ارتفاع أعداد المهاجرين في بريطانيا دفع الناخبين لتأييد الانفصال عن «الأوروبي»

اتهامات لحملات «الخروج» بتوظيف دوافع عنصرية في إقناع الناخبين

نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني يحتفل بنتائج الاستفتاء الجمعة (رويترز)
نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني يحتفل بنتائج الاستفتاء الجمعة (رويترز)
TT

ارتفاع أعداد المهاجرين في بريطانيا دفع الناخبين لتأييد الانفصال عن «الأوروبي»

نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني يحتفل بنتائج الاستفتاء الجمعة (رويترز)
نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني يحتفل بنتائج الاستفتاء الجمعة (رويترز)

بينما يحاول العالم فهم أسباب تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يزال السؤال المزعج يلح بشدة، وهو: هل ثمة رابط بين المواقف العنصرية والتعصب في بريطانيا وبين عداء البريطانيين للاتحاد الأوروبي؟
وتشير بيانات «غوغل» يوم الجمعة الماضي، وهو اليوم الذي أعلنت فيه نتائج الاستفتاء، إلى ارتفاع مفاجئ في عمليات البحث عن «دوافع عنصرية والخوف من الأجانب قد تكون وراء الخروج من الاتحاد الأوروبي»، كما عجّت وسائل التواصل الإعلامي بالكثير من المواقف التي تدل على صلة واضحة بين تلك العوامل ونتائج الاستفتاء.
والفكرة ليست بالجديدة، إذ انهالت الاتهامات بالعنصرية عقب الحركة المناهضة للاتحاد الأوروبي لسنوات، لعدة أسباب. وقد استخدم زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فراج كلمة مسيئة للأقليات الصينية، وأبلغ الصحافيين بأنه يستخدم كلمة عامية عنصرية للإشارة إلى المطاعم الصينية.
ومع ذلك، تكبد الحزب مشقة للتأكيد على مخاوفه بخصوص سوء إدارة الاتحاد الأوروبي، والتي لا تمت بصلة للعرق، وغالبًا ما أشار إلى غير البيض من أعضاء الحزب للتأكيد على عدم تحيزه. وأحد أكثر الردود استخدامًا على الاتهامات بالعنصرية، يتمثل في أن الحزب يعنيه في الأصل مستويات الهجرة – وهي قضية سياسية في الأساس – ولا يتعلق الأمر بالتحيز ضد أقلية عرقية دون أخرى.
وما لا يمكن إنكاره هو أن هناك طفرة مهولة في أعداد المهاجرين الذين وصلوا البلاد خلال العقود القليلة الماضية، إذ سجلت معدلات الهجرة الإجمالية ارتفاعات قياسية وصلت إلى 336,000 شخص العام الماضي، جاء أكثر من نصفهم من دول الاتحاد الأوروبي. ولا يوجد أي سبب يمنعهم من ذلك، فحرية التنقل هي أحد المبادئ الأساسية في الاتحاد الأوروبي، وإن كان واقع حركة التنقل صعب في غالب الأمر.
وفي بعض الأحيان، يكون هؤلاء القادمون الجدد على استعداد لتقويض المنافسين المحليين، الأمر الذي ساهم في خلق صورة نمطية واسعة الانتشار عن «السباك البولندي» الذي يسرق فرص عمل البريطانيين.
علاوة على ذلك، زادت هجرة اللاجئين والمهاجرين إلى دول أوروبا القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا في السنوات القليلة الماضية، من مخاوف البريطانيين بشأن المهاجرين القادمين من غير دول الاتحاد الأوروبي. وفي حين لم يتمكن سوى عدد قليل نسبيًا من هؤلاء المهاجرين من القدوم إلى بريطانيا، سيطرت فكرة الغزو الأجنبي على كل وسائل الإعلام البريطانية. وقد تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون علنًا عن «سرب» المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى بريطانيا.
وجدير بالذكر أنه خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء، ركزت الحملة الرسمية لـ«الخروج» من الاتحاد الأوروبي بداية على سيادة الدولة والقضايا الاقتصادية. وعلى الرغم من ذلك، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن قضية الهجرة كانت أحد العوامل المهمة، إن لم تكن الأهم لدى الناخبين. وقد كتب فريدي سايرز، رئيس تحرير بشركة «يوغوف» لاستطلاعات الرأي، قائلاً: «تعد قضية الهجرة أفضل القضايا المدعمة لحملة الخروج على الإطلاق»، وأضاف: «إذا تم الاستفتاء المقبل بشأن قضية الهجرة فحسب، لفازت حملة الخروج باكتساح».
ومن ثم، فقد شرع رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون، وغيره من الوجوه البارزة ضمن حملة الخروج بالتحدث بصورة سلبية بشأن الهجرة.
وخلال الأجواء المحمومة التي سبقت الاستفتاء، أصبحت الخطوط الفاصلة بين الخطاب المناهض للهجرة والعنصرية الخالصة ضبابية. وقبيل الاستفتاء بمجرد أسبوع، كشف فراج الذي لم يكن عضوًا في الحملة الرسمية للخروج وإن أدار حركته الخاصة، النقاب عن حملة إعلانية ظهرت فيها حشود من اللاجئين والمهاجرين، كانت أشبه بالدعاية التي انتهجتها ألمانيا النازية من قبل، كما يرى غالبية النقاد. وقد ازداد الأمر سوءًا بمقتل جو كوكس نائبة البرلمان البريطاني في وضح النهار في اليوم التالي، وهي موالية لحملة البقاء ومؤيدة للاجئين، على يد رجل يُقال إنه قد هتف قائلاً «بريطانيا أولاً» قبل طعنها، كما يُذكر أن له صلة بجماعات تفوق العرق الأبيض في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ردود الفعل المناوئة لذلك الخطاب، فعندما أتى يوم الاقتراع، اختار أكثر المواطنين البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، مخالفين لنصيحة الغالبية العظمى من سياسيي الدولة والكثير من الخبراء من مختلف أنحاء العالم، الذين أكدوا أن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد سيتضرر بشكل بالغ. وحسبما يرى الكثير من الخبراء، فإن هذا القرار يعكس على الأقل جزئيًا عوامل عنصرية وكراهية الأجانب.
من جانبه، قال ديفيد غيلبورن، الخبير في العلاقات العرقية بالجامعة البريطانية في برمنغهام، لوكالة أسوشييتد برس، معلقًا على حملة فراج: «لا تتميز تلك الحملة بأي قدر من البراعة، فهي تشبه الدعاية النازية، كما أنها عنصرية بصورة فجة». وأضاف: «وحقيقة أن الكثير صوتوا لصالح ذلك، على الرغم من تمثيلها الفج للعنصرية، وهو أمر يبعث على الدهشة تمامًا».
من ناحية أخرى، يحذر الكثيرون من أنه من غير المنصف أن نوصم الناخبين من مؤيدي «الخروج» بالعنصرية تجاه الأجانب، حيث صوت بعض المواطنين غير البيض لصالح «الخروج»، كما تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن ثلث البريطانيين من الأصول الآسيوية كان يعتزمون التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. فضلاً عن ذلك، فهناك بالتأكيد الكثير من الأسباب غير العنصرية التي تدعو للقلق من الاتحاد الأوروبي.
وقد لا يرتاح الكثير من المواطنين البريطانيين لهذه الفكرة والذين يقولون إن شعورهم بعدم الراحة في بلدهم في تزايد مطرد، وكذلك الأمر بالنسبة للمهاجرين الذين يعيشون في بريطانيا، فهم حتما يتساءلون الآن عما يخبئ لهم المستقبل في هذه البلاد. إلا أن الناخبين الذين صوتوا لصالح «الخروج» قد لا ينبغي عليهم الاحتفال أيضًا، فبعد أن أعلنت النتائج يوم الجمعة صرح بوريس جونسون، المتوقع خوضه منافسة رئاسة الوزراء، أوحت كلماته بأن بريطانيا لن تمد جسرًا للتواصل مع المهاجرين، محذرًا من «المتطرفين ومن أولئك الذين سيلعبون بكروت الهجرة للاستفادة منها سياسيًا».
وفي نهاية المطاف، فإن الفكرة القائلة بأن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي سيجعل بريطانيا دولة خالية من المهاجرين، لا تتعدى كونها ضربًا من ضروب الخيال. فإن كانت بريطانيا ترغب في إبرام اتفاقية تجارية مناسبة مع الاتحاد الأوروبي، فحتما سينبغي عليها تقديم بعض التنازلات في سبيل حرية تنقل الأفراد. أما بالنسبة لترحيل المهاجرين الذين يقطنون بالفعل في البلاد، فسيكون عملاً غير أخلاقي وغير عملي على حد سواء. وإن كان بعض البريطانيين قد صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بسبب دوافع العنصرية، فإنهم حتما ستصيبهم الدهشة وخيبة الأمل بشكل كبير في السنوات المقبلة.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).