عمليات حرق لصور الخميني والمرشد الإيراني خامنئي في المحافظات الجنوبية

مخاوف من مواجهات شيعية ـ شيعية والصدر يدعو إلى إبعاد النجف عن موجة المظاهرات

صور لمتظاهرين شيعة في العاصمة العراقية بغداد
صور لمتظاهرين شيعة في العاصمة العراقية بغداد
TT

عمليات حرق لصور الخميني والمرشد الإيراني خامنئي في المحافظات الجنوبية

صور لمتظاهرين شيعة في العاصمة العراقية بغداد
صور لمتظاهرين شيعة في العاصمة العراقية بغداد

في إطار الاستعدادات الداخلية العراقية للتأهب لموجة حرق الأحزاب في المحافظات، قامت مجموعات بعمليات اقتحام شملت حرق صور رموز دينية عائدة لتلك الأحزاب، ومن بينها صور الخميني والمرشد الإيراني خامنئي، وقال عضو مجلس إحدى المحافظات الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه: إن «عمليات الحرق شملت الكثير من مقرات الأحزاب والفصائل، ومن بينها فصائل تابعة لإيران وتوجد على واجهاتها لافتات وشعارات تحمل صور من يقلدونهم من رجال الدين، ومن بينهم زعماء الجمهورية الإسلامية، لكن من بينهم أيضا قيادات سياسية تتولى قيادة أحزاب إسلامية هي الأخرى»، وتتزامن أعمال أتباع التيار الصدري الذين يقفون خلف هذه الأعمال مع تواجد الصدر في إيران لغرض الاعتكاف.
إلى ذلك، أعطت قوى وأحزاب شيعية عدة في محافظة العمارة التيار الصدري مهلة 24 ساعة لإعلان البراءة من العناصر التي قامت بحرق مقراتهم، ومن بينها مقرات عائدة لفصائل بالحشد الشعبي. ومن بين الأحزاب والقوى التي وقعت على البيان «منظمة بدر وحزب الدعوة المقر العام وحركة الجهاد والبناء والمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة تنظيم الداخل وعصائب أهل الحق وسرايا الخرساني وجند الإمام والفضيلة وكتائب الإمام علي ولواء أبو الفضل العباس».
في هذه الأثناء، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إبعاد مدينة النجف من المظاهرات بعد موجة حرق مقار الأحزاب التي تعود إلى عدد من الحركات والقوى السياسية والدينية الشيعية في مدن ومحافظات الوسط والجنوب. وقال الصدر ردا على سؤال لأتباعه من أهالي مدينة النجف بخصوص صدور تعليمات من مكتب الصدر إلى إبعاد المدينة من المظاهرات، قال في بيان له أمس (الجمعة) «نعم أبعدوا النجف الأشرف عن التظاهر؛ فلها قدسية ولها ظرفها الخاص، ومن شاء فليتظاهر في بغداد». وأضاف الصدر: إن «الضغط على مقار الأحزاب الفاسدة يجب أن يكون سلميًا سواء في النجف أو في باقي المحافظات».
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد دعا إلى تأجيل المظاهرات المطالبة بالإصلاح خلال شهر رمضان وانطلاق معركة الفلوجة، معتبرا أن التظاهر خلال رمضان عبادة بحد ذاته؛ فقد بدأت المخاوف تتسع من احتمال حدوث مواجهة شيعية ـ شيعية في محافظات الوسط والجنوب بعد سلسلة عمليات حرق مكاتب عدد من الأحزاب الشيعية هناك من قبل متظاهرين يعتقد أنهم ينتسبون للتيار الصدري.
وكانت الأجهزة الأمنية قطعت كل الطرق والجسور المؤدية إلى ساحة التحرير وسط بغداد التي تشهد مظاهرات أسبوعية كل جمعة منذ نحو سنة احتجاجا على عدم قدرة الحكومة عن تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين. وبينما حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مما أسامه التصرفات «المتهورة» التي تستهدف أي مؤسسة عامة أو مكتب كيان سياسي، فقد أعلنت وزارة الداخلية أنها اتخذت كافة الإجراءات الهادفة إلى حماية مقرات الأحزاب والمنشآت العامة.
العبادي وفي بيان له أكد أنه سيقف «بقوة وحزم لردع المتجاوزين على النظام العام وأرواح الأبرياء»، مطالبا قادة الكتل السياسية بـ«رفض هذه الأفعال المشينة واستنكارها»، داعيًا المتظاهرين إلى «إعلان البراءة من هذه الأفعال المتطرفة التي تسببت بوقوع ضحايا وإشاعة الرعب والقلق في صفوف المواطنين».
من جهتها، فقد أكدت وزارة الداخلية جاهزيتها لردع أي محاولة تستهدف الإخلال بالنظام العام في العاصمة بغداد. وقالت الوزارة في بيان لها: إن «مهمتنا ومسؤوليتنا الدستورية والقانونية هي المحافظة على الأمن والنظام العام وتأمين السلم الأهلي والتصدي للعناصر المخلة بالأمن والخارجين على القانون مثلما هي وظيفتنا في التصدي للإرهابيين ومنع ارتكاب الجرائم». وشدد على أن «استراتيجية (داعش) في هذه المرحلة تركز على إشغال الأجهزة الأمنية في أكثر من اتجاه، ومحاولة تشتيت الجهد الأمني والعسكري لتخفيف الضغط الكبير الذي تمارسه القوات الأمنية في الفلوجة وغيرها». وتعهد البيان بحماية «الممتلكات والمؤسسات العامة والخاصة والمقرات السياسية للقوى والأحزاب والمنظمات المختلفة باعتبارها تشكل صورة عن المجتمع، ومن لديه مساع أو مشاريع إصلاحية أو يريد ممارسة الضغوط السياسية عليه أن يلجأ إلى الأساليب السلمية التي كفلها القانون والدستور، لكن وظيفة الأجهزة الأمنية هي منع التجاوز على القانون والحريات المكفولة».
من جهته، أكد القيادي بالتيار المدني الديمقراطي وأبرز منظمي المظاهرات في بغداد جاسم الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المظاهرات التي يقومون بها أسبوعيا في بغداد وبالتنسيق مع جهات كثيرة، وفي المقدمة منها التيار الصدري إنما هي مظاهرات سلمية وتهدف إلى تحقيق الإصلاح الحقيقي الذي ينتظره المواطن. وأضاف الحلفي: «إن كل التصرفات المنافية للمبدأ العام للمظاهرات لا تعبر عن حقيقة هذه المظاهرات، وإنما تقوم بها أطراف تحاول العبث وجرف المظاهرات عن مسارها الصحيح، بالإضافة إلى أن الجهات الأمنية تقوم أحيانا بعمليات استفزازية تؤدي إلى حصول مصادمات». وأوضح أن الممارسات التي تحصل هنا أو هناك لا تحسب على المتظاهرين الذين أثبتوا التزامهم بالسلمية التامة وهو ما سنستمر عليه خلال مظاهراتنا التي أصبحت أهدافها معروفة ولا تحمل سوى العلم العراقي».
إلى ذلك، حذر رجل دين شيعي بارز من احتمال حدوث مواجهة شيعية ـ شيعية بعد اتساع نطاق عملية إحراق عدد من مقرات الأحزاب السياسية في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية، ومنها البصرة وذي قار والعمارة وواسط. وقال خطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي خلال صلاة الجمعة بمدينة النجف: إنه «في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لتحرير الفلوجة نشهد عمليات لإيقاع فتنة في الصف الشيعي لخلق معركة شيعية - شيعية»، مبينًا أن «هناك مجموعات مجهولة الهوية تعتدي على مؤسسات الدولة ومقرات كيانات سياسية وممتلكات عامة، وهذه أعمال مرفوضة ومدانة». وأضاف القبانجي: إن «الحكومة مسؤولة عن توفير الحماية للمؤسسات الدولة ومقرات الكيانات السياسية مثلما هي مسؤولة عن حماية المتظاهرين والأمل من جميع الجهات السياسية برفع يدها عن هذه المجموعات المجهولة الهوية وإعلان البراءة منهم»، محذرا المتظاهرين من «المندسين والنظر لمن حولهم».
وأشار إلى أن «المستفيد من هذه الأعمال هم الأعداء والاضطرابات الأمنية، ولا سيما في بغداد وكربلاء، التي تتزامن مع تحرير الفلوجة وتأتي من أجل فك الخناق عن (داعش) وهي فرصة للتنظيم بعد أن فشلوا في مواجهتنا»، موضحًا أن القيادات الدينية «مع المتظاهرين ولكن التجاوز ليس إصلاحا، ولا أحد يقبل بالاعتداء على المؤسسات وصور المراجع والشهداء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».