354 حالة انتهاك لحقوق الإنسان ترتكبها الميليشيات في اليمن

رصدتها اللجنة الوطنية المستقلة منذ فبراير الماضي

الناشطة الحقوقية إشراق المقطري أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد في عدن («الشرق الأوسط»)
الناشطة الحقوقية إشراق المقطري أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد في عدن («الشرق الأوسط»)
TT

354 حالة انتهاك لحقوق الإنسان ترتكبها الميليشيات في اليمن

الناشطة الحقوقية إشراق المقطري أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد في عدن («الشرق الأوسط»)
الناشطة الحقوقية إشراق المقطري أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد في عدن («الشرق الأوسط»)

تقرير لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان اليمنية، التي ارتكبتها الميليشيات الانقلابية خلال عامي 2015 و2016، رصد 354 حالة انتهاك في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر، أي منذ فبراير (شباط) الماضي. واستعرضت «اللجنة الوطنية المستقلة» في عدن ما توصلت إليه عبر فريقها الميداني، الذي سجل 23 حالة قتل جماعي بقذائف، في محافظة تعز ولحج والضالع، و47 حالة قتل فردي، و12 حالة وفاة نتيجة للحصار ومنع وصول المواد الغذائية إلى تعز، و40 حالة قتل بالألغام في تعز ولحج وعدن وعمران.
تقرير اللجنة الوطنية شمل أيضًا رصد أربعة انتهاكات نتيجة قصف لمستشفيات في تعز والضالع، وثماني حالات اعتداء على طواقم طبية، في عدن وتعز وصعدة وعمران، و60 حالة تجنيد للأطفال، و80 حالة اعتقال خارج القانون، في صنعاء وذمار وحجة وإب، و21 حالة تعذيب أغلبها في صنعاء وذمار، و10 حالات تفجير منازل في الضالع وعمران وإب، و12 حالة اعتداء جسدي بالضرب، و27 حالة اختفاء قسري في كل من صنعاء والبيضاء.
المحامية والناشطة الحقوقية إشراق المقطري عضو اللجنة الوطنية المستقلة أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن مهمة اللجنة التحقيق بادعاءات الانتهاكات، التي طالت اليمنيين منذ عام 2011، وقامت بتأهيل عدد من المحامين القانونيين ومحققين من النيابة ومن ذوي الخبرات القانونية من أجل رصد وتوثيق المعلومات، ومن ثم فرزها وتحليلها عبر الفريق القانوني المساعد.
وقالت في مؤتمر صحافي في عدن يوم أول من أمس إن هذه اللجنة تقوم حاليًا بعملية التحقيق، وبالتالي هي نوع من التطمين بأن هذه اللجنة وعلى الرغم من الحرب ومن الصعوبات والمعوقات الأمنية وعلى الرغم من انتشار العنف، ما زالت تمارس مهامها بشكل كبير، وتقوم برصد الانتهاكات. وأشارت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللجنة تشمل كل المحافظات الشمالية والجنوبية وتعمل برصد الانتهاكات، ليس فقط خلال العام الماضي، وإنما أيضًا ما سبقه، أي منذ عام 2011، وما طال المتظاهرين المدنيين في تلك الفترة، بخصوص حق حرية التعبير والتجمع السلمي.
المقطري أوضحت أنه منذ شهر فبراير وحتى اللحظة، وصل إلى اللجنة 354 ادعاء بانتهاك، تقوم اللجنة حاليا بالتحقيق بها. هذه الانتهاكات متعلقة بجرائم القتل الجماعية والفردية، وجرائم المساس بالسلامة الجسدية، والحصار كجريمة ضد الإنسانية، وأيضًا جرائم أخرى، مثل تجنيد الأطفال وزرع الألغام، واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية والاعتقال خارج القانون والإخفاء القسري وتفجير المنازل والتعذيب. وأكدت المقطري أن جميع تلك الجرائم يتم التحقيق فيها وفق ما يصل من الميدان من الراصدين. «ندعو الضحايا إلى الحضور بأنفسهم إلى مقر اللجنة في عدن، ونأمل من وسائل الإعلام دعوة الضحايا وذويهم إلى تقديم بلاغات إلى مقر اللجنة مباشرة». وأشارت اللجنة إلى أنها استقبلت خلال شهر فبراير ومارس (آذار) 40 ملفًا وتقريرًا من منظمات المجتمع المدني في محافظات عدن وتعز والضالع وصنعاء والحديدة وإب يحوي ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان ووثائق واستمارات لضحايا حدثت خلال الفترة من مارس (آذار) إلى ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) 2015.
وجاء في التقرير أنه، وعلى الرغم من التحديات الآنية المتمثلة باستمرار الحرب وحوادث القتل والعنف في عموم البلاد «فإننا استطعنا تجاوز الكثير منها، وتم الوصول إلى مناطق النزاع ومقابلة الضحايا والاستماع للشهود. لكننا أيضًا بحاجة لتعاون أكثر من جميع منظمات المجتمع المدني الحقوقية العاملة بمجال الرصد والتوثيق، وبرامج حقوق الإنسان دون استثناء، مع اللجنة وراصديها لنشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بأهمية المؤسسات الوطنية للتحقيق».
الجدير بالذكر أن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان ملتزمة بالقرار الجمهوري رقم 13 لسنة 2015م كآلية وطنية مستقلة تهدف إلى حماية حقوق الإنسان عبر التحقيق النزيه والشفاف في جميع ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في عموم اليمن ومنذ عام 2011، حتى تبسط الدولة سيطرتها على عموم التراب الوطني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.