31 قتيلا بتفجير انتحاري استهدف حاجزا نظاميا بحماه

المرصد السوري يندد بتركيز المجموعة الدولية على «الكيماوي» وتغاضيها عن «حمام الدم»

رجال إطفاء يحاولون إخماد ألسنة اللهب المندلعة من شاحنة عقب تفجير انتحاري في حماه أمس (إ.ب.أ)
رجال إطفاء يحاولون إخماد ألسنة اللهب المندلعة من شاحنة عقب تفجير انتحاري في حماه أمس (إ.ب.أ)
TT

31 قتيلا بتفجير انتحاري استهدف حاجزا نظاميا بحماه

رجال إطفاء يحاولون إخماد ألسنة اللهب المندلعة من شاحنة عقب تفجير انتحاري في حماه أمس (إ.ب.أ)
رجال إطفاء يحاولون إخماد ألسنة اللهب المندلعة من شاحنة عقب تفجير انتحاري في حماه أمس (إ.ب.أ)

وجه ناشطون في مدينة معضمية الشام قرب العاصمة السورية دمشق نداء استغاثة أمس لإنقاذ الأهالي المحاصرين منذ عام في ظل ظروف إنسانية مأساوية، غداة دعوة الأمم المتحدة الطرفين المتصارعين في سوريا إلى هدنة إنسانية في المدينة، في حين أدى تفجير انتحاري في مدينة حماه، وسط سوريا، أمس إلى مقتل 31 شخصا على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 20 مدنيا كانوا متواجدين على الحاجز.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصرع 31 شخصا على الأقل، بينهم جنود نظاميون، إثر تفجير رجل شاحنة مفخخة عند حاجز المكننة الزراعية على طريق سلمية – حماه. وأشار إلى أن «عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم في حالة خطرة».
وقال ناشطون معارضون إن سيارات الإسعاف هرعت إلى موقع التفجير لنقل قتلى قوات النظام، في حين قطعت القوات النظامية كافة الطرقات المؤدية إليه، ونشرت عناصر وحواجز طيارة في معظم أحياء المدينة، أخضعت السيارات والمارة على الحواجز لعملية تفتيش دقيق.
في موازاة ذلك، ناشد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «منظمة الأمم المتحدة وكافة هيئات الإغاثة الإنسانية في العالم التحرك السريع في سبيل إنشاء ممرات إنسانية آمنة لإنقاذ المدنيين المحاصرين في معضمية الشام». وقال أهالي المدينة في رسالة استغاثة، نشر نصها الائتلاف السوري: «نناشدكم بأن لا تنسونا وتسمحوا بإخراجنا عن خارطة الوجود البشري، نحن نعاني ظلم وحقد عصابات (الرئيس السوري بشار) الأسد ومرتزقته وعصابات حزب الله والمرتزقة العراقيين من لواء أبو الفضل العباس والحرس الثوري الإيراني».
وأفادت الرسالة بأن المدينة «محاصرة منذ عام، لا طعام ولا دواء ولا كهرباء ولا اتصالات، ولا وقود، وأهاليها يموتون جوعا وقهرا، ويقصفون يوميا بآلاف القذائف والصواريخ والطيران الحربي وبجميع أنواع الذخائر المسموحة والمحرمة دوليا ولا سيما السلاح الكيماوي والنابالم والفوسفور الأبيض».
ويأتي نداء الاستغاثة غداة دعوة وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أموس الطرفين المتصارعين في سوريا إلى هدنة إنسانية في المعضمية، مشيرة إلى إنه «تم إجلاء 3 آلاف شخص الأحد الماضي، ولا يزال مثلهم عالقين في المدينة وسط المعارك وعمليات القصف المتواصل».
ولم يتمكن عمال الإغاثة، وفق ناشطين معارضين بريف دمشق، من دخول المعضمية منذ شهور، فيما يمنع استمرار النزاع المتواصل عمليات الإغاثة من تحقيق أهدافها. وتتهم المعارضة السورية القوات النظامية بحصار المدينة وتجويعها بمساندة مقاتلين من حزب الله اللبناني وميليشيا لواء «أبو الفضل العباس» العراقي.
وبحسب الرسالة التي نشر نصها الائتلاف المعارض أمس، فإن «90% من الأبنية السكنية والأحياء في المعضمية باتت مدمرة بشكل شبه كامل، ويعيش نحو 12 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، على أكل أوراق الشجر وبعض النباتات غير الصالحة للغذاء البشري». كما أنه «لا يوجد سوى 3 أطباء يعملون في مشفى ميداني واحد بات خاليا من كل الأدوية والمعدات الطبية الضرورية». وأفادت الرسالة ذاتها بوجود «1800 جريح بلا دواء أو علاج».
من جهة أخرى، ندد المرصد السوري لحقوق الإنسان بما وصفه بـ«نفاق» المجموعة الدولية في «تركيزها على الأسلحة الكيماوية وتغاضيها عن حمام الدم المستمر في سوريا». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنه «في سوريا ومن بين أكثر من 120 ألف شخص قتلوا، سقط 500 بالسلاح الكيماوي، فهل هذه الوفيات أفظع من غيرها؟». وأشار، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أنه «مع التركيز على الأسلحة الكيماوية، ننسى القتلى الذين يسقطون يوميا من الشعب السوري عبر القصف ونيران الدبابات وإطلاق النار والسيارات المفخخة وسقوط قذائف الهاون على مناطق مدنية».
ميدانيا، سيطر مقاتلون من ألوية «الحبيب المصطفى» و«جبهة النصرة» وكتائب «شباب الهدى» بمؤازرة «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» على مجمع لصناعة الأدوية بريف دمشق، وفق المرصد السوري، إثر اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية. كما دارت اشتباكات بين الطرفين، في محيط حاجز النور بجوار المعمل عقب سيطرة الكتائب المقاتلة عليه، في محاولة من الأخيرة لبسط سيطرتها على النقاط الخمس المتبقية في حاجز النور، وسط قصف نظامي وغارات جوية.
وفي موازاة إشارة لجان التنسيق المحلية في سوريا إلى غارات جوية عدة شنتها طائرات النظام الحربية على أطراف مدينة حمص، معلنة عن إسقاط «الجيش الحر» لطائرة حربية من طراز «سيخوي» أثناء شنها غارات على المدينة، دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي وحدات «حماية الشعب الكردي» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في محيط قرية معرين التابعة لمدينة أعزاز في حلب، وفق المرصد السوري.
وذكر المرصد أن المقاتلين الأكراد استهدفوا سيارة تابعة لتنظيم «داعش»، ما أوقع خسائر بشرية، لافتا إلى «اشتباكات بين الطرفين في المنطقة الواقعة بين قريتي قسطل جندو بريف عفرين وقرية معرين بريف أعزاز».
من جهة أخرى، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني علمه بأي معلومات عن توجه عدد من الشبان الجزائريين قبل أسبوعين للقتال في سوريا، تحت قيادة «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم القاعدة، وفق ما نشرته أمس صحيفة «النهار» الجزائرية.
وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر أمنية أن «15 شابا تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عاما، يتحدرون من أحياء شعبية في العاصمة الجزائرية، وبينهم طلاب جامعيون وموظفون حكوميون، غادروا الجزائر منذ قرابة 15 يوما باتجاه تركيا، تحت غطاء التجارة والسياحة، وانتقلوا فور وصولهم هناك إلى سوريا حيث تم توجيههم لتلقي التدريبات العسكرية، قبل أن يتم تحويلهم إلى مقاتلين في جبهة النصرة في الشام».
وعلى الحدود مع لبنان، فجرت قوة من الجيش السوري 3 منازل في منطقة مشاريع القاع المحاذية، تعود ملكية اثنين منها لمواطنين لبنانيين من بلدة عرسال من آل الحجيري والأطرش ويملك الثالث مواطن سوري من آل اليوسف.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.