«هيومان رايتس ووتش» توثق استمرار تحدي الأسد لمجلس الأمن بـ«البراميل المتفجرة»

بان كي مون أشار إلى صعوبة وصول المساعدات وندد بعنف الطرفين المتصارعين

«هيومان رايتس ووتش» توثق استمرار تحدي الأسد لمجلس الأمن بـ«البراميل المتفجرة»
TT

«هيومان رايتس ووتش» توثق استمرار تحدي الأسد لمجلس الأمن بـ«البراميل المتفجرة»

«هيومان رايتس ووتش» توثق استمرار تحدي الأسد لمجلس الأمن بـ«البراميل المتفجرة»

قدمت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، في تقرير لها، أمس، أدلة جديدة على استهداف النظام السوري 340 موقعا بالبراميل المتفجرة في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة بحلب، مستندة في ذلك إلى شهادات ومقاطع فيديو وصور التقطت بالأقمار الصناعية، ومطالبة بفرض قرار حظر التسلح على الحكومة السورية. بينما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن وصول المنظمات الإنسانية إلى السوريين ممن هم بحاجة إلى إغاثة «لا يزال صعبا جدا»، مدينا الغارات التي ينفذها النظام السوري ضد أحياء سكنية.
وحث الأمين العام في تقرير قدمه أمس إلى مجلس الأمن الدولي، الحكومة السورية والمعارضة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتسهيل إيصال المساعدات، وخصوصا الأدوية، إلى 9.3 ملايين سوري بحاجة إلى مساعدة إنسانية. وجاء في نص التقرير أن المساعدة التي تصل إلى السكان لا تزال ضعيفة جدا وغير كفيلة بتغطية الحاجات الأساسية.
وأدان كي مون الغارات المكثفة لقوات النظام ضد أحياء سكنية، فضلا عن أعمال الترهيب المتبعة في سوريا من قبل مجموعات متشددة «تهدف إلى فرض آيديولوجيات راديكالية في بعض أجزاء البلاد». وأجرى الأمين العام في تقريره تقييما حول مدى تنفيذ القرار رقم 2139 الذي أصدره مجلس الأمن بالإجماع في 22 فبراير (شباط) الماضي، والذي طالب برفع الحصار عن عدة مدن سورية ووقف استخدام «البراميل المتفجرة» ضد المدنيين من قبل القوات الجوية السورية.
ولا ينص القرار، الذي وافقت عليه روسيا بعد مفاوضات، على فرض عقوبات في حال عدم احترام بنوده. ويترك المجال مفتوحا أمام مجلس الأمن للرد على منتهكيه، بالاعتماد على تقرير الأمين العام، ولكن ذلك يتطلب قرارا جديدا صادرا عن المجلس. وفي هذه الحالة، ينتظر دبلوماسيون في مجلس الأمن أن تحول روسيا دون صدور أي قرار يفرض عقوبة على حليفتها سوريا، الأمر الذي فعلته ثلاث مرات منذ بدء الأزمة السورية في مارس (آذار) 2011.
وفي تقريرها، كشفت «هيومان رايتس» عن مقتل ما لا يقل عن 2321 مدنيا جراء الغارات الجوية باستخدام البراميل المتفجرة على حلب بين الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) و21 مارس الحالي، وتهجير الآلاف، وذلك رغم قرار مجلس الأمن المتخذ في 22 فبراير الماضي، الذي طالب الأطراف كافة في سوريا بالتوقف عن الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي واستخدام القنابل العنقودية.
وحددت المنظمة ما لا يقل عن 340 موقعا في الأحياء السكنية والتجارية الخاضعة للمعارضة التي تعرضت للدمار بالبراميل بين مطلع نوفمبر 2013 وفبراير الماضي، مشيرة إلى أن هذه القنابل تصنع محليا. وأجمع الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم، وهم من اللاجئين الذين هربوا إلى تركيا، على رؤيتهم طائرات مروحية تلقي البراميل، وهذا ما أكدته أيضا المخلفات التي وجدت في بعض مناطق حلب.
ووفق الشهود، فإن المناطق المستهدفة هي سكنية وتجارية وبعيدة عن المواقع العسكرية، مما يدل بحسب تقرير المنظمة، على عشوائية إلقاء هذه القنابل والغارات. وطالبت «هيومان رايتس» مجلس الأمن بفرض حظر للتسلح على الحكومة السورية وأي جماعة متورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا وإحالتهم إلى محكمة الجنايات الدولية، عادة هذا الحظر، إذا ما طبق، من شأنه أن يحد من قدرة النظام على شن غارات جوية. وفي هذا الإطار، قالت سارة ليا وتسن، المديرة التنفيذية في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا: «طوال ثلاث سنوات، أعلنت الحكومة السورية موسم صيد مفتوحا على المدنيين من دون أي رادع أو عواقب، ومن ثم على مجلس الأمن الرد على هذه الاستهانة بقراراته بحظر التسلح لتأكيد أن الانتهاكات تؤدي إلى عقوبات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».