كشف المدير التنفيذي لمركز الطاقة المتجددة في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور سالم الحجرف، أن الكويت ماضية في تنويع مصادر الطاقة لتحقيق رؤية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتأمين 15 في المائة من حجم الطلب على الطاقة في البلاد من مصادر متجددة بحلول عام 2030. موضحًا أن قضيتي أمن الطاقة والجدوى الاقتصادية، كانتا أبرز الدوافع للتوجه العالمي نحو الاستثمار في الطاقة المتجددة خلال العقد الحالي، إذ إنها توفر على دول العالم بشكل عام ودول الشرق الأوسط بشكل خاص مبالغ طائلة تُصرف في حرق الوقود الأحفوري بالمحطات التقليدية.
وقال الحجرف لـ«الشرق الأوسط» إن «طلائع هذه الرؤية سوف يتم تحقيقها هذا العام، وذلك بإضافة طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى مزيج من مصادر الطاقة في البلاد هذا العام. حيث من المنتظر بدء العمل بأول محطتين للطاقة المتجددة من المرحلة الأولى لمشروع مجمع الشقايا للطاقات المتجددة، الأولى محطة الشقايا للطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة 10 ميغاواط، والثانية محطة الشقايا لطاقة الرياح بسعة 10 ميغاواط. بالإضافة إلى محطة الطاقة الشمسية الحرارية بسعة 50 ميغاواط باستخدام تقنية العواكس الشمسية والمزودة بتقنيات حديثة لتخزين الطاقة لمدة 10 ساعات بعد غروب الشمس، التي من المتوقع تدشينها العام المقبل».
وأشار الحجرف إلى أن هذه التقنيات النظيفة تجنب البيئة ما ينتج عن حرق الوقود من انبعاث غازات ملوثة تساهم في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري، فضلاً عن أنها مصدر بديل وآمن وغير ناضب للطاقة، وتوفر فرصًا جديدة للتنوع الصناعي والاستثماري، كما أن هذه التقنيات توفر فرص عمل جديدة للسوق المحلية.
وحول تكلفة الطاقة المتجددة على المستهلك والدولة، قال الحجرف إن تكلفة إنتاج التيار الكهربائي من الطاقة الشمسية الحرارية انخفض من 100 إلى 50 فلسًا لكل كيلوواط/ ساعة، إلا أنه ما زال يعد مرتفعًا. ومن المتوقع انخفاض هذه التكلفة إلى مستويات تنافسية في السنوات القليلة المقبلة، مع زيادة أعداد المشاريع المشابهة في كل من إسبانيا والولايات المتحدة والمغرب العربي وجنوب أفريقيا. أما تقنيات الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، فقد وصلت إلى مستويات تنافسية، حيث تبلغ 23 فلسًا و28 فلسًا لكل كيلوواط/ ساعة على التوالي، مقارنة بالتقنيات التقليدية التي تعتمد على حرق الوقود الأحفوري، الذي تصل تكلفة إنتاجه إلى 24 فلسًا لكل كيلوواط/ ساعة قبل النقل.
تحديات الغبار
وحول تأثير الغبار على عمل الألواح الخاصة بتقنية الطاقة الشمسية الكهروضوئية، كشف الحجرف أن الغبار في أسوأ الأحوال سيخفض من إنتاجية الألواح إلى ما يقارب 60 في المائة، إلا أنه لا يعتبر عائقًا رئيسيًا في الإنتاج، ولا يتسبب في توقف عمل الألواح نهائيًا، موضحًا بحسب دراسة تجريبية أجراها معهد الكويت للأبحاث العلمية أن مشكلة تراكم الغبار على الألواح يمكن الحد من أضرارها من خلال عمليات التنظيف الأسبوعي للألواح، وفي بعض الفترات قد لا تحتاج إلى التنظيف لأكثر من شهر.
وبين الحجرف أن المعهد يقوم حاليًا بتنفيذ عدد كبير من مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة الطاقة للقطاعين الخاص والعام.. إلا أن من أهم هذه المشاريع هو المشروع الممول بالكامل من قبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والمتمثل بإقامة محطات تعمل بالطاقة الشمسية على أسطح المنازل في دولة الكويت، الذي من خلاله تم اختيار 150 منزلاً كويتيًا من أصل 1400 منزل أبدى أصحابها الرغبة باستضافة المحطة كتجربة لتطبيقات الطاقة الشمسية فوق أسطح المنازل، والذي من المتوقع أن تسهم نتائجه في تقليل فاتورة الكهرباء الشهرية. مضيفًا أنه عند الانتهاء من هذا المشروع في 2017، سوف تقدم التوصيات للجهات المسؤولة، وذلك لتعميم هذه الفكرة في دولة الكويت لتقليل الضغط على شبكات توليد الطاقة الكهربائية، خصوصًا في فصل الصيف أثناء ذروة الطلب على الطاقة.
وذكر الحجرف أن مجمع الشقايا للطاقة المتجددة يستوعب إقامة أكثر من 2000 ميغاواط من تقنيات مختلفة للطاقة المتجددة، ويوفر على الدولة حرق 12.5 مليون برميل من النفط المكافئ سنويًا، كما يجنب البيئة الكويتية انبعاث 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري سنويًا، بالإضافة إلى خلق اقتصاد موازٍ لاقتصاد الدولة المعتمد بشكل كلي على النفط، ناهيك بخلق 1200 فرصة عمل جديدة وتنشيط قطاع الصناعات الخفيفة والمتوسطة المحلية.
الطاقة النووية
وعن حظوظ الكويت في استخدام الطاقة النووية في توليد الطاقة، شدد الحجرف على عدم إمكانية الاستفادة من هذه التقنية في الكويت، نظرًا لعدم توفر البعد الجغرافي، موضحًا أن محطات الطاقة النووية لها معايير من حيث البعد عن المناطق المأهولة بالسكان، كما يشترط أن تكون مطلة على منفذ مائي مريح لتوفير كميات المياه الضرورية لعملية تبريد المحطة، بينما في الكويت يتركز النشاط العمراني والصناعي وحتى الترفيهي على شريط ساحلي محدود، مما يحول دون إمكانية إنشاء مثل هذه المحطات.
وتابع: «إلا أنه في حال الرغبة في إدخال الطاقة النووية ضمن مزيج مصادر الطاقة في الكويت، فيمكن تحقيق ذلك عبر بناء محطة بالتعاون مع إحدى دول مجلس التعاون الخليجي مستفيدين من شبكة الربط الكهربائي، التي تربط الكويت بعمان، مرورًا بجميع دول الخليج».