القوات الأفغانية تصد هجمات «طالبان» في قندوز

الأمم المتحدة: المخاطر المحيطة بمجالي الصحة والتعليم في البلاد «مقلقة للغاية»

جندي أفغاني على أطراف مدينة قندوز ضمن مساعي الجيش للسيطرة على المدينة (أ.ف.ب)
جندي أفغاني على أطراف مدينة قندوز ضمن مساعي الجيش للسيطرة على المدينة (أ.ف.ب)
TT

القوات الأفغانية تصد هجمات «طالبان» في قندوز

جندي أفغاني على أطراف مدينة قندوز ضمن مساعي الجيش للسيطرة على المدينة (أ.ف.ب)
جندي أفغاني على أطراف مدينة قندوز ضمن مساعي الجيش للسيطرة على المدينة (أ.ف.ب)

أعلن مسؤولون في أفغانستان أمس أن مدينة قندوز شمال البلاد تشهد قتالاً مستعرًا بين قوات الأمن ومسلحي «طالبان»، فيما يلوح في أفق أفغانستان صيف دموي جديد بعد تعثر واضح للجهود الساعية إلى السلام. وقال المتحدث باسم شرطة إقليم قندوز، هجرة الله أكبري، إن مسلحي «طالبان» بدأوا عمليات عدوانية في المدينة يوم الجمعة الماضي، ولكن تم إحباط هجماتهم في عدة مناطق. وكان المسلحون قد اجتاحوا مدينة قندوز وسيطروا عليها لفترة قصيرة العام الماضي، مما أبرز أوجه القصور في قدرة القوات الأفغانية على الدفاع ضد الهجمات المنسقة بعد أن تسلمت المهام الأمنية من قوات حلف شمال الأطلسي، ولكن المسؤولين قالوا إن القوات خاضت معركة قوية ضد هجمات طالبان التي جاءت كجزء من اعتداءات الربيع السنوية. وقال أكبري: «تم تطهير منطقة تشاهاردارا من طالبان الليلة الماضية. لقد شهدت هجمات عنيفة على مدار الأيام الأربعة الماضية». وأضاف أن دعمًا من سلاح الجو ساعد القوات الأرضية على تحقيق انتصارات على المسلحين. ولا يزال سكان قندوز يشعرون بالمخاوف رغم تقدم قوات الأمن ضد المسلحين.
وقال حارس على أحد المتاجر في قندوز يدعى شمس الدين: «إننا قلقون للغاية إزاء الوضع في إقليم قندوز». من جهة أخرى، قدمت الأمم المتحدة أمس تقييمًا متشائمًا للمخاطر المحيطة بمجالي التعليم والصحة في أفغانستان، في ظل استهداف المدرسين والأطباء وتدمير البنية التحتية عبر سنوات من الصراع، وقد وثقت مهمة المساعدة الأممية في أفغانستان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» مئات الحوادث التي تؤثر على عملية الحصول على الرعاية الطبية والتعليم، في تقرير يغطى فترة 3 أعوام ابتداء من يناير (كانون الثاني) 2013. من جهته، وصف نيكولاس هايسوم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان ورئيس مهمة المساعدة الأممية الموقف بـ«المقلق للغاية». وقال: «من غير المقبول أن يتعرض المدرسون والأطباء والممرضون والممرضات للعنف أو التهديدات، وأن يتم إساءة استخدام المدارس والمنشآت الطبية أو مهاجمتها».
ورصد التقرير عشرات الهجمات التي تعرضت لها العيادات الطبية، حيث تضاعف عدد الهجمات التي وقعت العام الماضي، بالإضافة إلى عدد العاملين في المجال الطبي الذين قتلوا أو أصيبوا مقارنة بعام 2014. وأفاد التقرير بأن ما لا يقل عن 11 من العاملين في المجال الطبي لقوا حتفهم كما اختطف 49 آخرون العام الماضي. وأضاف التقرير أن العنف أرغم نحو 370 مؤسسة تعليمية على إغلاق أبوابها، مما أثر على 139 ألف طالب و600 مدرس. وقالت وزارة التعليم إن الموقف كان أسوأ في الأقاليم الأفغانية بجنوب البلاد، ومنها قندهار وهلمند وغازني وزابول وواردك، حيث يزداد نشاط متمردي «طالبان». وقال مسؤولون إن زيادة نشاط مسلحي تنظيم داعش زاد من وتيرة العنف في بعض المناطق.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».