في محاولة من مجلس حكماء المسلمين للتصدي لتمدد تنظيم داعش الإرهابي في أفريقيا، أطلق مجلس حكماء المسلمين أولى قوافل السلام الخارجية لهذا العام إلى نيجيريا، وذلك في إطار عدد من القوافل التي من المقرر إيفادها إلى مختلف قارات العالم لنشر ثقافة السلام وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك، وقال مصدر مُطلع بالمجلس، إن «قوافل السلام للدول حول العالم تهدف إلى نشر السلام والرد على استفسارات الشباب حول المفاهيم المُلتبسة، التي تروجها بعض الجماعات المُتطرفة لاستقطاب الشباب للقيام بأعمال عنف وقتل وحرق ضد دولهم».
في حين يرى مراقبون أن أفريقيا محطة مُهمة للتنظيمات الإرهابية لنشر فكرها المُتطرف وتجنيد عناصر جُدد والانتشار في أراض جديدة.. وتصاعد خلال العام الماضي نشاط الجماعة الأشهر «بوكو حرام سابقا» في نيجيريا، خصوصا بعد مبايعتها زعيم «داعش» المزعوم أبو بكر البغدادي، في مارس (آذار) عام 2014. وأطلقت على عناصرها «داعش نيجيريا».
وأكد وفد دار الإفتاء النيجيرية، أمس، أن «قافلة مجلس حكماء المسلمين سوف تُسهم في لفت أنظار العالم إلى معاناة الشعب النيجيري من الفكر المُتطرف الذي عانى منه طويلا، وسوف تكون القافلة بداية لمزيد من الجهود لنشر قيم السلام والحوار في دولة نيجيريا».
وقال المصدر المُطلع في المجلس، إن «أعضاء القافلة عقدوا لقاء جمع رموز الدين الإسلامي والكنيسة النيجيرية في مدينة كادونا، لتأكيد التعايش السلمي ودور القيادات الدينية في التوعية بأهمية نشر ثقافة السلام والإخاء بين أبناء المجتمع النيجيري، فضلا عن عقد لقاءات مفتوحة مع الشباب لتوعيتهم بمخاطر الفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم، والرد على تساؤلاتهم واستفساراتهم وفق المنهج الوسطي القويم».
«وداعش نيجيريا» تعد من أكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم، وأعلنت مؤخرا مسؤوليتها عن قتل 32 شخصا وإصابة نحو 86 آخرين في ثلاث هجمات انتحارية نفذتها 4 انتحاريات شابات استهدفن سوقا في قرية بودو في أقصى شمال شرقي الكاميرون.
وأكد المراقبون أن «داعش نيجيريا» تنشط في الكاميرون وتشاد ونيجيريا، وهي الجماعة الأكثر عنفا والمسؤولة عن مقتل أكثر من 6644 خلال عام 2014 الذي يُعد زيادة قدرها 317 في المائة عن عام 2013.
وكان أول هجوم لـ«بوكو حرام سابقا» خارج نيجيريا على المناطق الحدودية لتشاد والكاميرون، وقتل فيه 520 شخصا ضمن 46 هجوما، ثم تضاعفت العمليات ضد البلدان المجاورة العام الماضي، حيث قتل 53 على الأقل في سلسلة من الهجمات حتى منتصف عام 2015. وضاعفت «بوكو حرام سابقا» من هجماتها ثلاثة أضعاف من 35 إلى 107، وارتفع عدد القتلى إلى أربعة عشر ضعفا من 107 أشخاص إلى 1490 شخصا في عام 2014 مقارنة بعام 2013.
في سياق مُتصل، أقامت قافلة السلام ندوة بمسجد النور، الذي يعد أحد أهم وأشهر المساجد بمدينة أبوجا، حضرها آلاف النيجيريين، حيث أكد أعضاء القافلة أن «الإسلام دين السلام والمحبة والتعايش المشترك». وكانت القافلة التي تم إيفادها من قبل مجلس حكماء المسلمين الذي يترأسه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، قد بدأت أنشطتها بزيارة المركز العالمي للثقافة والتربية بمدينة أبوجا، وقال الدكتور علي النعيمي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إن «إطلاق المرحلة الثانية من قوافل السلام بقافلة نيجيريا يرجع إلى ما يمثله هذا البلد الأفريقي المسلم من أهمية كبيرة، خصوصا في ظل ما يواجهه من تحديات تتمثل في محاولات جماعات التطرف والإرهاب تصدير صورة غير صحيحة عن الدين الإسلامي الذي هو دين الرحمة والسلام»، مؤكدا أن «مجلس الحكماء برئاسة الدكتور الطيب يعمل جاهدا وعلى مستويات عدة من أجل نشر ثقافة السلام في المجتمعات كافة خصوصا التي تعاني من التوتر والاحتراب».
وأضاف النعيمي، في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، أمس، أن «هذه المرحلة لنشاط المجلس ستشمل إرسال 16 قافلة إلى عدد من الدول في قارات العالم المختلفة، لتعزيز السلام ونشر وسطية الدين الإسلامي وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش المشترك بين جميع الشعوب والدول، وذلك من خلال عقد لقاءات وحوارات مع مختلف شرائح المجتمع في هذه الدول، بهدف نبذ التطرف والإرهاب، ضمن رسالة مجلس حكماء المسلمين لتعزيز السلام في مختلف دول العالم».
ويرى مراقبون أن جماعة «داعش نيجيريا» نجحت في إقامة شبكة علاقات قوية مع التنظيمات القاعدية بشمال أفريقيا، خصوصا مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب من خلال إرسال الجماعة عددا من مُقاتليها للمُشاركة في القتال في شمال مالي، إلى جانب تنظيم القاعدة، الذي ساعد الجماعة في الحصول على التمويل والسلاح والتدريب لعناصرها.
وكشف المراقبون عن أن تنظيم القاعدة في المغرب مد جماعة «بوكو حرام سابقا» أو «داعش نيجيريا» بأنواع كثيرة من الأسلحة نُقلت إليه من ليبيا عبر دول الجوار، خصوصا النيجر وتشاد، مما أدى إلى زيادة قدراتها القتالية أكثر من ذي قبل.
من جهته، قال المصدر المُطلع في مجلس حكماء المسلمين، إن «هذه القوافل تأتي في إطار الجهود التي يقوم بها الأزهر ومجلس الحكماء لإرساء السلام والأمن العالميين، والقضاء على النزاعات التي تعاني منها الإنسانية في مناطق مختلفة من العالم، وتحذير الشباب من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة».
وكانت مصادر مصرية قد حذرت من قبل أن ليبيا والصومال ونيجيريا بدائل جديدة عن سوريا والعراق لتنظيم داعش المُتطرف، مضيفة أن عناصر «داعش» الفارين من سوريا والعراق تحت وقع الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي يخططون للتوغل باتجاه مالي والنيجر في أفريقيا، لأن الاستقرار هناك سيكون أسهل ويمكنهم التحرك بسهولة.
وأوضحت المصادر نفسها، أن «الأحداث الأخيرة تشير إلى انتقال مراكز القوة التابعة لجماعات العنف والتكفير إلى أفريقيا وتمركزها بها بدلا من آسيا، خصوصا أن العمليات العسكرية هناك تدفع تلك العناصر إلى الهروب واللجوء إلى دول أفريقية كثيرة، يأتي على رأسها ليبيا والصومال ونيجيريا، وهي دول تمثل مراكز انطلاق وإدارة عمليات لتنظيمات العنف والتكفير مثل (داعش) و(القاعدة)».
مجلس «حكماء المسلمين» يتصدى لتمدد «داعش» في أفريقيا بقوافل دعوية
بدأت في نيجيريا لتحذير الشباب من «بوكو حرام».. وتستهدف 16 دولة
مجلس «حكماء المسلمين» يتصدى لتمدد «داعش» في أفريقيا بقوافل دعوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة