الجزائر: جرحى واعتقالات بعد فض اعتصام أساتذة التعليم

الحكومة تتهم أحزابًا بتوظيف قضيتها لأغراض انتخابية

الجزائر: جرحى واعتقالات بعد فض اعتصام أساتذة التعليم
TT

الجزائر: جرحى واعتقالات بعد فض اعتصام أساتذة التعليم

الجزائر: جرحى واعتقالات بعد فض اعتصام أساتذة التعليم

استنكرت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، استعمال القوة لفض اعتصام مئات أساتذة التعليم الثانوي، الذين يطالبون بتوظيفهم بعد سنوات طويلة من التعاقد. وتدخلت قوات مكافحة الشغب، فجر أمس، لتفريق المتظاهرين مما أصبح يسمى «ساحة الكرامة»، التي توجد بشرق العاصمة.
وقالت «الرابطة»، التي يرأسها المحامي نور الدين بن يسعد، في بيان أمس، إنها «تلقت باستياء بالغ طرد الأساتذة المتعاقدين بالقوة من ساحة الاعتصام ببودواو (50 كيلومترا شرق العاصمة). فقد كان هؤلاء في احتجاج سلمي منذ أسبوعين يرفعون مطالب مهنية، لكن الشرطة تعمدت استفزازهم وشتمهم وضربهم واعتقالهم، وتوزيعهم على مراكز أمنية متفرقة».
وأوضح التنظيم الحقوقي أن تدخل قوات الأمن خلف عدة جرحى في صفوف المعتصمين، مما استدعى نقل بعضهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، وأشار إلى أن حالة أحد المحتجين حرجة بعد أن قفز من نافذة حافلة الشرطة التي كان بداخلها.
وأضاف بيان «الرابطة»، أن توجه رجال الشرطة إلى مكان الاعتصام، خارج الوقت الرسمي لعمل جهاز الشرطة المحدد من طرف القانون (التاسعة ليلا كأقصى حد)، «يعد تصرفا يذكرنا بالأيام الحالكة التي عاشتها البلاد»، في إشارة إلى تجاوزات وانتهاكات منسوبة إلى قوات الأمن في فترة المواجهة مع الجماعات الإسلامية المتطرفة خلال تسعينات القرن الماضي.
وتابع البيان قائلا: «تؤكد الرابطة الحقوقية بأن حرية التعبير وحرية التظاهر مكرَسة في الدستور، والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي صادقت عليها الجزائر»، واتهمت السلطات بـ«تفضيل لغة العنف على لغة الحوار».
وقال إيدير عاشور، المتحدث باسم المتظاهرين، لعدد من الصحافيين، إن وزارة الداخلية «لم تحترم الإجراءات المعمول بها في النزاعات، فهي لم تتريث حتى صدور نتائج الوساطة التي كانت جارية لإيجاد حل للنزاع، وبذلك فهي تضرب عرض الحائط بقوانينها».
وذكر المتحدث نفسه أن الشرطة «وضعتنا بالقوة في حافلات، وتوجهت بقطاع من المتظاهرين إلى بجاية (250 كيلومترا شرق العاصمة)، وأرسلت قطاعا آخر إلى عين الدفلي (150 كيلومترا غرب العاصمة). وقد خلف العنف الذي تعرضنا له، خمسة جرحى على الأقل، يوجدون حاليا في المستشفى». وذكر إيدير أن رفاقه «عازمون على مواصلة الاحتجاج حتى تحقيق كل مطالبهم».
وتتمثل مطالب الآلاف من الأساتذة المتعاقدين في إدماجهم فورا في مناصب العمل. لكن وزيرة التعليم نورية بن غبريط ترفض ذلك، ودعتهم إلى المشاركة في مسابقة للتوظيف ستجرى الشهر المقبل، فإذا فازوا فيها التحقوا بسلك التعليم. وفي حال العكس، سيتم إبقاؤهم على صيغة التعاقد، وهو ما يرفضونه بشدة. وأعلنت الوزارة عن توفير 28 ألف منصب شغل بمناسبة المسابقة، بينما عدد المسجلين فيها يفوق المليون، أما عدد المتعاقدين فيفوق 32 ألفا. وأعلن إيدير للصحافة أن المحتجين سيطلقون مسيرة كبرى من بجاية إلى العاصمة، ومعاودة الاعتصام الأسبوع المقبل، وقال إن نقابات قطاع التعليم تدعم المسعى، الذي يسبب صداعا للحكومة، وتحديدا وزير الداخلية نور الدين بدوي، الذي صرح أول من أمس بأن السلطات «لا يمكن لها أن تسمح بتنظيم عصيان مدني ضد الدولة».
ويرى مراقبون أن تعامل الحكومة الخشن مع الأساتذة المتذمرين يعكس تخوفا من تحول الاحتجاج إلى «كرة ثلج»، بمعنى أن يكبر مع الوقت، ويكسب تعاطف فئات واسعة من المجتمع، وبالتالي يعطي فرصة لرفع مطالب شرائح مهنية أخرى، تعاني من صعوبات اقتصادية ومن تدني الأجور.
واتهم رئيس الوزراء عبد المالك سلال، أول من أمس، أحزابا دون ذكرها بالاسم، بـ«توظيف معاناة الأساتذة المتعاقدين تحسبًا للانتخابات المنتظرة العام المقبل». وقال إن البلاد تمر بظروف اقتصادية صعبة نتيجة انخفاض أسعار النفط، وإنها بحاجة إلى الاستقرار، كي تنفذ «مخطط تنويع الاقتصاد» الذي أطلقته نهاية العام الماضي، لمواجهة شح الموارد المالية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.