القارة السمراء تجذب سياح العالم بسحرها

دليلك إلى الوجهات الأفريقية في 2014

أثيوبيا
أثيوبيا
TT

القارة السمراء تجذب سياح العالم بسحرها

أثيوبيا
أثيوبيا

في القارة السمراء أفريقيا، هناك أربع دول تحصل تقليديا على أعلى العوائد السياحية؛ وهي: مصر، وتونس، والمغرب، وجنوب أفريقيا. ولكن الخريطة السياحية الأفريقية تتغير بسرعة في عام 2014، حيث تفتح دول جديدة آفاق السياحة إلى وجهات غير مطروقة من قبل، مما يشجع المزيد من السياح الجدد على التوجه إليها بدلا من وجهات السياحة التقليدية. وبينما تتخصص دول شمال أفريقيا في تقديم سياحة الشواطئ مستفيدة من القرب الجغرافي من أوروبا وشمس فصل الشتاء، فإن مصر تعتمد أساسا على آثارها الفرعونية في جذب السياح إليها، بالإضافة إلى سواحل البحر الأحمر الدافئة شتاء. وفي جنوب أفريقيا، تعتمد السياحة على رحلات السفاري إلى الأدغال وهي صفة تشترك فيها مع كينيا أيضا. وتتطلع دول أفريقيا بجنوب الصحراء الكبرى إلى تنمية صناعة السياحة فيها، ويبدو أن جهودها بدأت تثمر، حيث بلغ مجموع السياح إلى هذه المجموعة من الدول 33.8 مليون سائح في عام 2012. هذا رغم العوائق الكثيرة التي ما زالت تحد من نسبة السياح القادمين مثل صعوبة الحصول على الرحلات الجوية المناسبة، وندرة الفنادق السياحية، وصعوبة إجراءات الدخول والسفر. ولكن الدول الأفريقية تدرك أهمية صناعة السياحة التي توفر حاليا وظيفة من كل عشرين وظيفة في دول جنوب الصحراء.
من الوجهات السياحية الأفريقية الجديدة التي تحوز اهتمام خبراء السياحة في العالم، مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ربما لعلاقة المدينة بنيلسون مانديلا. فقد ذكر مانديلا أنه حينما كان مسجونا في جزيرة روبن كان يجد إلهاما في النظر عبر المياه إلى كيب تاون وسلسلة الجبال التي تحيط بها ويعدها منارة أمل في الحرية.
وكانت المدينة فعلا موقع أول خطاب لمانديلا بعد خروجه من السجن، ولهذا تجذب المدينة المزيد من الزوار، خصوصا عقب وفاة مانديلا أخيرا. وتحاول المدينة حاليا أن تتحسس مستقبلها وتنفض الغبار عن ماضيها الذي شهد الكثير من آثار التفرقة العنصرية. وتعد كيب تاون عاصمة التصميم في العالم لهذا العام، وتتطلع المدينة إلى الاستفادة من هذا اللقب في جميع مناحي الحياة اليومية فيها. وتستعرض فيها استوديوهات التصميم أعمالها وتفتح أبوابها للجمهور، كما عقدت مؤتمرا حول التصميم في شهر فبراير (شباط) الماضي. وتحاول بعض الأوساط الشعبية الاستفادة من الحدث لتطوير الأحياء السوداء في المدينة التي تعاني مظاهر الفقر والحرمان. وهناك الكثير من المشروعات الثقافية التي تريد تحويل هذه الأحياء إلى وجهات سياحية ونماذج للتنمية الريفية المستدامة. وتبدو كيب تاون كأنها تحاول إعادة اختراع نفسها وهي تدعو العالم لمشاركتها في هذا التحول الجذري.

* ناميبيا
من ناحية أخرى، تعد ناميبيا مثالا أفريقيا ناجحا في جهود المحافظة على البيئة. وتسوق ناميبيا نفسها سياحيا على أساس الشراكة بين هيئات البيئة والسياحة، كما تدعو السياح للمشاركة في الجهد. وفي عام 2013، كان في ناميبيا 79 جمعية بيئية حصلت فيما بينها على جائزة من صندوق البيئة العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو. وتتركز الجهود على المحافظة على حيوان الخرتيت ومنع تناقص أعداده. وخلال العام الحالي، يوفر مجلس السياحة في ناميبيا ثلاث طرق جديدة للسياح لقيادة السيارات إلى مواقع غير مسبوقة سياحية، مما يشجع المزيد من الإقبال السياحي لاكتشاف هذه المناطق.
ومن ناميبيا إلى أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا التي تحاول تثبيت أقدامها كعاصمة للفنون الأفريقية، حيث تعد المدينة من أقدم مراكز الفنون في القارة. وتنظم أديس أبابا هذا العام مهرجانا للتصوير ومهرجانين للسينما ومهرجانا لموسيقى الجاز. وتنتشر في المدينة قاعات العروض الفنية ومجموعات الأعمال الفنية. ويعرض فندق شيراتون فنون إثيوبيا في معرض سنوي مصور يعقد خلال فصل الصيف. كما يقام أيضا معرض حول حياة الإمبراطور هيلاسلاسي الأول. وتوفر المدينة نظرة جديدة على أفريقيا لم يعهدها السياح من قبل.

* كينيا
في كينيا، تتحدث أوساط السياحة عن منطقة طبيعية جديدة اسمها «لايكيبيا بلاتو» وهي تقع بين جبل كينيا ووادي الأخدود العظيم، وتعد من المناطق التي لم تمسها يد الإنسان بعد. وتنتشر في المنطقة حيوانات متنوعة مثل الأفيال والفهود والخراتيت والحمار الوحشي. وهي الآن محمية طبيعية ناجحة، يجري رعايتها والمحافظة عليها بمشاركة شعبية وحكومية وعبر السياحة. ويجري هذا العام افتتاح منتجع بيئي جديدة في المنطقة اسمه «سيغيرا»، يملكه مستثمر ألماني اسمه جوكين زيتز، وهو يتيح فرصة السياحة البيئية والتمتع برحلات السفاري في مناخ من الفخامة. وتصل مساحة المنتجع إلى نحو 50 ألف فدان وهو يحوي مجموعة كبيرة من الفنون الأفريقية، بالإضافة إلى مزرعة عضوية واستخدام مكثف للطاقة الشمسية في النشاطات الزراعية كافة. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد السياح الأجانب إلى المنطقة، خصوصا بعد إعلان الحكومة إنشاء محمية طبيعية أخرى على الجانب الجنوبي الغربي من منطقة «لايكيبيا بلاتو».

* تنزانيا
في تنزانيا، يذهب السياح إلى وجهتين تقليديتين هما: قمة جبل كليمانجارو، الأعلى في أفريقيا الذي يكسوه الجليد طوال فصول العام، ومنطقة «سيرينغيتي» المشهورة بمحمية طبيعية للحيوانات الوحشية. ولكن الوجهة الجديدة المفضلة في عام 2014 هي العاصمة دار السلام التي تقع على ساحل المحيط الهندي وتقدم للزائر جوا ساحرا من نوادي الموسيقى السياحيلية. وتتنافس الموسيقى الأفريقية مع الأنغام العربية والسياحيلية في خليط يشير إلى التأثير المتنوع لثقافات أفريقيا وهندية وعربية تمتزج في المدينة. وتنتشر على الشواطئ الأكلات الأفريقية المعهودة كما تتمتع المدينة بالدفء خلال فصل الشتاء.
وما يشجع السياحة إلى دار السلام أيضا بداية نشاط شركة الطيران الرخيص الأفريقية: «فاست جيت» التي تتخذ من دار السلام مركزا لها. ولهذا لم تعد دار السلام معبرا لوجهات سياحية أخرى في تنزانيا، بل أصبحت وجهة متميزة في حد ذاتها.
وفي تنزانيا، أيضا تقع جزيرة زنزبار الساحرة في المحيط الهندي، وهي تشتهر بالتوابل، ويبدو فيها التراث العربي واضحا خصوصا في مدينة الأحجار «ستون تاون» التي تنتشر فيها الشوارع الضيقة وقصر السلطان وبعض المساجد. وهي مدينة مصنفة عالميا من منظمة اليونيسكو. وهي تشتهر ببعض أفضل الشواطئ في أفريقيا. وتقام بالجزيرة سنويا الكثير من المهرجانات التي تعبر عن التراث السياحيلي. وعلى الحدود بين زامبيا وزيمبابوي، تقع شلالات فيكتوريا التي تمتد بعرض ميل كامل وترتفع لمسافة 108 أمتار. وخلال موسم الأمطار، يندفع أكثر من 500 مليون لتر مكعب من المياه إلى نهر إلزامبيزي. ويمكن رؤية الشلالات من على مسافة 30 ميلا.
وبالقرب من الشواطئ الأفريقية، تقع جزر السيشل التي توفر سياحة عصرية فاخرة في منطقة أصبح الوصول إليها أسهل من الماضي. وتضم جزر السيشل 115 جزيرة تقع في المحيط الهندي وتحوي بعض أغلى الفنادق في العالم. وتشتهر الجزر بأنها كانت اختيار الأمير ويليام وزوجته لقضاء شهر العسل فيها. واختار الأمير ويليام فيللا على الجزيرة الشمالية وهي جزيرة خاصة، وتتراوح تكلفة الإقامة فيها ما بين 3600 إلى 5800 دولار في الليلة الواحدة. وكانت آخر المشروعات التي افتتحت في سيشل فيللات «دوبلتري» التي يشرف عليها فندق هيلتون سيشل. وهناك الكثير من عوامل الجذب السياحي في سيشل، بالإضافة إلى الحياة الوثيرة والشواطئ الرملية. ففي الجزيرة أكبر محمية طبيعية للسلاحف العملاقة التي يصل عددها إلى نحو مائة ألف سلحفاة تعيش في منطقة بحرية بها شعب مرجانية محمية من منظمة اليونيسكو. وأخيرا، وقعت شركة طيران سيشل اتفاق شراكة مع شركة «كاثي باسيفيك» وعدد من الشركات الأوروبية، مما يجعل السفر إلى الجزر أسهل مما كان في السابق.

* المغرب
وفي المغرب، تبدو مدينة فاس القديمة من مدن التراث المغربي المفضلة لدى السياح، لأنها ليست من الوجهات السياحية الرئيسة. وهي تشتهر بأسلوب العمارة المميز فيها والمعروف باسم «أرابيسك»، كما أن المدينة القديمة مركز تراث عالمي مصنف من «اليونيسكو». وهي أيضا توفر أكبر مساحة خالية من السيارات داخل المدينة. وتحمل فنادق المدينة سمات المعمار فيها ويختلط السياح بأهل المدينة في عالم يحمل كل سمات الشرق، رغم أنه لا يبعد إلا ساعات قليلة بالطائرة عن أوروبا. ورغم المتاعب الأمنية التي تعانيها مصر في المرحلة الحالية، فإن مراجع السياحة العالمية تنصح بزيارة الأهرام «كأعظم إنشاء معماري من صنع الإنسان، وآخر عجائب الدنيا السبع الباقية للبشرية». ويستمر الإقبال السياحي على معالم مصر السياحية، وإن كان بوتيرة أقل من الماضي، حيث يغفل السياح الأخطار الأمنية من أجل ما يعدونه رحلة العمر.



السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.