لماذا اختار السيسي مساء الأربعاء لإعلان الترشح؟

فقهاء قانون لـ «الشرق الأوسط»: الموعد كان النافذة الأخيرة «دستوريا»

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي
TT

لماذا اختار السيسي مساء الأربعاء لإعلان الترشح؟

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

منذ تنويه المشير عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش المصري السابق، بنيته الترشح لمنصب الرئاسة في مصر، توالت التساؤلات في الأوساط المحلية والدولية حول موعد خلعه للبذلة العسكرية والتقدم بصورة مؤكدة إلى خضم السباق.. وهي التساؤلات التي ردت عليها مصادر قريبة دائما بعبارة واحدة، مفادها أن ذلك سيكون في آخر لحظة ممكنة، لتقليص الفترة الزمنية بين التخلي عن موقعه (آنذاك) كوزير للدفاع، والترشح الفعلي للرئاسة، إلى أدنى مستوى ممكن.
وأوضح عدد من الفقهاء القانونيين لـ«الشرق الأوسط»، أن اختيار السيسي لمساء الأربعاء لإعلان استقالته ينم عن دقة بالغة لرجل عسكري صميم، يعرف كيف ينتقي خطواته وموعدها، بحسب تعبيرهم، مؤكدين أن ذلك الموعد كان «النافذة الأخيرة دستوريا أمام السيسي لدخول معترك الترشح».
وأشار الفقهاء إلى أن القانون المصري يوجب على من يترشح للرئاسة، أن يكون مبدئيا متمتعا بحقوقه السياسية ومسجلا بجداول الناخبين، وهو الأمر الذي لا يتمتع به العسكريون، كون الدستور يحظر عليهم ممارسة الحياة السياسية؛ لإبقائهم دائما في خانة «الحياد الوطني»، بعيدا عن أي صراع سياسي.
أما عن الخطوات الواجب اتباعها لمن يرغب من العسكريين في خوض الحياة السياسية، فإنه ينبغي أن يستقيل، أو يحال إلى التقاعد، من الجيش، ثم يطلب لاحقا أن يقيد بجداول الناخبين، قبل أن يحق له الإدلاء بصوته في أي مناسبة انتخابية، أو الترشح لأي منصب سياسي. وعليه، فقد أعلن المشير السيسي استقالته ليصبح من حقه قانونا الترشح.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أعلنت مطلع الأسبوع الماضي، أنها ستبدأ في مباشرة أعمالها قريبا، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن اللجنة ستعلن يوم السبت (غدا) أو الأحد على أقصى تقدير بدء أعمالها، والجدول الزمني للانتخابات. وينص القانون المصري على أنه بمجرد بدء عمل لجنة الانتخابات، يتوقف تلقائيا قيد مزيد من الناخبين في لوائحها، ما يعني أن أي شخص ينتوي تسجيل اسمه، فعليه أن يفعل ذلك سابقا على إعلان اللجنة.
وأوضح خبراء القانون، أن استقالة السيسي التي أعلنت مساء الأربعاء، كان الهدف منها أن تصبح سارية بحكم القانون منذ صباح اليوم التالي (أمس)، وذلك بنشرها في الجريدة الرسمية المصرية، وفقا للقانون. وهو ما حدث أمس، حيث نشرت الجريدة الرسمية المصرية أمس «قرار رئيس الوزراء رقم 513 لسنة 2014، بقبول استقالة المشير عبد الفتاح السيسي اعتبارا من اليوم (أمس)».
وتابع الفقهاء أنه نظرا لكون يوم الجمعة (والسبت في أغلب المصالح الحكومية) إجازة أسبوعية رسمية، فإن تأخير الإعلان عن الاستقالة كان سيعني أنه «لا محل لها وغير ذات فائدة لقائد الجيش السابق، إذ لم يكن من الممكن تخطي موعد بدء أعمال اللجنة استعدادا للترشح».
وأشار الخبراء إلى أن السيسي يحق له قانونا أن يتوجه إلى مصلحة الأحوال المدنية يوم الخميس (أمس) لتغيير بيانات عمله في الرقم القومي (الهوية المصرية)، من عسكري إلى مدني. وهو ما يتبعه تقدمه بطلب للتسجيل في جداول الناخبين استباقا لغلق باب القيد المرتبط ببدء عمل لجنة الانتخابات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».