الجزائر وفرنسا تعربان عن قلقهما البالغ حيال استفحال الإرهاب في شمال أفريقيا

اعتبرتا وصول السراج إلى طرابلس تطورًا إيجابيًا في أزمة ليبيا

الجزائر وفرنسا تعربان عن قلقهما البالغ حيال استفحال الإرهاب في شمال أفريقيا
TT

الجزائر وفرنسا تعربان عن قلقهما البالغ حيال استفحال الإرهاب في شمال أفريقيا

الجزائر وفرنسا تعربان عن قلقهما البالغ حيال استفحال الإرهاب في شمال أفريقيا

أبدت الجزائر وفرنسا قلقا بالغا حيال «استفحال الجريمة المنظمة ونشاط الإرهابيين»، في منطقة شمال أفريقيا وحوض المتوسط، وأكَدتا عزمهما على «تعزيز تعاونهما في مجال محاربة الإرهاب».
وذكر رئيسا وزراء البلدين عبد المالك سلال، ومانويل فالس، أمس في بيان مشترك، صدر بمناسبة نهاية زيارة وفد حكومي فرنسي رفيع إلى الجزائر يومي السبت والأحد، ترأسه فالس، أن البلدين متخوفان كثيرا من تهديدات الإرهاب بليبيا ومالي. ومما جاء فيه أن الطرفين «قلقان إزاء الظرف الجيوسياسي والوضع الأمني، الذي يميز منطقة الساحل الأفريقي»، وأنهما «عازمان على مواجهة كل التهديدات العابرة للحدود، خاصة التي يمثلها الإرهابيون».
يشار إلى أن عدة تنظيمات متطرفة تشكل تهديدات مباشرة على الأمن بالمنطقة، أخطرها «القاعدة»، و«داعش»، و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، و«حركة أنصار الدين». وأضاف بيان الحكومتين الجزائرية والفرنسية موضحا: «تحدو الطرفين إرادة قوية في الحد من نشاط الجماعات الإرهابية بالمنطقة، وقد اتفقا على إدراج محاربة الإرهاب ضمن توجه شامل يتناول تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، خاصة الأموال التي تأتي من تجارة المخدرات والاتجار غير المشروع للأسلحة، والمواد المشتقة من النفط وكذلك من الفدية».
وتفيد تقارير أعدتها الاستخبارات الجزائرية أن أموالا طائلة جمعتها تنظيمات إرهابية بمالي، وذلك بفضل ابتزاز حكومات رعايا غربيين، اختطفتهم في السنوات الماضية. وتقول الجزائر إنها من أكثر بلدان المنطقة تضررا من نشاط الإرهاب المترتب عن أموال الفدية، وتعيب على حكومات أفريقية وغربية «تساهلا» من جانبها، في التعامل مع الإرهابيين خاطفي المدنيين.
كما نقل البيان انشغال الجزائر وفرنسا من «تعثر تنفيذ اتفاق السلام في مالي»، الذي تم توقيعه بالجزائر العام الماضي، ودعا المجموعة الدولية إلى دعم الاتفاق ماليا وسياسيا لمساعدة طرفي النزاع في مالي على حل الأزمة نهائيا.
يشار إلى أن قطاعا من المعارضة المسلحة في شمال مالي، يسعى إلى إقامة حكم ذاتي في هذه المنطقة الحدودية مع الجزائر، التي ترفض هذا الخيار لاعتقادها أن المعارضة لن تقوى على قهر الجماعات المتطرفة، التي كانت حتى وقت قريب تهيمن على كل مدن الشمال.
وبخصوص الوضع في ليبيا، قال البيان إن «وصول رئيس الوزراء فايز السراج وأعضاء من المجلس الرئاسي إلى طرابلس، يمثل تطورا إيجابيا في ليبيا». مشيرا إلى أن «حكومة الوفاق الوطني ينبغي أن تقام في العاصمة طرابلس، ومن الضروري أن تمكن من مراقبة الإدارات والمؤسسات المالية الوطنية، طبقا للاتفاق السياسي الذي تم بين الأطراف الليبية». وحمل البيان المجموعة الدولية «مسؤولية دعم الحكومة الليبية في مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية المطروحة أمام البلد، وبخاصة تهديدات التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى فرع «داعش» في ليبيا، الذي يسعى إلى نشر عناصره في تونس والجزائر لتنشيط خلايا الإرهاب بهما.
وبحث سلال وفالس ملفا شائكا موروثا من فترة الاستعمار الفرنسي بالجزائر، (1830 - 1962)، يتعلق بأملاك آلاف الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر وغادروها بعد الاستقلال. ويطلق على هؤلاء «الأقدام السوداء». وقال البيان بخصوص هذه القضية إن الطرفين اتفقا على إطلاق «مجموعة عمل» لتسوية كل حالات الأشخاص الذين يطالبون باستعادة أملاكهم العقارية، أو الحصول على تعويض من الحكومة نظير التنازل عنها.
كما أظهر الطرفان ارتياحا لـ«التقدم الحاصل»، في ملف تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية بصحراء الجزائر، التي جرت بين 1961 و1966. وبحسب البيان فقد تم في 3 فبراير (شباط) الماضي، عقد أول اجتماع بالجزائر العاصمة، لـ«فريق العمل» الذي يشتغل على دراسة ملفات المعنيين بالتعويض حالة بحالة، مشيرا إلى أن الاجتماع الثاني سيعقد في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ولا يكتفي الجزائريون بطلب تعويض الأشخاص المتضررين من تجارب الذرة، وإنما يطالبون فرنسا بدفع تعويضات أخرى عن البيئة التي تضررت أيضا، وخاصة المياه الجوفية والأراضي الزراعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».