مجلس الأنبار يطالب وزارتي الدفاع والداخلية بحماية مساجد الفلوجة من «مندسين»

انتقادات لتجاهل العبادي المطالبات بالتحقيق في انتهاكات ميليشيات الحشد الشعبي

عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
TT

مجلس الأنبار يطالب وزارتي الدفاع والداخلية بحماية مساجد الفلوجة من «مندسين»

عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)
عراقيات هاربات من معارك الفلوجة الأخيرة يصلن إلى قاعدة عسكرية في الرمادي (رويترز)

طالب مجلس محافظة الأنبار وزارتي الدفاع والداخلية بإصدار الأوامر الفورية لاعتقال عناصر وصفهم المجلس بـ«المندسين» قاموا بتفجير عدد من المساجد في مدينة الفلوجة، داعيًا ديوان الوقف السني «إلى متابعة باقي مساجد المدينة والحفاظ عليها».
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من مساجد مدينة الفلوجة تعرضت إلى التفجير من قبل عناصر مندسة «تهدف إلى حرق وتدمير المدينة بالكامل».
وأضاف كرحوت: «إن مساجد الفردوس، والفرقان، وأبو عبيدة، ونبي الله يونس، والمدلل والتقوى، وجامع المعاضيدي تعرضت إلى تفجير من قبل تلك العناصر المندسة التي تجوب مناطق المدينة دون أي رادع».
وطالب كرحوت، وزارتي الدفاع والداخلية بـ«إلقاء القبض على أولئك العناصر والكشف عن هويتهم وتقديمهم للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل».
ودعا المجلس رئيس ديوان الوقف السني إلى «متابعة مساجد الفلوجة والحفاظ عليها كونها تتعرض لعمليات تفجير من قبل تلك العناصر المندسة».
في غضون ذلك تصاعدت المطالبات من قبل مسؤولين حكوميين من أجل معرفة نتائج التحقيقات في الانتهاكات التي تعرض لها عدد كبير من النازحين من مدن الأنبار، ولحماية المدنيين الذين يتعرضون للمخاطر داخل مخيمات النزوح بعدما عجزت السلطات الأمنية عن توفير الحماية لهم، خصوصًا ما لقيه آلاف النازحين الذين تمكنوا من الإفلات من قبضة تنظيم داعش في مدينة الفلوجة والمناطق المجاورة لها.
ويأتي ذلك غداة إصدار منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريرا أول من أمس اتهمت فيه حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعدم تنفيذ وعودها بالتحقيق في الانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء في مدينة الفلوجة من قبل عناصر تابعة لميليشيات الحشد الشعبي. وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة «هيومن رايتس»، جو ستورك «إن الإخفاق في مساءلة المتورطين عن الانتهاكات الجسيمة يُنذر بأخطار في معركة الموصل المرتقبة، لا سيما أن شهادات لشهود عيان أكدت قيام عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي تبرق المنازل والمحال التجارية وسط الفلوجة، مرددين هتافات طائفية».
من جانبهم، حمّل عدد من النواب والمسؤولين في محافظة الأنبار رئيس الوزراء مسؤولية ما يحصل لأبناء محافظة الأنبار بعدما انتهكت كرامتهم وتعرضوا إلى القتل والتعذيب. وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائب السلماني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي مدن محافظة الأنبار تعرضوا في أكثر من مناسبة لانتهاكات وجرائم مورست ضدهم من قبل عناصر تابعة للميليشيات التي تعمل في ظل الحكومة، وهذا يدل على وجود منهجية في استهداف أبناء تلك المناطق وليس تصرفات فردية كما يبررها البعض ويذكرونها في وسائل الأعلام». وأضاف السلماني: «إن هؤلاء العناصر التابعين للميليشيات قاموا بكثير من الجرائم بحق أبناء محافظة من بينها اختطاف أكثر من 1600 مدني عند معبر الرزازة، ولم يحرك رئيس الوزراء أي ساكن تجاه القضية خصوصًا بعد أن قدمنا له أسماء المختطفين وسلامة موقفهم وأبلغناه بأماكن احتجازهم والميليشيا التي قامت باختطافهم، ولولا متابعتنا لكان هؤلاء المختطفون قد تمت تصفيتهم على أيدي الخاطفين، ثم توالت سلسلة الانتهاكات والجرائم بحق أبناء الأنبار، التي كان آخرها ما تعرض له أبناء مدينة الفلوجة والكرمة والصقلاوية بعد خروجهم من مدنهم التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي ومن ثم توجههم إلى القوات الأمنية التي وعدتهم مسبقًا بإيصالهم إلى المناطق الآمنة، ولكن حدث لكثير من النازحين العكس، حيث تعرضوا لأبشع الجرائم والتعذيب على أيدي عناصر تابعة للحشد الشعبي فتمت تصفية أكثر من 65 شخصًا من أبناء الفلوجة من قبل عناصر الميليشيات وتم خطف أكثر من 650 شخصًا لم يعرف مصيرهم لحد الآن».
وأشار السلماني إلى أن «الحكومة عجزت تمامًا عن الكشف عن أي انتهاك أو جريمة مورست بحق أبناء محافظة الأنبار والمحافظات الأخرى، وقد شكلت المئات من اللجان الاستقصائية حول تلك الجرائم لكن لم يشر أي تقرير من تلك اللجان المشكلة من قبل الحكومة إلى أن الجرائم تقوم بها الميليشيات أو غيرها، ومن تلك اللجان اللجنة التي تم تشكيلها أخيرًا لكشف الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية بحق أبناء مدينة الفلوجة، حيث لا نأمل إطلاقًا أن ترفع تلك اللجنة تقريرها إلى الحكومة، لذلك نحن مضطرون لنقل تلك الانتهاكات والجرائم إلى المنظمات والمحاكم الدولية».
بدورها، قالت عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائبة لقاء وردي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي محافظة الأنبار ما زالوا يدفعون ثمن عراقيتهم، وما زالوا يستهدفون من قبل الميليشيات الطائفية والإرهابية حتى وهم في مخيمات النزوح». وأضافت أن «استهداف النازحين الأبرياء العُزل في مُخيم السلام الكائن في منطقة الدورة جنوبي بغداد، لا يقل بشاعة عمّا حدث من استهداف للمدنيين الآمنين الذين كانوا يرومون التبضع استعدادًا للعيد في منطقة الكرادة، فالجاني واحد والمجني عليه واحد، وما تعرض له مخيم السلام للنازحين إلى استهداف سكانه بالقصف بقذائف هاون، خير دليل على ذلك، وهذا مؤشر جديد وخطير على ضعف الأداء الحكومي والأمني في حماية المواطنين وبالأخص منهم النازحين في المخيمات، ما أدى لـ(استشهاد) سبعة نازحين وإصابة 11 آخرين}. وطالبت «المجتمع الدولي والأمم المتحدة بحماية النازحين الذين يتعرضون لأبشع أنواع البطش والظلم والقهر والذين تم اختفاء المئات منهم عند نزوحهم من مناطقهم فضلاً عن تصفية العشرات في مشهد يتكرر بين الحين والآخر، في وقت تعجز فيه الحكومة عن توفير الحماية لهم».
وأشارت النائبة إلى أن «محافظة الأنبار ساعية لنقل ملف الانتهاكات التي مورست بحق أبنائها، وكذلك ملف ما تعرضت له مدن الأنبار من دمار وخراب نتيجة وقوعها تحت سيطرة تنظيم داعش وكذلك ما خلفته الأعمال العسكرية في تحرير مدن المحافظة، إلى دول العالم والمنظمات الإنسانية من أجل المساعدة في إعمار مدن الأنبار التي دمرها تنظيم داعش الإرهابي، والعمليات العسكرية التي تم خلالها طرد المسلحين من المناطق والمدن التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي مما خلّف دمارًا هائلاً في البنى التحتية لمدن المحافظة وصلت نسبتها إلى أكثر من 80 في المائة، حيث تم تدمير كثير من الجسور ومحطات تصفية مياه الشرب والشبكات الكهربائية وتدمير الآلاف من منازل المواطنين والأبنية الحكومية والجامعات والمدارس والدوائر الخدمية الأخرى، مما كلف مبالغ هائلة وصل تقديرها حسب لجان مختصة إلى أكثر من 20 مليار دولار، وهذا الأمر تعجز عن تقديمه الحكومة المركزية، في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية».
وأكدت النائبة أن «الأنبار ستعكف على جمع معلومات وصور دقيقة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية عن حجم الدمار الذي لحق بمحافظة الأنبار المنكوبة من أجل تقديمه إلى دول العالم والمنظمات الدولية، من أجل تقديم مساعدات فورية للمحافظة خصوصًا أنها بدأت في استقطاب الآلاف من العائلات التي نزحت من مناطقها، حيث سيحتاج الأهالي للخدمات الفورية مثل المدارس والمؤسسات الصحية والخدمية التي دمرت معظمها أثناء غزو (داعش) للمدينة وجراء العمليات العسكرية».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.