وسّعت «قوات سوريا الديمقراطية» نطاق عملياتها على معقل تنظيم داعش الرئيسي في مدينة الرقة، حيث شنّت أمس هجومًا واسعًا على منطقة الطبقة الاستراتيجية، بهدف محاصرتها وتقليص خطوط إمداد التنظيم ما بين الرقة والمحافظات الأخرى، بينما استأنف الطيران السوري والروسي قصفه لمدينة حلب، مما أدى إلى مقتل 15 مدنيًا وإصابة العشرات.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «قوات سوريا الديمقراطية» المشكلة من تحالف يضم «وحدات حماية الشعب الكردية» وفصائل مسلحة أخرى «شنّت هجومًا على مناطق (داعش) شمال الرقة». وأشار أيضًا إلى أن «التحالف المدعوم من واشنطن وسّع نطاق هجومه، ليشمل منطقة الطبقة الواقعة على بعد 60 كيلومترا غرب الرقة، التي سيطر عليها التنظيم مع قاعدة الطبقة الجوية منذ عام 2014، أي في ذروة توسعه السريع في العراق وسوريا»، مشيرًا إلى أن القوات المهاجمة «تقدمت صوب الطبقة من عين عيسى، وهي بلدة تسيطر عليها القوات وتقع على بعد نحو 70 كيلومترا عن الرقة».
وتكمن أهمية الطبقة في أنها تربط مدينة الرقة بالمناطق التي يسيطر عليها التنظيم قرب حلب، وسبق لقوات النظام السوري أن تقدمت باتجاه منطقة الطبقة العام الماضي بمساعدة ضربات جوية روسية بعد أن انتزعت السيطرة على مطار كويرس في محافظة حلب، لكنها توقفت على بعد نحو 60 كيلومترا شمال غربي البلدة.
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أشار إلى أن «الهجوم باتجاه الطبقة، هدفه الوصول إلى الضفة الشرقية من بحيرة الأسد، وقطع خطوط التنظيم بين الرقة وريف حلب الشمالي الشرقي». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك معلومات تفيد بأن الروس اتفقوا مع الإيرانيين والنظام، بأنه إذا حصل هجوم على الرقة أن يواكبه هجوم آخر من مطار كويرس باتجاه منطقة مسكنة، غرب الطبقة».
وقال عبد الرحمن: «إن مثل هذا الهجوم يربك التنظيم، لكنه مكلف جدًا للنظام ولقوات سوريا الديمقراطية، لأن (داعش) لديه أعداد كبيرة من الانتحاريين، ولا أعتقد أن الأكراد قادرون على التضحية بنحو ألف مقاتل»، مؤكدًا أن «ظهور قوات أميركية على الأرض السورية، رفع معنويات جمهور التنظيم، الذي دعا إلى النفير العام والجهاد ضد الصليبيين ومن يسميهم (الإلحاد) من القوات الكردية وحلفائهم من التنظيمات الأخرى».
بدوره قلل الناشط في تجمّع «الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي، من أهمية عمليات «قوات سوريا الديمقراطية» وما يثار إعلاميًا حولها، وأوضح أن «ما يشهده محيط الرقة، ليس إلا عمليات حشد عسكري، وقصف جوي لمزارع شبه خالية، لكن لا تقدّم على الأرض لأي قوات مهاجمة». وأكد أن «التوتر والاشتباكات بعيدة أكثر من 40 كيلومترًا عن المدينة».
وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع داخل الرقة يشوبه بعض التوتر، لكنه ليس سيئًا كما يصوّره الإعلام، والناس يخرجون لشراء حاجياتهم من مواد غذائية وغيرها، وفي الوقت نفسه يتحسبون لتطورات سلبية قد تقع في الأيام المقبلة»، لافتًا إلى أن «المواد الغذائية الأساسية متوفرة، لكن الأسعار بدأت ترتفع بسبب إقفال معظم الطرقات المؤدية إلى المدينة». وأضاف «أن (قوات سوريا الديمقراطية) تسلّط الأضواء على الرقة، لكنها قد تفتح جبهة أخرى، وعلى الأغلب قد يكون هناك هجوم من عين عرب (كوباني) باتجاه جرابلس»، مرجحًا «استبعاد فكرة الهجوم العسكري الواسع على الرقة حاليًا، والاستعاضة عنه بحصار المدينة، لأن مقتضيات الهجوم العسكري على المدينة غير مؤمنة». وقال: «حاليًا طيران التحالف يقصف ريف الرقة كما يشاء، لأن معظمه خالٍ من السكان، لكن عندما يصل الأمر إلى معركة على أبواب المدينة وداخلها، مع وجود 400 ألف مدني فيها، تصبح الحسابات مختلفة، باستثناء الطيران الروسي المكلّف بأدوار قذرة جدًا، فلا مشكلة لديه في قصف المدنيين». ولم يخف الناشط في الرقة، أن «هجوم (قوات سوريا الديمقراطية) يقلق السكان أكثر مما يقلقهم وجود (داعش) في المدينة». وقال: «صحيح أن هذا التنظيم إرهابي، لكن أن تتعاطى الأمن ولا تتآمر عليه تعيش بأمان، وحتى لو تآمرت عليه سرًا واكتشفك تصبح متهمًا، أما (قوات سوريا الديمقراطية) ووحدات الحماية الكردية، فهي تفجّر بيتك وتطردك من بلدك بتهمة أو من دون تهمة، وهو ما جعل الناس تنفر منهم، خصوصًا بعد تجربة تل أبيض».
وليس بعيدًا عن الرقة، قتل وأصيب العشرات بأكثر من مائة غارة شنتها طائرات روسية وسورية على مدينة حلب وريفيها خلال الـ24 ساعة الماضية، في حين تحتدم المعارك بين فصائل المعارضة وتنظيم داعش شمال المدينة. وأفاد ناشطون بأن «15 شخصا قتلوا وأصيب العشرات بالقصف الجوي الذي استهدف (أمس) الأحياء الشرقية لمدينة حلب، حيث تسيطر فصائل المعارضة». وأشاروا إلى أن «الغارات تزامنت مع محاولة قوات النظام اقتحام مخيم حندرات المطل على طريق الكاستيلّو شمال حلب، لكن المعارضة تصدت للهجوم».
وأعلنت «شبكة شام الإخبارية» أن تنظيم داعش يحاول السيطرة على مدينة مارع بريف حلب الشمالي، لكن مقاتلي المعارضة تمكنوا من صده وسيطروا على بلدة كفرشوش القريبة، وكبدوا التنظيم خسائر في الأرواح والعتاد.
«قوات سوريا الديمقراطية» توسّع محاور عملياتها باتجاه الرقة
الطيران الروسي والسوري يستأنف قصف حلب ويقتل 15 مدنيًا
«قوات سوريا الديمقراطية» توسّع محاور عملياتها باتجاه الرقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة