البشير يبحث مع وزير الخارجية المغربي القضايا الإقليمية المشتركة

مزوار نقل للرئيس السوداني رسالة خاصة من الملك محمد السادس

البشير يبحث مع وزير الخارجية المغربي القضايا الإقليمية المشتركة
TT

البشير يبحث مع وزير الخارجية المغربي القضايا الإقليمية المشتركة

البشير يبحث مع وزير الخارجية المغربي القضايا الإقليمية المشتركة

جدد وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار التأكيد على عمق علاقات بلاده الأفريقية ووقوفها الدائم مع قضايا القارة، وتمسك بموقفها في رفض عضوية الاتحاد الأفريقي، ورهن استعادة العضوية بتوفر الشروط المطلوبة، مشيرًا إلى ما سماه نداءات وجهتها الدول الصديقة والإسلامية للحكومة المغربية لاستعادة عضويتها في الاتحاد الأفريقي.
جاء ذلك في غضون لقائه بالرئيس السوداني في الخرطوم خلال زيارة قصيرة بحث خلالها معه القضايا الإقليمية والدولية المشتركة والعلاقات الثنائية بين البلدين، ونقل رسالة شفوية من العاهل المغربي محمد السادس للرئيس السوداني، ووجه له دعوة لزيارة المغرب.
وكشف وزير الخارجية والتعاون المغربي في تصريحات صحافية أعقبت لقاءه بالرئيس عمر البشير أمس، عن تلقي حكومته لنداءات من دول صديقة وإسلامية تطالبها بالعودة للاتحاد الأفريقي، بيد أنه قطع بأن عودة المغرب للمنظمة الإقليمية تستلزم توفر شروط لم يحددها، على الرغم من تقديره لهذه النداءات وقال إن «هناك نداءات من جل الدول الصديقة والإسلامية لكي تعود المغرب لمنظمة الاتحاد الأفريقي، وبالطبع فإن المغرب تصغي لهذه النداءات عندما تتوفر الشروط».
وانسحبت المملكة المغربية من منظمة الوحدة الأفريقية منذ 1984 احتجاجا على قبول المنظمة لعضوية ما أطلق عليها في ذلك الوقت «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، والتي أعلنتها جبهة البوليساريو من طرف واحد وتطالب بالانفصال عن المغرب.
وجدد مزوار استنكار المملكة المغربية لخطوة المنظمة الأفريقية ووصفها بأنها «وضع غير طبيعي حدث في تاريخ ومسيرة هذه المنظمة بقبولها لتنظيم ليس له مقومات دولة أو بلد»، وأن القرار الذي اتخذ قبل أكثر من ثلاثين عامًا أحدث شرخًا في علاقة بلاده بالمنظمة، وقال إن «المغرب من مؤسسيها، لكن هذا الوضع ترك بصماته، لكن المغرب تنصت إلى إخوانها وأصدقائها، وعندما تتوفر الشروط تكون المغرب فيها مستعدة للعودة للاتحاد الأفريقي».
وأكد الوزير المغربي تمسك بلاده بعلاقاتها الأفريقية، بقوله: «المغرب لم تغادر أبدا علاقتها وعمقها الأفريقي، وكانت تقف دائمًا إلى جانب أخواتها الأفارقة، لكن وضعها بالنسبة للاتحاد الأفريقي مرتبط بحدث في وقت معين كان له تأثيره بما يخص موقف المغرب من منظمة الاتحاد الأفريقي».
من جهة أخرى، كشف مزوار عن تسليم رسالة شفوية من العاهل المغربي للرئيس السوداني أثناء لقائه به في الخرطوم أمس، وأنه وجه له الدعوة الملكية لزيارة المغرب، وأن أهداف زيارته تتضمن تأكيد عمق علاقات البلدين والشعبين، والارتقاء بها لمستويات متعددة ومتنوعة، وتنسيق المواقف لمواجهة ما سماه التحديات الأمنية والتنموية والوحدوية التي تواجه دول الإقليم، وقال بهذا الخصوص: «علاقاتنا على المستوى السياسي قوية وعميقة، لكن في الوقت نفسه نواجه تحديات المخاطر الخارجية، والتنمية الاقتصادية والبشرية، والأمن والحفاظ على تماسك ووحدة الشعوب، وهو ما يستدعي تنسيق مواقف البلدين».
وقال مزوار إن حكومة بلاده لن تنسى مشاركة السودان في (المسيرة الخضراء) وحمله للراية المغربية التي هدفت لتحقيق التأييد للمطالب المغربية في استعادة أقاليمه الجنوبية، وأضاف مؤكدا أن المغرب «لن تنسى هذا الموقف التاريخي لبلدكم وشعبكم وقيادتكم».
وتعهد الوزير المغربي بوقوف بلاده إلى جانب وحدة وكرامة السودان واستقلاليته، وقال في رده على سؤال دعم بلاده للسودان في قضية المحكمة الجنائية الدولية: «السودان بلد كبير لا يطلب أي شيء، وكل ما يطلبه هو أن نتركه في حاله يعيش ويبني ويساهم في البناء المشترك وفي استقرار المنطقة، لذا فإن كل هذه المزايدات مبنية على أسس تضليلية تؤكد أنها بلا مقومات، وموقف المغرب ثابت إلى جانب السودان ودعمه ودعم رئيسه».
ودعا الوزير المغربي إلى إقامة تنسيق أمني عملي وميداني في الإقليم، وابتكار مقاربة جديدة في العمل والتنسيق الدولي، بوجه المخاطر المتعددة التي قال إنها «تستوجب تطوير آليات التنسيق الأمني الميداني وتوفير المعلومات والإمكانيات والتدابير الأمنية بمواجهتها».
من جهته، قال وزير الدولة بالخارجية السودانية عبيد الله محمد عبيد الله، إن مبعوث الملك محمد السادس حمل رسالة خاصة من العاهل المغربي للرئيس البشير، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في المرحلة القادمة. وأوضح عبيد الله أن اللقاء تداول كثيرا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن العلاقات الثنائية بين البلدين، والتحضيرات الجارية لاستئناف اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين برئاسة النائب الأول السوداني بكري حسن صالح ورئيس الوزراء المغربي، التي تستضيفها الخرطوم في وقت قريب.
ووصل مزوار الخرطوم قادما من العاصمة المصرية بعد زيارة لمصر استغرقت يومين، التقى خلالها كبار المسؤولين المصريين، وبحث معهم التطورات في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما القضايا السورية والليبية واليمنية وتطور الأوضاع في الغرب الأفريقي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».