انتخابات صيدا البلدية: معركة تثبت الأحجام السياسية بالشعارات الإنمائية

تحالف «المستقبل» و«الجماعة» والبزري في مواجهة «الناصري» و«حزب الله» و«أمل»

مناصرون لحزب الله لدى متابعتهم خطاباً لأمين عام الحزب حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية نقل على شاشة كبيرة أمس إحياءً لذكرى مرور أسبوع على مقتل مصطفى بدر الدين (إ.ب.أ)
مناصرون لحزب الله لدى متابعتهم خطاباً لأمين عام الحزب حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية نقل على شاشة كبيرة أمس إحياءً لذكرى مرور أسبوع على مقتل مصطفى بدر الدين (إ.ب.أ)
TT

انتخابات صيدا البلدية: معركة تثبت الأحجام السياسية بالشعارات الإنمائية

مناصرون لحزب الله لدى متابعتهم خطاباً لأمين عام الحزب حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية نقل على شاشة كبيرة أمس إحياءً لذكرى مرور أسبوع على مقتل مصطفى بدر الدين (إ.ب.أ)
مناصرون لحزب الله لدى متابعتهم خطاباً لأمين عام الحزب حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية نقل على شاشة كبيرة أمس إحياءً لذكرى مرور أسبوع على مقتل مصطفى بدر الدين (إ.ب.أ)

كلّ معارك الانتخابات البلدية في المدن والبلدات الكبرى في لبنان، تُخاض على أساس الاصطفافات السياسية المغلّفة بالعناوين والمشاريع الإنمائية، باستثناء معركة بلدية صيدا التي تقرع طبولها منذ أسابيع، ويجرى التجييش لها وفق الحسابات السياسية، القائمة على تكريس الأحجام والنفوذ داخل عاصمة الجنوب.
لا شكّ أن التحالفات السياسية بقيت كما هي، وكذلك التموضعات الحزبية، وما دام أن الحلف الذي أوصل البلدية الحالية برئاسة المهندس محمد السعودي ويضمّ تيار «المستقبل» و«الجماعة الإسلامية» وفاعليات صيداوية بارزة، لم يتغيّر، فهو قادر على تكريس انتصاره مرّة جديدة، لكنّ ثمة عامل مهم لا يمكن إغفاله، وهو الثقل الشعبي المحايد عن سياسيات الأحزاب والقوى النافذة، بالإضافة إلى القوى الإسلامية ذات التأثير الملحوظ على الساحة الصيداوية.
عشية إغلاق باب العودة عن الترشيحات لانتخابات الجنوب، رست البورصة على لائحتين مكتملتين، وثالثة غير مكتملة؛ الأولى «لائحة إنماء صيدا» التي يرأسها رئيس البلدية الحالي محمد السعودي، والمدعومة من «المستقبل»، خصوصًا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، ومن «الجماعة الإسلامية» والدكتور نزيه البزري، وهي تقدّم برنامجًا يتضمّن ما يزيد على 30 مشروعًا تتعهّد بإنجازه، لتضاف إلى نحو 20 مشروعًا أنجزتها هذه البلدية خلال ولايتها التي شارفت على الانتهاء، ووضعت في خانة المشاريع الحيوية لصيدا، وأهمها معمل النفايات الذي جعل عاصمة الجنوب وحدها بعيدة عن أزمة النفايات التي شهدها لبنان على مدى 8 أشهر.
الثانية «لائحة صوت الناس» برئاسة المهندس بلال شعبان، المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري» برئاسة النائب السابق أسامة سعد، و«حزب الله»، و«حركة أمل» والحزب الشيوعي اللبناني، والحزب الديمقراطي الشعبي، فإلى جانب الرمزية السياسية للمواجهة، تعهّدت هذه اللائحة بتقديم إنجازات كبيرة للمدينة، على رأسها تأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة، وتجديد البنى التحتية، ووضع المدينة على اللائحة السياحية.
أما الثالثة فهي «لائحة أحرار صيدا» غير المكتملة والمؤلفة من 9 أعضاء فقط، برئاسة المسؤول السابق في «الجماعة الإسلامية» علي الشيخ عمار، وهي مشكّلة من قوى إسلامية ومحايدين، واختارت أن ترفع شعار مناصرة قضية الموقوفين الإسلاميين وعلى رأسهم إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير، وهي تعوّل على أصوات القوى الإسلامية، خصوصًا تلك التي شعرت بالظلم خلال أحداث عبر التي أنهت ظاهرة الأسير، وكانت سببًا لتوقيفات طالت العشرات من أبناء صيدا، من دون أن تتجاوز برنامجًا يلحظ ما تحتاجه صيدا.
منسق عام تيار «المستقبل» في الجنوب الدكتور ناصر حمود المرشّح على «لائحة إنماء صيدا»، أوضح أن «معركة صيدا تشبه إلى حدّ كبير المعارك التي حصلت وتحصل في المدن الكبرى، وهي تبدأ بشعارات تنموية لكنها تنتهي بالسياسة».
وأكد حمود في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لائحة إنماء صيدا» مؤلفة من أعضاء البلدية الحالية التي يرأسها المهندس محمد السعودي مع تغيير 4 أسماء فقط، و«كل صيدا تعرف أن ما أنجزته هذه البلدية في السنوات الست الماضية كبير، بدءًا بمكب النفايات، إلى معمل النفايات، والحدائق العامة والميناء والبنى التحتية في الأسواق التجارية، ونحن لدينا مشاريع أخرى عاهدنا أهلنا في صيدا على إنجازها».
وقال: «في ظلّ الوجود السياسي الواسع لتيار (المستقبل) في صيدا، الموجود فيها التنظيم الشعبي الناصري، بدأت المعركة تأخذ طابعًا سياسيًا، لكن نحن نخوض مع رئيس البلدية المهندس محمد السعودي والجماعة الإسلامية والدكتور عبد الرحمن البزري تحالفًا تنمويًا، حتى لو أخذ التنظيم الناصري المعركة إلى حلبة السياسة، وراح يطلق الشائعات ويطعن بلائحتنا عبر التشكيك بما أنجزته البلدية في السنوات الماضية».
وفي ظلّ الاصطفافات السياسية، يبقى البحث مفيدًا عن خيارات الناخبين غير الحزبيين، فرأى حمود أن «(تيار المستقبل) اعتاد الصراحة مع جمهوره ومع كل أهل صيدا الذين يعرفون أين أصبنا وأين أخطأنا، وعليهم أن يحكموا على أدائنا في صناديق الاقتراع يوم الأحد». وأضاف: «هناك كثير من الصيداويين يقفون على الحياد، لكن الأكثرية منهم مصممة على الاختيار بين لائحة وأخرى».
وتابع منسق «المستقبل» في الجنوب: «ليس خافيًا أن حملات تأليب الناس ضدنا متواصلة، لكن الصيداويين واعون ويعرفون كيف يختارون من يمثلهم ومن يقدم لهم الإنجازات بدل الوعود، وأكثرية هؤلاء يصبون أصواتهم لصالح لائحتنا، وهذا ما سيدفعهم إلى النزول بكثافة، في مواجهة حملات التجييش التي يتولاها التنظيم الشعبي الناصري والحزب الديمقراطي وحلفاؤهما».
من جهته، رأى أمين سرّ «اللقاء الوطني الديمقراطي» عصمت قواص، القريب من التنظيم الشعبي الناصري، أن «(لائحة صوت الناس) تعبّر عن تاريخ صيدا المقاوم لإسرائيل وعملائها». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه اللائحة «لديها رؤية ونهج يختلف عن رؤية ونهج بلدية محمد السعودي الذي هو نهج تيار المستقبل الذي أوصل المدينة إلى ما وصلت إليه من التراجع والعزلة عن محيطها، وبلغت حدًا غير مسبوق من الركود الاقتصادي والبطالة»، لافتًا إلى أن «الخطاب الطائفي الذي يتبعه تيار المستقبل، أدى إلى نوع من الحذر لدى القرى والبلدات المجاورة التي قاطعت المدينة وأحجمت عن التعاطي معها».
وشدد قواص على أن «وصول (لائحة صوت الناس) سيمكن صيدا من تجاوز المرحلة السابقة، ويعيدها إلى سابق عهدها عبر إقامة المهرجانات السياحية والفنية والثقافية والسهرات الرمضانية». وقال: «مشروعنا يقوم على حلّ أزمة المياه والكهرباء وإنهاء حالة الفساد التي أسست لها قوى سياسية من خلال البلدية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.