«المنطاد الطائر» في الأقصر.. متعة التحليق فوق ثلث آثار العالم

جولة سياحية تجوب فيها معابد الفراعنة وآثارهم

البالونات الطائرة بألوانها الزاهية  -  رحلات جميلة لمغامرة لا تنتسى ({الشرق الأوسط})  -  من أجمل الرحلات لرؤية الآثار من فوق
البالونات الطائرة بألوانها الزاهية - رحلات جميلة لمغامرة لا تنتسى ({الشرق الأوسط}) - من أجمل الرحلات لرؤية الآثار من فوق
TT

«المنطاد الطائر» في الأقصر.. متعة التحليق فوق ثلث آثار العالم

البالونات الطائرة بألوانها الزاهية  -  رحلات جميلة لمغامرة لا تنتسى ({الشرق الأوسط})  -  من أجمل الرحلات لرؤية الآثار من فوق
البالونات الطائرة بألوانها الزاهية - رحلات جميلة لمغامرة لا تنتسى ({الشرق الأوسط}) - من أجمل الرحلات لرؤية الآثار من فوق

إحساس ممتع بالدهشة سوف يغمرك وأنت تحلق فوق ارتفاع يزيد على الألف قدم في السماء تلمس فيها أشعة الشمس الحانية وقت الشروق، وأنت تشاهد المعابد الفرعونية القابعة على ضفتي النيل منذ آلاف السنين. إنه الشعور الذي سيتملكك إذا قمت برحلة «المنطاد الطائر» أو «البالون الطائر».
تعتبر مدينة الأقصر وجهة سياحية عالمية لمحبي وعشاق رحلات البالون الطائر، فما يميزها عن باقي الدول هو أن رحلات البالون لا تتوقف على مدار العام، وهي مدرجة يوميًا على أجندة السياحة في المدينة. ويقول أحمد عبود، رئيس الاتحاد المصري لشركات البالون الطائر، لـ«الشرق الأوسط»: «إن تلك الرحلات السياحية بدأت منذ عام 1980 وهي تتم تحت إشراف وزارة الطيران المدني المصرية، التي تشرف على تدريب الطيارين المرافقين للسائحين بدلاً من العاملين في شركة المطارات المصرية».
وتتوقف رحلات البالون‫‏الطائر على نتائج الأرصاد الجوية، التي يتم متابعتها من قبل شركات البالون، التي تجمع تقارير من هيئة الأرصاد. ويقول هاني السيد، مدير إحدى الشركات الكبرى في سياحة البالون بالأقصر: «يوميًا لدينا 16 رحلة بالون تحلق بسماء المدينة مع شروق شمس كل يوم، تحمل على متنها 320 سائحًا أجنبيًا أو مصريًا».
قبل أن تقوم بحجز رحلتك، عليك أن تعلم أن هناك أنواعًا من رحلات البالون الطائر تختلف بحسب الغرض. فمثلاً لعشاق الخصوصية أو لمن يرغبون في الاحتفال بأعياد الزواج أو المناسبات العائلية، يمكن حجز رحلة خاصة بتكلفة نحو 70 دولارًا للفرد، وتقل تلك الرحلة من 6 أشخاص حتى 12 شخصًا. وتتضمن احتفالاً صغيرًا عند الهبوط تنظمه لك الشركة المنظمة للرحلة لمفاجأة شريك حياتك. وهناك رحلات لبالون يتسع لنحو 16 شخصًا، أما الرحلات الجماعية الكبيرة فيمكنها ركوب رحلة الـ20 فردًا، التي تبلغ تكلفتها نحو 1700 دولار، ورحلة الـ24 فردًا، وتبلغ تكلفتها 1850 دولارًا.
* استعدادات الرحلة
تستغرق الرحلة داخل البالون نحو 45 دقيقة، بينما يستغرق وقت الرحلة كاملة منذ لحظة الترجل من الفندق، وحتى الوصول إليه نحو 4 ساعات، وينبغي أن تدرك أنك ستظل واقفًا طوال مدة تحليق البالون في الهواء، فاحرص على ارتداء حذاء رياضي مريح ومناسب في حال تم الهبوط على أرض زلقة أو رملية. لا تتناول أكوابًا من القهوة أو الشاي حتى لا تضطر للدخول لقضاء الحاجة بشكل متكرر قد يعرقل الاستمتاع بالرحلة. احرص على جلب زجاجة مياه معدنية، ولا تحضر معك حقيبة كبيرة بل حقيبة ظهر خفيفة ومحكمة الغلق، ولا بد من أن تتأكد من الكاميرا الخاصة بطاريتها لا تحتاج للشحن، حتى لا تفوت التقاط الصور وتسجيل الرحلة بالفيديو، ويفضل جلب «سيلفي ستيك» للقطات مميزة فوق معابد الفراعنة. ولا تنس جلب النظارة الشمسية لأنها ستكون خير رفيق عقب شروق الشمس. ولا تصلح تلك الرحلة للأطفال صغار السن أو حتى الأطفال من 6 إلى 15 سنة لأنهم سيملون سريعا من الرحلة وربما لن يمكنك السيطرة عليهم، مما يؤثر على استمتاعك بالرحلة.كما لا يفضل اصطحاب كبار السن ما فوق 55 سنة لأن الرحلة تتطلب اللياقة عند الهبوط.
* نقطة انطلاق البالون
تبدأ الرحلة من مكان إقامتك حيث يأتي إليك المرشد السياحي ليقلك من الفندق بواسطة أوتوبيس سياحي صغير أو بقارب صغير إذا كنت في أحد الفنادق العائمة أو بالبر الشرقي حيث تنتقل إلى البر الغربي للمدينة، لمطار البالون الطائر أمام معبد الرامسيوم بمدينة القرنة بالأقصر، حيث تبدأ الرحلات باكرا من الساعة الرابعة فجرا حتى يمكنك اللحاق بتوقيت شروق الشمس، كما أن جميع البالونات الطائرة تهبط على الأرض في تمام الساعة السابعة صباحا.
ويوجد عدد من الشركات التي تنظم رحلات المناطيد التي يمكنك أن ترتب القيام برحلة عن طريقها بشكل مباشر، فهي تخضع لأنظمة أمن صارمة، وتبدأ أولى مراحل رحلة الإقلاع بالبالون الطائر بالبحث عن موقع إطلاق ملائم له، ثم ملء غلاف البالون الطائر بالهواء، مع توجيه مروحة كبيرة لتبريد الهواء داخل الغلاف الداخلي للمنطاد، حتى يتاح لطاقم الطيران استقلال المنطاد، وبعد ذلك يشعل الربان موقد الغاز المشتعل بأسفل المنطاد، وتبدأ عملية تسخين الهواء وعند الإقلاع يزيد الربان من حجم اللهب، عن طريق فتح صمام الوقود أكثر لزيادة الغاز المتدفق لينطلق المنطاد مرتفعًا في الجو.
مع اشتعال النيران سوف تتسارع دقات قلبك تحمسًا لتلك المغامرة المثيرة، بعد أن تصعد للسلة عبر سلم خشبي صغير، لا تنزعج بصوت النيران التي تعمل على تسخين هواء البالون، فالبالون يخضع لمعايير السلامة الأوروبية.
مع الارتفاع التدريجي للبالون سوف تشعر بخفة جسدك ومتعة التحليق كطائر في سماء الأقصر، وإذا كنت من أصحاب القلوب الضعيفة، فحاول ألا تنظر للأسفل مباشرة، بل حدق بنظرك للأمام وعادة ما يزول القلق بعد دقائق، ويمكنك مضغ اللبان «العلكة» لتخفيف التوتر. يحلق البالون تدريجيًا ليصل إلى ارتفاع 500 متر (1500 قدم) تقريبًا، وهنا تكتمل المتعة، وسوف تود لو تصرخ صرخة ليوناردو دي كابريو الشهيرة في فيلم «تيتانيك».. «I›m the King of the world».
* بانوراما المزارات التاريخية
«هنا معبد حتشبسوت» يروي لك مرشدًا سياحيًا تاريخ المعبد الذي شيدته أقوى امرأة في تاريخ مصر، ثم يجوب بك المنطاد فوق بانوراما لمنطقة وادي الملوك، ووادي الملكات، ومقابر النبلاء، معبد الرامسيوم، معبد هابو، تمثالي ممنون، وغيرها من المعالم الشهيرة التي تخلد مدينة الأقصر. ويمكنك الاستمتاع للشرح بالإنجليزية والفرنسية والألمانية. وبالطبع الإحساس الذي تبعثه الجولة السياحية البانورامية من فوق السحاب إحساسًا خياليًا مدهشًا أشبه بالمشاهدة عبر بلورة زجاجية سحرية.
* لحظات الهبوط
لا تنقطع الإثارة طوال الرحلة وتبلغ ذروتها عند لحظات الهبوط والعودة إلى الأرض تلك اللحظات التي ينبهك فيها قائد البالون إلى ضرورة التشبث بأقرب حبل إليك، والجلوس داخل السلة حتى يتم الهبوط بسلام حيث سيتم إطفاء النيران التي تساعد على تسخين الهواء بداخل البالون ليتثاقل الهواء تدريجيا ويهبط البالون على الأرض. وعند الانتهاء من رحلتك فإن نظام الهبوط في تلك البالون الطائر يعتمد على الوسادة الهوائية التي يتم فتحها وسحبها في أثناء الطيران، والتي تمكّن من الهبوط في أي مكان.
وما إن تلامس السلة سطح الأرض يهنئ الركاب بعضهم، ليأتي عمال البالون لجمعه، وإذا رغبت في مشاركتهم فهم يرحبون بذلك تمامًا، وهي تجربة ممتعة، عادة ما يعقبها احتفال وتناول وجبة الإفطار والعصائر والمشروبات. بعدها يمكنك التوجه لقائد البالون حيث تحصل على شهادة بأنك قمت برحلة البالون الطائر، وهنيئا لك لأنك وقتها ستكون من ذوي القلوب الشجاعة عشاق المغامرات المثيرة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».