البرلمان التركي يسقط حصانة ربع أعضائه.. والاستهداف كردي

يشمل 27 من الحزب الحاكم ومستقلاً واحدًا.. وبعض المستهدفين صوتوا بالموافقة

برلمانيون أتراك من حزب الشعب الجمهوري المعارض يعربون عن رفضهم مشروع الرئيس التركي بتمرير النظام الرئاسي عبر البرلمان (أ.ف.ب)
برلمانيون أتراك من حزب الشعب الجمهوري المعارض يعربون عن رفضهم مشروع الرئيس التركي بتمرير النظام الرئاسي عبر البرلمان (أ.ف.ب)
TT

البرلمان التركي يسقط حصانة ربع أعضائه.. والاستهداف كردي

برلمانيون أتراك من حزب الشعب الجمهوري المعارض يعربون عن رفضهم مشروع الرئيس التركي بتمرير النظام الرئاسي عبر البرلمان (أ.ف.ب)
برلمانيون أتراك من حزب الشعب الجمهوري المعارض يعربون عن رفضهم مشروع الرئيس التركي بتمرير النظام الرئاسي عبر البرلمان (أ.ف.ب)

نفذ البرلمان التركي أمس أكبر عملية إسقاط حصانة في تاريخ الدولة التركية، بموافقته على تعديل دستوري يتعلق برفع الحصانة عن 138 من نوابه، أي نحو ربع أعضائه، توجد بحقهم ملفات تحقيق. لكن كان واضحا أن هذه العملية تستهدف بالتحديد نواب حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي المعارض، على خلفية مواقف هؤلاء من تمرد حزب العمال الكردستاني المحظور في البلاد على خلفية صراع دموي مع الحكومة المركزية عمره عشرات السنوات.
وشارك في التصويت 531 من أصل 550 نائبا يتكون منهم البرلمان التركي، أيد 376 منهم لصالح التعديل، وهو ما يعني تمريره دون الاضطرار للجوء إلى الاستفتاء، لأن إجراء تعديل دستوري بشكل مباشر، يتطلب موافقة 367 نائبا على الأقل.
وبين النواب الـ138 هناك 27 من نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، و51 من حزب الشعب الجمهوري المعارض، و50 من نواب حزب الشعوب الديمقراطي، و9 من نواب حزب الحركة القومية، ونائب مستقل. وتأتي هذه الأرقام لتؤشر إلى أن بعض النواب الذين نزعت حصانتهم من حزب العدالة والتنمية صوتوا بالتأييد للقانون، في خطوة تظهر صلابة القرار في الحزب الحاكم، كما صوت عليه بعض نواب حزب الشعب الجمهوري رغم القرار الحاسم لقيادته برفض المشروع، فيما أيد نواب الحركة القومية المشروع.
ورفع الحصانة، أتى مؤقتا، أي أنه لفترة محدودة تسمح بالملاحقة والمحاكمة، وتصفية القضايا بحق من لا توجد ضدهم تهم أساسية، خلافا لوضعية نحو 40 نائبا كرديا توجه إليهم تهم «دعم الإرهاب» وهي تهم من شأنها إدخالهم السجن وإسقاط العضوية. وتتنوع التهم الموجهة إلى النواب، بين الإرهاب، والإهانة والتشهير والتهديد، والتزوير، والإشادة بالجرائم والمجرمين، ومخالفة قانون الاجتماعات والمظاهرات، وانتهاك الخصوصية.
واستباقا لقرارات محتملة، غادر نائبان كرديان البلاد نحو أوروبا. وقالت صحيفة «يني عقد» التركية الموالية أن فيصل ساري يلدز النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في ولاية شرناق، و«طوبى هزير» النائبة عن الحزب ذاته في ولاية «فان»، فرا إلى أوروبا. وأشارت إلى أن المدعي العام في ولاية «شانلي أورفا» كان قد عمل في وقت سابق على تجهيز مذكرة تحقيق قدمتها إلى وزارة العدل، ومن هناك رفعت إلى البرلمان، تدل على تورط فيصل ساري يلدز في التعاون والعمل مع الإرهاب، من خلال نقل الأسلحة إليهم، مطالبا المجلس برفع الحصانة عنه. أما «طوبى هزير» فإن تهمتها هي مشاركتها في جنازة منفذ التفجير الانتحاري في العاصمة التركية «أنقرة»، بتهمة قيامها بالدعاية لصالح الإرهاب، بالإضافة إلى تحفيزها على الجريمة ومدحها للمجرمين.
ورد رئيس حزب الشعوب الديمقراطي التركي صلاح الدين دميرطاش بهجوم قاس على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، متهما إياه بأنه «سياسي جاهل ولا يفقه في السياسة والثقافة والفن أي شيء وسيقول عنه التاريخ بأنه زعيم طاغية ومستبد وعديم الإنسانية والأخلاق». وقال دميرطاش خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه إن «ما يسعى إليه إردوغان من خلال الحديث عن تغيير الدستور في تركيا هو إقامة نظام ديكتاتوري يسيطر من خلاله على جميع مؤسسات ومرافق الدولة وأهمها المخابرات والاقتصاد ليستمر في سرقته لأموال الشعب التركي»، وقال إن الأكراد سيتصدون لمشاريع إردوغان المسؤول عن دماء كل الذين لقوا مصرعهم في الحرب الدائرة جنوب شرقي البلاد (مناطق الوجود الكردي) كما أنه مسؤول عن حمام الدماء في تركيا والمنطقة ولن يتردد في إسالة المزيد من الدماء من أجل البقاء في السلطة والقيام بالمزيد من السرقات».
بدوره أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو أن إردوغان لن يتمكن من تمرير النظام الرئاسي من البرلمان التركي بوجود حزب الشعب الجمهوري حتى لو بقي عضو واحد من الحزب في البرلمان مخاطبا إردوغان: «أنت مستعد لبيع الدماء مقابل المال»، ردا على تصريح إردوغان الذي قال فيهك «نحن لا نقدم الدماء سوى لجمعية الهلال الأحمر».
وكان كليشتدار أوغلو تعرض أمس للرشق بالبيض من أحد المحتجين الأتراك. ورمى أحد الأشخاص كليشتدار بالبيض وصرخ بوجهه «لماذا جئت إلى هنا» خلال مشاركته في تشييع جثمان أحد عناصر الأمن التركي، الذين قتلوا على يد عناصر من حزب العمال الكردستاني خلال اشتباكات في ماردين. وأخطأت حبات البيض بحسب اللقطات التي بثتها «الأناضول» زعيم حزب الشعب، لكنها أصابت مرافقيه وعددا من الصحافيين الذين غطوا الحادثة.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.