تركيا تختتم مهرجان «حراسة الديمقراطية» بتلاحم الحكومة والمعارضة

الأكراد دائمًا خارج المعادلة

احتفالات القبارصة الأتراك في العاصمة نيقوسيا أمس بفشل الانقلاب في تركيا (أ.ب)
احتفالات القبارصة الأتراك في العاصمة نيقوسيا أمس بفشل الانقلاب في تركيا (أ.ب)
TT

تركيا تختتم مهرجان «حراسة الديمقراطية» بتلاحم الحكومة والمعارضة

احتفالات القبارصة الأتراك في العاصمة نيقوسيا أمس بفشل الانقلاب في تركيا (أ.ب)
احتفالات القبارصة الأتراك في العاصمة نيقوسيا أمس بفشل الانقلاب في تركيا (أ.ب)

تختتم اليوم (الأحد) في إسطنبول مظاهرات «نوبات حراسة الديمقراطية»، التي انطلقت منذ ليلة محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا في 15 يوليو (تموز) الماضي، بدعوة أطلقها الرئيس رجب طيب إردوغان للمواطنين للبقاء في الشوارع والميادين، حماية للشرعية والديمقراطية من أي محاولات جديدة للانقلاب على إرادة الأمة.
في ليلة محاولة الانقلاب خرج الأتراك لمواجهة الدبابات، وأحبطوا المحاولة بتصديهم لها في الشوارع والميادين وحول المطارات والمؤسسات المهمة، وانطلق صوت الأذان من 850 ألف مسجد في البلاد، ومعه نداءات للمواطنين بترك بيوتهم والخروج إلى الشوارع.
وبعد أن استقرت الأوضاع تحولت نوبات حراسة الديمقراطية إلى طقس ليلي، يذهب المواطنون إلى أعمالهم صباحًا، وفي المساء يسهرون في الميادين بتنظيم من البلديات وحزب العدالة والتنمية الحاكم، وبمشاركة من مختلف الأطياف دون تمييز حسب الانتماءات السياسية.
وتميزت نوبات حراسة الديمقراطية أيضًا بوجود النساء بصورة كثيفة وبقائهن في الميادين من المساء إلى الصباح، تحت علم تركيا، العلم الوحيد الذي رفع في هذا المهرجان اليومي الذي يختتم اليوم.
وسيقام اليوم تجمع حاشد في ميدان يني كابي في إسطنبول، بحضور الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس البرلمان إسماعيل كهرمان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، ورئيسي حزبي المعارضة الرئيسيين؛ الشعب الجمهوري: كمال كيليتشدار أوغلو، والحركة القومية: دولت بهشلي، اللذين وجه إليهما إردوغان الدعوة وأصر على حضورهما، بعد أن أعلن كيليتشدار أوغلو أنه لن يحضر بنفسه، وسينيب عنه أحد قيادات الحزب.
وعاد كيليتشدار أوغلو ليعلن موافقته على دعوة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للمشاركة في الحشد الجماهيري، تحت شعار «الديمقراطية والشهداء» في ميدان يني كابي، بإسطنبول، لتجسيد الوحدة الوطنية، من خلال مشاركة الأحزاب السياسية إلى جانب أطياف الشعب المختلفة.
وقالت نائب كيليتشدار أوغلو، المتحدثة باسم الحزب، سلين ساياك بوكا، إن زعيم الحزب وعددًا من النواب، ورئيس فرع الحزب في إسطنبول، ونواب رئيس الكتلة البرلمانية، سيشاركون في الحشد الجماهيري لذات الأسباب التي دعتهم للوجود في البرلمان ليلة الانقلاب.
وأضافت: «قرر رئيس حزبنا عقب تقييمات اللجنة المركزية، أن يلبي دعوة المشاركة في الحشد الجماهيري».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، دعا الاثنين الماضي، زعماء الحزب الحاكم وأكبر حزبين معارضين (الشعب الجمهوري والحركة القومية)، للمشاركة وإلقاء كلمات في تجمع جماهيري يتوج المظاهرات المنددة بمحاولة الانقلاب، فيما لم توجه الدعوة إلى رئيس حزب الشعب الديمقراطي الكردي، صلاح الدين دميرطاش، للحضور.
وهذه هي المرة الثانية التي يتعمد فيها إردوغان عدم دعوة دميرطاش أو أي ممثل للحزب، وكانت المرة الأولى عندما وجه دعوة لرؤساء الأحزاب الثلاثة الأخرى بالبرلمان؛ «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» إلى القصر الجمهوري، لتوجيه الشكر إليهم على موقفهم التضامني في مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة.
وكان الحزب الكردي وقع وثيقة رفض محاولة الانقلاب مع باقي الأحزاب في البرلمان، كونه الحزب الثالث في ترتيب عدد المقاعد بعد «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري»، وقبل «الحركة القومية».
وأعلن الحزب موقفه من محاولة الانقلاب برفضها، لكنه قال أيضًا إنه يرفض الظروف التي قادت إليها ويرفض النزعة السلطوية للرئيس رجب طيب إردوغان، وإنه سيقاوم الاثنين معًا؛ محاولات الانقلاب على إرادة الأمة ومحاولات جر البلاد إلى نظام ديكتاتوري.
وأعلن دولت بهشلي رئيس حزب الحركة القومية، أنه سيشارك في الحشد الجماهيري، الذي يحمل عنوان «الشهداء والديمقراطية».
ووضع حزب العدالة والتنمية الحاكم شعارًا للافتات الموجودة بالشوارع للترويج لهذا التجمع تحمل شعارًا واحدًا هو «السلطة للشعب» أو «الحاكمية للأمة»، وهو الشعار الذي بدأ يوظفه الحزب والرئيس رجب طيب إردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
في سياق موازٍ، كشف وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، سليمان صويلو، أن الحكومة ستدفع تعويضات نقدية وأخرى على شكل خدمات، تقدر بقرابة 240 ألف ليرة تركية (نحو 80 ألف دولار)، لكل أسرة من أسر شهداء محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال صويلو مساء الجمعة، إن راتبًا شهريًا أيضًا سيخصص لأسر الشهداء، يتراوح ما بين 3 آلاف و200 ليرة (نحو ألف و70 دولارًا) حدًا أدنى، و5 آلاف (قرابة 1660 دولارًا)، بحسب مدة الخدمة في العمل للشهيد.
وأشار صويلو إلى أن الجرحى ممن لم يعانوا إعاقة سيحصلون على تعويض يقدر بـ12 ألفًا و700 ليرة تركية (نحو 4215 دولارًا)، وأن الحكومة ستقدم مبلغًا إجماليًا يصل إلى 325 ألف ليرة تركية (107 آلاف دولار)، تعويضًا للمصابين بإعاقات، بحسب درجتها.
وذكر صويلو أنه إضافة إلى التعويضات، يمتلك اثنان من أقارب الشهداء حق التوظيف، وقريب واحد للمصابين ذلك الحق، مؤكدًا أن ذلك سيكون ضمن الإجراءات الرسمية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد ذكر في تصريحات سابقة، أن 237 مواطنًا تركيًا استشهدوا، وأصيب ألفان و191 آخرون بنيران الانقلابيين.
في الوقت نفسه، قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، إن 288 عسكريًا مدرجون على قائمة المطلوبين، بينهم 9 جنرالات على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو الماضي، لا يزالون هاربين وتلاحقهم السلطات التركية.
وأشار إلى أن عملية تطهير الجيش التركي لم تنته بعد، وأن الحكومة تقوم بتنفيذ تحول هيكلي في القوات المسلحة، ولن تكون هناك فجوة في تسلسل الأوامر العسكرية، كما سيقوم رئيس أركان الجيش بأعماله الأساسية.
وأضاف أن خطط إعادة هيكلة القوات المسلحة تهدف لمنع وقوع انقلابات أخرى، وأن الخطوات ستجري بما يتفق مع هيكل وروح حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأصدر الرئيس رجب طيب إردوغان مرسومين بعزل نحو 3 آلاف من أفراد ثاني أكبر جيش في حلف الأطلسي، منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو، بما في ذلك أكثر من 40 في المائة من جنرالاته. وأغلق المدارس العسكرية ووضع القادة العسكريين تحت سيطرة أشد للحكومة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».