كانت أوروبا كلها تبحث عن عبد الحميد أباعود، العقل المدبر لهجمات باريس، عندما اقتربت امرأتان من المكان الذي كان يختبأ فيه على جانب الطريق بتوجيه من شخص ما يرقب من بعيد، ويصدر توجيهاته لهما عبر الهاتف. «سيرا للأمام، استمرا في السير، قفا»، قالها صوت بالهاتف، مضيفا: «يستطيع أن يراكما، هو قادم». كانت الساعة 9:30 مساء بعد يومين من التفجيرات وإطلاق النار الذي جرى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أسفر عن قتل 130 شخصا. أغلقت فرنسا حدودها وشنت حملة مداهمات واسعة، غير أن أباعود ظهر من خلف الشجرة، وسار باتجاه السيدتين، ولم يلحظ شيئا غريبا في هذا الموعد. إحدى السيدتين، ابنة خالة أباعود، قفزت بين ذراعيه قائلة: «حميد، لا تزال على قيد الحياة؟»، لكن رفيقتها التي اصطحبتها دون معرفة الشخص الذي سيقابلانه، شعرت كأنها تعرفه، «لقد رأته من قبل في التلفزيون»، حسب إفادتها للشرطة التي أشارت فيها إلى مقاطع مصورة من سوريا أظهرت أباعود يجر جثثا خلف شاحنة.
كان هذا هو الموعد، الذي وصفت تلك السيدة تفاصيله في مقابلة شخصية لاحقة، وأكدتها ملفات التحريات التي حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست»، سببا في بداية تحريات استمرت ثلاثة أيام أسفرت عن هجوم على شقة سكنية في حي سينت دينيس، شمال باريس. قُتل أباعود، 28 سنة، في تلك العملية على يد القوات التي علمت بتخطيطه لشن هجمات أخرى.
لم تسر خطة أباعود كما خطط لها؛ بسبب قرار إشراك امرأتين كانت استجابتهما مختلفة عندما طلب منهما المساعدة.
ساعدت ابنة خالته، المضطربة نفسيا حسناء آيت لحسن، التي تبلغ 26 عاما، أباعود على الاختباء من السلطات عدة أيام، ثم لقت حتفها معه في الشقة بحي سينت دينيس؛ حيث فجر أحد المسلحين المحاصرين قنبلة في نفسه ليقتل كل من بالشقة.
تواصلت المرأة الأخرى، التي عملت أما بديلة لآيت لحسن عدة سنوات، مع الشرطة وقابلتها سرا وأدلت بالمعلومات التي ساعدت السلطات على منع سلسلة أخرى من الهجمات.
عكست العلاقة بين المرأتين حال التوتر الشديد بين الجاليات المسلمة في جميع أنحاء أوروبا بشأن ترجمة تعاليم دينهم، ودرجة الولاء لأوطانهم، والجاذبية الخبيثة لـ«داعش».
ففي المؤتمر الصحفي الذي عقد في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، صرح النائب العام الفرنسي فرانسوا مولين، بأن شاهد عيان ساعد في تحديد هوية أباعود داخل فرنسا، وأن «هذا المصدر المهم هو من اصطحب المحققين لتلك الشقة». ولم تدلِ الشرطة الفرنسية بمزيد من المعلومات أو تعلق على الجريمة.
لكن حتى الآن لا يعرف الناس أن رحلة تعقب أباعود قادتها واحدة من ملايين المسلمين الذين يواجهون حركة ارتجاعية مناهضة لهم في أوروبا التي أشعلها الغضب من هجمات باريس وبروكسل، وكذلك من ازدياد موجات المهاجرين.
«من المهم للعالم أن يعرف أنني مسلمة»، وفق السيدة التي قالت إن ذلك هو السبب الرئيسي الذي دفعها للحديث إلى واشنطن بوست.. «من المهم لي أن يعرف الناس أن ما فعله أباعود وغيره ليس من تعاليم الإسلام».
تسلط القضية الضوء على الطريق العشوائي الذي ينتهجه تنظيم داعش لتصدير الإرهاب، فقد سخر أباعود من أجهزة الأمن الغربية بعد تمكنه من التنقل بين سوريا وأوروبا عامين كاملين من دون أن يجرى توقيفه. خطط أباعود لهجمات في أماكن متفرقة باستخدام هاتف محمول لتنسيق الضربات، وللتأكد من أن تابعيه التزموا بالتعليمات، ويعتقد أنه استخدم سلاحه الخاص في حادث إطلاق النار على مطاعم باريس المزدحمة قبل أن يستقل مترو الأنفاق ليلقي نظرة على الأشلاء التي تناثرت في مسرح باتاكلان.
لكن على الرغم من إعداده لتلك العمليات، لم تكن لديه خطة لمرحلة ما بعد الكارثة، ولم يبالِ بعواقب جر أسرة كاملة للمشاركة في هذا العمل الإجرامي. فبعد اختبائه بين شجيرات جانبية، طلب من آيت لحسن التي أغرمت به أن تساعده في إحضار بعض الغذاء والملابس والبحث عن مكان أفضل للاختباء للتخطيط للهجمة التالية.
أستقي هذا السرد من عشرات التقارير التي حصلت عليها «واشنطن بوست»؛ ناقشت المرأة الأربعينية التي بقيت على قيد الحياة صلتها بالقضية، لكنها طلبت عدم ذكر اسمها حرصا على سلامتها في ظل استمرار المسؤولين الأمنيين في البحث عن عناصر نشطة تابعة لتنظيم داعش في أوروبا.
قال أباعود للسيدة إن العشرات من مسلحي «داعش» قد اصطحبوه لداخل أوروبا وسط طوفان اللاجئين، وجرى اعتقال أحد شركائه في هجمات باريس ويدعى محمد أبريني من قبل السلطات البلجيكية الجمعة الماضي.
نفذت بقايا شبكة كان أباعود كونها هجمات بروكسل التي جرت الشهر الماضي، وبجنسيته البلجيكية، يعتقد أن يكون أباعود عنصرا مهما في الفرع الخارجي لتنظيم داعش، وتتلخص مهمته في استقبال وتجنيد الوافدين الجدد من سوريا لشن هجمات في الدول الغربية.
* من الكوكايين إلى النقاب
ينتمي أباعود وآيت لحسن لخلفية واحدة مختلفة الألوان، ففي نهاية فترة المراهقة طُرد أباعود من مدرسته الراقية، وأصبح عضوا في عصابات المنطقة، وأدين في عدد من الجرائم الصغيرة.
قضيت آيت لحسن أغلب طفولتها في ملجأ للأيتام هربا من أمها التي طالما اضطهدتها وأبوها الغائب دوما، حسب ملف التحقيقات الفرنسية، وشهدت مراحل بلوغها حفلات لتعاطي المخدرات والكحوليات لدرجة فقدان الوعي تخللتها فترات عودة لتعاليم دينية بالغة الصرامة، اعتمادا على فهمها لدينها الإسلامي.
في مقابلة صحافية، قالت السيدة التي رعت آيت لحسن: «عاشت معي فترات متقطعة منذ عامي 2011 حتى 2014»، مضيفة: «كانت تهرب من البيت لأسبوعين، ثم تعود لشهر، وتكرر ذلك مرات ومرات، فكانت تتعاطى كثيرًا من المخدرات، أغلبها كوكايين، وكانت تتناول كثيرًا من الكحول».
غير أن آيت لحسن لم تخلُ من بعض الصفات المحببة، فأحيانا كانت تساعد في العمل النظامي، وعبرت دائما عن امتنانها لعائلتها بالتبني، وكانت تقص عليهم قصصا مسلية عن حياتها في ليل باريس، «كانت تضحكنا دائما»، وفق صديقة.
في عام 2014، بدا كأن حياة آيت لحسن المحببة تأخذ منعطفا جديدا؛ إذ بدأت في التعبير عن رؤى دينية حادة، وارتدت النقاب لتغطي كامل جسدها باستثناء العينين.
بدأت أيضا في التواصل عبر «الدردشة مع شخص ما في سوريا باستخدام تطبيق الهاتف الذكي واتساب، حسب ما ورد في المقابلة الشخصية لصديقتها مع سلطات مكافحة الإرهاب الفرنسية. لم تكشف آيت لحسن لصديقتها هوية الشخص الذي تتحدث معه، لكن مشاعر الحب التي ربطتها بابن خالتها وتوقيت رحلاته إلى سوريا تظهر أن تلك الرسائل المتبادلة كانت مع أباعود».
نشأ الاثنان، وهما ابنا شقيقتين، في مدينتين مختلفتين لكن بدا أن علاقة حب ربطت بينهما، وقالت آيت لحسن لأصدقائها في بعض الفترات إنها تتوقع أن تتزوج أباعود، الذي يكبرها بعامين، يوما ما، لكن هذا الزواج لم يبدُ أكثر من أحلام يقظة أبعد من أن تتحقق.
سافر أباعود لسوريا لأول مرة في 2013 مع ستة مسلحين آخرين من بلجيكا في إطار موجة من المقاتلين الأجانب الذين غادروا أوروبا ليحاربوا في صفوف «القاعدة» أو «داعش».
لم يتمتع أباعود بمهارات عسكرية خاصة، لكن وجوده في تنظيم داعش أعطى له شخصية واثقة لكنها سادية بدت مناسبة تماما للعنف المفرط الذي تنتهجه «داعش».
في مارس (آذار) 2014، نشر أباعود مقطعا مصورا يظهر فيه في الصف الأول خلال معركة في سوريا يقول فيه: «يسعدني أن أرى من وقت لآخر دماء الكفار تراق؛ لأننا نشأنا على رؤية دماء المسلمين تراق في جميع أنحاء العالم على شاشات التليفزيون».
ظهر أباعود في المقطع بينما يطل من كابينة المقطورة التي يقودها ويقول: «كنا في السابق نركب الدراجة المائية والنارية والمقطورات المليئة بالهدايا، الآن نحمد الله على أن هدانا إلى سبيله لنجر خلفنا الكافرين الذين يحاربوننا».
بدت آيت لحسن فخورة عند عرض المقاطع المصورة في التليفزيون الفرنسي، وبحثت عن المقطع كاملا على الإنترنت، كي تريه لعائلتها البديلة، وأخبرت صديقتها الأكبر أن ابن خالتها البلجيكي «يخوض الحرب في سوريا»، وبحسب ملفات التحقيق قالت: «أرغب في الزواج منه».
ورغم أن آيت لحسن غالبا ما تحدثت عن عزمها السفر إلى سوريا، لكنها لم تفعل، وبدلا من ذلك توجهت إلى المغرب بعد ذلك بأربعة شهور؛ حيث قابلت عريسا آخر قبل عودتها إلى فرنسا في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم ألغت مشروعي الزواج.
بحلول ذلك الوقت، كان أباعود قد عاد لأوروبا وفي المراحل النهائية للتخطيط لهجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) التي استهدفت استاد في باريس ومسرح ومطاعم مزدحمة. ولم تتضمن الوثائق أية إشارات توحي بأنه أجرى أي اتصال بابنة خالته.
* بعد هجمات باريس
بدت آيت لحسن غير متأثرة على الإطلاق بحمام الدماء الذي تفجر، مساء تلك الجمعة، خلال الخريف. وفي خضم حالة الحداد العام التي سادت البلاد، وبينما كانت الفرق الطبية ما تزال تعالج الضحايا وتجمع أشلاء الجثث، طلبت آيت لحسن من صديقة لها معاونتها على فرد شعرها وجعله انسيابيا، بحيث تتمكن من الخروج. وأشارت صديقتها إلى قولها عن الضحايا: «جميعهم كفار، لكن لا يمكن أن يحدث شيء لي».
وظلت على هذا التوجه الفاتر تجاه المأساة حتى مساء الأحد، عندما عادت آيت لحسن وأفراد من أسرتها البديلة إلى المنزل بعد التنزه في سانت دينيس. في قرابة الثامنة والنصف مساء، أضاءت شاشة هاتف آيت لحسن برقم غير مألوف يبدأ بكود دولي 32، والذي يشير إلى بلجيكا.
وسألت المتصل عمن أعطاه رقمها، وعندما أجاب المتصل بأنه يجيب نيابة عن ابن خالتها، جاء رد آيت لحسن متهكما بادئ الأمر وأغلقت الهاتف، لتجد الشاشة تضيء من جديد.
وقال المتصل: «لن يمكنني شرح كل شيء، لقد شاهدت بنفسك ما حدث على شاشات التلفزيون»، وأخبرها بأن ابن خالتها بحاجة إلى مساعدتها في إيجاد مكان يختبئ فيه «لمدة لا تزيد على يوم أو اثنين».
فجأة، بدت الفرحة على صوت آيت لحسن، وسألت المتصل: «أخبرني ما ينبغي أن أفعل»، وذلك تبعًا للشهادة التي أدلت بها صديقتها للسلطات، وقالت: «أتمنى ألا تكون هذه مزحة!».
ورغم ما تبدو عليه هذه المكالمة من أهمية كبيرة الآن، أخبرت الصديقة الشرطة بأنها وآيت لحسن في تلك اللحظة لم تكونا واثقتين بأي من الأقارب تحديدًا كان يسعى للحصول على مساعدة. مطلع 2014، خطف أباعود شقيقه البالغ 13 عامًا وسافر به إلى سوريا. وبالنظر إلى حجم الاهتمام الذي اجتذبه أباعود في أوساط الأجهزة الأمنية الأوروبية، اعتقدت السيدتان أنه من غير المحتمل أن يكون قد تمكن من دخول فرنسا، وأنه ربما نجل خالتها الأصغر هو من بحاجة إلى المساعدة.
لكن حقيقة الموقف تكشفت لدى خروج أباعود من بين غابة أشجار ووقوفه في إحدى الشوارع المعتمة؛ حيث أخبر آيت لحسن عن أنه سيعطيها 5.000 يورو مقابل مساعدته على إيجاد مكان للاختباء وشراء ملابس وحذاء جديد له ولشريك له ظل مختفيا، وربما هو المتصل عبر الهاتف.
قالت الصديقة إنه بمرور الوقت تلاشى خوفها وحل محله غضب، وشرعت في الضغط على أباعود للاعتراف بتورطه في الهجمات وتفسير السبب وراء إيذائه لهذا العدد الضخم من الأبرياء، لكن أباعود لم يبدُ مهتما بالأسئلة، واكتفى بالقول إن دينه يجبره على قول الصدق.
وقالت الصديقة، خلال المقابلة الصحافية، التي أجريت معها الأسبوع الماضي في باريس: «قال إننا خراف ضائعة وأنه رغب في تفجيرنا جميعا»، وأضاف أن عشرات الآخرين من «داعش» عادوا لأوروبا معه، وأن العنف الذي شهدته باريس لتوها «لا شيء» مقارنة بما سيأتي لاحقا.
سار الثلاثة باتجاه السيارة؛ حيث بدا أباعود يحاول الوصول إلى سلاح ناري لدى ظهور رجل - زوج الصديقة - خلف السيارة. وبعد طمأنته حيال هوية الرجل، جلس أباعود في الخلف ومضى مع المجموعة لمسافة قرابة 150 ياردة، ثم فجأة بدل رأيه وطلب منهم التوقف كي ينزل من السيارة.
ومع انطلاق الآخرين بالسيارة، رن هاتف آيت لحسن من جديد، وقال المتصل: «يمكنك أن تخبري الزوجين أنهما إذا تحدثا عما جرى، سأجعل إخوتي يتولون أمرهما»، وعندما ضحكت آيت لحسن أثناء ترديد التهديد، صفعها زوج صديقتها على وجهها.
من بين المتآمرين المشتبه فيهم مع أباعود في هجمات باريس، صلاح عبد السلام، المطلوب الأمني الأبرز في أوروبا، الذي يبدو أنه لم تكن لديه خطة هروب ليلة التفجيرات، وسعى إلى الحصول على مساعدة أقاربه. وقد رفضت واحدة من بنات خالته مساعدته، وسألته عما إذا كان قد سمع بشأن الهجمات والحصار الأمني للمدينة.
وأجاب عبد السلام: «آه، نعم، الهجمات»، بعد ذلك أغلقت ابنة خالته الهاتف.
وبعد عودتهم من المقابلة التي أجريت على قارعة الطريق، جهزت الصديقة أكواب من الخمر لآيت لحسن في محاولة «لجعلها تفقد عقلها بحيث يمكن دفعها إلى الاتصال بالشرطة»، حسبما ذكرت الصديقة، لكن الخطة لم تنجح وخاف بقية من في المنزل من التصرف من تلقاء أنفسهم.
وقالت: «شعرت بالخوف واعتقدت أنه لو علم الإرهابي أنني تقدمت بشهادتي سيقتلني».
لكنه في اليوم التالي، عندما غادرت آيت لحسن المنزل لفترة وجيزة، اتصلت الصديقة برقم الطوارئ الذي نشرته السلطات الفرنسية. وعلى الرغم من أنها أجرت المكالمة قرابة الثانية بعد الظهر، استغرق الأمر قرابة ثلاث ساعات حتى تتلقى اتصالا من فرقة مكافحة الإرهاب الفرنسية.
وقضت الصديقة جزءا كبيرا من مساء ذلك الاثنين داخل مقر الوحدة، وقدمت شهادة مفصلة حول مقابلتها أباعود. وعندما عادت إلى المنزل، أخبرت آيت لحسن أنها كانت تتناول العشاء بالخارج، ثم ذهبت إلى السينما.
وعلى امتداد الساعات الـ24 التالية، بدا أن محاولات القبض على أكثر الإرهابيين المشتبه فيهم المطلوبين داخل أوروبا قد دخلت مرحلة تجمد غريبة؛ حيث لم يجر تنفيذ عمليات إلقاء قبض أو مداهمات كبرى بعد زيارة الصديقة للوحدة.
ومع ذلك، كانت القوات الأمنية الفرنسية تحشد قواها في هدوء. وتشير الوثائق إلى أنهم كانوا يراقبون بالفعل هاتف آيت لحسن، وضبطوها «تسعى بجد إلى الحصول على مسكن» لأباعود وشريكه المتواطئ معه. ومرت السيارات المحملة بأجهزة التنصت عبر شوارع سانت دينيس؛ حيث عثرت آيت لحسن على صاحب منزل على استعداد لتأجير شقة في غضون فترة قصيرة مقابل 150 يورو.
ليلة الثلاثاء، كان أباعود لا يزال طليقا، بينما رحلت آيت لحسن عن عائلتها البديلة للمرة الأخيرة، وكانت قد اشترت الحذاء والملابس التي طلبها ابن خالتها، وأشارت إلى أنها أيضا بحاجة إلى توصيل 750 يورو نقدا.
وقالت الصديقة خلال المقابلة إنه أثناء رحيل آيت لحسن «بدت كأنها تودعنا»، وقالت: «أخبرتني بأنها تحبني وأنني كنت أما عظيمة لها وأنني سأذهب إلى الجنة».
وسألت الصديقة ما إذا كان بإمكانها إعادة آيت لحسن لاحقا تلك الليلة، وهنا أمدتها آيت لحسن بعنوان في سانت دينيس.
مع وصول آيت لحسن والهاربين إلى الشقة قرابة العاشرة مساء، أخبروا صاحب البناية بأنهم طردوا من منزلهم من جانب والدتهم، وطلبوا ماء وسألوا عن اتجاه مكة، وقالوا إنهم يرغبون في «المبيت ليلتين أو ثلاثة».
ويكشف فيديو للغارة التي جرى شنها، مساء الثلاثاء، عن صوت أنثوي يتوسل: «أريد الرحيل»، «هل يمكنني الخروج؟ دعوني أخر!»، قبل أن ينطلق صوت انفجار يمزق أرجاء الشقة. بادئ الأمر قالت السلطات الفرنسية إن آيت لحسن فجرت حزاما ناسفا، لكنها تخلت عن هذا الادعاء لاحقا.
وتبعا لوصف تفصيلي للمشهد ورد بالملفات الفرنسية، فإن جسدها اخترقه مسمار كبير، لكن «هذا لا يفسر الوفاة» حسبما كتب المحققون. بدلا من ذلك، خلصت السلطات إلى أن وفاة آيت لحسن «نتيجة اختناق بسبب ضغط الصدر»؛ مما يعني أنها تعرضت للسحق داخل الشقة المدمرة.
داخل منزل صديقتها، كانت قد تركت مجموعة من حاجاتها، تضم ملابس وحقائب وصورا. وقالت الصديقة إنها وزوجها يشعران بالذنب لموتها.
وبعد غارة سانت دينيس، تم وضع السيدة في منزل آمن، لكنها قالت إنها لا تزال تشعر بالقلق حول سلامتها.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ»الشرق الأوسط»