ثلاثة ملفات لتعزيز شراكة القرن الـ21

محاور قاطرات.. السياسة والأمن والاقتصاد على طاولة اللقاءات

ثلاثة ملفات لتعزيز شراكة القرن الـ21
TT

ثلاثة ملفات لتعزيز شراكة القرن الـ21

ثلاثة ملفات لتعزيز شراكة القرن الـ21

تكتسب زيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة أهمية كبرى في طريق تعزيز الشراكة العتيقة بين الرياض وواشنطن، بعد ملامح الفتور في جدية الإدارة الأميركية التي تقترب من أشهر الوداع في قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا في تعاملها مع إيران والأزمة السورية، ورغم ذلك تعتبر العلاقة آخذة في التطور مهما بلغت فيها من التعقيدات فهي مستمرة ومثمرة، كون الحليفين القديمين يعدان اللاعبين البارزين في المنطقة اللذين يستطيعان تغيير مجريات الأمور بفعل دبلوماسية ووضع اقتصادي واستقرار كبيرين.
وتحكي الأحداث وأزمنتها الكثيرة، انجذابا أميركيا لمواقف السعودية الثابتة، خاصة وأن المنطقة العربية ستكون مسرحا لدور فاعل لعلاقات أكثر تنسيقًا واستقرارًا بين السعودية والولايات المتحدة؛ خاصة وأن الثورات العربية، وإعادة التشكيل السياسي للمنطقة، وقدوم أفكار سياسية يتطلب تنسيقا مستمرا بين البلدين، وهو ما يعني استمرارا راسخا ومتينا للعلاقة بين البلدين، بينما واشنطن تبحث عما يقوي حظوتها في شؤون الطاقة والاقتصاد ولا انفكاك عن المملكة.
بداية المهام في رحلة الأمير محمد بن سلمان، كانت في لقاء مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، تتبعها لقاءات في مدن عدة داخل أميركا تحمل الجوانب السياسية، خاصة في ما يتعلق بالأزمتين السورية واليمنية، والعلاقة مع إيران، وتحمل الملفات الاقتصادية زيارات شاملة لوادي السليكون وتجمع صنّاع التقنية الفريدة الشهيرة. وعلى المستوى الأمني، يعد ملف محاربة الإرهاب ومواجهة التنظيمات الإرهابية وخصوصا تنظيم داعش في سوريا، وفي حماية المعابر المائية ومحاربة القرصنة، وتسريع الإمدادات العسكرية والدعم اللوجيستي في ما يخص الجانب الأمني بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والأمن البحري، ومواجهة تهديدات الجمهورية الإيرانية.
وكانت واشنطن محطة أول زيارة رسمية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في سبتمبر (أيلول) الماضي، ومن هناك قال الملك: «نحن نعتبر أن علاقتنا بالولايات المتحدة الأميركية مفيدة للعالم ومنطقتنا»، في إشارة من الملك سلمان كذلك إلى سعي الرياض الدائم إلى نشر الاستقرار، ومكافحة كل ما يهدد أمن العالم، مؤكدًا أن اقتصاد البلدين اقتصاد حر، وأن هناك تطلعا لزيادة التعاون بين البلدين في كل المجالات، حتى يكون هناك مصالح مشتركة، تضاف إلى التعاون السياسي بينهما، وقال الملك سلمان إن «المملكة العربية السعودية لا تحتاج شيئًا بحمد الله، إنما يهمها الاستقرار والتعاون لترسيخه في المنطقة بما يخدم شعوبها».
وفي الزيارة تلك قدّم، الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، مشروع شراكة استراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين، وكيفية تطوير العلاقة بشكل كبير بين البلدين، وقدم الأمير محمد الذي يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إيجازا للرئيس الأميركي اشتمل على رؤى المملكة حيال العلاقة الاستراتيجية، وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين وأوباما توجيهاتهما للمسؤولين في حكومتيهما بوضع الآلية المناسبة للمضي قدما في تنفيذها خلال الأشهر اللاحقة.
مشروع الشراكة الاستراتيجية للقرن الحالي، هو في منزلة القاعدة الرئيسة التي سيتم على أساسها بناء علاقات اقتصادية وتجارية جديدة أكثر إنتاجية بين البلدين، متضمنة مبادرات وتنويعًا اقتصاديًا على ضوء «رؤية السعودية 2030» الهادفة إلى تنويع المصادر، والاستفادة من البنية البشرية والاقتصادية للبلاد، وتخليص اقتصاد السعودية من الاعتماد على النفط، في ظل الخطة الاستراتيجية المعدة من قبل الحكومة السعودية التي لاقت صداها الإيجابي في الدوائر الاقتصادية عالميا، ومن المتوقع خلال الزيارة الحالية فتح مجال جديد مع عدد من الشركات الأميركية الكبرى خاصة في المجالات الاقتصادية النوعية.
وتشكل زيارة الأمير محمد، محور اهتمام بالغ، بعد ما وصفته بعض مراكز الأبحاث الأميركية بأن واشنطن تفقد ثقة المملكة يوما بعد آخر في إدارة أوباما، إذ كانت إدارة أوباما تتخذ موقفا غير محبب للمملكة بشأن الأحداث في مصر خاصة بعد سقوط حكم الإخوان، وتلكؤ في توجيه ضربة عسكرية ضد نظام الأسد، وتزيد عليه واشنطن اليوم بتوقيع الاتفاق النووي الذي لن يرقى إلى طموحات المملكة رغم ترحيبها الرسمي به ما لم يجعل هناك حدا لعبث إيران في المنطقة.
فيما تركز جوانب أخرى على مدى التفاهم الأمني والاستخباري بين البلدين خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان المهمة إلى الولايات المتحدة، فكلاهما أكد على أنه «لا مكان للأسد في مستقبل سوريا»، وتنتظر الأطراف وضع صيغة لتلك المرحلة على خلفية تعبير السعودية، وفق ما صرح به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بتعبير أن على الأسد الرحيل سواء «عبر تسوية سياسية أو عملية عسكرية»، وأنه لا يمكن فصل محاربة الإرهاب عن حل الأزمة في هذا سوريا.
وتأتي الزيارة، على إيقاعات مختلفة من كشف وكالة المخابرات الأميركية «عدم ضلوع المملكة أو معرفتها بأحداث 11 سبتمبر»، في تأكيد على أن السعودية تحارب الإرهاب، وتعمل بشكل قوي في تجفيف منابعه، فيما كشف التقرير عن قصور في الدور الاستخباراتي داخل الولايات المتحدة.
دول الخليج أصبحت في موقع ثقة بقدراتها الذاتية لحفظ الأمن والاستقرار وحماية الإقليم من التهديدات الإيرانية، ونتيجة ذلك هو تأكيد أوباما على الأعمال العدائية الإيرانية وتهديداتها للمنطقة، وتأثير ذلك في العراق وسوريا ولبنان، عبر إثارة النعرات الطائفية، وتعميق الانقسامات في المجتمعات تلك، واستيعاب الإدارة الأميركية بخطورة وتهديدات إيران المستمرة.
وجاءت قمة الرياض، الخليجية / الأميركية التي استضافتها الرياض أبريل (نيسان) الماضي، التي غلب عليها الجانب الأمني، وطغت تدخلات إيران على أعمال القمة؛ لتعزز تلك الصورة، قبل بضعة أشهر من مغادرة الرئيس أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، حيث أبدى أوباما في ختام القمة أمس عن قلقه من السلوك الإيراني الذي يدعم الجماعات الإرهابية، متعهدًا بمراقبة سفن نقل الأسلحة في المنطقة، وسبقها لقاء تاريخي في «كامب ديفيد» بين الرئيس الأميركي وقادة دول الخليج، رأس الوفد السعودي حينها ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وخلص الاجتماع، إلى أن أي اتفاق شفاف وملزم حول نووي إيران يجب أن يعزز أمن المنطقة، مؤكدًا البيان أن أميركا والخليج سيعملون معا للتصدي لأنشطة إيران التي تزعزع أمن المنطقة، (وكان ذلك ما تحقق من السعودية ودول الخليج بعد أشهر من قمة كامب ديفيد ضد شيطنة إيران).
وزراء دفاع دول الخليج استبقوا القمة الخليجية الأميركية في الرياض، باجتماع مع نظيرهم الأميركي أشتون كارتر، خلصوا فيه إلى التعبير عن قلقهم من استمرار إيران في زعزعة الأمن والاستقرار، والتدخل في شؤون دول المنطقة ودعم المنظمات الإرهابية، فيما أكد وزير الدفاع الأميركي «التزام بلاده بالوقوف مع دول المجلس ضد تلك الممارسات الإيرانية»، وكشف أنه تم خلال الاجتماع بحث العلاقات العسكرية بين الجانبين، وسبل تعزيز التعاون العسكري في عدة مجالات، من بينها منظومة الدفاع الصاروخي، والأمن البحري، والتسليح والتدريب، وأشار إلى أنها «مجالات حيوية لتعزيز القدرات العسكرية لدول المجلس وجاهزيته الدفاعية للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها»، وكذلك بحث التطورات الأمنية في المنطقة، وما تشهده من صراع وحروب وجهود في محاربة تنظيم داعش.



«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور الأراضي ومكافحة الجفاف.

وحقَّقت الدول في «كوب 16» تقدماً ملحوظاً في وضع الأسس لإنشاء نظام عالمي لمكافحة الجفاف مستقبلاً. كما تم التعهد بتقديم أكثر من 12 مليار دولار.

وأكَّد رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة ختامية، التزام المملكة مواصلةَ جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. وأعرب عن تطلُّع المملكة لأن تُسهمَ مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة في هذا الصدد.