النظام يوسّع جبهاته باتجاه ريف حماه الشمالي لإشغال المعارضة عن معارك حلب

النظام يوسّع جبهاته باتجاه ريف حماه الشمالي لإشغال المعارضة عن معارك حلب
TT

النظام يوسّع جبهاته باتجاه ريف حماه الشمالي لإشغال المعارضة عن معارك حلب

النظام يوسّع جبهاته باتجاه ريف حماه الشمالي لإشغال المعارضة عن معارك حلب

وسعّ النظام السوري والميليشيات الموالية له، جبهات القتال خارج محاور مدينة حلب وريفها المشتعلة أصلاً، باتجاه ريفي حماه واللاذقية، في خطة تهدف إلى إشغال فصائل المعارضة عن معارك حلب، والحؤول دون إمداد المسلحين هناك بالدعم البشري واللوجيستي. لكن قوات النظام أخفقت في تحقيق أي تقدّم في ريف حلب، بحسب الجيش الحرّ والناشطين المعارضين، الذين تحدثوا عن مقتل أكثر من 30 عنصرًا للنظام والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه، عند أطراف بلدة حربنفسه القريبة من الحدود الإدارية لمحافظة حمص.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «اشتباكات عنيفة دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين له من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى، في محيط بلدة الزارة بريف حماه الجنوبي». وأشار إلى أن «أربعة مقاتلين من المعارضة قضوا في الاشتباكات». وأكد أن الفصائل قصفت بمدفعية الهاون محطة الزارة لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة لساعات وانقطاع الكهرباء عن عدة مدن وبلدات وقرى لتعيد ورشات الصيانة إصلاحها».
وفي تفسيره لهذا التصعيد، أوضح مصدر في المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «افتعل معركة ريف حماه لسببين، الأول تأمين محطة زيزون لتوليد الكهرباء التي تغذّي سهل الغاب بالطاقة وإبعاد الثوار عنها، والثاني توسعة الجبهات لإشغال المعارضة وتخفيف الضغط عن جبهتي حلب وريف اللاذقية».
إلى ذلك، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن فصائل المعارضة «تصدت لمحاولة القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها، للتقدّم من ثلاثة محاور باتجاه قريتي حربنفسه والزارة بريف حماه الجنوبي، مما أدى لسقوط قتلى وجرحى من الطرفين». في حين نقل الناشط الإعلامي المعارض عبيدة الأحمد، عن قيادي في الجيش السوري الحر، أن «الاشتباكات في ريف حماه أسفرت عن مصرع 15 عنصرًا نظاميًا، وثلاثة مقاتلين معارضين، وإصابة آخرين من الطرفين»، نافيًا أن يكون النظام وحلفاؤه حققوا أي تقدم باتجاه القريتين. وأكد القيادي في الجيش الحرّ، أن قوات الأسد «استبقت محاولة التقدم بحشد عشرات الآليات والعناصر، وبتغطية جوية من الطيران الحربي الروسي، الذي شنّ أكثر من 20 غارة على القريتين، اقتصرت أضرارها على المادية». وقال إن «قرية حربنفسه خالية من المدنيين منذ شهور»، مؤكدًا في الوقت نفسه أن النظام «يسعى للسيطرة على القريتين بهدف تشديد الحصار على ريف حمص الشمالي الخاضع لسيطرة المعارضة».
في هذا الوقت، قال سليم قباني عضو «تجمّع ثوار سوريا»، إن «كل محاولات النظام لاقتحام مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماه فشلت». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام والميليشيات الإيرانية واللبنانية الداعمة له، تكبدت أكثر من 30 قتيلاً هذا اليوم (أمس)، وهي استعاضت عن إخفاقها البري، بالقصف الجوي والمدفعي لمواقع المعارضة».
أما عن الهدف الاستراتيجي لهذه المعركة، فقد كشف قباني أن النظام «يحاول من خلال معركة ريف حماه، السيطرة على قرية حربنفسه، لفرض حصاره على الريف الشمالي لحمص»، لكنه أوضح أن «انتزاع السيطرة على حربنفسه صعب للغاية، ومكلف جدًا»، مضيفًا أن «خلو البلدة من المدنيين يعطي الثوار هامشًا أكبر من التحرك بحرية، والمناورة القتالية واستدراج قوات الأسد إلى حرب استنزاف». وربط قباني بين هذا التصعيد و«زيارة رئيس النظام بشار الأسد لمدينة حمص وإحدى مناطق المدينة الموالية له، في محاولة منه لرفع معنويات شبيحته هناك».
وليس بعيدًا عن معارك ريف حماه، اندلعت أمس اشتباكات عنيفة، بين قوات النظام وحلفائه من جهة، ومقاتلي المعارضة من جهة أخرى، في جبل التركمان الواقع في ريف اللاذقية الشمالي. وأفاد ناشطون، أن «معارك كر وفر استمرت طيلة اليوم (أمس) بين قوات النظام وبين الفرقة الأولى الساحلية وأنصار الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية والفرقة الثانية الساحلية وجيش الإسلام و(جبهة النصرة) والحزب الإسلامية التركستاني وفصائل أخرى، في عدة محاور في جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي».
وقال الناشطون إن «هذه المعارك اندلعت، إثر هجوم عنيف نفذته قوات النظام في محاولة منها لاستعادة السيطرة على مناطق كانت قد خسرتها خلال الأسابيع الماضية، وسط قصف عنيف للمدفعية والطائرات الحربية استهدف مناطق الاشتباك»، مؤكدين أن «الفصائل استهدفت بالقذائف تمركزات لقوات النظام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».