثقل كاهل المجتمع بتقلبات أمنية وإنسانية مستمرة.

9 يوليو (تموز) 2011

تم إعلان عن الاستقلال الكامل للدولة الأفريقية عن السودان

العاصمة: جوبا

الموقع: شرق أفريقيا

يحدها من الشمال السودان، ومن الجنوب أوغندا وكينيا ومن الشرق إثيوبيا، ومن الغرب الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى.

الجغرافيا: تبلغ مساحة جنوب السودان نحو 644329 كلم²، وتغطي الأراضي الرعوية نحو 40 في المائة من مساحة البلاد، والأراضي الزراعية نحو 30 في المائة، والمسطحات المائية ما يقارب 7 في المائة من المساحة الكلية للبلاد.

عدد السكان: 12.1 مليون نسمة. تنقسم البلاد إلى 60 مجموعة عرقية أصلية.

الأقاليم: تضم 10 ولايات بموجب اتفاقية السلام الموقعة في 22 فبراير (شباط) 2020.

ولاية الاستوائية الوسطى، وغرب الاستوائية، وشرق الاستوائية والبحيرات، وواراب وغرب بحر الغزال وشمال بحر الغزال وجونقلي والوحدة وأعالي النيل.

المساحة: تبلغ نحو 644329 كيلومتراً مربعاً.

اللغة الرسمية: الإنجليزية بجانب لهجات محلية.

النظام السياسي: نظام جمهوري رئاسي، ودستور انتقالي و3 سلطات رئيسية

الاقتصاد: يعتمد على النفط، الذي يمثل أكثر من 90 في المائة من الإيرادات الحكومية.

أزمات عديدة: شهدت دولة جنوب السودان حرباً أهلية بين عامي 2013 و2018 إثر صراع على السلطة والنفط بين الرئيس كير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار. تم التوصل إلى اتفاق هش بين الطرفين في 2018.

في 13 سبتمبر (أيلول) 2024 عادت الأزمة السياسية وأعلن مكتب الرئيس كير عن تأجيل الانتخابات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى نهاية 2026، بدعوى إكمال المهام الضرورية بالانتخابات وسط تخوف غربي من انهيار اتفاق السلام.


كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)
TT

كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)

استقبل الجيش الإسرائيلي أخيراً وفداً من قادة جيوش دول عدة، «لكي يدرسوا تجربة الحرب الأخيرة، في سبع جبهات (غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن)»، كما قال الناطق بلسان الجيش. وخلال الشرح المتحمس عن هذه الزيارة، سمح الناطق لنفسه بأن يقول إنهم جاؤوا لكي يتعلموا منه العديد من العمليات الحربية. وقال إن بين هذه الجيوش حضر مندوبون من كل من الجيوش؛ الأميركي والألماني والهندي والكندي والتشيكي والبولندي، وغيرها. وعرض عدة مجالات، قال إن جيشه أبدع فيها واستحدث طرقاً حربية سيصار إلى تدريسها في الكليات الحربية في العالم، خصوصاً المعركة ضد الأنفاق والتدمير ومسح الأبنية في قطاع غزة وتخريب الحقول الزراعية والسيطرة التامة على سماء إيران والاغتيال الجماعي لقادة «حماس» و«حزب الله» وقيادة سلاح الجو الإيرانية وعملية تفجير أجهزة النداء واللاسلكي في لبنان لقادة «حزب الله» (البيجر والوكي توكي) وغيرها.

لأول وهلة، يُحسب أن الرسالة - أعلاه - موجهة إلى العالم، لكن من يتابع الأوضاع في إسرائيل خلال العقدين الأخيرين، يدرك أن هذا النشر هو جزء من الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي على «الجبهة الثامنة».

إنها الحرب التي تعدّ الأكثر إيلاماً للجيش، لأن «العدو» فيها للجيش الإسرائيلي هو الحكومة واليمين العقائدي الذي يقودها.

يخوض اليمين هذه الحرب منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم عام 2009، وفي حينه حاول فرض حرب على إيران، لكن قادة الجيش وسائر الأجهزة الأمنية اعترضوا. فغضب، وراح يحاربهم، في البداية بهدوء وسريّة، لكن الحرب غدت علنية شيئاً فشيئاً. وكان فيها مسؤولون في الحكومة وباحثون وخبراء يهاجمون الجيش ويتهمونه بالتبذير، والجنرالات ينشرون المقالات التي تظهر الحكومة فاشلة وفاسدة.

أيضاً لعبت الشرطة والنيابة والمحكمة دوراً نشيطاً في كشف تورّط نتنياهو في قضايا فساد... وقدمته إلى المحاكمة. فاستعرت المعركة لتتحوّل إلى «حرب شاملة» بين الطرفين، ما جعل اللواء المتقاعد إسحاق بريك، عضو رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يقول، في مقال نشرته صحيفة «معاريف» يوم 8 يونيو (حزيران) 2025: «لدينا قيادة فقدت البوصلة، في الحكومة وفي الجيش». ويضيف: «السياسة الحمقاء المتغطرسة التي يتبعانها، ستشجع أعداءنا على الاستعداد لحرب أخرى ضدنا، وكل هذا بسبب جماعة فقدت طريقها وعقلنتها وحكمتها».

نتنياهو وسموترتش (رويترز)

سموتريتش... والميزانية

أحد أبرز السياسيين في هذه الحرب هو بتسلئيل سموتريتش، الذي مع تشكيل الحكومة أصر على تولي حقيبة وزارة المالية وحقيبة أخرى هي وزير ثانٍ في وزارة الدفاع. وسموتريتش هو الممثل المباشر لليمين العقائدي. لديه أجندة واضحة لمنع قيام دولة فلسطينية وتهجير الفلسطينيين. ومنذ تسلمه مهامه، يخوض حرباً علنية على الجيش بلغت حد رفض العديد من طلبات زيادة الميزانية العسكرية. ثم إنه يتهم قادة الجيش بالتبذير وصرف رواتب عالية، وقام بنشر قائمة الرواتب لنحو 50 قائداً أساسياً، فاتضح أنهم يقبضون رواتب أعلى من رئيس الحكومة ورئيس الدولة.

وفي الأسابيع الأخيرة، عندما قرر الجيش رفع عدد جنود الاحتياط الدائم من 6 إلى 60 ألف جندي، سنة 2026، وطلب تمويلاً من المالية (كل جندي يكلف الجيش 300 دولار في اليوم ومعدل الخدمة لكل جندي يصل إلى شهرين في السنة المقبلة، وهذا البند وحده يكلف مليار دولار)، رفض سموتريتش، قائلاً إن على الجيش إيجاد التمويل من تقليص مصاريفه الأخرى. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن قادة الجيش «يشعرون بالمهانة وهم يستجدون وزير المالية»، علماً بأنه على صعيد شخصي يبدو صبيانياً، ومن الناحية الجماهيرية يفقد الجمهور الذي انتخبه، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنه سيسقط إذا أجريت الانتخابات اليوم.

للعلم، سموتريتش هذا حاقد على الجيش. فعام 2005، عندما كان في الخامسة والعشرين من العمر، بينما عمل الجيش على إخلاء مستوطنات قطاع غزة، جاء سموتريتش مع ألوف المستوطنين لمحاربة الإخلاء. ويومذاك، بطش به الجنود وجرّوه على الأرض عندما اعتقلوه. وهو جزء من الحركة التي قامت في حينه لمنع تشكيل حكومة في إسرائيل تقرّر إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية مثلما حصل في غزة. وهو يستذكر هذه الحادثة تقريباً في كل خطاب سياسي له، منذ ذلك الحين. ويعدّ رأس حربة في معركة اليمين لتحجيم مكانة الجيش ونفوذه في البلاد.

انتقاد المهنية العسكرية

في إطار هذه المعركة، تشهد وسائل الإعلام الإسرائيلية موجة نشر ضخمة تنتقد الجيش وتظهره فاشلاً مهنياً. ويجنّد اليمين لهذا الغرض مجموعة كبيرة من الجنرالات السابقين، قسم منهم يكتب في معاهد الأبحاث التابعة لليمين، وقسم آخر ينشر مقالاته في وسائل الإعلام المستقلة، فضلاً عن الإذاعة والتلفزيون والشبكات الاجتماعية.

وأدناه نماذج من هذه المعركة:

العميد أورن سولومون، الذي عيّن رئيساً للجان التحقيق الداخلي في الجيش حول إخفاقات 7 أكتوبر (تشرين الأول) كشف في تقرير للقناة «14» عن أن قيادة الجيش «تتستر على الحقائق وليس صحيحاً الانطباع بأنها أول من تحمل المسؤولية». بل «أخفت الفشل الحقيقي لكونها اتبعت تكتيكاً حربياً خاطئاً منذ البداية... وبدلاً من أن تأمر سلاح الجو بقصف عناصر حماس في أثناء مهاجمتهم البلدات الإسرائيلية يوم 7 أكتوبر 2023، فتشلّ حركتهم وتوقف تقدّمهم، قرّرت شنّ عملية انتقامية لاغتيال قادتها وتدمير مقراتها في شتى أنحاء غزة. وبذا فشلت في حماية مئات من الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس ومئات المخطوفين».

وذكر سولومون أيضاً في التقرير، أنه طلب لقاء رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي والحالي إيال زامير لعرض استنتاجاته، لكنهما تهرّبا من لقائه. ومن ثم راحا يحرّضان عليه، لدرجة أنه قرّر إخفاء تقاريره والوثائق التي اعتمدها بهدف الحفاظ عليها في حال جرى له أي سوء. ورداً على سؤال طرحه عليه صحافي معروف بقربه من نتنياهو: «هل تخشى على حياتك؟ هل تعتقد أن هناك مَن قد يقتلك بسبب هذا التحقيق؟». فأجاب «نعم».

من جهة ثانية، تطرّ ق الصحافي والمؤرخ اليميني عكيفا بيغمان، صاحب كتاب «كيف حوّل نتنياهو إسرائيل إلى إمبراطورية»، كشف في موقع «ميدا» (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، عن نتائج تحقيق أجري في لجنة فرعية سريّة للجنة الخارجية البرلمانية، خلال الشهرين الماضيين، تفيد بأن هناك «خللاً بنيوياً» في عملية تأهيل الضباط في الجيش الإسرائيلي. وممّا جاء في تقريره أن الضباط لا يتلقّون تدريبات عسكرية لأكثر من يومين في الأسبوع، بينما يتمتعون بـ«امتيازات دلال لا تلائم جيشاً مقاتلاً»، وأنه في كثير من دورات التعليم التي يمرّون بها ثمة ازدواجية وتناقضات لأن هذه الدورات لا تدار بشكل مهني.

زامير (الجيش الإسرائيلي)

مرحلة بنيامين نتنياهو...استخفاف بالجنرالات وطعن بهم علناً وفي الخفاء

عدوانية متزايدة في عدة اتجاهات

الصحافة الإسرائيلية، أيضاً، تنشر باستمرار تصريحات لوزراء يهاجمون بها قادة الجيش ويهينونهم في جلسات «الكابنيت» (مجلس الوزراء المصغّر)، الذي يقود الحرب، بينما كان نتنياهو صامتاً. ولكن، في يناير (كانون الثاني) 2025 تجرأ وأوقف الجلسة التي هاجم فيها الوزيران إيتمار بن غفير وميري ريجف رئيس الأركان هاليفي، على قراره تشكيل لجان تحقيق داخلية حول أداء الجيش.

وفي شهر مايو (أيار) تعرّض زامير لـ«بهدلة» مماثلة، لكنه ردّ على الهجوم بكلمات قاسية ونابية، ما جعل نتنياهو يلفت نظره ويوقفه عن الكلام في جلسة الحكومة. وحقاً، زامير نفسه لم يسلم من الانتقادات. وعندما اقترح صرف النظر عن إعادة احتلال غزة في نهاية الصيف، اتهمه غلاة اليمين بالتراجع عن وعوده في «تغيير نهج الجيش القتالي وجعله جيشاً هجومياً أكثر». وقالوا إن «الدولة العميقة الليبرالية تمكنت من السيطرة عليه وتدجينه».

في هذه الأثناء، هناك ما تشهده الضفة الغربية من اعتداءات. وهنا لا نقصد الاعتداءات الإرهابية على الفلسطينيين، بل الاعتداءات اليهودية على اليهود، التي تتصاعد باستمرار وفيها يهتف «شبيبة التلال» الاستيطانية لجنود وضباط الجيش الإسرائيلي «يهود نازيون».

أيضاً، أحد كبار الجنرالات، وكان مسؤولاً عسكرياً يعمل في وظيفة رفيعة في الضفة الغربية، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» (7 نوفمبر 2025)، يقول: «يبدو لي الوصف (فتيان التلال) أو (شبيبة التلال)، رومانسياً بعض الشيء، كما لو كانوا رعاة غنم يعملون في الزراعة، لكن هذا ليس ما نتكلّم عنه هنا. هؤلاء فتيان يحتاجون إلى رعاية مؤسّسات الرعاية الاجتماعية وسلطة الوالدين والتعليم. إنهم يتصرّفون كما لو كانوا في الغرب (الأميركي) المتوحش. ليس لديهم قانون ولا قاضٍ. يتجوّلون بقمصان كُتب عليها (شعب إسرائيل نعم ودولة إسرائيل لا)».

وتابع الجنرال: «إنهم لا يعترفون بالمؤسسات، وهم معادون تماماً للصهيونية، ويرسمون شعارات صهيونازية على الجدران، ويتلقون دعماً من بعض وسائل الإعلام القطاعية. لقد بنوا ماكينة عمل محكمة وحقيقية. يمكنك أن ترى فتىً في الثالثة عشرة من عمره يقود سيارة مشطوبة، وهو لا يملك حتى رخصة قيادة؛ بينما يُشعل فتيان آخرون النار في المركبات. ما عاد هؤلاء يكتفون بالاعتداءات على الفلسطينيين، بل أضحوا يعتدون بعنف وكراهية حاقدة على جنودنا وضباطنا، حتى ونحن نحميهم. وكذلك يعتدون على المواطنين اليهود، وليس فقط اليساريين منهم الذين يأتون إلى هنا للتضامن مع الفلسطينيين، بل يعتدون على مستوطنين ممّن كانوا ذات يوم شبيبة تلال لأنهم لا يوافقون اليوم على أساليبهم. وأنا لا أتكلم عن اعتداء واحد أو اثنين. لقد شكا عشرات المستوطنين الذين يتعرضون للاعتداءات منهم. ومن ثمّ، شعوري أن عدوهم الأول هو الجيش».

الرد لا يقل حدة

في المقابل، نجد أن الجيش أيضاً يملك جهاز دعاية يهاجم الحكومة بقوة شديدة ولديه مجموعة كبيرة من الكتّاب والناطقين باسمه، الذين يحذّرون من تبعات سياسة الحكومة وممارساتها، ويرون أنها «تُضعِف الجيش وتشجع العدو على تكرار الهجمات الشبيهة بهجمة حماس في 7 أكتوبر». كذلك ينتقد هؤلاء الحكومة بشكل لاذع على «فشلها المهني»، ويحمّلونها، رئيساً ووزراء، مسؤولية أساسية عن إخفاقات 7 أكتوبر، ويقولون إنها أدارت الحرب بشكل سيئ وفرضت على الجيش «إطالة الحرب لأغراض بعيدة عن الحسابات الأمنية والاستراتيجية، هدفها سياسي وحزبي للبقاء في الحكم». «وحقاً، الأمر الجوهري الذي يهاجمونها عليه هو: أنها لم تعرف كيف تستثمر المكاسب العسكرية التي وفّرها لها الجيش في مكاسب سياسية».

وهكذا يكتب الجنرال عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في تل أبيب، يوم 17 نوفمبر 2025: «لقد نجح الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن في توجيه ضربة قاصمة لتحالف الشر في جميع جبهات القتال السبع. في الوقت نفسه، ثمة حاجة إلى استراتيجية لإرساء أمن طويل الأمد. حتى الآن، فشلت الحكومة الإسرائيلية في صياغة سياسة لما بعد (اليوم التالي)، ما أدى إلى خلق فراغ، ملأته الإدارة الأميركية بكل قوتها».

وأردف جلعاد: «من جهة، لهذا الأمر نتائج إيجابية تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وعملية إعادة الرهائن القتلى، ووقف الحرب في غزة، وتوطيد العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واحتمال تحقيق انفراج دبلوماسي مع الدول العربية. ولكن من جهة أخرى، قد يؤدي هذا التطور إلى أضرار جسيمة، مثل نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة بمشاركة دول معادية بقيادة محور تركي - قطري داعم لجماعة الإخوان المسلمين، واستمرار وجود حماس بصيغة جديدة في غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال الإضرار بالتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، من خلال نقل قدرات عسكرية غير مسبوقة إلى الدول العربية. في الخلفية، تُبذل جهودٌ من إيران وحزب الله لاستعادة القدرات العسكرية المتضررة خلال الحرب. ولكن الأنكى هو أنه على الصعيد الداخلي، تشهد إسرائيل بقيادة الحكومة سلسلةً من العمليات الهدامة التي تُلحق الضرر بالمناعة الوطنية والاجتماعية، التي تشكل ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن القومي الإسرائيلي. ويشمل ذلك استمرار الانقلاب القضائي وإلحاق الضرر بالمؤسسات القضائية، والحرب على وسائل الإعلام في البلاد، والتدخل في أنشطة أجهزة الأمن وإنفاذ القانون، وغيرها».


إميل مايكل: من جذور مصرية يشارك في قيادة سباق الابتكار العسكري الأميركي

في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
TT

إميل مايكل: من جذور مصرية يشارك في قيادة سباق الابتكار العسكري الأميركي

في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»
في ظل حاجة واشنطن إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»

شكّل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعيين إميل جرجس مايكل في منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة، ثم تكليفه لاحقاً بإدارة «وحدة الابتكار الدفاعي»، في أحد أبرز القرارات المفصلية ضمن إطار سياسة الابتكار العسكري للولايات المتحدة منذ إعادة هيكلة «البنتاغون» (وزارة الحرب الأميركية) عام في 2017. وذلك ليس فقط لأن المنصب يُعدّ رأس الهرم في الهندسة العسكرية والتطوير التكنولوجي، بل لأن مايكل يمثّل نموذجاً جديداً تماماً عن ذلك الذي اعتادت المؤسسة الدفاعية الأميركية تعيينه في هذا الموقع. إذ إن المسؤول الذي يُمسك عملياً بمفاتيح التفوق التكنولوجي الأميركي، من الذكاء الاصطناعي إلى الأنظمة غير المأهولة، ومن الحرب السيبرانية إلى الجيل الثاني من الدفاع الصاروخي، رجل أعمال مهاجر من جذور مصرية قبطية، بنى مسيرته في شركات التكنولوجيا الفائقة النمو، بدءاً من شركة «تيل مي نيتوورك»، مروراً بـ«كلاوت»، ووصولاً إلى «أوبر»، إحدى أكثر شركات العقد الماضي إثارة للجدل والتأثير في آن واحد.

تعيين إميل مايكل وكيلاً لـ«البنتاغون» للبحث والهندسة لم يكن مجرد مفاجأة، بل كسرٌ لخطٍ طويل من الشخصيات المنتمية تقليدياً إلى عالم الصناعات الدفاعية أو البحث العلمي الأكاديمي. وفي حين يرى البعض أنّ الرئيس دونالد ترمب يكرّر رهانه المألوف على رجال الأعمال - كما فعل في الحكومة الأولى - يعدّ آخرون أنّ ما حدث هو إعادة توجيه جذرية لطبيعة القوة التكنولوجية الأميركية، بحيث تُسلَّم مفاتيح المستقبل لمن يملكون القدرة على «تسريع» الابتكار، وليس فقط تنظيره. وأدناه نبذة عن مسيرة مايكل نحو هذا المنصب، وتكوينه السياسي ومسارة المهني ومنطق تعيينه وتأثير خلفيته القبطية المصرية في شخصيته ودوافعه.

مهاجر في قلب سردية النجاح

ولد إميل مايكل في القاهرة عام 1972 لأسرة قبطية، وهاجر في سن مبكّرة مع عائلته إلى الولايات المتحدة.

وعام 2012 التقى جولي هيرين في لاس فيغاس (ولاية نيفادا)، وتزوجا عام 2018 في حفل أقيم بمدينة ميامي، بولاية فلوريدا.

الانتماء القبطي ليس تفصيلاً هامشياً، بل جزء أساسي في تكوينه السياسي وطريقة تفكيره. وفي شقّ من الهوية القبطية، عند البعض في مصر، ثمة بالهامشية السياسية والبحث عن الحماية عبر «المؤسسات القوية». وهذا انعكس لاحقاً على توجهات مايكل في السياسة الأميركية، وخاصة في علاقة الأقليات بالدولة الحديثة، وقيمة وجود دولة مركزية قادرة على فرض النظام.

وكان مايكل يشير دائماً في مقابلاته القليلة حول خلفيته، إلى أنّ تجربة الهجرة منحته ثقافتين من زاويتين: إيماناً أميركياً تقليدياً بالفرصة الفردية، وحسّاً «واقعياً» في فهم أخطار انهيار الدول وضعف مؤسساتها، وهو أمر لا يمرّ عادة في تكوين المسؤولين الأميركيين الذين يترعرعون داخل «الاستقرار المؤسساتي» الأميركي.

هذه الخلفية تفسّر أيضاً شغفه المبكر بالدفاع الوطني. فمع أنه رجل أعمال تقني، اختار عام 2009 الانضمام إلى برنامج الزمالة في «البيت الأبيض»، والعمل مباشرةً تحت وزير الدفاع روبرت غيتس (الجمهوري) في إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، إبان سنوات الحرب في العراق وأفغانستان. وما لبث رجل الأعمال الشاب الآتي من وادي السيليكون أن وجد نفسه فجأة في قلب العمليات العسكرية واللوجيستية، في مسار غير شائع إطلاقاً.

جمهوري من هارفارد... إلى ستانفورد

درس إميل مايكل في جامعة هارفارد العريقة، وفيها تولّى رئاسة نادي الجمهوريين. واللافت أنّه فور تسلمه المنصب بادر إلى تحويل اسم النادي إلى «نادي الجرف الأحمر لجمهوريي هارفارد»، في إشارة إلى رغبته في إدخال النساء إلى الهيكل السياسي الطلابي المحافظ. وهو موقف مبكر يعكس قدرة سياسية على قراءة البيئة الاجتماعية ومحاولة توسيع التحالفات، وهي مهارة ستظهر لاحقاً في إدارة الشركات.

بعد هارفارد، تابع دراسته في كلية الحقوق التابعة لجامعة متميزة أخرى هي جامعة ستانفورد، المختبر الفكري الذي أنجب نخبة من روّاد التكنولوجيا.

هناك ازداد تماهيه مع التيار البراغماتي داخل الحزب الجمهوري، الذي يركّز على الاقتصاديات الحديثة والابتكار، وليس فقط على خطاب «القيَم التقليدية». ولعل هذا المزيج، أي يميناً اقتصادياً وابتكاراً تكنولوجياً، كان أساسياً لاحقاً في فهم لماذا رأى ترمب فيه الشخص المناسب لقيادة سباق الحرب التكنولوجية.

المسيرة المهنية

على امتداد 25 سنة، بنى إميل مايكل سمعة استثنائية في عالم الشركات العالية النمو، حيث بدأ مسيرته المهنية مستشاراً استراتيجياً في شركة «كونفيرجينغ» التابعة لشركة «جيميني» للاستشارات. وبعد تخرجه في كلية الحقوق، عمل مايكل مساعداً في مجموعة الخدمات المصرفية الاستثمارية للاتصالات والإعلام والترفيه في «غولدمان ساكس» بنيويورك حتى عام 1999. ثم عمل في مشاريع استشارية للاندماج والاستحواذ العدائي، وفي تمويل الأسهم والديون المصرفية. ومن 1999 حتى 2008 شغل مايكل منصباً تنفيذياً في شركة «تيل مي نتوركس» الناشئة للاتصالات عبر الإنترنت لمدة تسع سنوات. وكانت تلك الشركة رائدة في تقنيات التعرف على الصوت، وبيعت لـ«مايكروسوفت» بـ800 مليون دولار عام 2007.

بعدها، عام 2012، أصبح رئيساً للعمليات وعضواً في مجلس إدارة شركة «كلاوت»، منصة تحليل النفوذ الرقمي (التي سبقت عصر البيانات الضخمة)، ليغادرها عام 2013، للانضمام إلى شركة «أوبر». وحقاً، بيعت «كلاوت» إلى شركة «ليثيوم» مقابل نحو 200 مليون دولار في أوائل عام 2014.

ثم انضم مايكل إلى «أوبر» نائب رئيس أول للأعمال، وكان بمثابة الذراع اليمنى لرئيسها التنفيذي، ترافيس كالانيك، وساعد الشركة على جمع ما يقرب من 20 مليار دولار. وللعلم، كان مايكل لاعباً رئيساً في تطوير جهود «أوبر» في الصين، حيث استثمر ملياري دولار لتصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار عام 2016. كذلك عمل على بناء شراكات مع «بايدو» وشركات صينية أخرى. وعام 2016 قاد مايكل عملية دمج «أوبر الصين» مع منافستها المحلية «ديدي تشوكسينغ». وفي 2021، جمعت شركة «ديدي» 4.4 مليار دولار في طرحها العام الأولي.

تقدير قدراته التسويقية

عام 2014 اختير مايكل واحداً من «أكثر الأشخاص إبداعاً في مجال التسويق» وواحداً من «أكثر 100 شخص إبداعاً في مجال الأعمال» من قِبل شركة «فاست».

وفي عام 2017، ساعد مايكل في التفاوض على صفقة مع «ياندكس»، أكبر شركة تكنولوجيا وأشهر محرّك بحث على الإنترنت في روسيا – هي المعروفة باسم «غوغل روسيا» - حيث امتلكت «أوبر» 36.6 في المائة من كيان مشترك لمشاركة الرحلات في روسيا. واستثمرت «أوبر» 225 مليون دولار، واستثمرت «ياندكس» 100 مليون دولار.

رأس المال «المخاطر» يدخل «البنتاغون»

عام 2014، عُيّن إميل مايكل وثمانية آخرون في «مجلس أعمال الدفاع» التابع لـ«البنتاغون». انضمّ الثمانية إلى خمسة عشر عضواً من أعضاء المجلس، الذي أُسس عام 2002 لتقديم استشارات مستقلة بشأن القطاع الخاص. وكان مايكل الوحيد من بين المعيّنين الجدد الذي يتمتع بخبرة في مجال الشركات الناشئة.

وبالفعل، لعبت خلفيته في الاستثمار بشركات الذكاء الاصطناعي، و«البلوك تشين»، واللوجيستيات، والأنظمة الرقمية... وتحديداً، في المجالات التي تُعدّ اليوم قلب المنافسة الاستراتيجية مع الصين، دوراً كبيراً في جعله - في نظر فريق ترمب - «المختبر العملي» لقيادة سباق التكنولوجيا العسكرية، وهو ما أغرى ترمب بوضعه في رأس منظومة الابتكار العسكري.

خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلن ترمب - وكان لا يزال رئيساً منتخباً - عن نيته ترشيح مايكل لمنصب وكيل وزارة الدفاع للأبحاث والهندسة، وأكد مجلس الشيوخ ترشيحه في مايو (أيار) 2025. وفي أغسطس (آب)، أصبح قائماً بأعمال «مدير وحدة الابتكار الدفاعي».

واليوم، يُعد منصب وكيل وزارة الدفاع للبحث والهندسة أخطر منصب تكنولوجي في الحكومة الأميركية. فهو الذي يحدّد اتجاهات الاستثمار التكنولوجي، وأولويات «وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة» (داربا)، وبرامج الأسلحة الاستراتيجية، وتوازن القدرة الأميركية مقابل الصين وروسيا.

ولفهم أسباب اختيار ترمب لمايكل، يرى البعض أنه يجب النظر إلى سمات الشخصية مقابل حاجات المرحلة. وفي ظل الحاجة إلى سرعة التنفيذ، يعاب على «البنتاغون» العمل ببطء بيروقراطي قاتل، بينما يأتي مايكل من ثقافة «التحرك بسرعة وكسر الأشياء»، ويُنظر إليه كمن يستطيع اختصار سنوات من الدورة البيروقراطية في وزارة الحرب.

وفي عهد فتح الأبواب للقطاع الخاص، اتجه ترمب أيضاً خلال ولايته الثانية إلى جعل الابتكار العسكري يعتمد على الصناعة الخاصة لا على مختبرات الدولة فقط، وهو بالضبط ما يجسده مايكل في هذا النهج. وطبعاً، يضاف إلى ما سبق أن خبرته العالمية، ولا سيما مع الصين وروسيا، منحته نظرة دقيقة على نماذج الابتكار لدى الخصوم.

مع هذا، يثير تعيين مايكل في منصبه جدلاً داخل واشنطن. فبعض الأصوات ترى في تعيين رجل أعمال بهذا الانغماس في رأس المال المخاطر، خطوة قد تعمّق نفوذ الشركات على حساب القرارات الدفاعية. ثم إن موقفه الحازم من الصين - بعدما حذر من أنها تهدف إلى «احتكار الذكاء الاصطناعي العسكري» خلال 10 سنوات - قد يدفعه إلى قرارات سريعة وغير تقليدية، بعضها يزعج التيارات التقليدية.

خلفيته ورؤيته لـ«البنتاغون»

من جهة ثانية، مع أن مايكل لا يقدّم نفسه بوصفه «سياسياً هوياتياً»، ورغم أنه شخصية محافظة سياسياً، فإنّ تأثير هويته واضح. ذلك أن خلفيته بصفته قبطياً مهاجراً جعلته، بحسب مقرّبين، أقرب لفهم أهمية «توازن القوة» في المجتمعات الهشّة، ما جعله يؤمن بأن التفوّق العسكري الأميركي هو أحد صمامات استقرار الأقليات حول العالم.

هذا البعد له تأثير ضمني لكن مفهوم في قراره بالدخول إلى قطاع الأمن القومي، وينعكس في دعمه لبرامج الدفاع غير التقليدية، ولتطوير تقنيات يمكن أن تمنع الحروب قبل وقوعها. وعلى عكس كثير من التكنولوجيين الأميركيين الذين يملكون حسّاً «ليبرالياً » تجاه الأمن القومي، ينظر مايكل إلى الجيش كـ«قوة استقرار»، وليس فقط كمجرد مؤسسة عسكرية.

ومن ثمّ، من الآن وحتى 2030، تشير كل المؤشّرات داخل وزارة الحرب إلى أنّ مايكل يخطط لثلاثة محاور حاسمة:

- تفعيل «نظام الابتكار السريع»، عبر تحويل «البنتاغون» إلى بنية مشابهة لشركات التكنولوجيا، في اتخاذ القرارات السريعة، وتجارب متكررة، ونسخ أولية، ثم تصنيع.

- إعادة توجيه وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة (داربا) نحو الذكاء الاصطناعي العسكري الكامل، ليس فقط كأداة دعم، بل كمكوّن قتالي مستقل.

- عسكرة البيانات، عبر تطوير أنظمة ميدانية تعتمد على بيانات اللحظة، بما يشبه نموذج «أوبر» في مراقبة الحركة البشرية، لكن في ساحات الحرب.

ولهذا بالضبط، نجده اليوم في رأس الهرم التكنولوجي للولايات المتحدة، في لحظة تتقرر فيها ملامح القرن الأميركي أو نهايته.