الميليشيات الشيعية تعتقل 3800 نازح من الفلوجة.. وإطلاق سراح 600

المجاميع المسلحة تشكل لجنة خماسية للتحقيق مع الفارين من جحيم «داعش»

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته معسكرا للقوات العراقية بالقرب من الفلوجة في بداية هذا الشهر (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته معسكرا للقوات العراقية بالقرب من الفلوجة في بداية هذا الشهر (رويترز)
TT

الميليشيات الشيعية تعتقل 3800 نازح من الفلوجة.. وإطلاق سراح 600

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته معسكرا للقوات العراقية بالقرب من الفلوجة في بداية هذا الشهر (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته معسكرا للقوات العراقية بالقرب من الفلوجة في بداية هذا الشهر (رويترز)

حذر مجلس محافظة الأنبار من استمرار الانتهاكات والجرائم التي يقترفها عناصر تابعة لميليشيات «الحشد الشعبي» المتطرفة وأخرى تابعة للقوات الحكومية العراقية بحق أهالي مدينة الفلوجة الهاربين من قبضة تنظيم داعش، والتي أدت إلى تصاعد مخاوف المدنيين وعزوف العائلات من الخروج من المدينة، فيما يحاول التنظيم المتطرف كسب هذه الانتهاكات باحتواء المتبقي منهم وتجنيد الشباب والرجال إلى صفوفه.
وقال المتحدث الرسمي بلسان مجلس محافظة الأنبار عذّال الفهداوي إن الانتهاكات والجرائم التي اقترفت بحق مدنيي الفلوجة والتي تناقلتها كل وسائل الإعلام في العالم بالصورة والصوت أدت إلى عزوف العائلات عن الخروج من مدينة، وأضاف: «وهذا ما لحظناه في الفترة الأخيرة فبعد موجة النزوح الكبرى للعائلات التي خاطرت بأرواحها وعبرت نهر الفرات سباحة وعبر قوارب خشبية محلية الصنع من أجل الوصول إلى القوات الأمنية بعدما طالبنا منهم عبر المنشورات وعبر وسائل أخرى بضرورة الخروج عبر الممرات التي وفرتها قطعاتنا المسلحة ووعدناهم باحتضانهم وإخراجهم من قبضة التنظيم الإرهابي، وبعد أن تعرضت العائلات التي تمكنت من الخروج إلى عمليات عزل الرجال والشباب من بقية العائلات واقتيادهم إلى مراكز للحجز وهناك من وقع تحت يد عناصر ميليشياوية هدفها الانتقام من أهالي الفلوجة وتعرض المئات منهم لأبشع وسائل التعذيب، فيما تم قتل أكثر من 100 شخص آخرين والتمثيل بجثثهم، الأمر الذي أسفر عن انخفاض هائل في أعداد العائلات التي تروم الخروج من المدينة».
إلى ذلك أكد نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي اعتقال أكثر من 3800 شخص من أهالي الفلوجة من الرجال والشباب من هم فوق العمر 12 عاما في أماكن خصصت لهذا الشأن من أجل استكمال إجراءات التحقيق معهم من قبل لجنة خماسية تشكلت لهذا الغرض والتأكد من عدم انتمائهم لتنظيم داعش.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن العائلات الخارجة من مدينة الفلوجة التي تمكنت من الوصول إلى القطعات الأمنية يتم على الفور عزل الرجال والشباب منهم على الفور واقتيادهم إلى معتقلات في مدينة العامرية فيما تم نقل النساء والأطفال وكبار السن إلى مخيمات النزوح، ووصل عدد المعتقلين من أهالي الفلوجة إلى 3800 شخص اعتقلوا في مخازن من أجل عدم تعرضهم لأشعة الشمس، وتمت عمليات التحقيق مع قسم منهم وتم إطلاق سراح 600 شخص لم يثبت عليهم أي مؤشر سلبي بينما تم نقل 450 آخرين إلى معتقل في الحبانية أثبتت التحقيقات الأولية تورطهم مع التنظيم الإرهابي فيما لا يزال العدد المتبقي بانتظار استكمال التحقيقات وخلال الأسبوع القادم ستتم عملية حسم ملفات كل المحتجزين، وأن الذي لم يثبت أي شيء ضده ولا يوجد اسمه في قاعدة البيانات، سيتم إطلاق سراحه ونقله إلى المخيمات التي تسكن فيها عائلته، أما الذي يتم إثبات مؤشر أمني ضده، فسيتم إصدار قرار القبض عليه من قبل القضاء العراقي وتتحول دعوته إلى المحاكم المختصة.
وأشار العيساوي إلى أن «أكثر من 500 رجل من أهالي الصقلاوية الذين تمكنوا من الخروج من قبضة تنظيم داعش مع عوائلهم هم الآن في عداد المفقودين ولا نعرف هل هم في قبضة الميليشيات أم في قبضة تنظيم داعش، فيما تمت تصفية عدد كبير من أهالي مدينة الفلوجة على يد عناصر ميليشاوية تسببت في إحداث أزمة ثقة لأهالي مدينة الفلوجة المحاصرين الآن في قبضة التنظيم الإرهابي بقواتنا الأمنية بعد ما لمسوه من انتهاكات وجرائم بحق أبنائهم».
وناشد العيساوي المنظمات الإنسانية في العالم مساعدة النازحين من أهالي الفلوجة الذين وصل عددهم إلى 20 ألف نازح يعانون من العيش في ظروف كارثية في مخيمات النزوح في عامرية الفلوجة، فهناك نقص شديد في المواد الغذائية والطبية وحتى مياه الشرب ستتسبب حتمًا في حدوث وفيات بين عدد كبير من النازحين مع ارتفاع كبير بدرجات الحرارة وعدم إمكانية حكومة الأنبار المحلية تلافي هذا الوضع الكارثي.
من جانب آخر التقت «الشرق الأوسط» ببعض العائلات التي تمكنت من الخروج من مدينة الفلوجة والإفلات من قبضة إرهابيي «داعش»، وقالت السيدة أم عدنان (50 عاما): «خاطرنا بحياتنا من أجل الهروب من الموت إلى الحياة، ولم نكن نعلم أننا خرجنا من موت إلى موت محقق آخر، فبعد رحلة كادت تودي بحياتنا غرقًا في نهر الفرات وبعد أن تمكنا من الوصول إلى القوات الأمنية التي وعدتنا بتقديم المساعدة حال وصولنا إليها، وجدنا العكس من ذلك فلقد اقتادوا زوجي وأولادي الثلاثة إلى مكان لا أعرفه والدموع تنهال من عيوننا جميعا واليوم مضى أربعة أيام وأنا لا أعرف مصير زوجي وأولادي وكلما أسأل عنهم يقولون إنهم في التحقيق، لو كنت أعرف أني سأفارق زوجي وأولادي ما خرجت من الفلوجة أبدا، لقد كذبوا علينا وصدقنا كذبتهم مع الأسف».
من جانبها قالت نازحة عراقية (أم عبد الله، 45 عامًا) عن الأوضاع بعد الخروج من الفلوجة: «إن الأوضاع داخل المدينة كارثية فالقصف، على الأحياء السكنية مستمر ليل نهار وعند حلول شهر رمضان الكريم كنا نتسحر على قطع من الخبز اليابس الذي تركته بعض العائلات الهاربة من قبضة التنظيم الإرهابي والخبز مصنوع من الماش والعدس، وليس من القمح، والفطور على نفس الخبز وماء حار نأتي به من النهر، الحمد لله على كل حال، نتمنى أن تتغير الحال وأن تتحرر المدينة ونعود إلى ديارنا بحول الله وقوته».
ميدانيًا، أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن اقتحام القوات الأمنية محيط الفلوجة الجنوبي، فيما أكدت أن الساعات القليلة المقبلة ستشهد إعلان نتائج عسكرية «مهمة».
وقال المتحدث الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي: «القوات الأمنية التابعة لقوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والفوج التكتيكي في شرطة قامت في صباح الخميس بعملية اقتحام محيط الفلوجة الجنوبي من جهة حي الشهداء الأولى بعد تطهير حي الشهداء الثانية، وتمكنت من قتل العشرات من مسلحي تنظيم داعش».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.