مخاطر الصوديوم في وجبات الأطفال

أغلبها تحتوي على مقادير أعلى من التوصيات الصحية

مخاطر الصوديوم في وجبات الأطفال
TT

مخاطر الصوديوم في وجبات الأطفال

مخاطر الصوديوم في وجبات الأطفال

يعتبر الجدل حول وجبات الأطفال وإلى أي مدى تحتوي على مكونات صحية هو الحديث الأكثر أهمية في الأوساط الطبية الأميركية، حيث تمثل مشكلة بدانة الأطفال تحديًا صحيًا كبيرًا لدولة في حجم الولايات المتحدة. وأخيرًا كشفت دراسة نشرت في شهر أبريل (نيسان) الجاري في مجلة التعليم الغذائي والسلوك (Journal of Nutrition Education and Behavior) عن احتواء وجبات الأطفال على كميات كبيرة من الصوديوم والدهون والسكريات على الرغم من الجهود المبذولة للحد منها في الوجبات التي يتناولها الأطفال خاصة في الخارج، حيث يعتبر تناول الطعام في الأماكن العامة نوعًا من النزهة. بطبيعة الحال فإن معظم هذه الوجبات تحتوي على مكونات يمكن أن تؤذي صحة الأطفال وتؤدي إلى البدانة وكثير من الأمراض الأخرى.
وأشارت الدراسة إلى أن غذاء الأطفال الأميركيين حتى الذي يتم إعداده في المنزل يفتقر إلى الفواكه والخضراوات والألبان قليلة الدسم، وعلى الرغم من أن كثيرًا من المطاعم في الولايات المتحدة قامت بالفعل بتخفيض نسبة السعرات الحرارية في الوجبات التي يتم تقديمها للأطفال - ابتداء من ديسمبر (كانون الأول) المقبل سوف يكون هناك إلزام قانوني في المطاعم الأميركية بعدد معين من السعرات لوجبات الأطفال- فإن الجزء الأكبر من هذه المطاعم لا يزال يقدم وجبات غير صحية.
من المعروف أن الولايات المتحدة من أكثر الدول التي تبذل جهودًا لتحسين الغذاء اليومي للأطفال، وهناك 42 ألف مطعم تلتزم بتقديم وجبة صحية (تحتوي على فاكهة وخضراوات وبروتينات وألبان قليلة الدسم) على الأقل، وطبق جانبي أو مقبلات في قائمته. ولكن بطبيعة الحال فإن هذه المحاولات لا ترقى لتقديم النتائج المرجوة.
* مستويات الصوديوم
وقامت الدراسة بعمل مسح لكثير من مطاعم الولايات المتحدة لمعرفة لأي مدى التزامها بالتوصيات الصحية سواء مطاعم الوجبات السريعة (quick – service) أو المطاعم الكبيرة من أشهر سلاسل مطاعم في أميركا التي تلتزم بتقديم وجبات للأطفال. وقام الباحثون بحساب الكميات المختلفة من الصوديوم والدهون المشبعة والسكريات وقارنوا بينها وبين الكميات الموجودة في التوصيات الغذائية.
وأظهرت نتائج الدراسة أن نحو 72 في المائة من المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة و63 في المائة من المطاعم التي تقدم جميع أنواع الطعام تلتزم بالتوصيات الصحية فيما يخص قائمة الأطفال. ومع ذلك ففي الوجبات التي احتوت على عدة مواد أو خلطات معينة انخفضت هذه النسبة إلى 30 في المائة فقط. وأيضًا كان معظم الوجبات تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم أكبر من المسموح بها. وحسب توصيات رابطة القلب الأميركية يجب ألا تزيد جرعة الصوديوم اليومية عن 1500 ملليغرام للجميع سواء أطفالاً أو بالغين. وفى الفئة العمرية للأطفال من عمر سنتين وحتى 19 عامًا يتناول معظم الأطفال الأميركيين ضعف هذه النسبة خصوصًا في الذكور، وكلما ازداد العمر ازدادت كمية الصوديوم التي يتم تناولها عن طريق الطعام.
بطبيعة الحال يحصل الجسم على الكمية الأكبر من الصوديوم من خلال ملح الطعام، وكما هو معروف فإن الصوديوم الزائد يمكن أن يؤثر بالسلب على صحة القلب والإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب المختلفة. وتبين أن النسبة الأكبر من الحصول على الصوديوم تكون في وجبتي الغذاء والعشاء، كما أن المطاعم ومحلات البقالة المختلفة تحتوي على أطعمة تمثل نسبة 70 في المائة من كمية الصوديوم التي يحصل عليها الطفل. ومن أكثر الوجبات التي تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم: البيتزا واللحوم الباردة والمصنعة والسندوتشات المختلفة خصوصًا البرغر والفراخ المحمرة وأنواع المكرونة المختلفة. وللأسف فإن معظم هذه الوجبات تعتبر وجبات محببة لدى الأطفال يرغبون في تناولها. وارتفاع نسبة الصوديوم بهذه الوجبات يزيد من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 40 في المائة.
* تقليل الملح
وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من صعوبة - إن لم يكن استحالة - تفادي هذه المأكولات بشكل تام، فإنه يمكن دائمًا اختيار طرق الطهي التي تحتوي على كميات أقل من الملح وبالتالي الصوديوم مع إمكانية تعويض النكهة بمواد غذائية أخرى، خصوصًا أن مشكلة ارتفاع الصوديوم تتفاقم في الأطفال الذين يعانون من البدانة.
كما أن نسبة الأطفال الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم في ازدياد، وفي الولايات المتحدة هناك طفل من كل ستة أطفال في الفئة العمرية من 8 وحتى 17 عامًا يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وهو الأمر الذي يعد من أخطر العوامل التي تهدد صحة الأطفال، إذ إنه يمهد للإصابة بأمراض القلب. وكلما تم خفض معدلات الصوديوم في الجسم في الطفولة عن طريق تقليل تناول الملح، كانت الوقاية من الإصابة بالضغط في البلوغ أسهل.
ونصحت الدراسة الآباء بأن التذوق واعتياد مذاق معين لغذاء ما، يعتمد بشكل أساسي على تدريب حاسة التذوق (taste buds) على طعم معين، ومن خلال اختيار مكونات الطعام المختلفة يجب أن يقوم الآباء باختيار المنتج الذي يحتوي على صوديوم أقل، ويجب أيضًا اختيار الخضراوات أو اللحوم الطازجة التي لم يتم تخزينها، وبالتالي لم يتم إضافة الملح لها، واستعمال بقية المواد التي تحسن المذاق بأقل كمية من الملح. وبالنسبة للمطاعم يجب أن تلتزم بتقديم وجبات خاصة للأطفال وأن تراعي المعايير الصحية وتستخدم ملحًا به كميات أقل من الصوديوم.

• استشاري طب الأطفال



ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
TT

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين، وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة، لكن الآن، يُسبب لنا ضرراً لأننا، وفق موقع «ذا تلغراف»، نتناول منه نحو 8.4 غرام في اليوم، وهو أكثر من الحد الأقصى المسموح به، الذي يعادل ملعقة صغيرة واحدة (أي نحو 6 غرامات).

يسهم هذا الاستهلاك المرتفع في ارتفاع ضغط الدم، الذي يصيب واحداً من بين كل 3 أشخاص، ويزيد احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، واكتشف العلماء الآن أنه يعرض سلامتنا للخطر من خلال اضطراب الأمعاء.

تقول الطبيبة، إميلي ليمينغ، عالمة الميكروبيوم (الميكروبات) واختصاصية التغذية، إن استهلاك كمية كبيرة من الملح تحدث خللاً في توازن الميكروبات في الأمعاء.

تشير إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة «نيتشر»، وشملت 12 مشاركاً تناولوا كبسولة يومية تحتوي على 6 غرامات من الملح إلى جانب نظامهم الغذائي المعتاد، ما رفع استهلاكهم اليومي من الملح إلى نحو 14 غراماً، إلى أن الميكروبات المفيدة «اللاكتوباسيلس» كانت قد اختفت.

عبوة ملح على طاولة الطعام (غيتي)

وتوضح إميلي ليمينغ: «هذا يعني أن بكتيريا الأمعاء أصبحت أقل قدرة على صنع جزيئات خاصة تُعرف باسم الأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة التي تُساعد على خفض الالتهابات، واسترخاء الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم».

وتشير الأبحاث أيضاً، وفقاً لموقع «ذا تلغراف»، إلى أن استهلاك كمية أكبر من الملح يؤدي لاختلال الشهية لأنه يتدخل في إطلاق هرمون «ببتيد شبيه بالغلوكاكون- 1» (GLP-1) وهو هرمون تنتجه الأمعاء بعد تناول الطعام لإطلاق الشعور بالشبع.

وتضيف ليمينغ: «هذه النتائج ترجح أن الأنظمة الغذائية الغنية بالملح قد تجعلنا أكثر جوعاً».

وتابعت: «هناك ارتباط مقلق بالسرطان أيضاً، فنحو 4 حالات من بين كل 10 حالات من سرطان المعدة تسببها العدوى ببكتيريا (الهليكوباكتر بيلوري). واستهلاك كميات زائدة من الملح يمكن أن يتلف طبقة المعدة، ما يجعلها أكثر عرضة لهذه العدوى».

ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب التخلي تماماً عن الملح في نظامنا الغذائي.

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

تقول ليمينغ: «الملح مهم لأنه يساعد عضلاتنا على العمل بشكل صحيح، ويتيح للأعصاب إرسال الإشارات، ويحافظ على توازن الماء والمعادن في أجسامنا».

ومع ذلك، تقدر أن الجسم يحتاج فقط إلى ربع ملعقة صغيرة (نحو 1.25 غرام) يومياً، والتي يحصل عليها معظم الأشخاص من نظامهم الغذائي دون وضع عبوة ملح على مائدة الطعام، حتى لو كانوا يتجنبون عموماً الأطعمة المعالجة.

كيفية تقليل استهلاك الملح

تقول إميلي ليمينغ: «أول خطوة هي استخدام كمية أقل من الملح أثناء الطهي، أو على طاولة العشاء وتعويض الطعم بإضافة الأعشاب والتوابل».

وينقل «ذا تلغراف» عن أبحاث، أن استخدام القرفة أو الثوم يساعد في خفض ضغط الدم، في حين يمكن للفلفل الحار والزنجبيل والروزماري أن تساعد في إدارة مستويات السكر في الدم. أو استخدام الملح قليل الصوديوم، الذي يُشبه مذاقه الملح العادي، لكن يحتوي على جزء بسيط من الصوديوم، وهو أحد العناصر الكيميائية التي ترفع ضغط الدم.

استخدام بديل الملح عند الطهي ارتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة لأي سبب (رويترز)

ويضيف: «مع ذلك، فإن هذه التغييرات ستقلل استهلاكك إلى حد معين فقط؛ إذ يتم تضمين نحو ثلاثة أرباع كمية الملح التي نستهلكها في نظامنا الغذائي مسبقاً في الأطعمة التي نشتريها. فيحتوي الكاتشب على نحو 0.3 غرام لكل جرعة، والبيتزا ما بين 2-4 غرامات، والخبز نحو 0.4 غرام لكل شريحة، والشوربة نحو 2.2 غرام لكل طبق».

وتقترح الطبيبة إميلي ليمينغ «النظر إلى المكتوب على ظهر عبوة المنتج، واختيار المنتجات ذات الكميات الأقل ملحاً». وكذلك توصي بأن يكون «نصف طبق وجبتي الغداء والعشاء من الخضراوات وتناول الفواكه مرتين يومياً على الأقل».

بائع يعرض العنب للبيع (إ.ب.أ)

وتشير إميلي ليمينغ إلى أن «بعض الأبحاث الحديثة سلطت الضوء على أن النسبة بين الصوديوم والبوتاسيوم قد تكون أكثر أهمية للصحة، من قياس مستويات الصوديوم وحدها». والبوتاسيوم، الذي يوجد في الموز والفطر والأفوكادو، يساعد في إزالة الملح من مجرى الدم.

وتختتم: «لذلك، فإن الأطعمة المخمرة لا تزال خياراً صحياً، رغم احتوائها على كميات عالية من الملح، لأنها غنية بالبوتاسيوم والألياف، إضافة إلى مواد نباتية ثانوية مفيدة أخرى».