الجزائر: تعزيزات أمنية بمنشآت النفط والغاز بعد استهداف «داعش» في ليبيا

مخاوف من تسلل متطرفي التنظيم الإرهابي عبر الحدود بين 3 بلدان

الجزائر: تعزيزات أمنية بمنشآت النفط والغاز بعد استهداف «داعش» في ليبيا
TT

الجزائر: تعزيزات أمنية بمنشآت النفط والغاز بعد استهداف «داعش» في ليبيا

الجزائر: تعزيزات أمنية بمنشآت النفط والغاز بعد استهداف «داعش» في ليبيا

عززت السلطات الأمنية الجزائرية من إجراءات المراقبة بمنشآتها النفطية والغازية بالصحراء، تحسبًا لاعتداء إرهابي محتمل على خلفية الضربة الجوية الأميركية ضد مواقع «داعش» بليبيا، حيث لوحظ تشديد في التدابير الأمنية بالمصنعين الغازيين، تيقنتورين (أقصى الجنوب الشرقي) والخريشبة (أقصى الجنوب)، اللذين تعرضا لهجومين مسلحين مطلع 2013 بالنسبة للأول، وفي مارس (آذار) 2016 بالنسبة للثاني.
وقال مصدر أمني جزائري لـ«الشرق الأوسط»، إن سلطات البلاد تتخوف من تسلل متطرفي «داعش» من ليبيا إلى الجزائر عبر الحدود المشتركة، تحت ضغط المطاردة الأمنية للولايات المتحدة الأميركية، وأوضح بأن الجزائر «تتوقع استمرار الضربات العسكرية الأميركية ضد التنظيم الإرهابي، مع ما يحمله ذلك من احتمال هروب مسلحين إلى الجزائر وتونس أيضًا»، علمًا أنه تجمع بين البلدان الثلاثة حدود يصل طولها إلى 1200 كلم.
وأضاف المصدر بأن هناك احتمالاً في أن ينقل المتطرف الجزائري مختار بلمختار رجاله من ليبيا إلى الجزائر، بهدف تنظيم عمليات إرهابية. وكان بلمختار أعلن مسؤوليته عن مقتل ثلاثة ضباط فرنسيين في ليبيا في 22 من يوليو (تموز) الماضي، وقال في بيان إن فرنسا أقامت قواعد عسكرية في جنوب ليبيا. وهدد بلمختار، الشهير بـ«خالد أبي العباس»، بضرب مصالح الدول الغربية بالمنطقة.
ويخضع المتطرف الذي دبر ونفذ الهجوم على منشأة تيقنتورين، لملاحقة أمنية متواصلة من طرف عدة دول غربية، منذ 10 سنوات على الأقل.
وكتبت صحيفة «الخبر» المهتمة بالشؤون الأمنية في عدد أمس أن الضربة الأميركية الجوية ضد «داعش» في ليبيا التي تمت الاثنين الماضي «لا تلقى ترحيبًا في الجزائر، لأنها تجلب للمنطقة المزيد من المتاعب، فكل الأجهزة الأمنية في الجزائر كانت في حالة استنفار لمدة 48 ساعة قبل العملية، التي علمت بها السلطات منذ أيام كثيرة». ونسبت الصحيفة هذه المعطيات إلى «مصادر مطلعة على العملية العسكرية».
وأوضحت «الخبر» بأن «الضربة لم تكن مفاجئة للجزائر لعدة أسباب، أهمها أن الطائرات الأميركية كانت منذ أكثر من سنة تحلق بشكل دوري في أجواء ليبيا لمراقبة الأوضاع، بل إن طائرات الاستطلاع الأميركية وفرت معلومات وصورا دقيقة لقوات الجيش الليبي التي تصارع تنظيم داعش في مدينة سرت منذ بداية المعركة قبل عدة أسابيع».
ونقلت الصحيفة عن «تقارير أمنية» أن الجزائر حذرت من كون استهداف تنظيم «داعش» من طرف قوة غربية، يدفع الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش في كامل شمال أفريقيا للرد عبر عمليات انتقامية ضد أهداف لدول غربية وحتى لدول المنطقة.
وصرح وزير شؤون الجالية الجزائرية في الخارج، وسفير الجزائر ببروكسل سابقا، حليم بن عطا الله للصحافة، بخصوص عملية سرت ضد «داعش»، بأن الولايات المتحدة «سبقت حلفاءها إلى الضربة العسكرية، بعد أن كانت متحفظة شيئا ما عليها»، وقال إن «الشكوك اليوم مشروعة فيما إذا كان (داعش) مجرد مطية وتهديد، تم تغذيته وجعله يكبر كما في سوريا، مما مكن من منحه مبررات شرعية لزعزعة المنطقة وتحطيم دول بعينها».
وتتفاوت مستويات الاستنفار الأمني في الجزائر منذ عملية سرت الأميركية، حسب «الخبر» من مكان لآخر، حيث «بلغ الاستنفار أقصى درجاته في الحدود مع ليبيا ومع تونس وفي العاصمة، وقرب الفنادق الكبرى وفي المطارات وفي حقول ومنشآت النفط والغاز والمواقع الحيوية والسيادية».
يشار إلى أن عددا من الموظفين الأجانب عادوا إلى محطة الخريشبة الغازية بعد إجلائهم منها، إثر الهجوم الصاروخي في مارس الماضي. وأعلنت سلطات البلاد بأن الجيش سيتولى تأمينهم. وتدير المحطة شركة النفط الجزائرية التابعة للحكومة الجزائرية «سوناطراك» بالتعاون مع «بي بي» البريطانية و«شتات أويل» النرويجية. وكانت «سوناطراك» قالت في وقت سابق إن المحطة واصلت العمل بعد الهجوم.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.