قتلى وجرحى في تعز جراء القصف والألغام.. والميليشيات تشدد حصارها على المحافظة

المنظمات المدنية تطالب مجلس الأمن والمجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات

ميليشيا الحوثي تدفع بالأطفال للقتال وتتوسط فتاة صغيرة مجموعة من المسلحين تحمل سلاحها خلال وقفة تضامنية بصنعاء مع وفد الانقلابيين بمشاورات الكويت الخميس الماضي (أ.ب)
ميليشيا الحوثي تدفع بالأطفال للقتال وتتوسط فتاة صغيرة مجموعة من المسلحين تحمل سلاحها خلال وقفة تضامنية بصنعاء مع وفد الانقلابيين بمشاورات الكويت الخميس الماضي (أ.ب)
TT

قتلى وجرحى في تعز جراء القصف والألغام.. والميليشيات تشدد حصارها على المحافظة

ميليشيا الحوثي تدفع بالأطفال للقتال وتتوسط فتاة صغيرة مجموعة من المسلحين تحمل سلاحها خلال وقفة تضامنية بصنعاء مع وفد الانقلابيين بمشاورات الكويت الخميس الماضي (أ.ب)
ميليشيا الحوثي تدفع بالأطفال للقتال وتتوسط فتاة صغيرة مجموعة من المسلحين تحمل سلاحها خلال وقفة تضامنية بصنعاء مع وفد الانقلابيين بمشاورات الكويت الخميس الماضي (أ.ب)

شددت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح حصارها على مدينة تعز من جميع منافذ المدينة، حيث تواصل منع دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وجميع المستلزمات بما فيها المشتقات النفطية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تواصل الميليشيات الانقلابية قصفها العشوائي بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة بما فيها مضادات الطيران، على أحياء مدينة تعز، وقرى الوازعية، وجبل حبشي، وحيفان، سقط على أثرها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى سقوط قتلى وجرحى جراء الألغام التي زرعتها الميليشيات على الطرقات والمناطق التي كانت تحت سيطرتهم وزرعت الألغام فيها قبل الفرار منها.
وسقط خلال الأربعة والعشرون ساعة الماضية أكثر من 20 مدنيا من أبناء محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، جراء قصف الميليشيات الانقلابية وضحايا الألغام، وآخرها انفجار لغم أرضي زرعته ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في منطقة الربيعي في الضباب، غرب مدينة تعز، أودى بحياة 5 مدنيين و7 جرحى بترت أطرافهم، مساء أول من أمس، حيث أصبحت مستشفيات تعز العاملة تتلقى يوميا ضحايا الألغام.
كما أصيب عمار عبد الحافظ الفقيه، نجل رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح في محافظة، جراء انفجار لغم زرعته الميليشيا الانقلابية، بالإضافة إلى مقتل شابين وجرح اثنين آخرين كانوا على متن دراجة نارية في منطقة الدمغة في جبل صبر، جراء إطلاق نار عليهم برصاص قناص الميليشيات.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية في محافظة تعز أن «الميليشيات الانقلابية تواصل قصفها الهستيري على المدينة وقرى المحافظة، وقصفت أمس مستشفى المستقبل وشارع المغتربين، وسط المدينة، بصواريخ الكاتيوشا، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من المدنيين».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني يواصلون صمودهم وتصديهم لمحاولات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح الهجوم على مواقع المقاومة والجيش الوطني في حي ثعبات وكلابة، شرق المدينة، وحي الزنوج والدفاع، شمالا، والسجن المركزي ومعسكر اللواء 35 مدرع، غربا، على الرغم من القصف العنيف على مواقع المقاومة الشعبية».
وأكد المصدر ذاته أن «الميليشيات الانقلابية تواصل خرقها للهدنة، من خلال القصف على المدنيين، والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة من مقاتلين وآليات عسكرية نحو مواقع تمركزها المحيطة بالمدينة في الوازعية غرب المدينة، وصبر وحيفان جنوبا».
من جانبه، قال رئيس المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية في محافظة تعز، الشيخ حمود سعيد المخلافي، إن «أبناء اليمن شكلوا سدًا منيعًا في وجه العدو منذ أن قامت إيران بضخ سمومها وأهدافها الإجرامية التي نفذت عن طريق أعوانهم الحوثيين وجماعة المخلوع صالح، بهدف زعزعة أمن واستقرار اليمن، وتخريبهم لكل شيء جميل في اليمن، وأن مثل هذه الأحداث ما زادت الشعب اليمني إلا تماسكًا وقوة بفضل الله تعالى».
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، أن «اليمن - بحول الله - سينهض مجددا بأيدي أبنائه المخلصين الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل الدفاع عن عقيدتهم الإسلامية، وبمساندة الأشقاء بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن أبناء ونساء محافظة تعز الأحرار وقفوا بالمرصاد للميليشيات التي حاصرتهم، وارتكبت جرائم لا يقرها دين من قتل للكبار والأطفال وتدمير للبيوت».
وأكد أن «أبناء ونساء محافظة تعز الأحرار وقفوا بالمرصاد للميليشيات التي حاصرتهم وارتكبت جرائم لا يقرها دين، من قتل للكبار والأطفال وتدمير للبيوت، وبفضل جهود أبناء المحافظة الذين قضوا على نحو 75 في المائة من القيادات الكبيرة التابعة لتلك الفئات التخريبية، مما جعلهم يلوحون بالاستسلام لاقتراب نهايتهم». مشيرا إلى الخداع والكذب والتضليل على الناس من قبل الميليشيات الانقلابية، وخروجهم على النظام والشرع بأنه «دستور ثابت عند أولئك المارقين الذين بانت مقاصدهم ونياتهم وأهدافهم ضد اليمن».
ورفع قائد المقاومة الشعبية بمحافظة تعز الشيخ حمود المخلافي، شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على ما حققه التحالف العربي والإسلامي من إنجازات في اليمن، بدءا بإطلاق عاصفة الحزم، ومرورا بحملة إعادة الأمل، التي أعادت الأمور إلى نصابها بشكل كبير.
كما أثنى على الدور الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لمساعدة المتضررين في محافظة تعز، بالإضافة لجهوده في جميع مدن ومحافظات اليمن الأخرى.
وأشاد بإطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يعكس بجلاء حرص قيادة المملكة على كل ما فيه اجتماع كلمة الأمة الإسلامية.
على سياق متصل أدانت «نقابة المحامين اليمنيين بتعز، ومنظمات مجتمع مدني محلية غير حكومية، المركز القانوني، منظمة العدالة والإنصاف للتنمية وحقوق الإنسان، المركز الإنساني، منظمة السلم الاجتماعي، مركز معين للتنمية، منظمة وثاق، منظمة فريد، المنظمة الوطنية للتنمية، منظمة هود تعز والمنتدى الاجتماعي الديمقراطي» - قيام الميليشيات الانقلابية بزراعة الألغام في الطرقات العامة والفرعية.
وقالت في بيان مشترك لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن ما تقوم به الميليشيات الانقلابية «يُعد جريمة وانتهاكا جسيما لكل المواثيق الإنسانية وقواعد القانون الإنساني التي تحرم مثل هذه الأفعال، وتعتبر جرائم حرب يعاقب مرتكبوها، حيث دأبت ميليشيات الحوثي وصالح، على تعمد زراعة الألغام واستخدامها في الطرقات العامة والأحياء السكنية، وتسبب ذلك في مقتل وإصابة العشرات من المدنيين في تعز، ناهيكم عن أن هذه الأعمال تعد انتهاكا للاتفاقية الدولية لحظر الألغام ضد الأفراد (اتفاقية أوتاوا)، وغيرها من الاتفاقيات التي تحظر استخدام الألغام الأرضية».
ودعت نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى «محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وإلزامهم بالتوقف عن الاستمرار في زراعة هذه الألغام، وتسليم مخطط وخارطة للأماكن التي كانت تحت سيطرتهم، لتجنب وقوع المزيد من الضحايا».
وذكروا في بيانهم أن «هذه الواقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، الأمر الذي يضاعف من معاناة المدنيين في هذه المدينة، جراء الجرائم المستمرة ومنها القصف المستمر، والألغام التي استخدمتها وما زالت تستخدمها في أرجاء مختلفة من المحافظة».
ومنذ بدء المحادثات في دولة الكويت الشقيقة، شهدت محافظة تعز قصفا هو الأعنف من جانب ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، استخدمت فيها المدافع بمختلف أنواعها والمضادات الأرضية، ضد المواطنين العُزل، وسقط على أثرها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.