امتدادًا للركود الذي يواجه القطاع العقاري في السعودية، قلّص حلول شهر رمضان أداء السوق العقارية بجميع مفاصلها وقطاعاتها، إذ انخفض الأداء العام للقطاع منذ دخول الشهر بمقدار النصف تقريبًا بحسب مؤشرات العدل العقارية، نتيجة سفر وانشغال معظم المستثمرين وموظفي الشركات العقارية المتخصصة، أو حتى الراغبين في الشراء والبيع، الأمر الذي أسهم في خفض عمليات السوق، وسط توقعات بتزايد هذا الانخفاض مع بداية التطبيق الفعلي لنظام رسوم الأراضي البيضاء، بعد أن أقر مجلس الوزراء لائحته التنفيذية، أول من أمس.
وفضلت بعض الشركات والمجموعات الكبرى المتخصصة في مجالات الإنشاء والبناء التفرغ في الإجازة لإعادة ترتيب أوراقها من جديد.
وأشار خالد المرزوق، الرئيس التنفيذي لشركة الموج العقارية، إلى أن الانخفاض العام لمؤشر حركة السوق لم يكن له أي أثر في تخفيض الأسعار أو تحريكها مقارنة بما كانت عليه طول الفترة الماضية، كما هدأ أداء المكاتب العقارية والحركة العامة للسوق العقارية إلى حد ملحوظ.
وأضاف أن شهر رمضان يعتبر فترة إغلاق المحافظ الاستثمارية كافة، وليست العقارية فقط، إذ غالبًا ما يقضي التجار هذه الفترة مع أهلهم، ويقتصر العمل على فلترة المواضيع القديمة ومراجعة وإتمام الصفقات السابقة، إلا أن القطاع بشكل عام يعيش فترة توقف، نظرًا إلى أن الفترة الذهبية التي تعتمد عليها السوق العقارية هي فترة النهار، وهو أمر يصعب فيه التقاء البائع مع المشتري، ما يجعل التواصل بينهما صعبًا للغاية.
ولفت إلى أن دورة العقار السنوية في السعودية تبدأ من شهر محرم وتستمر حركته حتى دخول شهر رمضان، وتبدأ الحركة فيه بالتقلص أو الركود حتى موسم الحج، باستثناء الفترة الارتدادية التي تستمر 15 يومًا التي تبدأ من منتصف شوال حتى دخول ذي القعدة، موضحًا أن الحديث هنا عن الصفقات العقارية أو المشاريع الكبيرة، ويستثنى من ذلك بعض التحركات الصغيرة التي لا تؤثر كثيرًا في الحركة العامة للسوق، مؤكدًا أن لبدء تطبيق الرسوم دورًا فعالاً إضافيًا في هذا الصدد، خصوصًا بعد أن دخلت مرحلة التطبيق، تماشيا مع إقرار اللائحة التنفيذية من قبل مجلس الوزراء، التي من المتوقع أن تزيد من تقلص حركة السوق حتى تعيدها لقيمتها الطبيعية، وهو الأمر الأكثر توقعًا في ظل الانخفاض الحاد في الطلب.
واستقبلت السوق العقارية المحلية، أول أسبوع من شهر رمضان، بانخفاض قياسي في إجمالي قيمة صفقاتها العقارية بلغت نسبته 49.0 في المائة، لتستقر بنهاية الأسبوع عند أدنى من 3.6 مليار ريال فقط. وتضاعف تأثر السوق العقارية المحلية الموسمية بدخول شهر رمضان، مع حلول موعد بداية التطبيق الفعلي لنظام الرسوم على الأراضي البيضاء بنهاية الأسبوع الماضي، الذي شهد تأخر الإعلان الرسمي عن اللائحة التنفيذية للنظام.
واعتبر عبد الله البراك، الذي يدير عددًا من الاستثمارات العقارية، أن القطاع العقاري لا يحتاج إلى مزيد من الانخفاضات، مثل ما يحصل حاليًا في السوق، الذي قارب أداؤه على التقلص لما يلامس النصف، وهي نسبة كبيرة في قطاع يعاني أساسًا من التقلص في الطلب قبل دخول رمضان الذي يعرف بأن الحركة فيه تنخفض لمستويات كبيرة.
وأضاف أن الرسوم فرضت نفسها بقوة رغم عدم صدور اللائحة التنظيمية حتى الآن، إذ إن الجميع ينتظر انعكاسها على حال السوق، خصوصًا أن الانخفاض هو المتوقع وهو ما يرغب فيه المشترون الذين يمتنعون عن الحركة في هذه الفترة بالتحديد بانتظار ما تفضي إليه الرسوم.
وأكد أن جميع القطاعات العقارية أصابها التقلص، لأن البعض يرى أنها فرصة مناسبة للتريث واختيار العقار المناسب سواء للشراء أو الاستئجار، خصوصًا في مجال المشاريع الاستثمارية، لافتًا إلى أن خيار الاستثمار والعمل في السوق العقارية لا يزال مرتفعًا، ولكن تحكمه الفرصة والوقت المناسب بالدرجة الأولى.
وتابع: «معظم الراغبين في الشراء لا يمكنهم مجاراة الأسعار الحالية للقطاع وهو ما يلقي بظلاله على الحركة العامة أيضًا، وعودة الأسعار إلى طبيعتها سيكون محفزًا كبيرًا لعودة القطاع العقاري لسابق عهده، خصوصًا أن الاقتصاد المحلي يعتبر قويًا ومتماسكًا، وما يحدث في القطاع العقاري أمر مستغرب».
وسجلت العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع انخفاضا بنسبة 25.8 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع السابق بنسبة 6.0 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 3520 عقارا مبيعًا، ووفقا لمعدله الأسبوعي للعام الحالي (4309 عقارات مبيعة)؛ فما زال الأدنى مقارنة بالمعدلات المماثلة طوال الفترة 2012 - 2015 التي راوحت معدلاتها الأسـبوعية بين المعدل الأعلى المسجل خلال عام 2014 عند مستوى 5773 عقارا مبيعا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسـبوعي للعام الحـالي مقـارنة بالمعـدل الأعلى للفـترة نحـو 25.4 في المائة)، والمعدل الأدنى لتلك الفترة خلال عام 2012 عند مستوى 4793 عقارا مبيعا (بلغت نسبة انخفاض المعدل الأسبوعي للعام الحالي مقارنة بالمعدل الأدنى للفترة نحو 10.1 في المائة).
وفي شأن متصل، ذكر علي التميمي صاحب «شركة تميم للإنشاءات العقارية»، أن هذا الهدوء الذي يشهده القطاع يحدث بشكل سنوي في هذه الفترة، وهو في حقيقة الأمر ركود متعمد للشركات والمؤسسات العقارية لترتيب أوراقها من جديد من أجل إعادة وضع الاستراتيجيات الجديدة، بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، خصوصا أن السوق العقارية متقلبة وشركات التطوير العقاري التي ترغب في الاستمرار في السوق عليها أن تراجع أداءها واستراتيجيتها، خصوصًا أن فرض الرسوم أعاد بعثرة القطاع العقاري من جديد، كما أن هذه الشركات تحتاج في كل فترة إلى إعادة وضع الخطط المناسبة، من أجل اقتناص الأرباح وإعادة تحقيق الإيرادات وفقا لما يرسم خلال هذه الأيام لسير العمل خلال العام المقبل.
وأشار إلى أن العقار يعيش فترة ركود صاحبه تأثير محدود على الأسعار، إلا أن شهر رمضان يزيد من هذا الركود ما يجعل القطاع يدخل مرحلة أشبه بالإجازة الإجبارية.
وحول أكثر القطاعات تأثرا في رمضان، أوضح المحيا أن الهدوء يسود جميع الفروع، إلا أن مبيعات الأراضي هي الأكثر تأثرًا، يقابلها حركة معقولة تعد متسيدة على باقي الفروع، وهي حركة التنقل بين المنازل المستأجرة، وذلك استغلالا لفترة الإجازة التي تقاطعت مع حلول الشهر الفضيل، مستطردًا بأن هذا الهدوء لم يؤثر بشكل متوقع على الأسعار؛ بمعنى أن الانخفاض في هذه الفترة متوقف على الأداء العام وليس القيمة، وهو الأمر الذي ظل ثابتًا لفترة طويلة؛ حيث إن نسبة ضمور العمليات لم تؤثر بشكل مباشر على القيمة التي انخفضت حتى الآن بنسب ضئيلة لا ترتقي لحجم نزول الحركة.
وكان مجلس الوزراء، أقر في جلسته، أول من أمس، اللائحة التنفيذية لنظام رسوم على الأراضي البيضاء، التي يقصد بها كل أرض فضاء مخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري داخل حدود النطاق العمراني، على أن يكون تطبيق الرسوم على الأراضي الخاضعة للنظام ولائحته وفقًا للمراحل التالية: الأراضي غير المطورة بمساحة عشرة آلاف متر مربع فأكثر الواقعة ضمن النطاق الذي تحدده الوزارة، إضافة إلى الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط معتمد واحد ما دام مجموع مساحتها يزيد على عشرة آلاف متر مربع، وأخيرًا الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط واحد معتمد ما دام مجموع مساحتها يزيد على خمسة آلاف متر مربع، على أن تتولى وزارة الإسكان تحصيل الرسوم المقررة في هذا الشأن وكذلك الغرامات المترتبة على مخالفة النظام أو لائحته، كما تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع التهرب من دفع هذه الرسوم والغرامات.
«رمضان» يشكل ضغطًا إضافيًا على أداء العقار السعودي.. ويفقده نصف حركته
توقعات بتأثير اعتماد لائحة رسوم الأراضي على حركة السوق
«رمضان» يشكل ضغطًا إضافيًا على أداء العقار السعودي.. ويفقده نصف حركته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة