يُسمح لطلاب جامعة بوردو قريبًا بالتقدم بطلبات التمويل التعليمي في مقابل نسبة مئوية من الأرباح المستقبلية، البرنامج الذي قد يحدث ثورة في المساعدات المالية بالكليات حينما ترتفع أسعار المصاريف الدراسية.
ومن خلال مؤسستها البحثية، فإن الجامعة الأهلية الموجودة في مقاطعة غرب لافاييت بولاية إنديانا الأميركية، تبدأ في تطبيق برنامج «Back a Boiler» خلال الشهر المقبل، باستخدام مفهوم يعرف باسم اتفاقية مشاركة الدخل، والتي تتاح للطلاب في السنوات الدراسية الأولى والنهائية. وتبدأ المنح في حدود 5 آلاف دولار وسوف تضع في الاعتبار الديون المتراكمة للطلاب. ويعمل الطلاب على سداد الديون خلال سنوات ما بعد التعليم الجامعي مباشرة بناء على معدل ثابت ومرتبط بالدخل السنوي المتوقع لكل طالب، وهو نوع من المراهنة التي يمكنها توفير آلاف الدولارات على الطلاب بالمقارنة مع الديون التقليدية، ويمكنها كذلك أن تكلفهم أموالا كثيرة إذا ما حصلوا على وظائف ذات رواتب عالية.
وجامعة بوردو هي أول جامعة أميركية تخوض تجربة اتفاقية مشاركة الدخل خلال أكثر من 40 سنة، وإذا ما نجحت التجربة، يمكنها فتح الباب لتعميم البديل الجديد للقروض الخاصة بطلاب الكليات والجامعات.
تختلف شروط الاتفاقية من طالب إلى آخر، ولكن المسؤولين في الجامعة يقولون إن مدة القرض ونسبته سوف يتمتعان بالمنافسة المطلوبة مع القروض الطلابية الخاصة الأخرى. سوف تكون فترة السداد القياسية تسع سنوات أو أقل، وهي فترة قصيرة من الوقت بالمقارنة بالقروض التعليمية المعروفة. ويبدأ سداد القروض خلال ستة أشهر بعد تخرج الطالب من الكلية. وبناء على الأرباح المهنية لكل طالب بعد التخرج، فإن الأموال المسددة بموجب الاتفاقية قد تكون كثيرة أو قليلة عن المبلغ المخصص لكل طالب.
وتستخدم كل الأموال التي يسددها الطلاب في تغذية صندوق الاستثمارات المستقبلية. ولقد استأجرت جامعة بوردو خدمات كل من شركة فيمو التعليمية، وهي شركة متخصصة في الخدمات المالية، إلى جانب المنظمات غير الربحية مثل «13 أفينيو للتمويل»، ومعهد عائلة جين، لوضع شروط الاتفاقية المذكورة. ولقد عقدت الجامعة دورات إعلامية وأنشأت موقعًا على الإنترنت لمساعدة العائلات في تفهم الفوارق بين اتفاقية مشاركة الدخل والقروض التعليمية العادية.
ويقول براين إيدلمان، المدير التنفيذي للعمليات في جامعة بوردو: «إن برنامج Back a Boiler مصمم للطلاب من ذوي الاحتياجات الاقتصادية بما يزيد على ما يمكنهم الحصول عليه من خلال المنح، والقروض الفيدرالية المدعومة. وفي جامعة بوردو، لدينا آلاف الطلاب الذين يمكنهم الاستفادة من الاتفاقية الجديدة. ولكن هذا البرنامج ليس متاحًا للجميع». لا يعمل برنامج مشاركة الدخل مثل القروض التقليدية، من حيث إنه لا يوجد رصيد رئيسي أو فائدة واضحة. ولقد أنشأت جامعة بوردو أداة للمقارنة على الإنترنت تسمح للطلاب بإدخال المادة الدراسية الرئيسية، والساعات المعتمدة، وتاريخ التخرج المتوقع، لتحليل شروط السداد بناء على الأرباح المنتظرة.
والطالب المتخصص في دراسة التاريخ، على سبيل المثال، الذي يوقع على اتفاقية بمبلغ 10 آلاف دولار، يتوقع له أن يسدد نسبة 3.72 في المائة من راتبه لمدة 9 سنوات، وفقًا لموقع المقارنات. وسوف تكون اتفاقية مشاركة الدخل محددة وثابتة، حتى مع أن الحساب المبدئي يفترض أن راتب الطالب سوف يبدأ من 34 ألف دولار في العام، والذي يتوقع أن يزيد بمعدل 1590 دولارًا في العام خلال أول 12 عامًا بعد التخرج من الجامعة.
ومع نهاية الأعوام التسعة، يكون طالب مادة التاريخ قد سدد ما قيمته 14.265 دولارًا بموجب الاتفاقية. وإذا حاول نفس الطالب الحصول على قرض مصرفي بقيمة 10 آلاف دولار مع فائدة 9 في المائة من دون كفالة الضامن الثاني، فسوف يسدد الطالب مبلغ 16.684 دولارًا عن ذلك الدين خلال فترة قياسية تبلغ عشر سنوات، وفقًا لموقع الجامعة، ومن شأن الاتفاقية في هذه الحالة أن توفر على الطالب مدخرات بقيمة 2400 دولار عن الفترة ذاتها.
أغلب المقرضين من القطاع الخاص يلزمون الطلاب بإيجاد كفالة الضامن الثاني، ولذلك من المرجح وبقوة أن يحصل المقترض على تخفيض في سعر الفائدة مما يجعل من القرض أرخص من مشاركة الدخل. ولكن إذا كان راتب طالب التاريخ أقل من المتوقع خلال فترة السنوات التسع، فسوف يكون مسؤولا عن سداد تعويضات بقيم أقل، وفقًا لاتفاقية مشاركة الدخل. أما البنوك فسوف تتوقع السداد الكامل للقرض بصرف النظر تماما على معدل أرباح المقترض.
ووفقًا لنفس الحسابات، فإن اتفاقية مشاركة الدخل يمكن أن تكون مراهنة باهظة: فالطالب الذي يوافق على سداد 5 في المائة من دخله عبر 5 سنوات كاملة وفاء لاتفاقية بقيمة 10 آلاف دولار، يمكن أن يسدد أكثر من ذلك في القرض القياسي العادي، إذا ما حصل على وظيفة براتب كبير بعد التخرج.
في جامعة بوردو، من شأن الطلاب الدارسين للمجالات ذات الرواتب المرتفعة - مثل الاقتصاد أو الهندسة، على سبيل المثال - أن يدفعوا نسبة منخفضة من دخولهم السنوية عبر فترة زمنية قصيرة عن أولئك الطلاب من ذوي الرواتب المنخفضة. ولقد وضعت الجامعة حدودا تمنع سداد الطلاب لنسبة تفوق 2.5 مرة ما يكتسبونه من رواتب، كما يقول السيد إيلدمان. ويقول السيد روبرت كيلشين، أستاذ التعليم العالي في جامعة سيتون هول: «لا يزال ذلك قيدا عاليا نسبيا».
والعائق الأكبر أمام ذلك البرنامج، كما يقول البروفيسور كيلشين، هو بالنسبة للطلاب الذين قد يحصلون على كثير من الأموال بعد التخرج من الجامعة. وبالنظر إلى اتساع سوق العمل والشركات، مثل شركة «صوفي» و«كومون - بوند»، والتي تعيد تمويل قروض الطلاب بالنسبة للمقترضين من ذوي الدخل المرتفع، فإن طلاب الهندسة سوف يكونون أفضل حالا مع القروض التقليدية. يقول السيد كيلشين إن برنامج جامعة بوردو «يعتبر بديلا جيدا» بالنسبة للديون الدراسية الخاصة وقروض أولياء الأمور الفيدرالية، والتي تأتي بأسعار عالية للفائدة ولا توفر أي حماية للمستهلك من القروض الطلابية الفيدرالية.
بعد شهر من التخرج، لم يكن هناك داع للقلق لدى مايك يونغ، طالب السنة النهائية الذي يدرس الهندسة في جامعة بوردو، من سداد المصاريف للفصل الدراسي المقبل، ولكنه كان يتحدث مع أصدقائه عن التجربة الجديدة للجامعة.
يقول الطالب يونغ: «إن ما يجعل هذه الاتفاقية جذابة هو أنها سوف تكون أيسر قليلا من الهيكل التقليدي للحصول على القرض من البنك. فمن خلال البنك، تكون مدينا بمقدار معين من المال بصرف النظر عما يحدث لك. ولكن من خلال هذه الاتفاقية، إذا لم تساعدك الدرجة الجامعية في الحصول على الوظيفة التي تريد، فلديك خيارات أخرى للسداد. ولن تكون مثقلاً بالديون التي يستحيل سدادها في حالة البنك». تعتبر مشاركة الدخل من الأمور المجهولة في نواحٍ كثيرة، على الرغم من وجودها والعمل بها منذ عقود. فلقد طرح الخبير الاقتصادي ميلتون فريدمان هذه الفكرة في فترة الخمسينات، كما أن هناك عددًا محدودًا من دول أميركا اللاتينية تعمل بهذه الاتفاقية. ومع ذلك، كانت هذه البلدان بطيئة في اللحاق بالولايات المتحدة. ولقد اختبرت جامعة ييل تطبيق اتفاقية مشاركة الدخل في فترة السبعينات، ولكن المحاولة باءت بالفشل بسبب أن الطلاب كانوا يخفون أكثر بكثير مما كانوا يشاركون من دخولهم.
كانت حفنة من الشركات والمنظمات غير الربحية الصغيرة، بما في ذلك «13 أفينيو للتمويل»، ذات تجارب رائدة في تلك البرامج أو لعلها وفرت الاتفاقيات على أسس محدودة، ولكن السوق لا تزال في بدايتها، والإطار القانوني والتنظيمي لمشاركة الدخل لا يزال غامضًا بعض الشيء.
وتقدم السيناتور ماركو روبيو (الجمهوري من فلوريدا) والنائب توم بيتري (الجمهوري من ويسكونسن) بمشروع قانون في عام 2014 لوضع الإطار القانوني لاتفاقيات مشاركة الدخل، الذي يحدد الحد الأقصى لفترة الاتفاقية بـ30 عاما، ويكون الحد الأقصى لمدفوعات الدخول السنوية لا يجاوز 15 في المائة، ونص المشروع كذلك على أن تلك الاتفاقيات لا تعامل معاملة القروض. ولقد توقف مشروع القانون في اللجنة ولكنه جذب المزيد من الانتباه إلى السوق الناشئة.
تلك الاتفاقيات ليست قروضا بالمعنى المفهوم، ولذلك من غير الواضح إذا ما كانت تخضع للقوانين مثل قانون الإبلاغ الائتماني المنصف. وسوف يكون الأمر لدى صناع القرار والجهات الرقابية مثل مكتب الحماية المالية للمستهلك في تحديد أي من قوانين المستهلكين الذي سوف ينطبق على اتفاقية الدخل.
ولن يناقش مسؤولو مكتب الحماية المالية للمستهلك برنامج جامعة بوردو، ولكنهم قالوا إن المكتب يراقب عن كثب اتفاقيات مشاركة الدخل المبرمة.
يقول سيث فورتمان، محقق الشكاوى في مكتب الحماية المالية للمستهلك: «من الأهمية أن يعلم المستهلكون مقدما التكاليف والمخاطر الخاصة بالمنتجات المالية. واتفاقيات مشاركة الدخل، من شأنها إيجاد نوع من التحديات بالنسبة للمقترضين الذين يحاولون الانتقال بين مختلف خيارات السداد. كما أن هؤلاء المقترضين يفقدون حماية القروض الفيدرالية المهمة مثل تلك المدمجة في خطط السداد المستندة على الدخل».
ووضعت جامعة بوردو هيكل مشاركة الدخل لديها ليعمل مثل النماذج الأخرى من الديون الاستهلاكية غير المضمونة، ولكن مع حماية مضافة يصعب الحصول عليها من قروض الطلاب: ألا وهي تصريف الإفلاس.
يقول السيد إيلدمان إن المؤسسة وضعت ما يكفي من الحماية مع أخذ الإعسار والمشقة في الاعتبار، بما في ذلك عدم تحصيل أية مدفوعات من الطلبة الخريجين الذين يتقاضون رواتب أقل من 20 ألف دولار في العام. وإذا كان أحد الطلاب يتقاضى راتبًا سنويًا أعلى من هذا المعدل ولكنه لا يسدد ما عليه، فمن حق المؤسسة ملاحقة هذا الطالب من خلال خدمات تحصيل الديون، كما يقول.ة وتوفر جامعة بوردو خمس سنوات من التأجيل لأولئك الذين يواصلون الدراسات العليا فضلا عن أولئك الذين يخرجون من سوق العمل للاعتناء بالوالدين المرضى، أو أحدهما، أو تربية الأطفال، أو التطوع.
ويقول السيد كيلشين: «إذا ما نجحت هذه التجربة، فيمكننا أن نرى الكليات والجامعات تستخدمها كوسيلة من وسائل جذب الطلاب للالتحاق بالجامعة، وسوف تساعد في تمويل العملية التعليمية من دون الحاجة إلى الحصول على القروض الخاصة الباهظة. وإذا ما انتهى الأمر بالجامعات الكبرى في تطبيق هذه التجربة، فسوف يكون السؤال حول هل تكون هناك سوق تكفي لاتفاقيات مشاركة الدخل؟ ثم سؤال آخر: كيف ستكون شروط الاتفاقيات أفضل لدى جامعة بوردو في مقابل الشركات الخاصة التي توفر نفس الخدمات؟»
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}
«التمويل التعليمي مقابل مشاركة الدخل».. حل أم مقامرة؟
جامعة أميركية تفتح أبواب برنامج قد يحدث ثورة في الديون الدراسية
«التمويل التعليمي مقابل مشاركة الدخل».. حل أم مقامرة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة