إفشال مخطط جديد للميليشيات لإسقاط عدن في الفوضى من الداخل

قوات الأمن تعثر على كميات من العبوات الناسفة وأحزمة تفجير ووثائق تثبت تورطهم

قوات يمنية تقوم بمساعدة المسافرين  اليمنيين الذين قدموا من الأردن على مثن طائرة يمنية في مطار عدن  (أ.ف.ب)
قوات يمنية تقوم بمساعدة المسافرين اليمنيين الذين قدموا من الأردن على مثن طائرة يمنية في مطار عدن (أ.ف.ب)
TT

إفشال مخطط جديد للميليشيات لإسقاط عدن في الفوضى من الداخل

قوات يمنية تقوم بمساعدة المسافرين  اليمنيين الذين قدموا من الأردن على مثن طائرة يمنية في مطار عدن  (أ.ف.ب)
قوات يمنية تقوم بمساعدة المسافرين اليمنيين الذين قدموا من الأردن على مثن طائرة يمنية في مطار عدن (أ.ف.ب)

كشفت مصادر أمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» عن نجاح شرطة عدن والقوات الأمنية والعسكرية بمساعدة قوات التحالف العربي في إفشال مخطط للميليشيات الانقلابية كان يهدف إلى إسقاط عدن بالفوضى من الداخل وخلق حالة تمرد واحتجاجات في عموم المديريات عبر الدفع بضباط من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة لإدارة وتنفيذ المخطط الرامي لزعزعة أمن واستقرار العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية.
وقالت المصادر إن معلومات استخباراتية للتحالف وشرطة عدن كشفت المخطط منذ بدايته، ونجحت من خلال التحقيقات مع مجموعة إرهابية ومعتقلين من الخلايا النائمة من الوصول إلى كشف المخطط «الحوثي - العفاشي»، وهو ما دفعها إلى تنفيذ الإجراءات الأمنية الأخيرة وإطلاق حملة إثبات الهوية، الذي قادها إلى اعتقال العشرات من الضباط الموالين للمخلوع صالح، الذين كانوا يترصدون الفرصة لخلق الفوضى العارمة بالمدينة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الأمنية جاءت بالتنسيق بين اللجنة الأمنية العليا والشرطة وقوات التحالف والمقاومة الجنوبية رغم ما أثير حولها من ضجة إعلامية نتيجة لبعض الأخطاء التي رافقتها، لكنها نجحت في إفشال المخطط وقادها إلى اعتقال العشرات الذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية، وضبط في حوزتهم أسلحة وعبوات ناسفة وبطاقات مزورة وهم الآن بقبضة القوات الأمنية ورهن التحقيق.
وأوضحت أن أحزابًا سياسية وقيادات عسكرية شمالية وجنوبية موالية للمخلوع صالح مشاركة في المخطط، لافتًا إلى أن الإجراءات الأمنية الأخيرة أفشلت المخطط، وفاجأت الممولين له من الميليشيات الانقلابية، الأمر الذي دفعها للتغطية عليه بعد افتضاحها بشن حملة إعلامية على اللجنة الأمنية والحملة وإثارة الشارع الشمالي بأنها حملة تستهدف بعض المناطق. وعلى الرغم من ذلك، اعترفت مصادر سياسية أن أخطاء اقترفت خلال الحملة، لكنها لم تكن مقصودة، الأمر الذي استدعى تدخل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي رفض أي إجراء يفرق بين أبناء الشمال والجنوب، وفي النهاية تم تصحيح الأخطاء.
إلى ذلك عثرت وحدة خاصة تابعة لإدارة شرطة عدن مساء أول من أمس على كمية كبيرة من العبوات الناسفة وأحزمة جاهزة للتفجير ووثائق، وذلك في عملية دهم لمنزل انتحاري فشل أمس الأربعاء في تنفيذ عملية انتحارية بواسطة سيارة مفخخة تحمل أكثر من 16 لغما مضادا للدبابات كانت تستهدف مطار عدن الدولي من الجهة الشرقية القريبة من ساحل أبين.
الناطق باسم شرطة عدن عبد الرحمن النقيب أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الجهات التي تقف وراء العملية الإرهابية هي «المخلوع صالح والحوثيين»، التي تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة عدن وإزهاق أكبر كم من أرواح الأبرياء وإغراق المدينة في بحر من الدماء واستمرار دوامة العنف.
وخلال الأشهر الماضية تمكنت شرطة عدن من إحباط أكثر من عملية إرهابية بالمدينة وضبط معامل صناعة السيارات المفخخة والعبوات الناسفة واعتقلت الكثير من عناصر الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة التي يقودها ضباط عسكريون في الحرس الجمهوري والأمن القومي الموالي للمخلوع صالح.
وكان نائب وزير الداخلية اليمني، رئيس اللجنة الأمنية العليا، اللواء علي ناصر لخشع، قد أكد أول من أمس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن من الأسباب التي جعلتهم وقيادة قوات التحالف يقومون بحملات أمنية في محافظة عدن، هو ضغط السكان بدرجة رئيسية، خصوًصا مع استمرار الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينة عدن وسكانها وبشكل ممنهج.
وكشف اللواء لخشع عن أن 150 جريمة إرهابية اقترفت، توزعت بين سيارات مفخخة وعمليات انتحارية وتفجير عبوات واغتيالات، مخلفة 350 ضحية، ومتسببة في أضرار مختلفة لآلاف الأسر، مشيرًا إلى أن الحملة الأمنية مستمرة، وستواصل مهمتها رغم الحملة الإعلامية المعادية، التي تريد تثبيط عمل القيادات الأمنية في المحافظات المحررة، بدلا من دعمها لتلك الجهود الهادفة للحد من الجريمة المنظمة التي تعاني منها المحافظات، على حد قوله.
إلى ذلك أشاد مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام، بإجراءات ضبط الأمن، في العاصمة عدن، وفقًا لبيان اللجنة الأمنية العليا، مؤكدا أن أمن عدن مسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية، مشيرًا إلى أن بيان اللجنة الأمنية العليا، وضع النقاط على الحروف، وأكد التزامه بتوجيهات قيادة الدولة، مما يدل على وجود وعي كبير، لدى قيادة العاصمة، في إنفاذ القانون، وترسيخ العمل المؤسسي، والوطني، الذي ينشده الجميع.
ودعا مسارات وسائل الإعلام، والناشطين، إلى إيقاف الحملة الإعلامية، الموجهة ضد قيادة العاصمة عدن، لا سيما بعد الإيضاحات التي قدمتها، عن أسباب الإجراءات الأمنية، وأهدافها، وإزالة اللبس، وليست لها دوافع مناطقية، أو جهوية، كما تم الترويج لها.
مركز مسارات أشاد بالنجاحات الكبيرة، التي تحققت في هذا المجال، مؤكدًا أن فشل الانقلابين، في استغلال ورقة الإرهاب، لإعاقة عملية استكمال التحرير، والبناء، في عدن، ومدن الجنوب الأخرى، دفعهم لاستغلال الورقة المناطقية، كمحاولة أخيرة، لإنقاذ أنفسهم، ودفع البلاد للفوضى.
مسارات أشاد أيضًا بدور التحالف العربي، ممثلا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وما تقدمه من أجل عدن، والجنوب، واليمن، في سبيل هزيمة الإرهاب، والقوى الانقلابية، واستعادة الدولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».