منتجة «الحرة»: مهنة المتاعب بدأت بجولة حول العالم لمدة 10 أشهر

فران مايرز لـ «الشرق الأوسط» : أستعد لتقديم الموسم الثاني من «ست بـ100 راجل»

فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
TT

منتجة «الحرة»: مهنة المتاعب بدأت بجولة حول العالم لمدة 10 أشهر

فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)

فران مايرز منتجة تلفزيونية عملت في هذا المجال منذ عام 1990 وأنتجت عشرات البرامج في مختلف المحطات باللغة الإنجليزية والإسبانية وحتى العربية. تخّرجت في جامعة سان فرانسيسكو وحصلت على شهادة عليا بالصحافة، وهي أم لثلاثة أولاد، قدمت مؤخرا برنامج «ست بـ100 راجل» على قناة «الحرة»، وتستعد لتقديم الموسم الثاني للبرنامج نفسه، من عدة عواصم، ونأمل في أن تقدم برنامجا عن المرأة العربية من السعودية إلى السودان. أبدعت في جميع أعمالها واستطاعت أن تحدث فارقًا على مستوى البرامج، إنْ من حيث الفكرة أو المضمون، من أبرز إنتاجاتها، برنامج «اليوم»، وهو نافذة حية لمشاهدي «الحرة» على كل ما هو جديد وفريد من موضوعات تهم المشاهد العربي، من بينها، الصحة، والترفيه، والرياضة، والتكنولوجيا، والبيئة، والمجتمع، والثقافة، إضافة إلى آخر الأخبار والمستجدات من الشرق الأوسط والولايات المتحدة والعالم. وجاء الحوار معها على النحو التالي:
* كيف بدأت رحلتك مع عالم الصحافة؟ وما نوع المصاعب التي واجهتك منذ بداية مسيرة العمل التلفزيوني؟
- عندما بلغت السابعة والعشرين، قررت أن أترك كل شيء وأسافر في جولة حول العالم. وهذا ما حصل، فجُلت العالم لمدة 10 أشهر، وزرت آسيا، وأوروبا، وشمال أفريقيا. كان الوقت مختلفا، لا هواتف جوالة ولا وسائل تواصل اجتماعي. رأيت العالم على حقيقته، من دون تجميل. رأيت الفقر الذي لم أؤمن بوجوده. رأيت العنصرية المتأصلة في كل المجتمعات وعلى المستويات كافة، وتعلمت كم أن البشر مرتبطون ببعضهم بعضا، بغض النظر عن أعراقهم، أو معتقداتهم، أو أصولهم، وأحدثت هذه التجربة تغييرا كبيرا في حياتي ونظرتي إلى العالم. وحصل التحول الآخر عندما نلت شهادة الماجستير في الصحافة، حيث تعلمت كيف أنقل هذه القصص المهمة للناس وأريهم حقيقة العالم من حولهم. تعلمت التمرس بقواعد هذه المهنة، وإتقان فن التمييز بين الحقيقة وسواها، واعتماد الحقيقة مصباحا ينير طريق مهنتي. في بداية طريقي المهنية، حدث تحول شكّل حياتي المهنية عندما اتصلت بي شبكة تلفزيون «تيليموندو» العالمية الناطقة باللغة الإسبانية، لأبتكر برنامجا يتضمن الأخبار والمعلومات والتسلية بلغة لا أتقنها. وهذا ما حدث، فصممت البرنامج وأنتجته، فلقي نجاحا منقطع النظير واستمر 11 عاما على الهواء. هذه التجربة علمتني أنه بإمكاني أن أنفذ ما يجول في عقلي وقلبي، وألا أسمح للجغرافيا واللغة أن تحدّا من طموحي. وبعد سنوات عدة، حدث الشيء ذاته مع قناة «الحرة»، وهذه المرة باللغة العربية، لغة لا أعرفها أيضا، والتحدي مشابه إلا أنه أكبر بكثير، فكان برنامج «اليوم» على «الحرة»، الذي يبث 3 ساعات يوميا على الهواء من خمسة بلدان في ثلاث قارات، وهذه هي السنة السابعة على نجاحه.
* كيف التحقت بقناة «الحرة الإخبارية»؟
- منذ تسعة أعوام، عرضت علي قناة «الحرة» أن أنتج برنامجا ضخما يقدم الأخبار والمعلومات، فكان برنامج «اليوم» الذي لقي نجاحا باهرا. وتوالت البرامج، كبرنامج «رايحين على فين»، و «نبض الشارع»، و «أنت ونبيلة»، والآن «ست بميت راجل». أثار العمل مع «الحرة» اهتمامي لأنها قناة حرة بالفعل بعيدة عن المحظورات، ويمكن لي أن أخبر القصة كما هي بموضوعية وتجرد.
* كم مشاهدا حول العالم يتابع قناة «الحرة»؟
- تصل قناة «الحرة» إلى قرابة 17.5 مليون مشاهد أسبوعيا.
* ما أهم إنجاز من وجهة نظرك حققتيه حتى الآن في المجال التلفزيوني؟
- أهم إنجاز في حياتي المهنية هو برنامج «اليوم». وضعت كما هائلا من الجهد لإنجاز إنتاج ضخم كهذا. أمضيت كثيرا من الوقت في الشرق الأوسط أبحث عن الفريق المناسب، أحضر لتصاميم الاستوديوهات وتنفيذها، واختيار التكنولوجيا الأنسب لتنفيذ هذا البرنامج اليومي الذي يبث من خمسة بلدان في ثلاث قارات. شعرت وكأنني «أتحدى الجاذبية» لأكمل الصورة، وكانت رحلة شيقة وممتعة معا. عندما انطلق البرنامج على الهواء، كانت لحظة رائعة، لا يماثلها شعور، زد على ذلك أنني امرأة أميركية تنتج برنامجا كهذا لمنطقة الشرق الأوسط باللغة العربية التي لا أعرفها.
* في برنامج «الحرة» «ست بـ100 راجل» ما وجهة نظرك في فكرة البرنامج؟
- رؤيتي لهذا البرنامج تتلخص في أن تخبر كل من النساء المشاركات قصتها كما هي، دون سيناريوهات معدة سابقا. بالفعل هذه شهادة على قوة كل واحدة منهن وولعها بالتقدم وتحقيق الذات وكيفية تخطي الصعاب والتحديات، مهما كانت، لبلوغ هدفها وتحقيق ذاتها.
* هل لبرنامجك الأخير (جديد «الحرة»).. «ست بـ100 راجل» علاقة بخبرتك في الحياة.. أو أنك أردت أن تقولي شيئا على لسان ضيوفك؟
- تجربتي شبيهة بتجارب هؤلاء النساء، فغالبية العاملين في الإنتاج التلفزيوني ومن يقفون خلف الكاميرا كانوا من الذكور، ورغم ذلك نجحت أنا بوصفي امرأة، وأرى أنه على كل امرأة في أي مكان أن تتخذ قرارا بشأن تحقيق أحلامها. طالما طغى الذكور على مجال الإعلام، وهذه حقيقة يجب التعايش معها. على المرأة أن تحسب الدقائق وألا تضيعها، وألا تكون ضحية الواقع، بل أن تصبح جزءا من التغيير الضروري، وهذا يجعل الرحلة أكثر إمتاعا، فالقوة تستمد من النجاح، ومع القوة يأتي التغيير. «ست بـ100 راجل»، هذه ليست مقولتي، بل هذا قول مصري قديم، لكنه صحيح جدا.
* من هو جمهورك في برنامج «ست بـ100 راجل»؟
- جمهور البرنامج العائلة كلها، رجال ونساء وأطفال، والرسالة بسيطة: يمكن للنساء تحقيق أي شيء. فقط يردن الفرصة لتحقيق ما يطمحن إليه.
* هل البرنامج ابتعد عن الصورة النمطية للمرأة التي نراها في شوارع المدن العربية؟
- يبتعد هذا البرنامج عن الصورة النمطية للمرأة لأن نساء البرنامج غير اعتياديات. بحثنا عن نساء حقيقيات يعملن على تغيير حياتهن من خلال تأسيس أعمال خاصة بهن. كان هدفنا أن نجد نساء يمكنهن أن يترجمن هذه الحقيقة على الشاشة.
* ماذا أراد أن يقدم البرنامج عبر هؤلاء النساء؟
- نساء البرنامج هن اللاتي يميزنه من غيره، وأهميته أيضا تتمثل في نقل القصص إلى الجمهور بكل أمانة وشفافية. نعلم، أنا والفريق الرائع للبرنامج في القاهرة، ما نريد، نريد الابتعاد عن السطحية والالتصاق بالواقع والحقيقة.
* هل وجدت صعوبة في تجربة الإنتاج بلغة مختلفة مثل اللغة العربية أو الإسبانية ؟
- هذا هو بالضبط ما يؤهلني أن أنتج برامج بلغات مختلفة ومنها العربية للشرق الأوسط، كما فعلت مع برامجي الموجهة إلى أميركا اللاتينية. أنا من أصول يونانية–أميركية، وأجدادي جاؤوا إلى الولايات المتحدة من تركيا. نشأت مع ثقافات متعددة، كالتركية، واليونانية، والأميركية. ثقافتي عالمية، ومنذ الصغر، تعلمت احترام كل الشعوب ومختلف الديانات. أعلم أن برامجي تلقى استحسانا إن كانت بالعربية، أو الإسبانية، أو الإنجليزية، أو أي لغة أخرى، بسبب احترامي لمختلف الثقافات، ولكوني آخذ الوقت الكافي لأتعلم وأفهم ماذا يحب جمهور معين قبل التوجه له. من الصعب إنتاج برامج لجمهور إلا إذا احترمته وفهمت ثقافته.
* ما المفاجآت المقبلة في برامجك أو الحلقات المقبلة من «ست بـ100 راجل»؟
- لكل حلقة مفاجآتها، والبرنامج يعتمد على نمط السلسلة فالأحداث تتابع، ويفضل مشاهدة البرنامج بالتسلسل الزمني.
* هل وجدت صعوبة في إنتاج مثل هذا النوع من البرامج؟
- نعم، كان الأمر صعبا للغاية. كان من الصعب إيجاد النساء المناسبات اللاتي هن رائدات أعمال حقيقيات، وهذا تطلب من فريق العمل كثيرا من الجهد لاختيار الأفضل.
* هل يمكن أن تقدمي لقراء جريدة العرب الدولية لمحة عن برامجك المقبلة؟
- أطمح في أن أتعمق أكثر في مجال تمكين المرأة، وأن أنتج برنامجا حول هذا الموضوع، يغطي الشرق الأوسط من السعودية إلى السودان، على أن يكون برنامجا عميقا وحقيقيا يعمل على تنوير فكر النساء اللاتي يشاهدنه.
* من تجربتك الشخصية، هل تعتقدين أن هناك اختلافات كبيرة في الاهتمامات بين المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط، والمشاهدين الأميركيين، كونك شخصية إعلامية توجهت إلى هاتين الفئتين من المشاهدين؟
لم أنتج فقط برامج للمشاهدين الأميركيين، بل لكل المشاهدين في أميركا اللاتينية أيضًا، أتمتع بخلفية كبيرة عن البرامج في أميركا اللاتينية؛ لذلك خبرتي ليست مقتصرة على أميركا فقط، لأنني كنت منهمكة بشكل كبير في شؤون أميركا الوسطى وأميركا اللاتينية. لقد قدمت برامج لها علاقة مباشرة بأميركا الوسطى للشبكة العالمية لأميركا الوسطى، وكانت خبرتي على مدى 20 عاما في هذا الميدان، أي في ميدان البرامج الموجهة لأميركا اللاتينية بشكل خاص، وأنا أعتقد أن رعايا أميركا اللاتينية، رغم اختلافهم بالطبع، يشبهون العرب، رغم أن المشاهدين المصريين والتونسيين والإماراتيين أيضا يختلفون فيما يحبون مشاهدته. وهؤلاء أيضًا يختلفون عن المشاهد الأميركي. لكن فيما يتعلق بسؤالك حول حجم الاختلاف بين المشاهدين العرب والأميركيين، أستطيع القول إن هناك اختلافًا أساسيا في بعض المستويات، لكن فيما يتعلق بالاهتمامات الإنسانية الأساسية الخاصة بما يريد البشر أن يشاهدوه، فأعتقد أنها متشابهة.



ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
TT

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 3 سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تزداد المؤشرات على تراجع المنصة من حيث «التأثير والتفاعل»، بحسب ما يقول مختصون، بالتوازي مع تجدُّد الحديث بشأن سياساتها التحريرية، وعلاقة المنصة بطموحات مالكها السياسية، وتحوُّل المعلنين عنها.

ويرى مختصون أن ما يجري على «إكس» لم يعد مجرد تغييرات تقنية أو تجارية، بل هو «انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية، وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع». ويقولون: «إن وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها».

شعار منصة "إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)

وأشارت بيانات حديثة عدة إلى تراجع التفاعل على منصة «إكس» خلال الأعوام الأخيرة، وجاء من أبرزها تحليل إحصائي نشره موقع «بروكسيدايز (Proxidize)» في أكتوبر الماضي، تحدَّث عن تراجع معدلات التفاعل على المنصة بنحو 48.3 في المائة خلال عام واحد فقط، إذ انخفض معدل التفاعل المتوسط لكل تغريدة من 0.029 في المائة في 2024 إلى 0.015 في المائة في 2025.

كما قلصت العلامات التجارية وتيرة النشر بنحو ثُلث المحتوى تقريباً، مع انخفاض متوسط عدد التغريدات الأسبوعية من 3.31 إلى 2.16 تغريدة للحسابات التجارية. وتشير بيانات أخرى إلى تراجع متوسط زمن الاستخدام اليومي من أكثر من 30 دقيقة إلى نحو 11 دقيقة فقط، بما يعكس تغيراً في سلوك المُستخدمين، لا سيما مع صعود المنصات المُعتمِدة على الفيديو القصير.

تقارير تحدثت عن تراجع معدلات التفاعل على منصة "إكس" (رويترز)

الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التوليدي، الدكتور فادي عمروش، أكد «فرضية تراجع المتابعات على المنصة النقاشية الأبرز»، ودلَّل على ذلك بالإشارة إلى «تراجع التفاعل على منصة (إكس) مقارنة بسنوات ما قبل 2022»، لافتاً إلى أن بيانات «سيميلر ويب (Similarweb)» تشير إلى هبوط مستخدمي المنصة على الهواتف المحمولة من 388.5 مليون في يونيو (حزيران) 2023 إلى 311.1 مليون في 2025، أي خسارة تتجاوز 75 مليون مستخدم، بما يقارب 20 في المائة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا فحسب، إنما وُجدت أيضاً تحليلات تظهر انخفاض متوسط الإعجابات لكل منشور من 37.8 في 2023 إلى نحو 31.4 في 2024، أي تراجع نحو 17 في المائة». وأرجع هذه المؤشرات إلى أسباب، من بينها «ارتباط (إكس) باسم إيلون ماسك بعد استحواذه عليها، وما يرافق ذلك من استقطابات حادة بين مؤيدي ومعارضي آرائه، بالإضافة إلى تغييره الخوارزمية التي تعرض المنشورات عدة مرات بحجة محاربة البوتات، والتي رغم ادعائه أنها شفافة، فإن هذا الادعاء غير مُدعم بأدلة كافية بعد، خصوصاً أن ليس كل المستخدمين متساوين في فرص الوصول والتفاعل». وأشار إلى بُعد آخر قائلاً: «في منصات الأخبار السريعة، مغادرة عدد من الصحافيين والأكاديميين والخبراء قلّلت من الحوار النوعي وأضعفت حركة إعادة النشر».

وعدّ عمروش أن سياسة ماسك الربحية وتفضيله «الحسابات الموثقة المدفوعة»، مثَّلا اتجاهاً أفرغ المنصة من ركيزتها الأساسية بوصفها ساحةً للنقاش التفاعلي القائم على الأفكار، مضيفاً «إجراءات الحد من الوصول المجاني للواجهة البرمجية (API) أضعفت تجربة المتابعة والبحث، وهذا ينعكس عادة في تراجع التفاعل غير المدفوع».

ومع ذلك، لا يلقي عمروش باللوم على سياسات ماسك وحدها، إذ يعيد جانباً من تراجع التفاعل أيضاً إلى «تحوّل عادات المُستخدمين نحو الفيديو والمنصات المُعتمِدة على المقاطع القصيرة، فالسوق كلها تتجه إلى الفيديو القصير. وهذا يقلل الوقت الذهني المتاح لمنصات النصِّ السريع، خصوصاً لدى الشباب، إذ إن استخدام المراهقين لـ(إكس) أقل بكثير مما كان عليه سابقاً».

طموحات ماسك

بعيداً عن القرارات التحريرية داخل المنصة، تَزَامَنَ هذا التراجع في التفاعل مع صعود ماسك لاعباً سياسياً ثقيل الوزن في الولايات المتحدة. وتشير تحليلات صحافية من بينها «واشنطن بوست»، استناداً إلى بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية، إلى أن «ماسك قدَّم خلال دورة انتخابات 2024 تبرعات سياسية تجاوزت ربع مليار دولار لدعم دونالد ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين، ليصبح بذلك أكبر متبرع فردي في تلك الدورة الانتخابية، وفق هذه البيانات».

وفي يوليو (تموز) 2025 أعلن ماسك عبر «إكس» تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم «America Party»، في خطوة رأت فيها تقارير لوكالات كبرى مثل «رويترز» و«أسوشييتد برس» انتقالاً من دور الممول للتيار اليميني إلى «فاعل» يسعى إلى بناء مشروع سياسي مستقل يستند إلى نفوذه على المنصة.

أستاذ الإعلام الجديد والرقمي في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور الأخضر شادلي، يرى أن منصة «إكس» شهدت أكبر تحول في تاريخها بعد استحواذ ماسك عليها؛ بسبب «خلفيته المثيرة للجدل وطموحاته السياسية المتنامية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أظهر ماسك مواقف سياسية متزايدة علنية، خصوصاً فيما يتعلق بحرية التعبير، والقيود الحكومية، والانتخابات الأميركية، ودعمه لبعض التيارات، وانتقاده للإعلام التقليدي والمؤسسات الديمقراطية، وهذه الخلفية السياسية أصبحت مهمة لفهم قراراته بعد السيطرة على (إكس)».

وأضاف شادلي: «قبل استحواذ ماسك، كانت سياسات (تويتر سابقاً) مستقرَّة نسبياً، وترتكز على مكافحة خطاب الكراهية والتحريض، والحد من (المعلومات المضللة)، وكانت هناك آليات تَحقُّق صارمة للحسابات ولجان مستقلة لمراجعة المحتوى، كما ركزت الإدارة السابقة على الحفاظ على بيئة رقمية آمنة». لكنه أشار إلى أن «وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها»، إذ «تَزَامَنَ تبنيه لخطاب حرية التعبير مع تحالفاته السياسية، وظهر انحيازٌ لصالح خطاب اليمين الشعبوي، ما أضعف المعايير المهنية وفتح المجال لحملات التضليل. وأصبحت المنصة بمثابة مساحة نفوذ سياسي عالمي في يد ماسك، وليست مجرد شركة تواصل اجتماعي».

عزوف المعلنين

وأشار الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة «سي إن إن» العربية، الحسيني موسى، إلى أن تراجع التفاعل على منصة «إكس» انعكس مباشرةً على سياسات المعلنين وعزوف بعضهم نحو منصات أخرى.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأرقام تشير إلى تراجع واضح في ثقة المعلنين بـ(إكس)». وتحدَّث عن تقرير لشركة الأبحاث العالمية «Kantar»، نُشر في سبتمبر (أيلول) 2024، ذكر أن 4 في المائة فقط من المعلنين يعدّون أن «إكس» توفر بيئة «آمنة للعلامة التجارية» مقابل 39 في المائة لصالح «غوغل» و32 في المائة لـ«يوتيوب». كما يُظهر التقرير نفسه أن «26 في المائة من المُسوِّقين يخططون لخفض إنفاقهم على إعلانات (إكس) خلال 2025، في أكبر تراجع مسجَّل لأي منصة إعلانية كبرى».

وأضاف موسى أن «مجموعة من الشركات الكبرى أعلنت رسمياً وقف إعلاناتها على (إكس)، من بينها: (أبل)، و(ديزني)، و(آي بي إم)، و(باراماونت)، و(وورنر براذرز). وجاءت قرارات الإيقاف؛ نتيجة مخاوف من ظهور محتوى مثير للجدل أو معادٍ للسامية بجوار إعلاناتها، بالإضافة إلى ضبابية سياسات المحتوى تحت إدارة إيلون ماسك».

«ما يجري على إكس انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع»

وشرح قائلاً: «الميزانيات غادرت (إكس) إلى منصات أكثر استقراراً من حيث سلامة العلامة وفعالية التوزيع؛ مثل منصة (يوتيوب) التي تعدّ اليوم الأكثر جذباً للمعلنين البارزين، و(تيك توك) التي تُعدّ المنصة الأعلى تأثيراً على المستهلكين الشباب، كما أن (أمازون) تستحوذ على ثقة كبيرة لدى العلامات التي تعتمد على التجارة المباشرة، وأخيراً (ميتا)، بمنصتيها (فيسبوك) و(إنستغرام)، ما زالت تحتفظ بجاذبية لدى قطاعات واسعة من المعلنين».

ويرى موسى أن «هناك فرصة لا تزال قائمة أمام (إكس) لاستعادة جزء من المستخدمين والمعلنين»، قائلاً: «العودة ممكنة، لكن المطلوب أولاً إعادة بناء ثقة العلامات التجارية عبر تحسين معايير (الأمان) وضمان استقرار سياسات المحتوى، والشفافية في عرض الإعلانات».

بالعودة إلى الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الدكتور فادي عمروش، فإنه يرى أن أهم الخطوات التي تحتاج إليها «إكس» الآن لاستعادة ثقة المستخدمين هي تحقيق توازن حقيقي بين حرية التعبير وضبط المحتوى الضار. وقال إن هذه المعادلة ممكنة إذا جرى «توسيع نظام (ملاحظات المجتمع) مع شفافية أكبر، فلا تكفي مجرد إضافة الملاحظة، بل يجب نشر بيانات دورية تتضمَّن، مثلاً: كم محتوى تم تقييده؟ كم ملاحظة أُضيفت؟ وما أثرها على الانتشار؟ أعتقد أن الشفافية تقلل اتهامات التحيُّز، وتدعم حرية التعبير ضمن قواعد واضحة».

وفي ضوء كل ذلك، يقول محللون مختصون بالإعلام: «إن مستقبل (إكس) سيتحدَّد على الأرجح في المساحة الواقعة بين طموحات ماسك السياسية وحسابات السوق وصبر المُستخدمين والمعلنين على منصة تحاول أن تعرّف نفسها من جديد في عالم يتغير بسرعة».


اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
TT

اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)

أثار اتجاه المفوضية الأوروبية لتخفيف «القيود الرقمية»، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على حماية بيانات المستخدمين. وبينما عدّ خبراء هذا الاتجاه «محاولة لزيادة تنافسية السوق»، أكدوا أنه «تحوّل خطير قد يهدد الخصوصية».

وفي ظل ضغوط من شركات التكنولوجيا الكبرى، أعلنت المفوضية الأوروبية، أخيراً، أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»، الذي من شأنه تبسيط بعض لوائح الاتحاد الأوروبي الرقمية. وجاء الإعلان بعد دعوة المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة «السيادة الرقمية الأوروبية» الأسبوع الماضي، إلى «تخفيف صرامة اللوائح الرقمية الأوروبية».

وفي رأي مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، فإن «تبسيط القواعد وخفض الأعباء الإدارية وتقديم قواعد أكثر مرونةً وتناسباً، سيمنح الشركات الأوروبية مساحة أكبر للابتكار والنمو، ويسد فجوة الابتكار».

وعدّت الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، ليلى دومة، ما أعلنته المفوضية الأوروبية «نقطة تحوّل مهمة في الاستراتيجية الرقمية للاتحاد الأوروبي». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تخفيف بعض الالتزامات المفروضة على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يرسل رسالة واضحة مفادها إعطاء الأولوية لتعزيز التنافسية والابتكار على حساب التشدد في حماية البيانات الذي يميز النموذج الأوروبي منذ سنوات».

وبشأن تأثير ذلك على «الخصوصية»، أشارت ليلى دومة إلى أن «التأثير لن يكون فورياً، لكنه مقلق على المدى المتوسط والبعيد». وقالت إن «الإعفاءات المؤقتة وتأجيل الالتزام الكامل بالقواعد الصارمة يعني ببساطة وجود مناطق أقل رقابة ومفتوحة، حيث يمكن للشركات جمع أو معالجة بيانات شخصية بطريقة أقل تقييداً، مما قد يؤدي تدريجياً إلى إضعاف أحد أهم إنجازات أوروبا خلال العقد الماضي، وهو تمكين المواطن من السيطرة على بياناته».

وأضافت أن «أي تفكيك تدريجي لقواعد (اللائحة العامة لحماية البيانات)، سيقلل من قوتها وتأثيرها، ويخلق ثغرات قد تستغلها الشركات الكبرى بسهولة»، مشيرةً إلى أن «أوروبا تحاول تحقيق توازن صعب بين تسريع الابتكار وحماية الحقوق الرقمية».

وتُلزم «اللائحة العامة لحماية البيانات» مشغلي المتاجر الإلكترونية، أو المنصات الرقمية، بالحصول على موافقة المستخدمين قبل معالجة بياناتهم الشخصية، مما يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط، لكنَّ المقترح الجديد من شأنه أن يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط بشكل أقل.

الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، محمد فتحي، قال إن «الاتحاد الأوروبي يشهد تحولاً استراتيجياً عبر مقترح الحزمة الرقمية الشاملة (Digital Omnibus)، الذي تبرره المفوضية الأوروبية بالرغبة في تبسيط القوانين ودعم الشركات الأوروبية للمنافسة عالمياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المقترح قد يمثل تفكيكاً لمسألة الحماية وتراجعاً عن معايير الخصوصية الصارمة، وذلك لعدة مخاطر؛ أهمها استغلال البيانات للذكاء الاصطناعي حيث يسمح التعديل للشركات باستخدام البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي استناداً إلى مبدأ (المصلحة المشروعة) بدلاً من (الموافقة الصريحة) مما يخدم شركات التكنولوجيا الكبرى ويُضعف سيطرة المستخدم».

وأشار إلى «إضعاف الخصوصية الإلكترونية عبر دمج قواعد الخصوصية، مما يُسهِّل الوصول إلى بيانات أجهزة المستخدمين تحت غطاء تقليل إشعارات الكوكيز دون إذن واضح». وقال إن «المقترح يعكس تغيراً في الأولويات من حماية (المواطن الرقمي) إلى التركيز على التنافسية الاقتصادية، حيث يهدد إقرار هذا القانون بالتضحية بخصوصية المستخدمين كضريبة لدعم الابتكار التجاري».

وتسببت محاولات تنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي في أزمة متصاعدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وفرضت المفوّضية الأوروبية غرامة مقدارها 500 مليون يورو على شركة «أبل» على خلفية «بنود تعسّفية في متجر التطبيقات الخاص بها، على حساب مقدّمي التطبيقات وعملائهم». كما غرمت «ميتا» مبلغ 200 مليون يورور. وهي غرامات عدّها البيت الأبيض في وقت سابق «ابتزازاً اقتصادياً».


الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
TT

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)»، التي وُصفت بأنها أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الإمارات والمنطقة، وتُشكِّل نقلةً نوعيةً في تطوير البنية التحتية للقطاع الإعلامي، وترسيخ نموذج متقدم لتكامل الجهات الحكومية العاملة تحت مظلة مجلس الشارقة للإعلام.

وتأتي هذه المشروعات التي أطلقها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ضمن مساعي تعزيز القطاع في الإمارة الخليجية.

وأكد الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس «الشارقة للإعلام» أن اعتماد حزمة مشروعات «شمس» يجسِّد رؤية الإمارة في بناء قطاع إعلامي متقدم يقوم على الابتكار والشراكات الدولية والتقنيات المعاصرة، مشيراً إلى أن إطلاق «استوديوهات شمس» سيعزز قدرة الشارقة على استقطاب أبرز شركات الإنتاج وصنّاع المحتوى، كما سيوفر منصة احترافية للكفاءات الوطنية لتطوير مهاراتها وتوسيع حضورها في صناعة الإعلام.

وشدَّد على أن الاستثمار في الإعلام هو استثمار في الإنسان والهوية، موضحاً أن الشارقة ماضية بثقة نحو تعزيز حضورها الثقافي والمعرفي عالمياً عبر إعلام مهني مسؤول، وشراكات استراتيجية، ومنظومة متطورة تدعم استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.

وسيضم المشروع أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الدولة والمنطقة، حيث يجمع تحت سقف واحد الجهات الإعلامية التابعة لحكومة الشارقة، وهي مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، إلى جانب مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، التي ستكون المقر الجديد لهذا التجمع.

«استوديوهات شمس» في الشارقة (الشرق الأوسط)

وبحسب المعلومات الصادرة فإن مشروع «استوديوهات شمس» جاء ليؤسِّس لبيئة إنتاجية متطورة، من خلال مجمّع يضم 5 استوديوهات كبرى بمساحات تتراوح بين 1500 و3400 متر مربع، تستجيب لاحتياجات صناع الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية والمحتوى الرقمي، إضافة إلى مرافق متخصصة لما بعد الإنتاج تشمل وحدات المونتاج والمؤثرات البصرية والتصميم الصوتي، بما يتيح تنفيذ أعمال تلفزيونية وسينمائية وفق معايير عالمية.

كما تتضمَّن المشروعات تطوير مجمّع أعمال إعلامي حكومي متكامل يجمع ضمن بيئة عمل تفاعلية مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، والشركات الإعلامية العاملة في «شمس»، بما يسهم في تسهيل عمليات الإنتاج والبث، وتعزيز كفاءة التواصل الحكومي، ودعم الابتكار في صناعة المحتوى.

وسيضم المجمّع 4 مبانٍ متخصصة، يتألف كل منها من طابق أرضي و4 طوابق، تشمل مبنى لمجلس الشارقة للإعلام، ومبنى للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومبنيين مخصَّصين للجهات الإعلامية والشركات العاملة ضمن «شمس».

ويشمل التطوير أيضاً إنشاء مبنى جديد لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون ببنية تقنية حديثة تعزز جاهزيتها لمواكبة التطورات في تقنيات البث والإنتاج، وترفع قدرتها على تقديم محتوى متنوع وذي جودة عالية يعكس هوية الإمارة ورسالتها. وتشمل المرحلة الأولى المبنى الإداري، ومبنى الأخبار، ومبنى قناة الشارقة الرياضية.

وفي إطار دعم المشهد الثقافي والإبداعي، تتضمَّن المشروعات إنشاء «واحة شمس للإبداع»، وهو مركز متطور للفعاليات الفنية والتعليمية يضم مسرحاً حديثاً يتسع لنحو 700 شخص، إلى جانب مرافق مخصصة لاستضافة الفعاليات المجتمعية والعروض الفنية والبرامج التدريبية، بما يسهم في تنمية المواهب الشابة وتوفير منصة ملهمة للإبداع في الإمارة.