غرفة تجارة دمشق: هجرة السوريين وتضرر الزراعة وراء تدهور قيمة الليرة

تجاهلت في تقريرها السنوي ازدهار اقتصاد الحرب الصاعد في سوريا

سوري من درعا يجتاز برجاً منهاراً لحفظ المياه في منطقة تابعة للمعارضة بفعل قصف الطيران الحربي (إ ف ب)
سوري من درعا يجتاز برجاً منهاراً لحفظ المياه في منطقة تابعة للمعارضة بفعل قصف الطيران الحربي (إ ف ب)
TT

غرفة تجارة دمشق: هجرة السوريين وتضرر الزراعة وراء تدهور قيمة الليرة

سوري من درعا يجتاز برجاً منهاراً لحفظ المياه في منطقة تابعة للمعارضة بفعل قصف الطيران الحربي (إ ف ب)
سوري من درعا يجتاز برجاً منهاراً لحفظ المياه في منطقة تابعة للمعارضة بفعل قصف الطيران الحربي (إ ف ب)

في تجاهل تام لاقتصاد الحرب وتجارة الأزمات المتغولة في سوريا ردت «غرفة تجارة دمشق» أسباب تدهور قيمة الليرة السورية (520 ليرة تعادل دولارا واحدا)، إلى سوء سياسات المصرف المركزي المالية، وموجة «الهجرة» التي ارتفعت معدلاتها في العام الأخير، وتحويل «المهاجرين» مدخراتهم المحلية إلى دولار وإخراجها معهم، وأيضا إلى تدهور القطاع الزراعي.
وقالت «غرفة تجارة دمشق» في تقريرها السنوي لعام 2015: إن أهم أسباب تدهور قيمة الليرة على الإطلاق هي «مغادرة عدد كبير من العائلات السورية وتحويل مدخراتهم إلى دولار، والسبب الآخر هو عامل الثقة بالليرة السورية نتيجة سياسات غير واضحة من المصرف المركزي»، ورأت «غرفة التجارة» أن هذا هو سبب تحسن الاقتصاد والعمل عموما، وأيضا سبب تدهور على مستوى معيشة المواطن وارتفاع الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن الآمال كانت كبيرة في بداية عام 2015 مع التحسن الكبير في قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وخاصة مع عودة حركة التجارة في الاستيراد والتصدير في عام 2014 للعمل. وثبتت التوقعات في أن يستمر الوضع كذلك في عام 2015 وانتقلت الورشات والمعامل إلى «الأماكن الآمنة» وبدأ التحسن يشمل جميع مناحي الاقتصاد. وعزا التقرير عدم شعور المواطن السوري العادي بهذا التحسن إلى الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار الذي حدث في عام 2015؛ فقد ارتفع سعر صرفه 150 في المائة عن عام 2014 وبارتفاع 750 في المائة عن عام 2011 مع بداية الأزمة.
ولم تجرؤ غرفة التجارة في تقريرها على الإشارة إلى طبقة تجار الحرب التي صعدت في السنوات الأربع الأخيرة لتمسك بـ«خناق» الاقتصاد السوري، فبينما أعمال هذه الطبقة وتجاراتها تزدهر، تزداد طبقة الفقراء في سوريا اتساعا إلى أن تجاوزت نسبة 80 في المائة من السكان المتبقين في الداخل.
وحول أسباب ارتفاع الأسعار، لم تتطرق «غرفة تجارة دمشق» إلى ارتفاع أجور النقل والسياسات الجمركية المنفلتة وفرض إتاوات على شاحنات البضائع من قبل الحواجز المنتشرة على الطرق كافة، إضافة إلى تضييق إدارة الجمارك «التي باتت تحت سيطرة الفرقة الرابعة»، على التجار والمستوردين إلى حد شل حركة الاستيراد ورفع أسعار البضائع أضعاف عدة. واكتفى تقرير غرفة التجارة بالإشارة إلى أن قطاع النفط هو القطاع الذي بقي طوال فترة الأزمة متوقفا عن العمل وعن دعم خزينة الدولة، وفي عام 2015 مع «فقدان حوامل الطاقة بدأت أسعارها في الارتفاع؛ ونتيجة لذلك الارتفاع ظهرت سوق موازية أسعارها أعلى من الأسعار التي تحددها الحكومة، الأمر الذي انعكس سلبا على التكلفة لدى المصنع وأيضا ارتفاع في أسعار جميع المواد وجميع مناحي الحياة». وقالت: إن «هذا أيضا فاقم من أزمة المواطن، وأدى إلى تراجع كبير في مستوى معيشته، إضافة إلى توقف قطاع السياحة الذي بات يعتمد فقط على أبناء البلد؛ ما زاد من الضغط على خزينة الدولة لتأمين القطع الأجنبي».
ودعت «غرفة تجارة دمشق» إلى إخضاع سياسات «المصرف المركزي» وقراراته للرقابة المباشرة من قبل الحكومة، على أن تترافق السياسات النقدية مع المعالجات الاقتصادية للمشاكل التي تواجه الاقتصاد، وذلك إجراءات وقائية للمرحلة القادمة حتى تبقى عجلة الاقتصاد تعمل. كما دعت غرفة التجارة إلى وقف أنشطة الحكومة غير المنتجة والريعية والتي يمكن تأجيلها، والتي لا تتناسب مع الأوضاع التي تمر بها البلاد، وتخصيص موازنات القطاعات غير المنتجة والإيرادات العامة المتوقعة حصرا لتأمين المساعدات الضرورية للقطاعات المنتجة، خاصة الصناعة والزراعة وسد احتياجات المواطنين من السلع الأساسية، والعمل على وضع آلية تسعير جديدة تكون فيها الدولة ومن خلال مؤسساتها تاجرا كأحد التجار وترك الأسعار يحددها قانون العرض والطلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.