بزة فضائية لاكتشاف أعماق المحيطات

نظام غوص مطور للأبحاث والاستكشاف

بزة فضائية لاكتشاف أعماق المحيطات
TT

بزة فضائية لاكتشاف أعماق المحيطات

بزة فضائية لاكتشاف أعماق المحيطات

بزة متطورة للغطس من شأنها تحرير عمليات الاستكشاف في أعماق البحر من أسر البقاء داخل الغواصات، مما يجعل من عمليات الاكتشافات البيولوجية، وعمليات البناء والتشييد هناك أمرا أكثر سهولة من قبل.
نظام الغطس «إكسو سوت» (Exo Suit) الذي طورته شركة «فانكوفر»، هو في الأساس بزة فضائية معدنية زنتها 530 رطلا (الرطل 453 غم) جرى إعادة تصميمها لاستخدامها تحت الماء. وهي كاملة بوصلاتها الرحوية الحمراء الـ18 مما يجعلها مرنة جدا، ومن شأنها محاكاة الظروف الموجودة تحت مستوى مياه البحر. وهي بمحركها الذي تتميز به بقوة 1.6 حصان، يمكن لأي مستخدم لها السباحة أثناء ارتداؤها لها، والتحكم بحركته لأي اتجاه عبر محركات دفع (دسر) مائية جانبية.

* بزة غطس
وقد استخدمت بزة «إكسو سوت» التي يبلغ سعرها 600 ألف دولار أميركي لأول مرة أصلا عام 2012، من قبل شركة المقاولات «جاي إف هوايت» لشق «نفق 3» القناة المائية في مدينة نيويورك بطول 10.5 ميل، الذي لا يزال بعد قيد البناء. وعلى الرغم من استخدامها منذ ذلك الحين في عالم التجارة خلال الصيف الماضي، فإنها ستنضم إلى حملة «بلو واتر إكسبيدشن» الأكاديمية التي تقوم بدراسة للأسماك المضيئة قبالة سواحل نيو إنغلاند في أميركا.
وتحت مظلة اتحاد من الجامعات، والمتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي (AMNH)، وشركة «جاي إف هوايت»، ستتيح حملة «بلو واتر إكسبيدشن» لعلماء البيولوجيا دراسة الكثير من الفصائل السمكية من دون نزعها عن بيئتها الطبيعية. ومثل هذا العمل الفذ غير المسبوق المقرون بالقدرة على التفاعل مع هذه البيئة الغريبة وسبرها في أعماق المحيط، سيؤدي إلى فهم أوسع لمثل هذه الإضاءة الحيوية ككل. وعن طريق كابل من الألياف الضوئية موصولة إلى سفينة قريبة، يمكن للباحث داخل البدلة التواصل مع زملائه فورا، عن طريق استخدام الكاميرات والميكروفونات المشيدة داخل البدلة.
وذكر جون سباركس القيم على دائرة علم الأسماك التابع لـ«AMNH» في بيان له أن «وصولنا إلى مثل هذه المياه العميقة المفتوحة ومواطن الشعاب المرجانية كان محدودا في السابق، مما حد من قدرتنا على تحري سلوك مثل هذه العضويات الوامضة واللامعة، أو حتى جمع أسماك ولافقريات من الشعاب العميقة، إن (إكسو سوت) من شأنها أن تقربنا خطوة أقرب إلى تحقيق مثل هذه المآرب».
وقد تثبت «إكسو سوت» أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة بالنسبة إلى علماء الأحياء المشتركين بالمشروع. ومع تكهن هؤلاء أن ثلث الأجناس والأنواع المائية في المحيطات قد جرى اكتشافها فقط، فقد تكون «إكسو سوت» هي تماما ما يطلبه العلماء لتحفيز الاكتشافات المستقبلية. ومع الظروف القاسية التي تواكب عمليات الاستكشاف في أعماق المحيطات، فقد يصطدم الباحثون بعقبات من شأنها أن تحسن من القدرات الهندسية وتصاميمها، فضلا عن فهم أوسع للأجسام الحية المضيئة.



المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»