الحكومة الجزائرية تهدد بإغلاق 40 فضائية متهمة بـ«التحريض على الإرهاب والتطرف»

بعضها يتناول تورط كبار المسؤولين في الفساد

الحكومة الجزائرية تهدد بإغلاق 40 فضائية متهمة بـ«التحريض على الإرهاب والتطرف»
TT

الحكومة الجزائرية تهدد بإغلاق 40 فضائية متهمة بـ«التحريض على الإرهاب والتطرف»

الحكومة الجزائرية تهدد بإغلاق 40 فضائية متهمة بـ«التحريض على الإرهاب والتطرف»

انتقلت الحكومة الجزائرية من اتهام نحو 40 فضائية خاصة، بـ«التحريض على العنف والفتنة والإرهاب والتطرف»، إلى التلويح بإغلاقها، بذريعة أنها تعمل خارج القانون. وتبث هذه الفضائيات برامجها ذات المضمون الجزائري الخالص من الخارج لغياب قانون جزائري ينظم نشاط سمعي البصري.
ورفعت وزارة الإعلام أمس، حسب بيان صادر عنها، بلاغا للفضائيات «التي تقدم خدمات اتصال سمعي البصري بطريقة غير قانونية في الجزائر»، تعلمهم فيه بأنها «مستمرة في مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة في هذا المجال». وجاء هذا التحذير، حسب البيان: «في إطار فرض الاحترام التام للتشريع والتنظيم الساريين، وطبقا للمهام والصلاحيات المخولة للوزارة خصوصا فيما يتعلق بضبط نشاطات الاتصال، وترقية إعلام متعدد ومسؤول وموضوعي».
وأوضح البيان أن «أي نشاط اتصال يمارس عبر التراب الوطني، ينبغي أن يتم في ظل الاحترام التام للأحكام التشريعية والتنظيمية، ذات الصلة. وستعمل الوزارة، كلما اقتضى الأمر على تطبيق القانون، بكل صرامة ضد كل مخالف له». وبحسب البيان، ينسجم التحذير الموجه للفضائيات، مع القانون الذي يحدد مهام الوزارة، وتتمثل في «السهر على ضبط نشاطات الاتصال، بما فيها تلك المتصلة بوسائل الإعلام الإلكترونية، الصحف والإذاعات والتلفزة عبر الإنترنت، بالتنسيق مع هيئات الضبط». في إشارة إلى «سلطة ضبط الصحافة المكتوبة» و«سلطة ضبط سمعي البصري».
وأضاف البيان، أن وزارة الإعلام «تسلم رخص ممارسة أنشطة الاتصال، بما فيها الصحافة الإلكترونية (جرائد وتلفزيون وإذاعات)، وتعمل على منع تمركز العناوين وأجهزة الصحافة، تجنبا لحدوث تأثير مالي وسياسي وآيديولوجي، وذلك باقتراح النصوص التشريعية والتنظيمية الملائمة. كما تكمن مهام الوزارة في العمل على ترقية نشر إعلام تعددي ومسؤول وموضوعي، وذلك بتطوير ثقافة صحافية مؤسسة على آداب وأخلاقيات المهنة».
ونصَب رئيس الوزراء عبد المالك سلال، الأسبوع الماضي، «سلطة ضبط سمعي البصري»، وعيَن أعضاءها التسعة، وهي هيئة مستقلة عن الحكومة تم استحداثها لإنهاء الفوضى التي تميَز هذا القطاع، على عكس الصحافة المكتوبة. وطبقا للقانون يفترض أن «سلطة الضبط» هي من تتعامل مع الفضائيات وليس وزارة الإعلام.
وتبث الفضائيات المستهدفة برامج سياسية ودينية لا تعجب السلطات، وأكثر القنوات التلفزيونية التي تثير انزعاجها هي تلك التي تتناول فساد كبار المسؤولين وتورطهم في فضائح أخلاقية. وانفجر الفضاء سمعي البصري عام 2011 بنشأة أولى الفضائيات، وقد جرى ذلك في مرحلة كانت فيها السلطات ضعيفة، إذ كانت تخشى كثيرا من وصول الربيع العربي إلى الجزائر، التي تبقى من الدول القليلة في حوض المتوسط التي تمنع إطلاق قنوات خاصة. ويوجد في البلاد قناة واحدة مرخص لها رسميا تسيطر عليها الحكومة. أما الفضائيات الخاصة التي لديها «اعتماد» مثل مكاتب مؤسسات إعلامية أجنبية، فهي خمسة، بعضها يروَج لأعمال الحكومة ويهاجم المعارضة يوميا.
وأعلن وزير الإعلام حميد قرين الشهر الماضي، أن «خمس قنوات فقط، من أصل 45 قناة تبث من الخارج خاضعة لقانون أجنبي، تنشط بطريقة شرعية وتتوفر على مكاتب معتمدة في الجزائر». ويتعلق الأمر، حسبه، بـ«النهار تي في» و«الشروق تي في» و«دزاير تي في» و«الجزائرية تي في» و«الهقار تي في». وصرَح الوزير بأنه «لا يمكن إنشاء أي قناة تلفزيونية أو إذاعية من دون موافقة السلطات»، متحدثا عن «خطوط حمراء لا ينبغي تخطيها».
وأغلقت الحكومة مطلع العام قناة «الوطن»، المقرَبة من الإسلاميين، بسبب استضافة زعيم جماعة مسلحة سابق هاجم الرئيس بوتفليقة بشدة. وقبلها أغلقت قناة «الأطلس»، بسبب حملة شنتها على شقيق الرئيس وكبير مستشاريه السعيد بوتفليقة. ومنعت الأسبوع الماضي برنامجين سياسيين، أحدهما ساخر، تبثهما قناة «الخبر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.