الحركات الاحتجاجية في فرنسا تستمر.. وموجة إضرابات جديدة تهدد بشل البلاد

قبل 9 أيام من انطلاق مباريات «يورو 2016» في باريس

الحركات الاحتجاجية في فرنسا تستمر.. وموجة إضرابات جديدة تهدد بشل البلاد
TT

الحركات الاحتجاجية في فرنسا تستمر.. وموجة إضرابات جديدة تهدد بشل البلاد

الحركات الاحتجاجية في فرنسا تستمر.. وموجة إضرابات جديدة تهدد بشل البلاد

قبل 9 أيام من انطلاق مباريات بطولة كرة القدم الأوروبية «يورو 2016» التي تبدأ يوم الجمعة 10 يونيو (حزيران) الحالي، تخيم أجواء القلق والترقب على الدولة المضيفة فرنسا، بسبب تداخل عاملين يدفع كلاهما نحو الحذر الشديد؛ وهما الحركات الاحتجاجية المتكاثرة، والمخاوف الأمنية المرتبطة بالتهديدات الإرهابية.
ويضخ هذان العاملان اللذان يؤرقان المسؤولين مزيدا من الاكفهرار على المزاج الفرنسي العام هذه الأيام بفعل الأمطار الغزيرة التي لم تتوقف منذ أكثر من أسبوع. وبحسب إحصاءات الوكالات المختصة، فإن باريس لم تعرف أمطارا كهذه منذ 143 عاما.
تكفي نظرة سريعة على ما ينتظره الفرنسيون، والباريسيون على وجه الخصوص، من مصاعب حياتية إضافية بعد ثلاثة أشهر من المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة الرافضة لقانون العمل الجديد، لفهم الاختلافات القائمة بين الحكومة وقطاعات واسعة من الشعب، تشمل العمال والموظفين والشباب والطلاب وعددا واسعا من النواب الاشتراكيين واليساريين الذين يرفضون الإصلاحات الحكومية.
ومنذ مساء أول من أمس، بدأ إضراب عمال السكك الحديدية، بما فيها القطارات السريعة، الذي يطال بنسب مختلفة كامل هذه الشبكة الأساسية للنقل والسفر في فرنسا وإلى الخارج، وذلك بالتوازي مع إضراب مماثل في شبكة مترو الأنفاق في العاصمة باريس بدءا من اليوم. ولم تستثن قطارات الضواحي للنقل السريع التي يستقلها يوميا مئات الآلاف من الفرنسيين للانتقال من وإلى العاصمة ومنطقتها الكبرى المسماة «إيل دو فرنس»، من الحركة الشعبية الاحتجاجية.
ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد؛ إذ إن طياري شركة النقل الجوي الوطنية «إير فرنس» سيبدأون بدورهم اليوم إضرابا مفتوحا، احتجاجا على إجراءات أقرتها شركتهم، تشمل خفض الرواتب وزيادة ساعات العمل. ولاكتمال الصورة، تجدر الإشارة إلى أن 6 مصاف من أصل 8 لتكرير النفط وتوفير المحروقات، إما متوقفة عن العمل، أو تعمل جزئيا، مما دفع السلطات للاستعانة بالمخزون الاستراتيجي، وتوفير المشتقات النفطية من بلدان الجوار مثل بلجيكا.
وفي هذا السياق، فقد عممت إدارة مطاري باريس على الشركات الجوية العالمية الناقلة، دعوة للتزود بالوقود من مطارات أخرى.
وتتخوف السلطات من أن تمتد هذه الاحتجاجات الاجتماعية التي تطال قطاع النقل الاستراتيجي إلى 10 يونيو الحالي، أي حتى انطلاق فعاليات «يورو 2016». وحتى قبل التاريخ المذكور، فإن صورة جولات الكر والفر وقنابل الغاز والمولوتوف المتبادلة بين القوى الأمنية والمتظاهرين، وصفوف السيارات المنتظرة أمام محطات المحروقات، أخذت تثير أسئلة جدية حول قدرة السلطات على توفير المناخ الضروري لهذه النشاطات الرياضية، التي يفترض بها أن تكون فرصة للتلاقي وليست وسيلة تستخدم في عملية «لي الذراع» بين الحكومة والمحتجين.
وإزاء هذا الوضع، سعى وزير الخارجية جان مارك إيرولت إلى تخفيف الوطأة وطمأنة الخارج، فأعلن أن «فرنسا لطالما أحسنت المواجهة»، مضيفا أنه «واثق بأن هذا الوضع مؤقت» و«بلادنا تعمل بشكل جيد». بيد أن هذا الشعور ليس عاما؛ إذ إن رئيس لجنة السياحة فريدريك فالتو يرى أن «مشاهد العنف والشغب في قلب باريس التي تتناقلها القنوات التلفزيونية عبر العالم تعزز مشاعر الخوف والاستغراب لدى الزوار، في أجواء من القلق والتوتر»، مما يعني تردد كثيرين في التوجه إلى فرنسا، وبالتالي الإضرار بالحركة السياحية مثلما حصل بعد اعتداءات نوفمبر (تشرين الثاني) الإرهابية.
أما رئيس «منظمة أرباب العمل»، بيير غاتاز، فقد اتهم نقابة «الكونفدرالية العامة للشغل» القريبة من الحزب الشيوعي والتي تعد الجهة المحرضة في الإضرابات الأخيرة، بأنها «مجموعة تتصرف كالإرهابيين». كذلك سعى اليمين الكلاسيكي إلى اقتناص الفرصة للانقضاض على الحكومة وعلى الرئيس هولاند، فاتهمه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بـ«الضعف»، معتبرا أن البلاد «لم تعد مدارة» كما يجب.
ومن الجانب الحكومي، ما زال هولاند ورئيس وزرائه مانويل فالس يتمسكان بموقف متشدد ويرفضون المطلب الرئيسي للحركة الاحتجاجية؛ وهو سحب قانون العمل من التداول بعد أن تم إقراره في قراءة أولى في الجمعية الوطنية (البرلمان). وبدأ مجلس الشيوخ أمس مناقشة مشروع القانون الذي يتعين أن يمر ثانية على مجلس النواب قبل أن يصوت عليه نهائيا.
وقال هولاند أول من أمس خلال تدشينه «مدينة النبيذ» في بوردو، إنه «متمسك بالسير بهذا الإصلاح حتى النهاية، لأنه يرى أن القانون الخاص به مفيد» لفرنسا، فيما وصفه فالس بـ«النص الجيد».
وتثير هذه المواجهة بين السلطة والنقابات المتشددة قلق الجناح المعتدل في الحزب الاشتراكي وداخل صفوف اليسار؛ فبعد أشهر من الجدل حول قانون نزع الجنسية عن الحاملين لجنسيتين، وهو الذي أحدث شرخا داخل صفوف الاشتراكيين وأرغم هولاند على التراجع عنه في النهاية، لا يستطيع الرئيس الفرنسي أن يغامر بهزيمة سياسية ثانية بوجه النقابات المحتجة قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
في المقابل، فإن النقابات المحتجة والفئات التي تعتبر نفسها متضررة من قانون جديد للعمل يقلب رأسا على عقب مكتسبات الشريحة العمالية ويهدد مستقبل الشباب ودخولهم سوق العمل، تبدو مستعدة لمواجهة طويلة، وهي تعي أن هولاند سيكون لاحقا بحاجة لأصوات اليسار والطبقة العمالية وفئات الشباب إذا كان يطمح حقيقة للترشح لولاية ثانية والبقاء في قصر الإليزيه لخمس سنوات إضافية. والحال أن آخر استطلاع للرأي يبين أن هولاند لن يتأهل للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لأنه يمكن أن يحل ثالثا بعد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبين، ومرشح اليمين الكلاسيكي (الجمهوريون)، سواء كان نيكولا ساركوزي أو ألان جوبيه. ويبين استطلاع صحيفة «لو موند» الذي نشر بعد ظهر أمس أن هولاند لن يتخطى عتبة الـ14 في المائة من الأصوات، وهي أدنى نسبة يمكن أن يحصل عليها مرشح اشتراكي منذ عقود.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».