جيمي فاردي.. سوف ينتهي الفيلم بأحداث أكثر إثارة من تلك التي شاهدناها في فيلم «تيرمينيتور». قد يكون كاتب السيناريو منزويًا الآن في مكان ما يحك رأسه ويتمتم قائلا: «آرسنال؟ آرسنال اللعين، يا لها من نهاية! إذا أردنا الاحتفاظ بقدر من التفاؤل، ربما علينا أن ننهي بعبارة مثل أفضل لاعب لهذا العام، أو عندما يسجل اللاعب هدف الفوز في منافسات يورو 2016».
تلك هي المشكلات الواقعية التي نتمنى لها نهايات سعيدة كتلك التي نراها في الحكايات الخيالية. ليس المعنى أنه من غير الممكن للإنسان أن يعيش في سعادة في قادم الأيام، بل المعنى أنه ليس هناك نقطة نهاية محددة، حيث تتواصل فصول القصة سواء للأفضل أو للأسوأ، وتحدث أشياء أخرى وقد تحدث أخطاء.
ليس الغرض من كل هذا الإيحاء بأن انتقال فاردي لفريق الآرسنال سوف يكون خطأ، وإن كان اللاعب الآن مطالبًا باتخاذ قرار صعب. سوف يكون رفض عرض فريق آرسنال عظيمًا لسيناريو الفيلم، فبمقدوره أن يطأ بقدمه على ورقة الموافقة على الرحيل كما فعل جيري كوبر بمال عمدة القرية في نهاية فيلم «هاي نون»، لكن ذلك سيكون خطأ أيضًا. بمقدور فاردي البقاء في ليستر ورؤية باقي أعضاء الفريق منقسمين حوله، وقد يستمر الفريق متحدا ليجد الحياة وقد ازدادت صعوبة الموسم القادم في ظل وجود الخصوم الذين يرفضون إعطاء أي فرصة يمكن استغلالها وراء الخطوط الخلفية.
وفي حال وافق فاردي على العرض المقدم له من نادٍ كبير بحجم الآرسنال بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني يتولى تدريبه مدرب حريص على التطور ومداواة لاعبيه مثل آرسين فينغر، فسوف تكون نهاية القصة أشبه بتلك التي نراها في مجلة «بويز أون» والتي تشبه قصص الأطفال المدرسية. أن استطاع فاردي أن يثبت امتلاكه لمقادير الوصفة السحرية والرابطة المفقودة، وذلك النوع من الحديد المقاوم للصدأ الذي افتقدته لفترة طويلة الفرق المصقولة التي دربها فينغر، حينها سوف يكون كل شيء على ما يرام، وسوف تكون قصة عظيمة ذات نهاية عظيمة. لكن إن كافح فاردي ليحدث تأثيرًا، كما فعل بوضوح مع المنتخب الإنجليزي الخميس الماضي، أو في حال فشل آرسنال في التغلب على خدعة فريق ليستر في اللعب من دون كرة وفى امتصاص الضغط المتواصل إلى أن تحين فرصة اقتناص هدف من تمريرتين أو ثلاثة، فلن تكون النتيجة كما يتمناها الجميع.
في الحقيقة، تمنى الجميع أن يحتفظ فريق ليستر بقوامه المتجانس لموسم آخر على الأقل لنرى عما سيسفر التكتيك الذي جلب لهم بطولة الدوري العام وكيف سيساعدهم في منافسات دوري أبطال أوروبا. فالخوف أنه من دون فاردي أو رياض محرز قد يفقد ليستر الكثير من عناصر المفاجأة لديه. نغولو كونتي لاعب آخر يحظى بكثير من الإعجاب، ليس فقط من فريق الآرسنال، وإن كان لن يشكل مفاجأة بنفس القدر لفرق دوري أبطال أوروبا. ولأن فاردي جزء لا يتجزأ من نجاح ليستر، فالأمل أن يجيد كما أجاد دوما في كل اللقاءات السابقة. ففاردي ورياض محرز هما الغازيان اللذان يملأن فراغات الملعب، فهما النشالان، أو بالأحرى هما اللاعبان اللذان يكشفان نياتهما مقدمًا ورغم ذلك يصعب على كائن من كان إيقافهما. ففي تقرير عن فوز ليستر على مانشستر سيتي بنتيجة 3 - 1 الذي أكد فوز الأول بلقب الدوري الممتاز، شبه الناقد الرياضي في الـ«غارديان» بارني روناي طريقة لعب ليستر بحرف «تي» بالإنجليزية، قائلا: «لعبوا هنا بنفس طريقة لعبهم؛ بالدفاع في العمق بكل الفنون والحرف التي يملكونها، ثم الاندفاع للهجوم النشط كما تفعل القوارض».
الأهم من كل هذا أن يكون لعمل تلك القوارض مردود في أوروبا، فهل سنرى نفس الشيء عندما يخوضون غمار المنافسات الأوروبية مع مدفعجية الآرسنال؟ يجب على فينغر أن يعرف جيدًا ماذا يريد من كل لاعب بعد كل هذا الوقت الذي قضاه مع اللاعبين، فقد كان له دوما عين ثاقبة ترقب أداء كل لاعب وقدرته على إكمال منظومة أداء الفريق ليفيد الخطة الموضوعة. لكن إن وضعنا في الاعتبار أن استراتيجية «الثعلب في الصندوق» - التي تعتمد على وجود لاعب هداف في منطقة الصندوق - قد أثبتت عدم جدواها، فهل يحتاج المدرب لتلك القوارض في الملعب؟.
قد يبدو رياض محرز أقرب تلك القوارض لفاردي ويبدو الخيار الأقرب للآرسنال، فأداؤه يساير طبيعة العصر وعلى درجة من الثقافة ويمتلك الخيال ويتحدث الفرنسية، وهي كلها مقومات لا يمتلكها فاردي. تحدث فينغر في الماضي عن إدارة أمر محرز، معترفًا بأنه (فينغر) جرؤ بالكاد لأن يوقع عقدا مع لاعب غير مشهور، في صفقة لا تتعدي قيمتها 500 ألف جنيه إسترليني. لكن عندما يأتي الوقت لإنفاق المال لشراء لاعب بسعر يعادل أسعار لاعبي الآرسنال، فإنه يفضل أن ينفق مالا أقل للحصول على خدمات لاعب موهوب مبهر جاء من نادي ستوكسبريدج بارك ستيل. سعر فاردي كان لن يقل عن 20 مليون جنيه إسترليني لو أنه كان الآن في منتصف العشرينات من العمر، لا في الثلاثين، الذي قارب على الاحتفال ببلوغ أولى عتباته.
يظهر هذا أنك لن تستطيع هزيمة هداف موثوق فيه أيا كان عمره، إذ لم يتعامل الآرسنال بشكل سيئ مع أيان رايت (كان عمره يقارب 28 عاما عند توقيع العقد). لا يزال فاردي سيد قراره، لكن اهتمام الآرسنال بخدماته من شأنه زيادة الضغط على روي هودجسون كي يظهر قدراته الحقيقية في فرنسا. تكمن القدرات الهجومية الحقيقية للفريق الإنجليزي في فاردي وهاري كين، وعلى مسافة غير بعيدة يوجد المهاجم ديلي إيلي. لم يكن ذلك دليلا ضد البرتغال وكان اللاعب رايت هو من قاد الانتقادات التي أثيرت بدعوى أن فاردي يلعب في العمق أو على الأجناب، مما يجعله غير مؤثر أمام المرمى.
إن كان لموسم 2015 / 2016 أن يظهر شيئًا ما، فذلك هو أن فاردي لاعب مؤثر أمام المرمى، وسوف يكون التحدي أمام هودجسون وربما فينغر، في الموسم القادم هو تكوين فريق قادر على إظهار قدراته، لا على إخماد تأثيره.
قصة انتقال فاردي إلى آرسنال.. هل تكتب لها نهاية سعيدة؟
على مهاجم ليستر ومنتخب إنجلترا أن يبحث عن فريق قادر على إظهار قدراته.. لا على إخماد تأثيره
قصة انتقال فاردي إلى آرسنال.. هل تكتب لها نهاية سعيدة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة