موالون للنظام السوري في الساحل مستاؤون من فحوى وشكل حملات المرشحين

ناشطون يرجحون بأن تشهد مقار الاقتراع إقبالاً خوفًا من عمليات انتقامية

ملصقات ولافتات للمرشحين والمرشحات في اللاذقية وطرطوس ({الشرق الأوسط})
ملصقات ولافتات للمرشحين والمرشحات في اللاذقية وطرطوس ({الشرق الأوسط})
TT

موالون للنظام السوري في الساحل مستاؤون من فحوى وشكل حملات المرشحين

ملصقات ولافتات للمرشحين والمرشحات في اللاذقية وطرطوس ({الشرق الأوسط})
ملصقات ولافتات للمرشحين والمرشحات في اللاذقية وطرطوس ({الشرق الأوسط})

يؤكد النظام السوري استكماله كل الإجراءات اللوجيستية لإنجاز انتخابات مجلس الشعب في مختلف المحافظات، مع أن هذا التأكيد يتعارض مع الوقائع الميدانية، إذ إن هناك استحالة لإجراء الانتخابات في محافظات إدلب والرقة ودير الزور، بحيث تسيطر على الأولى فصائل معارضة، وعلى الرقة ودير الزور تنظيم داعش. وفي الوقت ذاته، يسود استياء عارم في أوساط موالية للنظام، وبالتحديد في محافظتي اللاذقية وطرطوس، من فحوى وشكل حملات المرشحين للانتخابات، ولقد تفاعلت في الأيام القليلة الماضية في ظل «اللامبالاة» من المواطنين المنهمكين بالتصدي للأوضاع الأمنية والاقتصادية المزرية.
بحسب ناشطين، افتُتحت أخيرا في مناطق الساحل السوري الخاضعة لسيطرة النظام خيم انتخابية لاستقبال الفعاليات العسكرية والحزبية والحكومية فيها، بينما انتشرت صور المرشحين واللافتات الدعائية في الشوارع. وأوضح أبو سمير اللاذقاني، أحد سكان مدينة اللاذقية، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن معظم الأهالي «غير مهتمين» بالانتخابات؛ بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية نتيجة قلة فرص العمل وارتفاع أسعار المواد ومنها الغذائية، وممارسات القوات النظامية «المؤذية» كالتضييق الأمني، وحملات الدهم والاعتقال، وملاحقة الشبان لسوقهم إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، فضلا عن عدد القتلى الكبير من أبناء المحافظتين في المعارك خلال السنوات الخمس السابقة دفاعا عن النظام.
وأشار اللاذقاني إلى أن سكان المدينة يعدون الانتخابات «شكلية ولن تغير الواقع السيئ» الذي يرزحون تحته، كما أنها أثارت استياء الموالين للنظام لعدة أسباب، أهمها لصق صور المرشحين وشعارات الحملات فوق صور قتلى القوات النظامية من أبنائهم، فضلا عن اكتفاء المرشحين بنشر صورهم ووضع شعارات عليها، من دون تقديم وعود حقيقية للأهالي أو حتى الكشف عن أية مشاريع يزمع المرشحون تنفيذها بعد نجاحهم.
وفي حين تبنّت إحدى المرشحات، وتدعى ناديا غصن، شعار «منقدر نعمّرها»، اعتمدت إيمان خير بك، وهي الأخرى إحدى المرشحات لعضوية مجلس الشعب شعار «بكرا أحلى».
من جهة ثانية، استغرب عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، التعاطي مع موضوع الانتخابات، وكأن الأحوال في سوريا بألف خير أو كأن النظام قادر حقيقة على ضمان إجرائها في مختلف المحافظات. وشدد الداراني على أن هناك «استحالة مطلقة» لإجراء الانتخابات في محافظات إدلب والرقة ودير الزور، كما أن النظام لا يمتلك أكثر من 30% من ست محافظات أخرى هي: درعا، والقامشلي، وحلب، وريف دمشق، والحسكة، والقنيطرة.
وأوضح الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن «الحملات الانتخابية تقتصر حاليا على مناطق الساحل السوري؛ حيث غزت صور المرشحين الشوارع، بغياب الاجتماعات والتجمعات لأسباب شتى، أبرزها أن لا رغبة لدى السوريين حتى الموالين للنظام للاستماع إلى خطابات المرشحين». وبينما رجَّح الداراني أن «يضطر كل الموظفين إلى المشاركة في عملية الاقتراع في 13 من الشهر الحالي خوفا من عمليات انتقامية تطالهم»، تحدث عن «تململ كبير في صفوف التجار، وخصوصا تجار دمشق، إثر ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل غير مسبوق ونظرا إلى كون الشهر الماضي الأسوأ بالمطلق من الناحية الاقتصادية».
من جانبه، توقع الناشط الإعلامي المعارض محمد عبد الله، من اللاذقية، أن تشهد الانتخابات «إقبالا من بعض الأهالي؛ بسبب خوفهم من الاعتقال في حال الإحجام عن التصويت، كما أن جميع الموظفين الحكوميين والمتطوعين العسكريين مجبرون على الانتخاب في دوائرهم الرسمية تجنبا للمسائلة»، لافتا إلى أن «بعض الأهالي لديهم قناعة أن أسماء الناجحين في الانتخابات محددة قبل إجرائها». وأشار عبد الله إلى أن بعض المرشحين استغلوا مقتل أحد أفراد عائلاتهم في صفوف القوات النظامية لتشجيع الناس على انتخابهم، كما استخدم قسم منهم أساليب جديدة لنشر حملاتهم الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في محافظة طرطوس، أظهر مدنيون، في تصريحات لـ«مكتب أخبار سوريا»، انزعاجهم من التكاليف المالية المرتفعة للحملات الانتخابية، ولاسيما الإعلانات والولائم، قائلين إن ذوي القتلى النظاميين «أولى» بهذه المبالغ، لسد احتياجاتهم بعد فقدان معيليهم في الحرب. ولكن، لم تقتصر الحملات الانتخابية في اللاذقية وطرطوس على المرشحين عن المحافظتين، بل غطت ساحاتها وشوارعها صور ولافتات المرشحين عن محافظات حلب والرقة وإدلب، وحُدد نحو مائة مركز انتخابي في المحافظتين الساحليتين (حيث الكثافة السكانية العلوية) لآلاف النازحين من أهالي المناطق الخارجة عن سيطرة القوات النظامية في المحافظات الشرقية. وبلغ عدد المرشحين عن المحافظتين الساحليتين 2460 مرشحا، على أن يتم اختيار 17 عضوا منهم عن اللاذقية في 990 مركزا انتخابيا، و13 عن طرطوس في 822 مركزا. يُذكر أن آخر انتخابات لمجلس الشعب تمت في السابع من شهر مايو (آيار) 2012.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.