وزير مكافحة الفساد التونسي لـ«الشرق الأوسط»: سنحاكم المتورطين في «وثائق بنما»

العيادي: نضغط دوليًا لاسترجاع الأموال المهربة للخارج.. والمواطنون شركاء في محاربة الفاسدين

كمال العيادي
كمال العيادي
TT

وزير مكافحة الفساد التونسي لـ«الشرق الأوسط»: سنحاكم المتورطين في «وثائق بنما»

كمال العيادي
كمال العيادي

قال كمال العيادي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد التونسي إن تونس تأتي في مقدمة البلدان التي تخوض حربًا على الفساد، وإن هذه الحرب تعتمد على إرساء ترسانة قوانين رقابية ورادعة للموظفين الفاسدين، كما تعتمد على تغيير عقلية الموظف وسلوكه ليحافظ على المال العام ويحسن التصرّف فيه، وإن المواطنين ومنظمات المجتمع المدني يشاركون بفعالية في هذه الحرب، وإنّ وزارته بصدد إعداد قانون لحماية الأشخاص الذين يقومون بالتبليغ عن شبهات الفساد في الإدارات العمومية.
وأكد كمال العيادي في حوار لـ«الشرق الأوسط» أنه سيتم إلغاء نتائج أي مناظرة انتداب تتعلق بها شبهة فساد ومنع الشركات العمومية، التي يتورط المسؤولون عنها في شبهات فساد من المشاركة في الصفقات العمومية. وفيما يلي نص الحوار:
* ما مدى انتشار ظاهرة الفساد في تونس وتفشي ظواهر كثيرة (مثل الرشوة واختلاس الأموال والتهرب من دفع الجباية واستغلال النفوذ وإساءة التصرف في المال العام) وما مدى خطورة ذلك على الاقتصاد الوطني؟ وما استراتيجيتكم لمقاومة الفساد والحد منه على الأقل؟
- مهما كانت درجة انتشار ظاهرة الفساد في تونس فإنها تمثل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، وتضرب منظومة الأخلاق ومبدأ المساواة، وبالتالي تؤثر على روح المبادرة الاقتصادية وتقلّص بدرجة كبيرة من الاستثمارات، وخصوصًا منها تلك المتسمة بالتجديد، ويكون تأثيرها أكبر على الشباب الذي هو عماد المستقبل في تونس.
وحسب عدد من المؤشرات في المجال، تحتل تونس مرتبة متقدّمة في تصنيف الدول التي تحارب الفساد، ونعمل منذ تولي وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد على تلافي هذا الوضع من خلال تكريس عدد من المبادئ على أرض الواقع. أول هذه المبادئ، وأهمّها في نظرنا، هو إقحام المواطن في الحرب على الفساد، إذ إن جهود المؤسّسات الرسمية في مكافحة الفساد لا تؤتي ثمارها إذا لم يكن للمواطن والمجتمع المدني الدور الأبرز في هذا المجهود. ولتجاوز الخطابات الرنانة والعبارات الإنشائية في الموضوع، اتخذنا عددًا من القرارات المباشرة نذكر منها على سبيل المثال تشريك منظمات المجتمع المدني في تركيبة لجان مناظرات الانتداب بالوظيفة العمومية، وإلغاء كل مناظرة تعلقت بها شبهات فساد جدية، كما أتممنا إعداد نصّ قانوني يقضي بإقصاء من تعلقت بهم قضايا فساد من المشاركة في الصفقات العمومية. كما ينصبّ عملنا على تطوير المنظومة القانونية للتصريح بالمكاسب وتقنين مسألة تضارب المصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع، بالإضافة إلى إرساء منظومة متكاملة للتبليغ عن حالات الفساد.
* بالإضافة إلى وزارتكم، هناك عدة هيئات ولجان ومنظمات لها التوجه والأهداف نفسها. أليس في هذا تشتيت للجهود، وهل هناك تنسيق بين هذه الأطراف؟
- بحكم خطورة الفساد على حاضر تونس ومستقبلها، وبالنظر إلى الأحكام الدستورية التي لها علاقة بالفساد وإلى التزامات الجمهورية التونسية إزاء الاتفاقيات الدولية والإقليمية، وإزاء شركائها في مجال إرساء دعائم الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، فإنه من المؤكّد أن الوضع يتطلب مشاركة الجميع في الحرب على الفساد، ما دام هناك وضوح لأدوار مختلف الأطراف وتنسيق في العمل لضمان الفعالية والجدية، وهو ما تضمنته خطة عمل الوزارة في النقطة المتعلقة بتركيبة وأساليب عمل المجلس الأعلى للتصدي للفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، الذي يمثل الإطار الأمثل لتنسيق الجهود وتبادل المعلومات والخبرات. كما ستعتمد وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد آليات للتواصل مع مختلف الأطراف التي لها علاقة بمكافحة الفساد وتنسيق جهودها.
* موضوع التبليغ عن الفساد من قبل الموظفين أو المواطنين يحتاج إلى تنظيم وتشجيع وحماية باعتباره واجبًا وطنيًا ومساعدًا على محاربة الفساد. هل فكرتم في ذلك؟
- يعتبر التبليغ عن الفساد إحدى الآليات المهمّة لإقحام المواطن في الحرب على الفساد وترتكز مقاربتنا على محورين متكاملين: يتعلق المحور الأول بتوفير تطبيقة إلكترونية لتسهيل تواصل المواطن مع الإدارة، ومن المكونات الأبرز لهذه التطبيقة فضاء للتبليغ عن شبهات الفساد. وبما أنّ هذه الآلية لا تكفي وحدها للتعاطي الجدّي والمسؤول مع البلاغات التي سترد على السلط الإدارية، فإنّنا بصدد العمل على وضع الإجراءات الداخلية المناسبة، التي من شأنها ضمان أقصى قدر ممكن من النجاعة في التعامل مع البلاغات الواردة على الوزارة.
كما انتهينا من إعداد مشروع قانون لحماية المبلغين عن الفساد في القطاع العام. وتمّ عرض هذا المشروع على شركائنا من جهات رسمية وأكاديميّين وعدد من منظمات المجتمع المدني، ونحن الآن بصدد دراسة مقترحاتهم وملاحظاتهم لإعداد صيغة جديدة تكون موضوع استشارة عمومية موسّعة لنضمن مساندة وانخراطًا أكبر في منظومة التبليغ.
* كيف ستتصرفون إزاء المفسدين الذين يمكن أن يكشف عنهم في إطار ما يعرف بوثائق بنما ويثبت تورطهم؟
- إنّ تولينا لوزارة تعنى بالحوكمة ومكافحة الفساد يحتّم علينا تكريس المبادئ المتفق عليها للحوكمة واحترامها احترامًا كليًا. ولعله من المفيد هنا التذكير بأنّ مبدأ علوية القانون هو دعامة كبرى ومبدأ أساسي للحوكمة. ويفترض هذا المبدأ احترام الحقوق الأساسية للأفراد ومن هذه الحقوق تمتّع الأشخاص بقرينة البراءة، حتى تثبت إدانتهم. كما أن هذا المبدأ يحتم احترام استقلالية القضاء، وهو ما نحن ملتزمون به، إذ إن القضاء قد تعهّد بالمسألة وسيكون تعاطينا مع هذه المسألة كالآتي: إذا ما تمّت إدانة شخص ما بمناسبة البحث في هذا الموضوع، وكان لهذا الشخص نفوذ في مؤسّسة اقتصادية، فإنّ هذه المؤسسة تمنع من المشاركة في الصفقات العمومية، إذ لم يكن له نفوذ في مؤسسة لها علاقة بالصفقات فإن القضاء مخول له اتخاذ العقوبات التي يراها مناسبة تجاه من تثبت إدانته.
* هناك 800 ملف فساد مالي بعشرات المليارات هي الآن معروضة على القطب القضائي المالي الذي يضم 8 قضاة فقط. هذا غير كافٍ ويتطلب سنوات طويلة من العمل والمتابعة. هل أنتم واعون بذلك؟ وهل تنسقون مع وزارة العدل لتجاوز هذا المشكل؟
- تحتاج عمليات البحث والتقصّي في ملفات الفساد المالي إلى تطوير مستمرّ للمهارات نظرًا لتعقّد عمليات الفساد المالي وتشعّبها وتعدد مسالك تبييض عائداتها. ونحن نسعى إلى تشريك أكبر عدد ممكن من القضاة في الدورات التكوينية المناسبة، التي تتاح لنا فرصة المشاركة فيها في إطار التعاون الدولي. كما أسدينا تعليماتنا إلى الأجهزة الرقابية التابعة للوزارة بتسهيل عمل السلطة القضائية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومدّهما بما يطلبانه من معطيات ووثائق، وكذلك خبرات، في إطار أعمال التحقيق في ملفات الفساد.كما تسعى الحكومة حاليًا لتعزيز إمكانيات القطب القضائي ليكون في وضعية تتماشى والأدوار التي بعهدته.
* هل ستتابعون مسألة استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج؟ وهل تعتقدون أن ذلك ممكن؟
- نعم، يحظى هذا الموضوع بقدر كبير من اهتمامنا، وسنباشر في القريب العاجل عملية النظر في مدى ملاءمة التشريع والإجراءات والسياسات الوطنية لمقتضيات الفصلين الثاني والخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ويتعلق الفصل الخامس من هذه الاتفاقية بمسألة استرداد الموجودات. وسنحاول ممارسة مزيد من الضغط على عدد من الدول والمنظمات الدولية لمساعدتنا على تعقب الأملاك المهربة واسترجاعها. كما تعمل الحكومة حاليًا على وضع إطار قانوني جديد لتفعيل استرجاع الأموال المهربة.
* واضح أن ملف الفساد ملف ثقيل ومتشعب ويتطلب آليات وخططًا وإرادة قوية لردع المخالفين ووقف النزف. ألا تخشى أن تغادر هذه الوزارة يومًا ما دون أن تكون قد حققت نتائج مهمة على درب الحد من الفساد؟
- أنا أسعى لوضع تجربتي وخبرتي في مجال مكافحة الفساد في خدمة بلدي ونحن مقتنعون بإمكانية تغيير الأمور نحو الأفضل، وهو ما نسعى إليه كل يوم بمساندة من الفريق الحكومي ونواب الشعب وعدد من منظمات المجتمع المدني.
ونحن مدركون أنّ التحدّيات كبيرة، وأنّ النجاح لا يكون إلاّ بالعمل الدؤوب والصادق في ظل وجود إرادة سياسية لمكافحة الفساد. علما بأن الفساد موجود في تونس كما في غيرها من البلدان حتى التي حققت نجاحًا في مكافحته، ولكن المهم هو بذل الجهد للتقليص من الفساد والحد من انتشاره، وأؤكد لكم أنّنا بدأنا في تحقيق بعض النجاحات.
* هل ستكتفون بالقوانين للحرب على الفساد أو هنالك برنامج ثقافية تزرع الفضيلة وتنهى عن الفساد بجميع أشكاله لتجنب الإضرار بالبلاد واقتصادها؟
- نبذل جهدًا كبيرًا للتسويق لميثاق سلوك وأخلاقيات العون العمومي مع العمل على إرساء مواثيق سلوك قطاعية، كما نحاول إرساء ثقافة الترشح للمناصب العليا، وقد بدأنا بالفعل في ذلك من خلال فتح باب الترشح لخطة المدير العام للمصالح الإدارية والوظيفة العمومية. كما أن مسألة التصريح بالمكاسب لعدد من المسؤولين السياسيين والإداريين تدخل في هذا الباب ونقوم الآن بإعداد مشروع نص قانوني مناسب.
ويتمثل المستوى الثاني في تشريك المواطن في الحرب ضد الفساد، أما المستوى الثالث، فإننا نقوم الآن باستكشاف سبله مع وزارتي التربية والثقافة أساسًا، ويتعلق بتعزيز روح المواطنة والمسؤولية والنزاهة لدى الناشئة، وهو ما سيمكّن من إعداد جيل جديد متشبع بمقومات النزاهة. ويضاف إلى كل هذا دور منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في مرافقة عملية تغيير السلوك والعقليات.
* هل من برنامج يركز على إصلاح الإدارة التونسية لتكون إدارة محايدة وشفافة ونزيهة؟
- تشهد الإدارة التونسية، الآن عمليتي إصلاح جذريتين، تتمثلان في تحديث التصرف المالي من خلال مشروع القانون الأساسي للميزانية المعروض على مجلس نواب الشعب، الذي سيغير مقاربة التصرف من مقاربة مبنية على استهلاك الميزانية المالية المقررة إلى مقاربة مبنية على النجاعة، وكذلك تحديث التصرف في الموارد البشرية من خلال مراجعة النظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية.
وسنشرع في مراجعة وتعديل الإجراءات بالإدارات العمومية وتعميمها مع التركيز في مرحلة أولى على الإجراءات ذات العلاقة المباشرة بالخدمات المقدّمة للعموم. وجدير بالذكر أن هذه الإصلاحات تتمّ بطريقة منفتحة وتشاركية، وتحتاج إلى بعض الوقت لتعطي ثمارها، إلا أننا مقرون العزم على استكمالها في أحسن الآجال.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.