مصادر في طالبان تؤكد مقتل زعيمها وسط حذر أميركي وتنديد باكستاني

إسلام أباد تؤكّد أن أحد ركاب السيارة المستهدفة بالغارة كان يحمل تأشيرة إيرانية حديثة

باكستانيون يقفون بالقرب من سيارة دمرت بالكامل، فيما يبدو أنها غارة نفذتها طائرة «درون» استهدفت زعيم طالبان الملا أختر منصور أول من أمس في مدينة أحمد وال ببلوشستان (أ.ف.ب)
باكستانيون يقفون بالقرب من سيارة دمرت بالكامل، فيما يبدو أنها غارة نفذتها طائرة «درون» استهدفت زعيم طالبان الملا أختر منصور أول من أمس في مدينة أحمد وال ببلوشستان (أ.ف.ب)
TT

مصادر في طالبان تؤكد مقتل زعيمها وسط حذر أميركي وتنديد باكستاني

باكستانيون يقفون بالقرب من سيارة دمرت بالكامل، فيما يبدو أنها غارة نفذتها طائرة «درون» استهدفت زعيم طالبان الملا أختر منصور أول من أمس في مدينة أحمد وال ببلوشستان (أ.ف.ب)
باكستانيون يقفون بالقرب من سيارة دمرت بالكامل، فيما يبدو أنها غارة نفذتها طائرة «درون» استهدفت زعيم طالبان الملا أختر منصور أول من أمس في مدينة أحمد وال ببلوشستان (أ.ف.ب)

أكدت مصادر رفيعة المستوى في حركة طالبان الأفغانية أمس مقتل زعيمها، الملا أختر منصور، في غارة أميركية نفذتها طائرة دون طيار في باكستان، مشيرة إلى أن مجلس الشورى اجتمع في وقت متأخر مساء ليقرّر من سيخلفه. ولم يصدر أي بيان رسمي من الحركة بعد.
وقال مصدر كبير في طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية: «يمكنني أن أؤكد أن الملا منصور رحل». فيما أكد مسؤولان آخران مقتل منصور، وقالا إن قادة الحركة اجتمعوا (مساء أمس) في كويتا، كبرى مدن جنوب غرب باكستان، لتعيين قائد جديد. وتردّدت خمسة أسماء مرشحين بارزين لخلافة الملا منصور، حيث وحسب القواعد المتبعة في حركة طالبان، فإن مولوي هيبة الله، النائب الأول لمنصور، أو سراج الدين حقاني، النائب الثاني له، قد يكلفان بشكل مؤقت بإدارة الحركة وقيادتها إلى حين اجتماع مجلس الشورى العالي في طالبان، وانتخاب قائد جديد للحركة بموافقة مجلس العلماء التابع للحركة.
فيما اعتبر أحد المصادر في الحركة في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن لكل من الملا قيوم ذاكر، والملا شرين، وسراج حقاني، حظوظه في قيادة الحركة. بينما أكد مصدر آخر في طالبان أن حقاني، زعيم «شبكة حقاني» التابعة لطالبان وأحد نواب منصور، يعتبر الأوفر حظا لخلافة الملا اختر، مشيرا إلى أن الملا عبد الغني بارادار مرشّح بارز أيضا. ويرى محللون أن هاتين الشخصيتين تعتبران مقربتين من باكستان، التي تستضيف أبرز قادة طالبان من أجل ممارسة نفوذ عليهم وإرغامهم على العودة إلى طاولة المفاوضات مع كابل التي بدأت في 2015.
ومن المستبعد انتخاب ملا يعقوب، نجل زعيم الحركة الراحل الملا محمد عمر قائدا جديدا لطالبان، رغم تمتعه بمحبة قواعد الحركة، والاحترام الكبير الذي تكنه قيادات الحركة ومقاتلوها لوالده المؤسس. ولا يعتبر ملا يعقوب من قيادات الحركة، حيث يبلغ من العمر 26 عاما فقط، قضى أكثر من نصفها في باكستان في الدراسة في إحدى الجامعات الدينية، وعاد مؤخرا إلى أفغانستان بطلب من الملا أختر للعمل كمنسق لطالبان في عدة ولايات جنوب أفغانستان.
وتضاربت الروايات الرسمية أمس حول حقيقة مقتل أختر منصور، حيث جاء أول تأكيد رسمي من الحكومة الأفغانية صباح أمس، فيما توخّت واشنطن الحذر في تصريحاتها واكتفت بتأكيد استهدافه، وشكّكت إسلام أباد في وجود زعيم الحركة على أراضيها، منددة باقتحام سيادتها من طرف الدرون الأميركي.
وكانت عدة طائرات أميركية دون طيار قد أغارت على سيارة قرب الحدود الباكستانية - الأفغانية في ولاية بلوشستان الباكستانية، أول من أمس، ما أسفر عن مقتل اثنين من ركاب السيارة المستهدفة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، إن الغارات التي شنتها عدة طائرات دون طيار وافق عليها وأمر بها الرئيس باراك أوباما، واستهدفت سيارة كان يستقلها الملا محمد أختر منصور، زعيم حركة طالبان الأفغانية. غير أن الناطق الأميركي لم يؤكد بشكل قاطع مقتل الملا أختر منصور، مكتفيا بالقول: «من المحتمل جدا أنه قتل في الغارة الأميركية».
في المقابل، أكد رئيس السلطة التنفيذية في حكومة الشراكة في أفغانستان، عبد الله عبد الله، بناء على التصريحات الأميركية مقتل الملا أختر منصور، الذي تولى زعامة طالبان بشكل رسمي قبل أقل من عام، لكنه أدار شؤون الحركة بالكامل منذ ثلاثة أعوام تقريبا. أما الخارجية الباكستانية، فقالت إنها أرسلت استفسارًا للإدارة الأميركية حول التصريحات التي أدلى بها ناطقون رسميون من أن الملا أختر منصور كان في الأراضي الباكستانية، حين استهدف موكبه من قبل الطائرات الأميركية دون طيار. وتعتبر هذه أول مرة تستهدف فيها القوات الأميركية في أفغانستان قيادات طالبان الأفغانية في الأراضي الباكستانية.
وندّدت باكستان أمس بالضربة الأميركية التي نفذتها طائرة دون طيار، معتبرة أنها تنتهك مجالها الجوي. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان توصّلت به «الشرق الأوسط» إن إحدى ضحيتي الهجوم سائق يدعى محمد عزام، فيما «يتم التحقق» من هوية الشخص الثاني. وأضافت: «في وقت متأخر السبت 21 مايو (أيار) 2016، أبلغت الولايات المتحدة معلومات عن ضربة بطائرة دون طيار نفذت في باكستان قرب الحدود الباكستانية - الأفغانية»، كان المستهدف فيها منصور. وتابعت: «هذه المعلومات نقلت إلى رئيس الوزراء، وقائد أركان الجيوش بعد الضربة من طائرة دون طيار».
وندد البيان بالغارة باعتبارها «انتهاكًا لسيادة (باكستان)، وهي مسألة سبق أن طرحت مع الولايات المتحدة».
فيما أفاد مسؤولون باكستانيون أمس بأن الرجل الثاني الذي قتل وقدم على أنه زعيم حركة طالبان الأفغانية كان يسافر بهوية باكستانية، ووصل لتوه من إيران في سيارة مستأجرة. وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرجل المعني كان يحمل أوراق هوية باكستانية باسم محمد والي من سكان بلوشستان. وكان جواز سفره يحمل تأشيرة دخول إلى إيران تعود إلى 28 مارس (آذار) 2016. وأوضح المصدر الأمني أنه «كان عائدًا من إيران، حين هاجمته طائرة دون طيار قرب مدينة أحمد وال».
وفي وقت سابق، تبادل مبلغا من المال باليورو مقابل روبية باكستانية على الحدود، واستأجر سيارة كان يقودها سائق يعمل لدى شركة تأجير سيارات، مقرها في العاصمة الإقليمية كويتا، والتي تعتبر مقر المجلس المركزي «الشورى» لحركة طالبان الأفغانية. والسائق الذي عرفت عنه واشنطن أيضا على أنه «مقاتل» آخر، قتل بدوره في الهجوم. ونقلت جثّتا الرجلين أمس إلى مستشفى في كويتا، حيث سلما إلى أقاربهما بعد إجراء تشريح.
وبحسب مصدر طبي، فإن جثة الرجل الذي عرف عنه على أنه قائد طالبان كانت متفحمة إلى حد كان من المتعذر التعرف على هويتها. وقال المصدر «تم التعامل مع الجثتين بطريقتين مختلفتين». وسلم جثمان السائق إلى ابن شقيقه بعد تقديم أوراق الهوية. أما جثة الراكب، فسلمت إلى شاب قدم على أنه قريب لمحمد والي. ورافقه رجال كثيرون بلباس مدني طلبوا من الفريق الطبي إنجاز الإجراءات بأسرع وقت ممكن. وقال المصدر الطبي إن «الإجراء الطبي - الشرعي انتهى بسرعة شديدة ونقل الجثمان. ولم يتم طلب أي إثبات على هوية الشاب».
من جهته، أشار وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى أن منصور كان يشكل عقبة أمام السلام في أفغانستان، وإجراء محادثات مباشرة بين الحركة والحكومة الأفغانية، كما كان يشكل خطرا على جنود الولايات المتحدة في أفغانستان. وأكد الوزير الأميركي في تصريحات له أنه شخصيا أبلغ الحكومتين الباكستانية والأفغانية بالغارة على السيارة التي يعتقد أنها كانت تقل أختر منصور زعيم طالبان، لكن كيري رفض الإفصاح عما إن كان إخباره الدولتين تم بعد الغارة أو قبلها.
بدورها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست»، قول مسؤول في البنتاغون طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، إنه يرجح قتل منصور، وإن الضربة سمح بها الرئيس باراك أوباما شخصيا، مضيفا أن أكثر من طائرة اشتركت في الهجوم في منطقة نائية قرب طول الحدود بين باكستان وأفغانستان، جنوب غربي مدينة أحمد وال. وأن الولايات المتحدة أبلغت باكستان وأفغانستان بالضربة بعد تنفيذها.
وفي تصريحات أخرى، أضاف بيتر كوك، المتحدث باسم البنتاغون، أن منصور «متورط في التحضير لهجمات على منشآت في كابل وأنحاء أخرى في أفغانستان. وكان يهدد المدنيين، وقوات الأمن الأفغانية، وقواتنا، وشركائنا». وأضاف كوك أنه «منذ أن خلف منصور الملا عمر، شنت طالبان هجمات كثيرة تسببت في قتل عشرات الآلاف من المدنيين، وعناصر الأمن، وكثير من الأميركيين، ومن قوات التحالف الدولي».
من جانبهم، رحّب مسؤولون أميركيون كبار بالضربة، حيث قال السيناتور جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إنه يأمل في أن تقنع هذه الضربة الرئيس أوباما بأن يأمر بمطاردة قوات طالبان في أي مكان. وكان ماكين قال، في وقت سابق، إن القوات الأميركية في أفغانستان يجب أن تهاجم طالبان مباشرة، لأن طالبان «رفضت الحل السلمي»، ويجب أن «تقضى عليها نهائيا».
وتدعي واشنطن وكابل أن قيادات طالبان الأفغانية يتمتعون بدعم وتمويل من الاستخبارات الباكستانية، وأن باكستان لا ترغب في الضغط على حركة طالبان الأفغانية من أجل الدخول في حوار مع الحكومة الأفغانية، بينما قال مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية، سرتاج عزيز، إن بلاده لا تملك إمكانية التحكم والسيطرة على طالبان أفغانستان، رغم اعترافه بأن عددًا من قياداتها يترددون على الأراضي الباكستانية للقاء عائلاتهم أو العلاج في المشافي الباكستانية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.