مطالب سنية من واشنطن بالتدخل لمنع ميليشيات «الحشد الشعبي» من خوض معركة الموصل

وزير الدفاع العراقي: ما حدث أثناء استجوابي لن يؤثر على الأوضاع العسكرية

وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يتفقد جبهات القتال في جنوب الموصل أمس (رويترز)
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يتفقد جبهات القتال في جنوب الموصل أمس (رويترز)
TT

مطالب سنية من واشنطن بالتدخل لمنع ميليشيات «الحشد الشعبي» من خوض معركة الموصل

وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يتفقد جبهات القتال في جنوب الموصل أمس (رويترز)
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يتفقد جبهات القتال في جنوب الموصل أمس (رويترز)

طالب تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر) أمس، السفير الأميركي لدى العراق، ستيوارت جونز، بأن تتدخل بلاده للضغط على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، لمنع مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة الموصل المرتقبة.
وأبلغ أسامة النجيفي وصالح المطلك وإياد السامرائي وأحمد المساري وعز الدين الدولة وأحمد أبو ريشة السفير الأميركي، بعدم موافقتهم على مشاركة ميليشيات «الحشد» في معارك الموصل. وقال بيان لمكتب النجيفي إنه «تم في الاجتماع بحث الأمور السياسية والأمنية وبخاصة تحرير محافظة نينوى والموقف من مشاركة (الحشد الشعبي)»، مضيفا أن «الحديث تركز على تحرير مدينة الموصل وما تستلزمه من تحضيرات ضرورية تسبق المعركة، وترافقها، وترسم صورة ما بعد التحرير، حيث شدد المجتمعون جميعا على أنهم ضد أي مشاركة لـ(الحشد الشعبي) في معركة التحرير، مستعرضين الأسباب الموجبة لقرارهم المستنبط من إرادة مواطني نينوى، وسلسلة الخروقات التي صاحبت تحرير مناطق أخرى التي نفذتها بعض فصائل (الحشد)، فضلا عن أن مشاركة (الحشد الشعبي) سترسل إشارات بالغة السوء إلى مواطني نينوى، ويمكن أن تصب في الحملة الدعائية لتنظيم داعش الإرهابي».
وأكدوا أن «أبناء نينوى عبر الحشد الوطني والعشائر وبالتعاون والتنسيق مع الجيش العراقي وقوات البيشمركة ودعم التحالف الدولي قادرون تماما على تحقيق معركة التحرير، بما يحفظ حياة المواطنين ويحمي بنيتها التحتية ويكسب ثقة المواطنين وتعاونهم».
من جانبه، فقد أكد السفير الأميركي، طبقا للبيان، أن «الرسالة وصلته بوضوح ودقة، والولايات المتحدة تتفهم الدوافع والمطالب التي طرحت، وستبذل كل ما تستطيع من أجل دعم المواطنين في نينوى ومساعدتهم في تحقيق إرادتهم الحرة».
إلى ذلك، وفي أول زيارة له إلى جبهات القتال بعد الضجة التي أثارها أثناء استجوابه في مجلس النواب العراقي الأسبوع الماضي، شدد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، أمس، من جنوب شرقي الموصل، على أن السياقات العسكرية لن تتأثر بما جرى في مجلس النواب، مرحبا بأي نتيجة تصدر عن القضاء الذي يحقق في الأقوال التي أدلى بها.
وقال العبيدي للصحافيين، إن «عملية تحرير الموصل تسير وفق الخطة العسكرية الموضوعة لها، وهناك تنسيق كبير مع إقليم كردستان». وتابع: «القوات العراقية تمكنت حتى الآن من تحرير 16 قرية في جنوب شرقي الموصل»، مشيرا في الوقت ذاته إلى دور التحالف الدولي في إسناد القوات العراقية جوا في الحرب ضد «داعش»، مضيفا: «قد نحتاج في العمليات المقبلة إلى تفعيل دور التحالف الدولي بشكل أكبر».
وقال العبيدي إن «مشاركة أي قوات عراقية في عملية تحرير الموصل تخضع للخطط العسكرية، والقائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء العراقي) هو الذي سيحدد القوات المشاركة في العملية المرتقبة»، ولم يشر إلى موضوع مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية التابعة لإيران والمدعومة من قبل الحكومة العراقية في العملية.
وذكرت مصادر عسكرية عراقية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة وزير الدفاع العراقي إلى قيادة عمليات نينوى وتفقده للقطعات «جاءت لوضع اللمسات النهائية على عملية تحرير مركز مدينة الموصل، التي من المقرر أن تنطلق في الخريف». وبحسب هذه المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، فإن العبادي وبأمر من طهران سيدفع بالميليشيات الشيعية للمشاركة في العملية تحت غطاء الجيش العراقي والحشود العشائرية.
ومع استعداد القوات العراقية لمهاجمة «داعش» في الموصل، عبر سكان من داخل المدينة وآخرون تمكنوا من الفرار عن شعورهم بالارتياح لاحتمال تحرير ديارهم من حكم التنظيم المتشدد. لكنهم حذروا أيضا من أنه إذا نجح الهجوم فإن السكان الذين يغلب عليهم السنة بالمدينة سيرفضون العودة إلى ما وصفوه بأنه الاستعباد القمعي الذي كانت تفرضه الحكومة في بغداد سابقا.
وقال ثمانية من سكان الموصل جرى الاتصال بهم سرا عبر الهاتف على مشارف المدينة، إن هناك إشارات متزايدة على وجود رفض قبل الهجوم المتوقع. وطلب الثمانية عدم نشر أسمائهم خوفا من تعرضهم للانتقام. وقال ساكن من إحدى المناطق النادرة التي لا تزال هناك تغطية للهواتف فيها لوكالة «رويترز»، إن بعض الجدران كتب عليها حرف «م» كناية عن كلمة «مقاومة» أو رسم عليها شريط أحمر وآخر أسود فيما يمثل علم العراق. وأضاف: «هذه أفعال تمثل الشجاعة الحقيقية. إذا ما تم إلقاء القبض عليك فأنت ميت لا محالة». وقال سكان إن العلم العراقي رفع مرتين في ميادين عامة، الأولى في يونيو (حزيران) والأخرى في يوليو (تموز)، مما أثار حنق المتشددين الذين مزقوه في الصباح التالي. وأكدت شهادة السكان صحة تسجيلات مصورة نشرت على موقع «فيسبوك». وأضاف السكان أن عددا غير معروف من الأشخاص اعتقلوا بعد رفع العلم في يوليو، وكان من بينهم ضباط سابقون في الجيش.
وفر يونس، وهو مدرس للغة العربية للمرحلة الثانوية وفي الأربعينيات من عمره، من الموصل في مايو (أيار)، وقال في شقة ببغداد عن سبب هروبه: «كيف لي أن أبقى صامتا وأنا أرى (داعش) يقوم بغسل عقل ابني ويعلمه كيف يصبح انتحاريا». وأوضح يونس أنه دفع لسائق سيارة أجرة خمسة آلاف دولار ليساعده هو وأسرته في الخروج من الموصل عبر خطوط قوات البيشمركة الكردية في شرق المدينة، مستغلا الاضطراب الذي أعقب تقدما أحرزته البيشمركة والقوات العراقية في مايو.
وينتشر مقاتلو البيشمركة في مناطق تقع إلى الشمال والشرق من الموصل وخلفهم المنطقة الكردية التي تستضيف قاعدة لقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة وتساعد القوات العراقية. وسينضم مقاتلون محليون من السنة إلى الهجوم. لكن المشاركة المحتملة لفصائل شيعية مدعومة من إيران تثير جدلا. ويقول سكان وساسة من الموصل إنهم يشعرون بقلق شديد من مشاركة هذه الفصائل.
وقال يونس وسكان الموصل الذين لا يزالون بالمدينة، إنه على الرغم من أن حكم «داعش» كان أسوأ كثيرا من حكم الحكومة تحت قيادة نوري المالكي فإن السكان لن يقبلوا بالعودة إلى الوضع السابق. وأضاف: «ليس من الممكن أن تكون برلين بعد هتلر مثل قبل، وكذلك هذا ما يجب أن تكون عليه الموصل بعد (داعش)». وأضاف: «نحتاج إلى نظام جديد لحكم الموصل، نحن لن نتحمل المزيد من المصائب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.