تركيا تطوّق تداعيات قتل حرس حدودها للاجئين سوريين

الائتلاف يتراجع عن إدانة الحادث: نعالج دخول الهاربين من جرائم الأسد بطريقة آمنة

طفلة على دراجة تعبر غرافيتي على جدار مخيم أونكوبينار للاجئين السوريين قرب الحدود التركية السورية (أ.ب)
طفلة على دراجة تعبر غرافيتي على جدار مخيم أونكوبينار للاجئين السوريين قرب الحدود التركية السورية (أ.ب)
TT

تركيا تطوّق تداعيات قتل حرس حدودها للاجئين سوريين

طفلة على دراجة تعبر غرافيتي على جدار مخيم أونكوبينار للاجئين السوريين قرب الحدود التركية السورية (أ.ب)
طفلة على دراجة تعبر غرافيتي على جدار مخيم أونكوبينار للاجئين السوريين قرب الحدود التركية السورية (أ.ب)

طوّقت تركيا تداعيات حادثة قتل حرس حدودها، لـ11 نازحًا سوريا، معظمهم من أسرة واحدة، لدى محاولتهم عبور الحدود إلى أراضيها ليل السبت الماضي، عبر نفيها أن تكون العملية مقصودة، والتوضيح بأن «عمل حرس الحدود منصب على مكافحة المهربين والإرهابيين المحتملين». وهو ما دفع بالائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، إلى التراجع عن البيان الذي أدان فيه الحادث، وتأكيده «الشروع مع الجانب التركي بمعالجة مسألة دخول السوريين الهاربين من إجرام بشار الأسد وحلفائه، إلى تركيا بطريقة آمنة».
وكان ناشطون سوريون، أفادوا أن «امرأتين وأربعة أطفال كانوا بين القتلى الـ11، بإطلاق النار الذي وقع الليلة ما قبل الماضية (السبت) بينما كانوا يحاولون العبور إلى تركيا من قرية خربة الجوز الحدودية». وأظهرت لقطات مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، ما قيل إنها جثث للقتلى الذين بدا بعضهم صغارًا جدًا وآخرون كانت جثثهم مسجاة في صناديق شاحنات.
وقال مصدر عسكري تركي إن «المزاعم بأن الجنود الأتراك قتلوا تسعة أشخاص كانوا يحاولون عبور الحدود في إقليم هاتاي غير صحيحة، الليلة الماضية (السبت) كانت هناك محاولة لعبور الحدود بصورة غير مشروعة لكن لم يتم إطلاق النار مباشرة على الناس، وبعد إطلاق طلقات تحذيرية فرت مجموعة من سبعة إلى ثمانية أشخاص صوب الغابات».
من جهتها، نفت وزارة الخارجية التركية في بيان صحة التقارير التي تحدثت عن إطلاق قوات حرس الحدود التركية النار على لاجئين سوريين أثناء محاولتهم عبور الحدود من سوريا باتجاه تركيا. ووصفت هذه التقارير بـ«الخاطئة ولا تعكس الحقيقة»، مشيرة إلى أن «عمل قوات حرس الحدود منصب في إطار القانون على مكافحة المهربين والإرهابيين المحتملين». دون أن تذكر مزيدا من التفاصيل. وأضافت: أن تركيا تتحرك دفاعًا عن حدودها من أي أنشطة غير قانونية ومن بينها التهريب والإرهاب.
وكان الائتلاف السوري أصدر بيانًا أعلن فيه إدانته لـ«مقتل مدنيين برصاص حرس الحدود التركي (الجندرما)، خلال محاولتهم دخول الأراضي التركية». وطالب بـ«التحقيق في ملابسات الحادث». وقالت نائب رئيس الائتلاف سميرة المسالمة: «نستغرب وندين وقوع مأساة مروعة كهذه ضد أهلنا الهاربين من نظام بشار والميليشيات المتطرفة على أرض سوريا».
ودعت المسالمة الحكومة التركية إلى فتح تحقيق فوري لكشف ملابسات الحادثة والمسؤولين عنها، وإصدار تعليمات إلى الجنود على الحدود السورية بعدم تطبيق قواعد الاشتباك الحربية على عابري الحدود «خطأ أو قصدًا». وأكدت أن «مقتل سوريين وسوريات عزلاً يتعارض مع ما تبديه حكومة تركيا وشعبها من كرم ضيافة تجاه الفارين أو المطرودين من بلدهم». وأضافت: «يجب عدم ترك الأمور للأخطاء الفردية أو القرارات المتسرعة من قبل بعض الجنود». لكن سرعان ما تراجع الائتلاف عن بيان الإدانة وجرى حذفه من على موقعه الرسمي.
عضو الائتلاف السوري محمد مكتبي اعترف بوجود «تسرّع من قبل الائتلاف في نشر هذا البيان على أثر وقوع الحادث المؤلم». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نتيجة التواصل مع الأصدقاء في الجانب التركي واستيضاح الأمر، تبيّن أن الحادث غير مقصود إطلاقًا، خصوصا أن تركيا معروفة بما قدمته للشعب السوري، ما حصل عبارة عن خطأ، وهناك محاولة لمعالجة المشكلة من جذورها»، مضيفًا: «هناك طريقة قيد البحث الآن تمكّن السوريين الهاربين من البراميل المتفجرة وإجرام بشار والميليشيات الإيرانية والعراقية من دخول الأراضي التركية بطريقة آمنة».
وفي تفسيره لأبعاد التنصل التركي من المسؤولية عن الحادث، أوضح مكتبي أن الخارجية التركية «نفت أن يكون الحادث مقصودًا، وثمة ناحية مهمة نحن نقدرها، وهي أن تركيا تتعرض لعمليات تسلل من قبل مجموعات متطرفة، والدليل عمليات أنقرة وماردين وإسطنبول من قبل (داعش) وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، التي تريد أن تحدث القلاقل وتزعزع الأمن والاستقرار في تركيا».
ونفى مكتبي أن يكون تراجع الائتلاف عن بيان الإدانة خاضعا لضغوط مورست عليه من السلطات التركية، وقال: «هناك تواصل مع الإخوة الأتراك وهم يتابعون هذا الموضوع، نحن على يقين أنه لا يمكن أن يحصل هذا الأمر إلا نتيجة خطأ، والمهم أننا نعالج المشكلة كي لا يتكرر هكذا حادث لأنه ليس من مصلحة السوريين ولا الأتراك».
بدورها أدانت حركة «أحرار الشام الإسلامية»، مقتل 11 مدنيًا برصاص حرس الحدود التركي. وقالت إن «هذا العمل لا يمثل سياسة تركيا نحو الشعب السوري، ولا يتوافق مع القضية والثورة السورية»، محمّلة المهربين «جزءا من مسؤولية ما حصل». وطالبت «أحرار الشام» بفتح تحقيق في الحادثة، لـ«تحديد المسؤوليات واقتراح حلول تمنع تكرار ما حصل»، مؤكدة ضرورة «تحمل الفصائل العسكرية مسؤولياتها حيال عمليات التهريب». ووصفت الحركة أمن الحدود بـ«القضية الجوهرية». وأكدت أنها «تتطلع لتنسيق أفضل يحقق مصالح البلدين (تركيا وسوريا)، ويراعي الوضع الإنساني الذي يمر به السوريون».
ووثّق المرصد السوري، مقتل نحو 60 مدنيًا بينما كانوا يحاولون الفرار من سوريا منذ بداية العام الحالي في حوادث إطلاق نار من جانب قوات حرس الحدود التركية. لكن الجيش التركي نفى صحة هذا التقرير.
وتنتشر مخيمات للنازحين على مقربة من الحدود التركية، وتكرر منظمات حقوق الإنسان دعواتها أنقرة إلى فتح حدودها أمامهم، في حين تقول الأخيرة دائما إنها تتبع سياسة «الباب المفتوح». وتستضيف تركيا 2.7 مليون لاجئ سوري على الأقل، إلا أنها تقفل حدودها حاليا أمام عشرات آلاف الفارين من المعارك في سوريا، وخصوصا في محافظة حلب، حيث يتجمع نحو 165 ألف نازح عند الحدود التركية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.