مبادرة بري لحل الأزمة ترضي حلفاءه ولا تلبي طموحات {14 آذار}

علوش يقول إنها غير قابلة للحياة وخريس يسأل عن البديل

رجل أمن يحرس طابوراً للناخبات اللبنانيات في قرية حولا جنوب لبنان الذي شهد مؤخراً انتخابات البلدية (رويترز)
رجل أمن يحرس طابوراً للناخبات اللبنانيات في قرية حولا جنوب لبنان الذي شهد مؤخراً انتخابات البلدية (رويترز)
TT

مبادرة بري لحل الأزمة ترضي حلفاءه ولا تلبي طموحات {14 آذار}

رجل أمن يحرس طابوراً للناخبات اللبنانيات في قرية حولا جنوب لبنان الذي شهد مؤخراً انتخابات البلدية (رويترز)
رجل أمن يحرس طابوراً للناخبات اللبنانيات في قرية حولا جنوب لبنان الذي شهد مؤخراً انتخابات البلدية (رويترز)

ينهي الفراغ الرئاسي في لبنان اليوم عامه الثاني، بغياب أي أفق حقيقي للحل، وفي ظل تخبط البلاد في أزمات متعددة باتت عمليا مرتبطة بالأزمات التي تشهدها المنطقة وبالتحديد سوريا. ولا يبدو أن محاولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الأيام الماضية لإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية، نجحت بتحقيق غايتها، بعدما انقسمت القوى السياسية حول المبادرة التي تقدم بها مقترحا إجراء انتخابات نيابية مبكرة تسبق تلك الرئاسية، فأيدها حلفاء بري فيما لم يتردد تيار «المستقبل» وغيره من قوى 14 آذار بإرسال إشارات سلبية باتجاهها، ما يهدد عمليا بسقوطها.
وعرض بري مبادرته هذه بشكل رسمي على القيادات اللبنانية خلال الجلسة الأخيرة من الحوار الوطني، بعدما كان مهّد لها بوقت سابق سعيا لخلق أرضية مناسبة لتلقفها. ولا تلامس المبادرة المذكورة الأزمة الرئاسية وحدها، بل الأزمة السياسية ككل، إذ تنهي ظاهرة التمديد لمجلس النواب الذي تمتد صلاحيته حتى يونيو (حزيران) 2017. فتقوم على التوافق على قانون انتخاب على أن يلي ذلك انتخابات نيابية مبكرة ومن ثم انتخابات رئاسية ولو بمن حضر، وفي حال تعذر التوافق على قانون تجرى الانتخابات وفق قانون الستين.
وأمهل رئيس البرلمان اللبناني القيادات المشاركة بالحوار الوطني حتى 21 يونيو المقبل، موعد الجلسة المقبلة لطاولة الحوار، لحمل أجوبة واضحة حول المبادرة، إلا أن مواقف هؤلاء اتضحت تدريجيا بعد ساعات من طرحها بشكل رسمي، فأيدها «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون وكذلك ما يُسمى بـ«حزب الله»، فيما عارضها تيار «المستقبل» وقسم من قوى 14 آذار لإصرارهم على أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية. ولا تزال مواقف حزبي «الكتائب اللبنانية» و«القوات اللبنانية» غير واضحة تماما بشأنها، مع ميل الأخير لتأييدها.
واستغرب علي خريس، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، خروج البعض لتوجيه السهام على طرح رئيس المجلس من دون تقديم أي حلول أو خيارات بديلة، مشددا على أهمية الإبقاء على الحراك السياسي القائم «باعتبار أن المراوحة والستاتيكو القائم قد لا يستمر طويلا فنبدأ بالعودة إلى الوراء بدل القيام بخطوات إلى الأمام». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المبادرة لا تزال حية، لكن لا شك أننا مستعدون للتعاطي بإيجابية مع أي مبادرات أخرى في حال وُجدت».
وأوضح خريس أن بري لم يحدد الأولويات عندما طرح مبادرته، بل حثّ على السير بالمقترحات بخط متواز، لافتا إلى أنهم يؤيدون انتخاب رئيس «اليوم قبل الغد»، ولكن في ظل تعذّر هذه العملية منذ عامين: «قد يكون من المناسب الانكباب على محاولة الاتفاق على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية بعد عام قبل أن يداهمنا الوقت».
بالمقابل، أكّد القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش أنهم يتمسكون بأولوية إجراء الانتخابات الرئاسية قبل تلك النيابية سواء أكانت مبكرة أم حصلت في موعدها المحدد، متسائلا: «ما الذي يؤكد لنا التزام باقي الفرقاء بضمانات شفهية قد يقدمونها وبالتالي بحصول الانتخابات الرئاسية مباشرة بعد الانتخابات النيابية؟ وما الذي يضمن لنا أن لا ندخل في فراغ أكبر من الذي نعيشه اليوم خاصة أن الحكومة ستتحول لتصريف الأعمال فور انتخاب برلمان جديد؟».
ورأى علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة الرئيس بري «غير قابلة للحياة بالمعطيات الحالية، خاصة أن ما يسمى (حزب الله) أصلا ومن خلفه إيران ليسا بصدد القيام بأي خطوة لحل الأزمة حتى يتم تقرير مصير وجود الحزب ومداه الاستراتيجي كذلك حصة طهران في التركيبة الجديدة للمنطقة».
ونفى علوش وجود مبادرة سعودية لحل الأزمة الرئاسية، لافتا إلى أن «الحراك الذي قام به السفير السعودي مؤخرا وبالتحديد دعوته القيادات اللبنانية إلى دارته، إنما أراد من خلاله توجيه رسالة واضحة بأن اللبنانيين لا يزالون المفضلين لدى المملكة، وبأن مشكلتها مع ما يسمى (حزب الله) وإيران حصرا، وبالتالي العلاقات اللبنانية - السعودية مستمرة كما كانت دائما بأفضل أحوالها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».