موازنة لـ«اليورو» واستثمارات خاصة لتخطي صدمة الاستفتاء البريطاني

قيادات أوروبية: الوقت غير مناسب لتفعيل عقوبات «عجز الموازنة» ضد أعضاء الاتحاد

موازنة لـ«اليورو» واستثمارات خاصة لتخطي صدمة الاستفتاء البريطاني
TT

موازنة لـ«اليورو» واستثمارات خاصة لتخطي صدمة الاستفتاء البريطاني

موازنة لـ«اليورو» واستثمارات خاصة لتخطي صدمة الاستفتاء البريطاني

دعا مسؤولون فرنسيون وبلجيكيون وقادة مؤسسات دولية أمس إلى ترسيخ منطقة اليورو عبر تزويدها بموازنة وتحريك الاستثمارات، وهو الشرط اللازم لكي تتمكن أوروبا من المضي قدمًا إلى الأمام لتجاوز صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وذلك في وقت قال فيه غياني بيتيلا، زعيم المجموعة الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي، إن الوقت الحالي ليس مناسبًا لتفعيل العقوبات ضد البرتغال بسبب العجز العام الذي تشهده البلاد، والذي جاء نتيجة سياسات غير مناسبة من جانب حكومات سابقة.
وعقب لقاء جمعه في بورتو مع رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا، حذر القيادي في البرلمان الأوروبي، من أن مثل هذه العقوبات قد يكون لها نتائج عكسية، وقد يكون لها تأثيرات في ثقة المواطنين في أوروبا، وخصوصًا في أعقاب ظهور نتائج الاستفتاء البريطاني واختيار الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وحسب تصريحات حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها عبر البريد الإلكتروني، قال بيتيلا، إن رئيس المفوضية جان كلود يونكر، قد وعد بقيادة سياسية للمفوضية، وعليه أن يثبت الآن ذلك من خلال تطبيق قواعد مالية أوروبية مرنة، تأخذ في الاعتبار السياق العام.
وألمح رئيس ثاني أكبر الكتل الحزبية في البرلمان الأوروبي، إلى أن البرتغال شهدت في السنوات الأخيرة انخفاضًا في العجز على الرغم من البيئة الاقتصادية الأوروبية الصعبة، والأزمة المصرفية الكبيرة، ولكن وفقا لأحدث توقعات المفوضية سينخفض العجز إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي، وبالفعل بدأ الدين العام في التناقص وبشكل ملحوظ، وفي هذا السياق سيكون من غير المعقول معاقبة الحكومة، مضيفًا «هذا الانتعاش يحتاج إلى أن يستمر، وليس أن يتم تقويضه».
وقبل أسبوعين أقرت الحكومة الاشتراكية البرتغالية خطة اقتصادية لخفض العجز العام إلى 1.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2017، وهو هدف طموح أكثر بكثير من نسبة الـ2.6 في المائة التي كانت تطمح إليها. وقال وزير المالية ماريو سنتينو: «أستطيع أن أؤكد أن العجز سيكون 1.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعام 2017». وأكد أن «برنامج الاستقرار يحترم كل الاتفاقات الموقعة مع شركائنا السياسيين، وهو مطابق للقواعد الأوروبية».
ومن جهة أخرى، دعا مسؤولون فرنسيون وبلجيكيون وقادة مؤسسات دولية إلى ترسيخ منطقة اليورو، عبر تزويدها بموازنة، وتحريك الاستثمارات لتخطي صدمة الانفصال البريطاني. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، خلال منتدى اقتصادي يعقد على مدى ثلاثة أيام في إيكس إن بروفانس (جنوب فرنسا): «من المهم جدا من الناحية الاقتصادية أن يقرر الأوروبيون تجاوز البريكست بشكل قوي».
وشدد جميع المشاركين في اللقاءات التي تمت في إطار المنتدى، على الحاجة الملحة للعمل بشكل حاسم. واعتبر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يكون جوابًا على البريكست»، داعيًا إلى «رد أوروبي».
وفي وقت يلتقي القادة الأوروبيون في 16 سبتمبر (أيلول) المقبل في براتيسلافا في إطار قمة حول مستقبل الاتحاد الأوروبي من دون المملكة المتحدة، قال موسكوفيسي إن فرنسا وألمانيا اللتين تشكلان محركًا تترتب عليه «مسؤولية خاصة» داخل الاتحاد، تتفقان بالفعل على نقاط مشتركة تتمثل في فكرة أوروبا التي «توفر مزيدًا من الحماية» لمواطنيها، وأوروبا «أكثر فعالية» على الصعيد الاقتصادي عبر تأمين مزيد من فرص العمل والنمو.
واعتبر أيضا أن منطقة اليورو التي تضم 19 بلدًا يجب أن تترسخ من خلال «سياسة اقتصادية مشتركة».
وقال: «لا يمكننا تجاوز أهمية تخصيص موازنة لمنطقة اليورو»، داعيًا إلى تعيين وزير مال خاص بها. وهو رأي عبر عنه أيضا وزير الاقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يدافع منذ زمن طويل عن تعزيز منطقة اليورو.
وقال: «لقد كبلنا أنفسنا قليلاً عندما اعتبرنا أن هناك مناطق جغرافية محظورة، وقضينا أشهرا وأشهرا من دون أن نجرؤ على الاجتماع بصيغة منطقة اليورو، ظنا منا أن ذلك قد يزعج البولنديين والبريطانيين». وأضاف ساخرا: «لقد شكروا لنا تواضعنا في الأشهر الأخيرة».
ودعا الوزير إلى «الحفاظ على أوروبا السوق الموحدة التي تعتبر ثمرة التوسيع»، لافتا إلى أن «نادي الـ19»، أي منطقة اليورو، «يستلزم عملاً يرسخه».



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.