«كير»: 100 ألف طفل في سوق العمل.. 40 % منهم يمارسون أعمالاً شاقة

المنظمة العالمية حذرت من الأثر المباشر لأزمة سوريا على مستقبل أطفالها

رجلان سوريان يساعدان امرأة متأثرة من القصف الجوي للنظام على كفردوما أمس (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يساعدان امرأة متأثرة من القصف الجوي للنظام على كفردوما أمس (أ.ف.ب)
TT

«كير»: 100 ألف طفل في سوق العمل.. 40 % منهم يمارسون أعمالاً شاقة

رجلان سوريان يساعدان امرأة متأثرة من القصف الجوي للنظام على كفردوما أمس (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يساعدان امرأة متأثرة من القصف الجوي للنظام على كفردوما أمس (أ.ف.ب)

حذرت منظمة «كير» العالمية من الأثر السلبي المباشر للأزمة السورية على مستقبل الأطفال السوريين؛ إذ أُجبر كثير منهم على الانخراط في عمالة الأطفال. وقالت المنظمة في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، الذي يوافق اليوم الأحد، أن هذه الظاهرة مستمرة ومتفاقمة طول الأزمة التي دخلت عامها السادس، وأن الأطفال يجدون أنفسهم في ظروف قاسية ما يؤدي لاستغلالهم.
وحسب منظمة العمل الدولية، فإن عدد الأطفال العاملين في الأردن يقدر بأكثر من 100 ألف، مرتفعًا من 33 ألف قبل بداية الأزمة، يمارس نحو 40 في المائة منهم أعمالاً شاقة وخطرة، كالعمل في مرأب للسيارات وأعمال الميكانيك. وقالت مديرة منظمة «كير» العالمية في الأردن، سلام كنعان: «لقد انقطع كثير من الأطفال اللاجئين السوريين في الأردن عن الدراسة، لاضطرارهم لأن يكونوا المعيلين الوحيدين لأسرهم. مثلاً فإن نحو ثلث العائلات السورية في الأردن ترأسها نساء، وغالبًا ما تخشى النساء اللاجئات أن يكنّ عرضة لظروف عمل غير ملائمة، أو يعانين من مشقة إيجاد أعمال مضمونة الدخل، ما يجبرهن على الزج بأطفالهن للعمل بدلاً من الالتحاق بالدراسة». ووفق معلومات منظمة العمل الدولية يتغيب ما يقارب 90 ألف طفل سوري عن مقاعد الدراسة.
وأضافت كنعان أن منظمة «كير» العالمية في الأردن تقوم منذ شهر سبتمبر (أيلول) عام 2014 بتطبيق برنامج «النقد مقابل التعليم»، وهو عبارة عن إجراء يسعى لضمان حق الأطفال من اللاجئين السوريين في التعليم، وذلك بإبعادهم عن سوق العمل وإعادتهم للمدرسة. وأوضحت أن البرنامج يقوم بدعم عائلات سورية ينطبق عليها وصف أنها «في مرحلة الخطر»، وتشجيعهم على إبقاء أبنائهم في المدرسة وتجنب انخراطهم في عمالة الأطفال أو الزواج المبكر أو الإجباري، وما إلى ذلك من الممارسات السلبية. وأردفت: «إن البرنامج بدأ بمائة طفل في السنة الأولى وتوسع ليشمل نحو 500 طفل في السنة الثانية، بما في ذلك كل الأطفال الذين أمكن إشراكهم في السنة الأولى». ثم قالت: «إن البرنامج على وشك دخول سنته الثالثة بعدد أكبر من الأطفال».
وتابعت كنعان شرحها قائلة: «إن معدل الدخل للطفل السوري العامل الواحد يصل لنحو 40 دولارا في الشهر، وهو مبلغ متدن جدًا. بدأنا ببرنامج النقد المشروط بتزويد كل عائلة بمبلغ مائة دولار في الشهر على مدى السنة الدراسية، بشرط إرسال الطفل إلى المدرسة، وتجنب إرساله (أو إرسالها) إلى العمل. ثم أشارت إلى أن «كير» تتولى أيضًا مراقبة انتظام الطفل بحضوره في المدرسة وتحصيله العلمي عبر العام الدراسي، وقالت: «حتى الآن فإن نسبة نجاح البرنامج هي مائة في المائة، حيث لم يقم أي طفل داخل البرنامج بترك الدراسة، وسنقوم هذا العام بتوسيع البرنامج ليشمل عددًا أكبر من الأطفال إضافة لرفع الدعم الشهري من 100 دولار إلى 140 دولار للعائلة، حتى تشعر العائلات أن بإمكانها تلبية حاجاتها بشكل أفضل».
من ناحية أخرى، باشرت الحكومة الأردنية ابتداءً من شهر أبريل (نيسان) الماضي، اتخاذ تدابير من شأنها تسهيل عملية حصول اللاجئين السوريين على تصاريح عمل، ما يضمن حصولهم على فرص في سوق العمل الأردني، من دون المجازفة بالعمل بشكل غير قانوني، وبالتالي التعرض للاستغلال والحرمان من حقوقهم. وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإن هذه التدابير الجديدة تسمح لنحو مائتي سوري يوميًا بتصويب أوضاع عملهم قانونيًا.
هذا، ورحبت منظمة «كير» بقرار الحكومة الأردنية، الذي تأمل المنظمة أن يساعد على الحد من عمالة الأطفال الذين في كثير من الأحيان يضطرون للعمل، كونهم، بحسب بعض الروايات، أقل عرضة للحبس أو التسفير في حال ضبطهم يعملون مخالفين للقانون. ومن جانب آخر، حثت «كير» المجتمع الدولي «على توفير مزيد من الدعم المادي للدول المستضيفة، كالأردن ولبنان وتركيا، التي هي بأشد الحاجة لهذا الدعم للاستجابة للعبء الذي تضيفه الأزمة»، وهي تقول إنه «حتى الآن استجيب فقط لربع المناشدة المادية التي أطلقتها الأمم المتحدة للاستجابة للأزمة السورية في المنطقة». وأكدت كنعان أنه «من دون دعم عائلات اللاجئين السوريين والدول المستضيفة، ومن دون مصادر دخل وسبل معيشة مستقرة، فإن عدد الأطفال السوريين المجبرين على الانخراط في عمالة الأطفال سيتزايد وستتفاقم أوضاعهم وسيبقون محرومين من التعليم».
على صعيد متصل شددت وزارة العمل الأردنية على أن قضية عمل الأطفال والحد منها من القضايا التي تشغلها، وخصوصا في ظل المستجدات على الساحة، وأن عمل الأطفال يمثل انتهاكا لحقوقهم. ودعت الوزارة في بيان لها إلى تضافر الجهود الوطنية والدولية لمواجهة هذه المشكلة، لا سيما بعد تناميها بسبب أزمة اللجوء السوري وما شكله اللجوء من أعباء إضافية.
كذلك أشار البيان إلى أهمية التزام أرباب العمل بالامتناع عن تشغيل الأطفال ممن هم دون السن القانونية، كما دعا أسر الأطفال العاملين إلى تحمل مسؤولياتها والتنبه للأخطار والأضرار التي يتعرض لها الأطفال. وقالت الوزارة إن أحدث تقديرات منظمة العمل الدولية التي نُشرت في عام 2013 حول عدد الأطفال العاملين في العالم يبلغ 168 مليونا، منهم 85 مليونا يعملون في أسوأ أشكال عمل الأطفال. وجاء في البيان أن الأردن من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي، وتماشيا مع التشريعات والسياسات الوطنية والاتفاقيات الدولية، أنشأت وزارة العمل قسم عمل الأطفال في عام 1999. كما أقر الأردن في عام 2011 الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال، ويهدف إلى المساهمة في الحد من مشكلة عمل الأطفال. أيضًا ورد في البيان أن قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته، عالج ونظم ظاهرة عمل الأطفال من حيث منع تشغيل الحدث الذي لم يكمل 16 سنة، ومنع تشغيل الحدث في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة حتى سن 18 سنة. وأضاف البيان أن قانون العمل الأردني لا يميز بين العامل المهاجر والعامل الوطني، ومن هذا المنطلق يتم التعامل مع الطفل العامل كحالة عمل بصرف النظر عن جنسه أو جنسيته، وينسجم ذلك مع المعايير الدولية التي صادقت عليها الأردن.
واختتم بالقول، إنه «جرى تطوير قدرات العاملين في مكافحة عمل الأطفال من خلال التأهيل والتدريب المستمرين لمفتشي العمل، على موضوعات تقنيات المقابلة والاتصال الخاصة بالأحداث، وطرق تحديد أشكال عملهم ومخاطر بيئة العمل، بالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة، وزادت الوزارة عدد مفتشي العمل ليصل إلى نحو 230 مفتشا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.