«العبوات» تكتيك جديد «نسف» آمال «داعش»

مختصون: سقوط القيادات ضربة قاصمة للتنظيم

عبوة ناسفة من ضمن المقبوضات التي ضبطتها الداخلية السعودية في عملية وادي نعمان أول من أمس (واس)
عبوة ناسفة من ضمن المقبوضات التي ضبطتها الداخلية السعودية في عملية وادي نعمان أول من أمس (واس)
TT

«العبوات» تكتيك جديد «نسف» آمال «داعش»

عبوة ناسفة من ضمن المقبوضات التي ضبطتها الداخلية السعودية في عملية وادي نعمان أول من أمس (واس)
عبوة ناسفة من ضمن المقبوضات التي ضبطتها الداخلية السعودية في عملية وادي نعمان أول من أمس (واس)

تكشف عملية وادي نعمان، التي أسقطت خلالها الداخلية السعودية خلية إرهابية تنتمي لتنظيم داعش أول من أمس، عن ضربة أمنية ناجحة، وتوجه تكتيكي جديد يتمثل في استخدام العبوات الناسفة، وهو ما تظهره جردة المقبوضات المعلنة أمس، ومن بينها تحريز 15 عبوة ناسفة جاهزة للتفجير.
وسبق للتنظيم أن نفذ أول عملية باستخدام عبوة ناسفة أواخر أبريل (نيسان) الماضي في محافظة الأحساء، وذلك بموقف دوريات أمن الطرق في المحافظة.
ويرجع صابر السويدان، وهو مختص أمني كويتي، اللجوء للعبوات الناسفة إلى تشديد الخناق على التنظيم وزيادة اليقظة الأمنية حول المساجد؛ ويقول: «لجأ التنظيم فيما يبدو إلى العبوات الناسفة لعدة أسباب، منها سهولة زرعها وتفجيرها عن بعد، وقد يكون السبب هو قلة الانتحاريين لدى التنظيم، والسبب الآخر أنه يمكن زرعها على الطرق وفي المساجد وبالقرب من المقرات الأمنية».
ويضيف: «إن تنظيم داعش اعتاد الخروج بتكتيك متجدد، فالأحزمة الناسفة التي استخدمها في عمليات عدة في السعودية والكويت كان لها تأثير مدمر، حيث يسهل ارتداؤها والتخفي بين الجموع في المسجد، ثم تفجيرها لتوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى عبر انتحاري واحد فقط».
ويربط المختص الأمني الكويتي استخدام العبوات أيضا بالنتائج التي حققتها ضد القوات الأميركية في العراق، حيث كانت العبوات الناسفة هي الخطر الذي يهدد الجنود الأميركيين.
من جهة أخرى، يرى مختصون أمنيون أن سقوط القيادات يعني توجيه ضربات قاتلة للتنظيم، وأن وجود إرهابي أربعيني في ظل الكشف عن صغار سن مغرر بهم، يعكس مدى شح التنظيم وبدء افتقاره للمؤيدين.
ويقول اللواء عبد الله السعدون، رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط»: «كان الخطر أكبر من حجم الذخائر والعبوات والأحزمة الناسفة.. لكن الضربات الأمنية الاستباقية هي الحل».
وأضاف: «الأمن نفذ ضربات استباقية في أكثر من موقع، كما كان دور المواطنين واضحا في هذه العمليات».
وقال: «الضربات الأمنية الاستباقية تقلل الخسائر بشكل كبير، وتمثل عنصر مفاجأة لأعضاء التنظيم مما يجعل أخطاءهم أكبر وعملية انكشافهم أسرع».
في حين يشدد حسن أبو هنية الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، على أن الأجهزة الأمنية تدرك المخاطر التي يمثلها تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة.
ويضيف: «لدى المخططين الأمنيين معرفة تامة بحركة الخلايا الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، وتكتيكاتها في كل مرحلة»، ويتابع: «بعد كسر شوكة تنظيم القاعدة في عام 2006، عاودت هذه الحركات الظهور من جديد بفعل الاضطرابات التي يعيشها العالم العربي، والسعودية تدرك هذه المخاطر جيدًا».
مثل سعيد عايض الشهراني ومحمد سليمان الصقري، علامة فارقة في الضربة الأمنية التي وجهها الأمن السعودي لتنظيم داعش، حيث كانا يقفان خلف 5 عمليات كبرى شهدتها السعودية على مدار عام.
يقول اللواء السعدون: «إن سقوطهما مؤشر لانهيار قيادات التنظيم في السعودية، وهذا العام نرجو أن يكون عام الحسم مع تنظيم داعش الإرهابي».
ويعد المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، حسن أبو هنية، أن سقوط القيادات يعني توجيه ضربات قاتلة للتنظيم، ويضيف: «عادة يسقط الجيل الجديد من أعضاء التنظيم الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و23 سنة، بينما تتفرغ القيادات للدعاية للتنظيم، وجلب أنصار جدد والتخطيط للعمليات، وسقوط القيادات يعني بداية الشلل للتنظيم».
يعود صابر السويدان ليقول: «إن سقوط الشهراني والصقري ليس مفاجأة؛ لأنهما كانا على قائمة المطلوبين للأمن السعودي»، ويضيف: «الضربات الأمنية اضطرتهم للانتقال من المناطق الآمنة بالنسبة لهما إلى المناطق الخطرة، وهذا ما سهل كشفهم».
ويقول: «إن وجود اثنين من أعضاء التنظيم في سن 46 سنة، يدحض الفكرة التي كانت رائجة عن أن أعضاء التنظيم صغار غرر بهم»، ويضيف: «سقوطهما يعني أمرين، الأول عدم وجود أعداد كافية من الانتحاريين والأنصار للقيام بالعمليات الانتحارية، والأمر الآخر أن الجهود الأمنية دفعتهم للخروج من مخابئهم والمخاطرة، مما مكن الأمن من اصطيادهم».



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)