الهدوء يعود تدريجيًا إلى قطاع غزة بعد تدخل مصر وانسحاب القوات الإسرائيلية

تهديد تل أبيب بالعمل مجددًا داخل حدود القطاع للبحث عن الأنفاق

الهدوء يعود تدريجيًا إلى قطاع غزة  بعد تدخل مصر وانسحاب القوات الإسرائيلية
TT

الهدوء يعود تدريجيًا إلى قطاع غزة بعد تدخل مصر وانسحاب القوات الإسرائيلية

الهدوء يعود تدريجيًا إلى قطاع غزة  بعد تدخل مصر وانسحاب القوات الإسرائيلية

قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن مصر رعت اتفاقا جديدا لعودة الهدوء إلى قطاع غزة، بعد 3 أيام من التوتر الذي كاد يقود إلى مواجهة جديدة بين إسرائيل وحركة وحماس.
وبحسب المصادر، فقد سحبت إسرائيل قواتها إلى خارج قطاع غزة بعدما اقتحمتها الأسبوع الماضي، وعملت على اكتشاف وتدمير أنفاق لحركة حماس التي ردت بإطلاق قذائف هاون وهددت برد أقسى، فيما توقف استهداف القوات الإسرائيلية داخل وخارج الحدود.
وأكدت المصادر ذاتها أن مصر توصلت إلى تفاهمات مع إسرائيل وحماس بالعودة إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 2014.
وبموجب ذلك انسحبت القوات الإسرائيلية إلى نحو مائة متر إلى خارج الحدود، وتوقفت أعمال البحث عن أنفاق في الداخل. كما أوقفت حماس إطلاق الهاونات.
وسجل أمس، شن إسرائيل غارتين على موقعين في خان يونس جنوب قطاع غزة، أحدهما تابع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، من دون تسجيل أي إصابات، ردا على إطلاق قذيفة من غزة. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائراته شنت غارتين أمس على موقعين لحركة حماس في قطاع غزة، ردا على إطلاق صاروخ من غزة تجاه إسرائيل. وقال الجيش في بيان، إنه جرى في وقت مبكر من يوم أمس إطلاق قذيفة من قطاع غزة على جنوب إسرائيل «ورد الطيران باستهداف بنى تحتية للإرهاب». ولاحقا لم يسجل أي تطورات أخرى، في مؤشر على الهدوء بعد أيام من القصف المتبادل بين حماس وإسرائيل، أدى إلى مقتل امرأة في قطاع غزة الخميس.
ويؤكد الهدوء في قطاع غزة على عدم استعجال إسرائيل أو حركة حماس الحرب من جديد، على الرغم من التهديدات الكثيرة التي أطلقها الجانبان في الأيام القليلة الماضية. وفي هذا الصدد أكدت مصادر أمنية إسرائيلية، أمس، أن حركة حماس نقلت إلى إسرائيل رسائل حول رغبتها في إعادة الهدوء إلى الحدود مع قطاع غزة وتفادي مزيد من التصعيد. وقد نُقلت هذه الرسائل عن طريق 4 جهات مختلفة بحسب المصادر الأمنية.
وأكد الجيش الإسرائيلي، أمس، انسحابه من غزة، بعد أن أنهت وحدة الهندسة عملياتها الحالية بحثا عن أنفاق. لكن مصادر قالت لموقع «والا» الإسرائيلي إن الجيش الإسرائيلي سيعود للعمل مجددا داخل حدود قطاع غزة إذا اقتضت الضرورة ذلك بحثا عن الأنفاق.
وكان المجلس الوزاري المصغر «الكابينيت» قد أكد أن الجيش الإسرائيلي سيستمر بالعمل على اكتشاف الأنفاق الهجومية من قطاع غزة نحو إسرائيل، والتصدي لجميع المحاولات «الإرهابية» التي تقوم بها حركة حماس لمس قوات الجيش الإسرائيلي، وأنه سيتم الرد على أي هجوم من غزة يعيق عمل الجيش. وبحسب المصادر، فإنه «لا نية لدى إسرائيل في وقف النشاطات على حدود غزة. ونشاط قوات الهندسة سيستمر، والعمليات داخل الحدود لمئات الأمتار ستتواصل بحسب تفاهمات 2014». لكن حماس رفضت أي عمل إسرائيلي داخل الحدود، إذ قال إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، إن حركته لا تسعى إلى حرب مع إسرائيل بالفعل، لكنها لن تقبل بدخول قواتها إلى القطاع. ومباشرة بعد ذلك، رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر بقوله إنه «يجب وقف خطة حماس الشيطانية للتسلل إلى داخل البلدات الإسرائيلية».
وثمة تقديرات في إسرائيل بأن حماس لا تريد الحرب فعلا. لكنها مستعدة للدخول في حرب جديدة بسبب الأنفاق التي تعد سلاحها الاستراتيجي الأهم. وكان الجيش الإسرائيلي نجح في فترة وجيزة باكتشاف نفقين ضخمين لحماس، وهو ما أغضب الحركة كثيرا.
وقال النائب في الكنيست يعقوب بيري، أمس، إن «حركة حماس ليست معنية بخوض مواجهة مع إسرائيل في هذه المرحلة لأسباب في نفس يعقوب، لكنها تخشى فقدان ما تعده سلاحها الاستراتيجي أي الأنفاق».
وأضاف بيري، الذي كان يشغل منصب رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» سابقًا، أن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة تثني هي الأخرى حماس عن التحرك نحو المواجهة مع إسرائيل. وفي هذا يتفق بيري مع ما نشره عاموس هارئيل في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية حول أهمية الأنفاق، وكيف أنها تعد سببا رئيسيا في غضب حماس في هذا الوقت.
وكتب هارئيل قائلا إن «بيت القصيد واضح جدّا. فحماس تعيش تحت ضغط مزدوج. فمن جهة، الوضع الداخلي في قطاع غزة صعب. وتجد الحركة صعوبة في صيانة بنية تحتية بحد أدنى، بحيث تتيح حياة عادية (إمدادات الكهرباء، مياه الشرب، شبكة صرف صحي صالحة) ولا تنجح في تحسين علاقاتها المتوترة مع مصر. ومن جهة أخرى، تعلن إسرائيل أنّها طوّرت حلا تكنولوجيا للعثور على الأنفاق وتستمر في أعمالها الهندسية الحثيثة على طول الحدود. ومنذ أن انتهت جولة القتال الأخيرة في القطاع، عملية (الجرف الصامد) في صيف عام 2014، استثمرت المنظومة الأمنية نحو 600 مليون (شاقل) في تطوير تكنولوجيا مضادّة للأنفاق»، مضيفا أن الأنفاق «شكلت بشكل نسبي قصة النجاح الرئيسية لحماس في الحرب الأخيرة. فمن خلال الأنفاق الهجومية حققت حماس مفاجأة، أحرجت فيها الجيش الإسرائيلي، وتسببت أيضًا بعدة خسائر (..) والنجاح الإسرائيلي المحتمل في العثور على مزيد من الأنفاق يقلق حماس، لأنه يهدد الإنجاز المستقبلي وروحها القتالية أيضا. ويبدو أن هذه هي خلفية التهديدات المتجددة ضدّ إسرائيل، وإلى جانبها رسالة الجناح العسكري لحركة حماس إلى ذراعها السياسية، التي يتحفظ قادتها من استئناف القتال». وتابع مستدركا: «لكن كل ذلك لا يقود بالضرورة إلى مواجهة أخرى، ولكن هذه الأمور ترفع من درجة الغضب في كلا الجانبين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.