في ظل استمرار ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح انتهاكها للحريات الإعلامية في اليمن، تتواصل عمليات ملاحقة واعتقال الصحافيين اليمنيين في جميع المدن والمحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الميليشيات. وقد طالت اعتقالات الصحافيين منازلهم ومقار أعمالهم وتضاعفت ممارسات التحريض والمطاردة والقتل، في محاولة لإسكات أصوات الصحافيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما تستمر هذه الحملة، فإن عددا من الصحافيين والنشطاء ما زالوا يقبعون في سجون الميليشيات الانقلابية التي ترفض الإفراج عنهم رغم تدهور الحالة الصحية لكثير منهم ورغم المناشدات المحلية والعربية والدولية، في حين يعتبر بعض هؤلاء المعتقلين في حكم المخفيين قسرا، حيث لم تعلن الميليشيات أماكن احتجازهم حتى اللحظة، بعد مرور أشهر طوال على احتجازهم.
في هذا السياق، كشفت منظمة «صحافيات بلا قيود» (منظمة مجتمع مدني) عن ارتكاب ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح لـ140 حالة انتهاك ضد الصحافيين والإعلاميين اليمنيين خلال النصف الأول من العام 2016، بينها 6 حالات قتل، وقالت المنظمة إن البيئة الإعلامية والصحافية أصبحت «غير آمنة أكثر من أي وقت مضى، وذلك في ظل استمرار العوامل المهددة لحياة العاملين في الحقل الإعلامي؛ الأمر الذي تسبب في مقتل وجرح واعتقال المئات منهم»، وأكدت أن ما تعرض له الصحافيون «خلال الأشهر الستة الماضية، جريمة حرب لا تسقط بالتقادم».
كما ذكرت منظمة «صحافيات بلا قيود» في بيان صحافي أن هذه الانتهاكات تنوعت بين «قتل واختطاف واعتداء وإصابة؛ حيث بلغت حالات التهديد بالفصل من الوظيفة العامة 38 حالة، وحالات الاختطاف 10 حالات، فيما أصيب 15 شخصا، وقتل 6، وهدد بالقتل 7»، مضيفة أنها أحصت كذلك «10 حالات حجب مواقع إلكترونية، ومحاولتي اغتيال، و20 حالة اعتداء، و20 حالات اعتقال، و8 حالات منع من الطباعة والتوزيع، فضلا عن حالة اقتحام واحدة، وحالتي فصل تعسفي، وحالة إغلاق واحدة». وتضاف ممارسات الميليشيات الحوثية إلى انتهاكات أخرى تطال الصحافيين من قبل تنظيم القاعدة ومسلحين مجهولين.
وطالبت منظمة «صحافيات بلا قيود» ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بسرعة الإفراج عن المعتقلين من الصحافيين، محملة إياها «المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين، وبتشكيل لجنة تحقيق في كل الانتهاكات التي وقعت بحق الصحافيين والإعلاميين، وضرورة محاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات»، معتبرة أن تلك جرائم «لا تسقط بالتقادم، وأنه لا بد من تقديم مرتكبيها للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع والعادل».
إلى ذلك، ترى المنظمة أن ما تعرض له الصحافيون والإعلاميون من جرائم قتل واعتداء يأتي في إطار سلسلة الانتهاكات الممنهجة والمستمرة التي تنتهجها ميليشيات الحوثي وصالح منذ انقلابها على السلطة منذ مطلع العام الماضي، داعية كل المنظمات المحلية والدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى إدانة هذه الأعمال الإجرامية التي ترتكب بحق الصحافيين والإعلاميين.
بهذا الصدد، قال الناشط مختار القدسي لـ«الشرق الأوسط» إنه «بسبب ملاحقة الميليشيات الانقلابية للصحافيين واعتقالهم، بات عمل الصحافي أو الناشط الحقوقي، أمر لا يحسد عليه في وقت أصبح الكثير منهم فارا إلى منطقة ريفية والبعض الآخر خارج البلاد، وكل ذلك خشية من الوقوع بين أيدي الميليشيات». وأضاف أن «هناك من توقف عن العمل أو نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب ملاحقات الميليشيات، التي قد تصل إلى الإخفاء القسري».
وأكد القدسي أن معاناة الصحافيين تتجلى كذلك في «صعوبة تغطية الأحداث في الأماكن الحساسة، خاصة تلك التي تخضع لسيطرة الميليشيات الانقلابية، وحتى البطاقة الصحافية التي كنا نحملها كبطاقة عُبور لأي منطقة لتغطية الأحداث فيها، أصبحت إدانة وخطرة في التنقل من محافظة إلى أخرى، بل في المحافظة نفسها التي نعيش فيها».
في السياق ذاته، أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ارتكاب ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح لـ263 حالة انتهاك بحق المدنيين خلال شهر يوليو (تموز) الماضي في عدد من المحافظات اليمنية. وقالت في بيان صحافي لها إن «هذه الحالات تتوزع بين: 78 واقعة قتل غير مشروع لمدنيين، و12 واقعة استهداف مدنيين وقتل جماعي، و14 حالة ضحايا ألغام، و4 وقائع استهداف مؤسسات حكومية وعامة، وواقعتين حصار جماعي، و9 حالة تجنيد أطفال، و38 حالة نهب ممتلكات، وواقعة استهداف أعيان ثقافية، و19 واقعة تفجير منازل، و11 واقعة تهجير قسري، و11 واقعة إخفاء قسري، و65 واقعة اعتقال تعسفي، وأشكال أخرى من الانتهاكات».
وأضافت اللجنة أنها «قامت بإجراءات التحقيق في 22 قضية من القضايا متضمنة استهداف مدنيين، واستهداف أعيان ثقافية، وتهجير قسري، وضحايا زرع ألغام، لافتة إلى أنها كثفت من نزولها المباشر إلى عدد من مواقع الادعاء بالانتهاكات في بعض المحافظات اليمنية، إضافة إلى القيام بعدد من جلسات الاستماع لعدد من ضحايا التهجير القسري من محافظات عمران، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وريمة، والبيضاء الموجودين في مدينة مأرب».
وتابعت اللجنة القول إن الزيارات «شملت الاستماع إلى ضحايا الألغام التي زرعت في مناطق مأهولة بالسكان حصدت كثيرا من الأرواح وحولت البعض إلى معاقين حركيا. كما قام أعضاء اللجنة وفريقها المساعد بزيارة المقبوض عليهم لدى المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، والاطمئنان على المعاملة التي يتلقونها بما يضمن احترام حقوقهم، وفقا لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».
وكشفت اللجنة أن عدد النازحين إلى مدينة مأرب تجاوز المليون نازح، مشيرة إلى حرصها على «الاستماع للسلطة المحلية في المحافظة ودورها في توفير الحماية والإغاثة للنازحين من المحافظات المجاورة الذين وصلوا إليها بأعداد كبيرة تجاوز المليون نازح بحسب إفادة السلطة المحلية». وجددت اللجنة دعوتها إلى جميع الأطراف ببذل المزيد من التعاون معها وتسهيل نزول فرقها والمحققين المساعدين إلى مواقع الادعاءات بالانتهاكات لمعاينتها والتحقيق فيها، شاكرة الأطراف التي سهلت للجنة أداء مهامها خلال الفترة السابقة.
الميليشيات الانقلابية تواصل ترهيب الصحافيين.. ودعوات للمجتمع الدولي بإدانتها
عدد النازحين إلى مأرب من المحافظات المجاورة يتجاوز المليون
الميليشيات الانقلابية تواصل ترهيب الصحافيين.. ودعوات للمجتمع الدولي بإدانتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة