المعارضة تتهم النظام باستخدام المدنيين دروعًا بشرية لحماية مقراته

مقتل العشرات في قصف على حلب.. والمرصد السوري: صواريخ جديدة حصلت عليها المعارضة من السوق الأوكرانية

صبي سوري يعاين الدمار بعد الضربات الجوية التي دمرت طريق الكاستيلو في حلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية أمس (غيتي)
صبي سوري يعاين الدمار بعد الضربات الجوية التي دمرت طريق الكاستيلو في حلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية أمس (غيتي)
TT

المعارضة تتهم النظام باستخدام المدنيين دروعًا بشرية لحماية مقراته

صبي سوري يعاين الدمار بعد الضربات الجوية التي دمرت طريق الكاستيلو في حلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية أمس (غيتي)
صبي سوري يعاين الدمار بعد الضربات الجوية التي دمرت طريق الكاستيلو في حلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية أمس (غيتي)

اتهمت المعارضة السورية قوات النظام السوري باستخدام المدنيين دروعًا بشرية في حلب، وذلك حين بدأت قوات المعارضة بقصف «المقرات الأمنية والمراكز العسكرية» التابعة للنظام في غرب المدينة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 38 مدنيًا، بينهم 14 طفلاً، وذلك غداة قطع النظام الطريق الوحيد الذي يربط الأحياء المحاصرة في شرق حلب بالحدود التركية.
وفي الوقت نفسه، واصل النظام قصف أحياء المعارضة في شرق المدينة، مما أسفر عن مقتل 9 مدنيين غالبيتهم من الأطفال، إذ أقر النظام باستهداف مناطق سيطرة المعارضة التي يسكنها مدنيون أيضًا، زاعمًا بأن «وحدات من الجيش دكت مواقع الإرهابيين الذين يستهدفون المناطق السكنية في حلب»، بحسب ما نقلت «سانا» عن مصدر عسكري، على الرغم من الهدنة التي زعم النظام إعلانها يوم عيد الفطر، وأعلن أمس تمديدها لمدة 72 ساعة.
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس مقتل 38 مدنيًا بينهم 14 طفلاً جراء استهداف قوات المعارضة للأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في مدينة حلب، في حين أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) بارتفاع حصيلة القتلى إلى 43 قتيلاً، بينهم 28 طفلا وامرأة نتيجة وفاة عدد من الذين أصيبوا مساء الجمعة بشظايا القذائف الصاروخية، مشيرة إلى إصابة 300 شخص آخرين بجروح. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» بأن عشرات القذائف والصواريخ أطلقتها قوات المعارضة من داخل أحياء حلب المحاصرة، وخارجها، سقطت في أحياء مكتظة خاضعة لسيطرة النظام في جنوب وغرب مدينة حلب في أحياء الفرقان والمارتيني والميرديان ومنطقة الجامعة والمدينة الجامعية والمشارقة وغيرها، مشيرًا إلى أن سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين «ناتج عن اكتظاظ أحياء النظام التي يقطنها نحو مليون و200 ألف شخص».
وفيما أجمع كثيرون على أن المعارضة مسؤولة عن قصف أحياء النظام، قال معارضون بأن النظام يتحمل مسؤولية مقتل المدنيين «كونه يستخدمهم دروعًا بشرية». وأكد الرئيس السابق لوفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف أسعد الزعبي على رفض المعارضة والفصائل العسكرية لأي عمل عسكري ضد المدنيين، مشددًا على أن النظام السوري «يستخدم المدنيين دروعًا بشرية لحماية مقراته الأمنية»، نافيًا أن يكون المقصود هو استهداف المدنيين.
وقال الزعبي لـ«الشرق الأوسط»: «كل القرى الموجودة في الساحل السوري التي تعتبر الحاضنة الشعبية للنظام، والخزان البشري لقواه المسلحة، لم تتعرض لأي قصف من قبل الثوار، حرصًا على المدنيين الذين نعتبر أنه لا دور لهم في المعارك». واستطرد: «هناك عملية مزدوجة يتبعها النظام السوري، تتمثل نقطتها الأولى في أن النظام لم يترك فرصة إلا واستغلها لضرب تجمعات المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، وكان يختار ساعات الذروة سواء في فرص العيد والصلوات والتجمعات والأسواق والمخيمات، في محاولة منه للنيل من المدنيين عبر قصفهم، وقد انحرف في فترة ما عن مواجهة الثوار وركز على قصف المدنيين الذين يشكلون الحاضنة الشعبية للمعارضة، بدليل أنه استخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين حصرا في الغوطتين الشرقية والغربية ما أدى لمقتل 2400 شخص».
أما النقطة الثانية في مخطط النظام، بحسب الزعبي، فتتمثل في أنه «يلجأ لاستخدام المدنيين كدروع بشرية حين تتعرض الأفرع الأمنية والمقرات العسكرية للقصف»، مشيرًا إلى أن النظام «استخدم هذه الطريقة في عدرا العمالية بريف دمشق وأمام فرع المخابرات في الزبلطاني، وفي حماه وحمص وحلب».
وقال الزعبي: «ما حدث في حلب أن النظام استخدم المدنيين دروعًا بشرية»، مؤكدًا «أننا نرفض استهداف المدنيين حرصا على عدم ظلم السوريين، وهو المبدأ الأساسي الذي قامت على أساسه الثورة لرفع الظلم عن السوريين، فضلاً عن أننا نعتبر السوريين المقيمين في مناطق النظام، أجبرتهم الظروف العسكرية على الإقامة في تلك المناطق، وهم ليسوا موالين للنظام ويتحينون الفرصة للخروج من مناطقهم».
وإذ أكد «أننا لا نقبل بأي ارتكاب ضد المدنيين»، قال: إن النظام في المقابل «ارتكب ست مجازر في أيام عيد الفطر، أربع منها في حلب بينها مجزرة في طريق الباب، وأخرى في إدلب وأخرى في حماه».
ويأتي القصف في حلب، بعد سلسلة مجازر ارتكبتها قوات النظام خلال الأسابيع الماضية في مدينة حلب، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، وتأتي غداة مجزرة ارتكبها النظام بقصف بلدة دركوش في ريف إدلب في شمال غربي البلاد، أسفر عن مقتل 22 مدنيًا.
وتتقاسم قوات النظام والفصائل السيطرة على أحياء مدينة حلب التي تشهد معارك مستمرة بين الطرفين منذ صيف 2012.
بدورها تعرضت الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة الجمعة لقصف جوي وصاروخي من قبل قوات النظام، وفق مراسل وكالة «الصحافة الفرنسية». وأفاد المرصد السوري عن مقتل «تسعة مدنيين غالبيتهم أطفال في قصف جوي على الأحياء الشرقية وطريق الكاستيلو»، المنفذ الوحيد للفصائل المعارضة في حلب. وتزامن ذلك مع اشتباكات عنيفة تدور في شمال مدينة حلب في ظل سعي قوات النظام لإحكام الحصار على الأحياء الشرقية. وقال عبد الرحمن إن «القصف العنيف للفصائل يأتي ردا على تقدم قوات النظام باتجاه طريق الكاستيلو».
ويأتي القصف والتطورات الميدانية بعد يومين من إعلان قوات النظام هدنة على كامل الأراضي السورية لمدة ثلاثة أيام ينتهي مفعولها منتصف ليل الجمعة - السبت. وأكد مصدر أمني لوكالة «الصحافة الفرنسية» لدى إعلان الهدنة أنها «تستثني المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.