تشير كل المعلومات الواردة من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع على أطراف العاصمة السورية دمشق إلى توجه «جبهة النصرة» للانسحاب بشكل كامل من المخيم بعد بسط تنظيم «داعش» سيطرته على القسم الأكبر منه، وفك عدد من الكتائب المسلحة، وآخرها «حركة أبناء مخيم اليرموك»، تحالفها مع «الجبهة» وإعلان تنسيقها مع التنظيم.
وتقول مصادر مطلعة على الوضع داخل اليرموك إن «(جبهة النصرة) تسعى بالفعل لترتيب خروجها باتجاه إدلب بعدما ضاق عليها الوضع في المخيم، وبالتحديد بعد وقوع انشقاقات لمجموعات من داخلها»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «رغبة (النصرة) في مكان وإمكانية تحققها في مكان آخر، نظرا للتعقيدات المحيطة بالملف وعدم صدور أي موقف رسمي عن النظام السوري متجاوب مع هذا التوجه». وبحسب المدير التنفيذي لمجموعة «العمل من أجل فلسطينيي سوريا» أحمد حسين، فإن التوصل لاتفاق على خروج «النصرة» من المخيم «أمر وارد في ظل حالة الضعف والتشرذم التي تعاني منها فصائل المعارضة في المنطقة، خصوصًا أن (الجبهة) خسرت قسما كبيرا من مقاتليها بعد انقلاب تنظيم (داعش) عليها وتحوله من موقع الحليف إلى العدو»، مشيرا إلى أن «ذلك ترافق مع انشقاق (جبهة الأنصار) عنها، مما جعل خياراتها في البقاء داخل المخيم محدودة جدًا نظرا لقلة عدد مقاتليها ووجود حالة استنزاف داخلي جراء الاشتباك المستمر مع (داعش)». وقال حسين لـ«الشرق الأوسط» إن «خروج المقاتلين باتجاه إدلب كان مطروحًا لعناصر (داعش) سابقًا، إلا أن قوة (جبهة النصرة) في ذلك الوقت ووجودها داخل المخيم حال دون إتمام الاتفاق». وأضاف: «أما الآن، وإذا ربطنا الخيوط بعضها ببعض، يصبح من المنطقي جدًا التفكير في أن ما يجري هو تفريغ ممنهج للمخيم من القوى المساندة للمعارضة لإتمام مصالحات داخله أسوة بالمناطق المجاورة وتسليمه إلى فصائل معتدلة، أو ربما اقتحام المنطقة وإعادة ضمها إلى مناطق النظام ونقل حائط الصد إلى حدود الحجر الأسود أو ما يليه».
واحتدمت الاشتباكات بين تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في 6 أبريل (نيسان) 2016 إثر قرار الأخير مهاجمة مواقع «النصرة»، علما بأن «داعش» كان قد هاجم في 1 أبريل 2015 مخيم اليرموك الذي دخله من حي الحجر الأسود المجاور، بتنسيق مع (جبهة النصرة)، وتمكن من السيطرة على 70 في المائة من المخيم قبل أن ينسحب إلى الأحياء الجنوبية منه. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي تعطل تنفيذ اتفاق برعاية الأمم المتحدة لتوفير ممر آمن لأكثر من ألفي مقاتل من تنظيمي «داعش» و«النصرة»، بعد مقتل زهران علوش قائد «جيش الإسلام»، التابع للمعارضة السورية المسلحة.
وقالت وكالة «آرا نيوز» إن «جبهة النصرة» بدأت بتنفيذ المرحلة التنفيذية للهدنة التي تم توقيعها سابقًا مع قوات النظام، والتي تقضي بخروجها مع من يريد من المدنيين من مخيم اليرموك جنوب دمشق. ونقلت عن مصادر معنية أن الجبهة بدأت بتسجيل أسماء الراغبين بالخروج من المخيم سواء من المدنيين أو العسكريين بمن فيهم أصحاب الأمراض المزمنة والإصابات الحرجة، لتقديمها لقوات النظام ليصار إلى خروجهم عبر أحد المعابر الإنسانية في المنطقة باتجاه إدلب شمال غربي سوريا.
وأشار أبو عمر الإدلبي، قائد قطاع سرمدا في «حركة أحرار الشام» إلى أن «العملية كانت قيد الدارسة بعد عدة لقاءات بين مندوبين للنظام ومندوبي الجبهة الذين أكدوا أن العملية ستتم بعد تقديم ضمانات من قبل النظام»، معتبرا أن «انسحاب عناصر (النصرة) هو لمصلحة المنطقة الشمالية التي تعاني من احتدام المعارك وفقدان السيطرة على عدة مناطق وقطع شريان حلب الرئيسي وهو طريق الكاستيلو». وأوضح الإدلبي أن «مخيم اليرموك منطقة بعيدة عن مناطق نفوذ (جبهة النصرة) وهو محاصر، وبالتالي البقاء فيه هو حكم على عناصر (الجبهة) وعائلاتهم بالموت والحصار، وبإذن الله هؤلاء العناصر سيكون لهم دور في معارك الشمال وتوسيع رقعة نفوذ (الجبهة)».
من جهتها، أعلنت «حركة أبناء مخيم اليرموك» وجناحها العسكري، «كتائب البراق» انسحابها من القتال مع «جبهة النصرة» في منطقة الريجة في مخيم اليرموك بدمشق، وتنسيقها مع تنظيم «داعش» داخل المخيم، واتهمت «النصرة» بـ«سوء التعامل مع المدنيين واغتيال الناشط الإغاثي بهاء الأمين».
وأفاد بيان للحركة، نشرته في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي مطلع الأسبوع، بأن قرار الانسحاب من منطقة الريجة «جاء على خلفية معارضتها للتفاوض الحاصل بين النظام و(جبهة النصرة)، الذي يقضي بخروجها من المنطقة وإفراغها من المقاتلين والسلاح، وتركها إلى مصير مجهول». وأوضحت الحركة أنها تواصلت مع تنظيم «داعش» عبر وسيط من أجل الانسحاب من منطقة الريجة، وقد تم الاتفاق على عدم دخول التنظيم إلى القطاع الذي يرابط فيه عناصر الحركة.
«جبهة النصرة» تستعد للخروج بشكل كامل من مخيم اليرموك
قائد فصيل عسكري: في الانسحاب مصلحة لجبهة الشمال المحتدمة في حلب
«جبهة النصرة» تستعد للخروج بشكل كامل من مخيم اليرموك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة